|
ياسين النصير: القراءة ليست كافية لتأسيس نظرية نقدية جديدة
حسين رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 10:53
المحور:
مقابلات و حوارات
ياسين النصير: القراءة ليست كافية لتأسيس نظرية نقدية جديدة
حاوره : حسين رشيد
ظل المكان في الأدب، وخاصة في الرواية، شغله الشاغل، فكان العارف والمعرف به. إضافة الى كتاباته واهتماماته الأدبية والثقافية الأخرى، في مجالات السينما والمسرح والتشكيل، واليوميات الثقافية. ولأنه ياسين النصير الناقد المعروف، والذي لايحتاج لمقدمة تعرفية، كان لنا هذا الحور معه بمناسبة اعادة طبع ثلاثة من كتبه المهمة والخاصة بالمكان والاستهلال.
*انت من اوئل النقاد العراقيين والعرب الذين تناولوا المكان في الرواية، ما الذي أخر ان تكون لك رؤية أو نظرية خاصة بهذا الشان؟
- الرؤية النقدية، لا تقوم على كتاب أو تصور ابتداء، النظرية النقدية لها مقومات كثيرة كي تصبح مشروعا أو اطروحة،،لابد لها من تأسيس فلسفي، لا أقول أن كتاباتنا تخلو من رؤية فلسفية، فمنهجيتنا بحدود المعرفة، وهي معرفة قائمة على التجربة الحياتية أكثر مما هي قائمة على قراءة الكتب،ليست كافية لتأسيس نظرية ان رؤيتي واقعية اجتماعية، تنهل من الفكر الماركسي ومن التجربة الحياتية اليومية،ومعتمدة على قراءة الأدب العراقي تحديدا، هذا يعني أن اية نظرية نقدية هذه مقوماتها لن تقوم بكامل عدتها ما لم تجد لها فسحة في الثقافة العالمية،،لأن تأسيسها ليس بالقوة المعرفية الكافية لذلك، ولا بالمنهجية الواضحة، ولذلك سيصيب رؤيتنا النقدية الكثير من الخلل الذي بحاجة إلى تصويب وتدقيق، ولكن هذا لا يعني أن نقف دون سعي ومحاولة، ومن هنا، اقول لا أمتلك رؤية فلسفية أو نقدية مكتملة كي أؤسس نظرية، بل أمتلك الشجاعة بأن اقول أنني أحاول. بخصوص الرؤية النقدية/الفسفية للمكان،هناك محاولات لم أكملها بعد، تتلخص بما يلي: 1- وضع توصيف نظري /نقدي لمفهوم الصيانية/التدميرية، وهو مفهوم مكاني، فلسفي، وهذا لم يتم بعد بالرغم من اني أملك تصورات جيدة عنه، ولي دراسة منهجية عن قصة"حي بن يقظان" واخرى عن "ملحمة كلكامش"، أبين فيهما هذه الرؤية الفلسفية للحداثة الفكرية ،القائمة على سعي كلكامش- الإنسان- الوجود في الأعلى –السماء- لأنه ابن ابوين مشتركين بين البشر والآلهة، وسعي حي بن يقظان للعيش في الأرض لأنه مؤمن بالفلسفة الاستشراقية، ما يجمع بينهما هو الصيانية للإنسان عند كلكامش من انه لابد أن يكون في الأعالي، وعند حي بن يقظان من أن الطبيعة هي الأم المكون، وكلاهما يعتمد ثيمة السفر، وللصدفة أن يكون البحر مشتركا بين الاثنين، والبحر بسعته تكوين يجمع بين السماء والأرض..وللصدفة أن يكون ثمة اناتونابشتم في الملحمة، وهو المرشد والدليل، ويكون الفيلسوف في حي بن يقظان،كما أن النصين يتحدثان عن الحداثة،وقراءة منهجية لهما نجد أن معظم مفردات الحداثة التي يتكلم عنها النقد الأوربي موجودة فيهما..لذا يمكن اعتبار ملحمة كلكامش أول نص للحداثة في العالم،ويمكن اعتبار حي بن يقظان أول نص قصصي للحداثة الفلسفية في العالم أيضا يعتمد بنية الطبيعة المكونة للإنسان..هاتان الدراستان لم تكتملا بعد،لأن طرح مفهوم نظري مثل الصيانية /التدميرية يتطلب حماية فكرية،ولا أعتقد أن مثل هذه الدراسة ستكتمل في ظل هذه الظروف الشخصية والعملية، فنحن جئنا من الهجرة لبلدنا، وها نحن نركض وراء خبزتنا اليومية، فاي طموح يبقى في ظل تجاهل الثقافة والمثقفين؟؟ 2- ليس من المنطقي أن لا يتبنى معهد أو مركز أو جامعة طروحاتنا النقدية، وفي العراق الكثير من المفكرين اصحاب المشاريع، بسبب ألاّ دولة لهم، الدولة وميزانياتها لغيرعم..الادباء والمفكرون عاجزون عن تكملتها، فالناقد العراقي يعيش كما يعيش الشاعر والمفكر ، بمعزل عن اية جهة اكاديمية تتبنى مشروعة حتى لو كان خطأ.. 3- أن سياقات المجتمع العراقي لا تتيح لك أن ترى وحدة متناسقة في النظم المعرفية، بحيث يمكنك أن تقول في الأدب قولا تجد صداه في العمارة، أو تنظيم المدينة، أو الأسواق..لذلك لا تتوقع من أي ناقد أو مفكر أن يطرح نظرية متكاملة بمعزل عن ثقافة السوق والحياة اليومية وإنتاج المجتمع المعرفي..
* طيب استاذ حتى وقت قريب ظل المكان يمثل اشكالا نقديا حين يتم تناوله،هل انتهى هذا الاشكال؟ وكيف" - لم ينته الإشكال النقدي مع المكان، إن لم نقل أنه قد ابتدأ،بالفعل أن بداياته اليوم وليس الثمانينات، اليوم تجد سعة في الآراء التي تترجم لفلاسفة ومفكرين، واليوم تجد نظريات الحداثة وما بعد الحداثة، تضخ لك آلاف المعلومات الجديدة عن فكر القرن العشرين، من أنه كان فكرا زمنيا، ولذلك هيمن الزمن على النتاج الأدبي خاصة الرواية، بينما فكر ما بعد الاحداثة فكر القرن الواحد والعشرين، فكر مكاني، ولذلك تهمين فكرة وبنية المكان على ثقافة وسينما ورواية ومسرح وعمارة وفوتوغراف ما بعد الحداثة ، اليوم يمكن ان يبتدئ التفكير النقدي الجدي بالمكان بعد أن اتسع البحث فيه وتنوعت مصادره، وتعددت الرؤية النقدية له ،لذلك، أصبح موضوع المكان نقديا مهيمنا على الطروحات الحديثة، وما عداه أصبح في الخلف من الوعي النقدي المعاصر..
* ماذا يعني المكان في الرواية الحديثة والمعاصرة، وما وظيفته.؟
- ما يعنيه المكان في الرواية الحديثة، هو ما تعنيه رؤية المؤلف لحدثة وتموضع شخصياته في الحيز المكاني الذي تصدر منه رؤيتها وألفاظها ومواقفها،المكان في صياغته الفلسفية الجديدة، وضمن منطق العصر والتطور، هو الحاضنة للأسلوب الحديث، وهو الوعاء الذي يضمن لغته عبر شحناته الخاصة للغة النص، انه التكوين الكلي الذي يعيد صياغة وجود الحدث والشخصيات كما لو كان الطين الأول الذي خلق الكائنات كلها، علينا أن نكون حذرين ونحن نختار حدثا وشخصيات ومواقعا دون وعي باهمية الجغرافية الخاصة بموطن الرواية،لكل حدث جغرافيته، حتى وأنت في البيت لك حيزك الشخصي وجغرافيتك البيتية التي توجه منها خطابك ويشار لك عبرها وتشير للآخرين منها ما تريد،فكيف بنا ونحن في مبنى روائي واسع؟ لذلك لابد من خارطة واقعية أو متخيلة لجغرافية أية رواية.. هذه نقطة أولى ، النقطة الثانية المهمة والأساسية عندي،هي أن أي روائي لا يفكر بجغرافية ومبنى روايته ضمن نصها فقط،عندئذ ستكون جلدا بلا عظم ولا هيكل، بالرغم من وجود عظام وهيكل، ولكنها هشة ومؤقتة،على الروائي أن يبني مكان رواية وفق تصور تخيلي،وهو ما سموه بالفضاء الإيهامي الثانوي،- الثانوي هنا ليست مرتبة،وإنما صفة-،وهذا الفضاء كما أثبت جوزيف كسينر، أنه من الأهمية كي يجعل أية رواية قائمة على تأسيس فلسفي ومكاني ،وقد حدد الفضاء الإيهامي الثانوي من أنه الاساس لكل أشكال الفضائية في الرواية فهو مفهوم نقدي ضمن لغة الجمالية المقارنة، فمناهح الايهام الفضائي الثانوي المتنوعة- هي ما يمكن تسميتها بالهندسي،المحتمل، والمطابق المولد" هذه القوى، التي عادة ما ننسبها للزمن . كأنن يكون ثمة مثال متخيل أو واقعي مشيد خارج الرواية يستحضر فنيا داخل الرواية ويشار له بنصوص في الرواية، يشكل هذا الفضاء الثانوي بنية هيكلية للمتن الروائي ، هذه الهيكلية ليست متعلقة بالمؤلف بل بالسياق الفني للرواية، يعني أن بعض الروايات تقيم مكانها أو فضاءها على بنية اللوحة التشكيلية، أو على بنية العمارة، أو على بنية النحت، او على بنية البديل القائم في الذاكرة، او على بنية البحر، الصحراء، الجبل،وهكذا تجد أن بنية الرواية الحديثة ليست أفقية كما كانت رواية القرن التاسع عشر التاريخية والواقعية،حيث هيمنة الزمن الموضوعي على سياقاتها، بل قائمة على بنية تعقيدات الحداثة وهيكلية عمارة المدينة وتداخل ازقتها وتنوع سكنها وناسها، بمعنى أن الرواية دراما وملحمة الحداثة بطريقة ان تجد ظلالا لها وتجد الظلال فيها ، ثمة خلط كبيرة بين رؤية ماركس وافلاطون في في هذا التوجه النقدي للمكان،أن المثال إما أن يكون في السماء- افلاطون- أو على الارض،- ماركس- الرواية الحديثة تعني بمجملها سيرة مكانية قائمة عبر الوجود الإنساني، ومنطلقة من التجربة لذلك، يفكر المكان في االرواية وليس مجرد وعاء لاحتواء الحدث....
* بمن يرتبط المكان بالرواية، بالروائي، ام بالروائية،ولماذا؟
- يرتبط المكان بكل عناصر البنية الروائية،ارتباطه بالرواية يعني البحث عن هوية القرن الحادي والعشرين المعنية بثقافة السطح،اي تعميم الظاهرة، وثقافة الشحنة المكانية،وبالتجديد الاسلوبي من أن للمكان لغة،وليس العكسن ثم بأن للمكان شخصية لن تمحى حتى لو ازيلت من الوجود، ثمة مدونة ما تبعث فيه الوجود.ارتباط المكان بالرواية ارتباط التجديد والتحديث. أما ارتباط المكان بالروائي، فهو الأعقد، في نظري، لأن المكان وفق تصوراته الفلسفية الحديثة سيزيح الزمان إلى موقعه الاعتيادي، لأنه ببعد واحد من أربعة ابعاد للمكان، ويستحضر الأبعاد الأخرى للمكان في التفكير ، لذلك على الروائي أن يعيد النظر في الهندسة الاقليدية مثلا التي تعتمد على النقطة والخط والاتصال بين موقعين، الرؤية المكانية بالنسبة للروائي الحديث أن لاخطا مستقيما لأي حدث ولأية شخصية، التداخل النسبي والخطوط الدائرية والمتعرجة والزواية المتحركة هي ميدان لغة واسلوب الروائي الحديث، ومن لا يفهم جدلية العلاقة بين تطور الحدث والشخصية وفعالية الهندسة اللاقليدية، لن يكون روائيا للقرن الحادي والعشرين ،يمكنه أن يكون روائيا ولكن كمن يبقى حبيس ثقافة الاموات والتقاليد القديمة، ولا استغرب ان رأيي هذا لن يكون مقبولا ما دامت الهيمنة للفكر الديني المتجمد عند القطب القديم، ولا يتحرك بالرغم من مرور اربعة عشر قرنا على بدايته، لذلك لا اتوقع روائيا يتحرك خارج هذا السياج المميت للدين وللتخلف.. أما ارتباط المكان بالروائية، وهي ليست الروائي ولا الرواية، بل فن الرواية، فعندي هو المسعى النقدي الخاص بي،الروائية، هي فن السرد، وليست الرواية ولا السرد،هي الفنية، هي الموقع في "المابين" والتي يسميها هيدغر"الفنية"فالفن يقع في منطقة المابين بين الفنان والعمل الفني،- جواد سليم فنان مبدع، ونصب الحرية عمل فني متميز،الفنية تقع في منطقة"المابين"بين جواد سليم الفنان الذي له رؤيته وانجازه،ونصب الحرية ككيان مكاني مشيد يعيد لنا حكاية التواريخ والاحداث المشتركة في صياغة رؤية فنية،الفنية للعالم وهي الجمع بين الاثنين دون ان تكون الفنية هي جواد سليم او نصب الحرية، اين نجد هذه الفنية- الروائية- في فهم القارئ للعمل الفني عبر تجربة الفنان، رؤية المشاهد/ القارئ المتحركة زمنيا ومكانيا عبر القراءات المتتالية، هي الفنية هي الجمالية والشعرية الحديثة، هي الروائية- لذلك عندما اقرأ عملا فنيا، علي أن أتصور أن كاتبه فنان، وانه أنتج عملا فنيا ضمنه دفتي كتابه، اما الفن في هذه العملية كلها، فهو الرؤية، هو المجال الإنساني الذي نرى عبره الحياة والثقافة والمكان والوجود والإنسان أستطيع- كما يستطيع غيري- ان يعلق لوحة على جدار بيته، ولكنه لن يستطيع أن يفسرها لكل زائر، لأن الفنية فيها لا تتمظهر للعيان في كل لحظة،لأنها تتج-- عندما ترى بعيون مختلفة،إن الفصل الهيدغري بين فنانها وبين أنها عمل فني ، هو الطريق لرؤية الفنية فيها،الفن هو في تلك الصورة المتحركة التي تتمظهر بشكل جديد في كل رؤية لها ، لذلك لا يمكنك أن تمسك بالفنية، بل بالعمل الفني وبالفنان..
* حركية المكان في الراواية، وملازماتها الروائية الايقاع، الحركة ،التقدم، والتاخر الخ، هي ملازمات زمانية ما مدى ارتباطه بذلك؟
-هذه ليست ملازمات زمانية، بل ملازمات مكانية،عندما تقول خرجت من البيت ووصلت بعد رحلة قصيرة إلى مكان عملي، هذه الزمنية التي استغرقتها الرحلة هي مكانية،خرجت ووصلت افعال مكانية بالرغم من أنها في النحو زمنية ،لذلك فأي ايقاع ينشأ عبر تلك الرحلة هو إيقاع مكاني، يُعبر عنه بالزمن،أما التقدم والتأخر، فهما أيضا ايقاعان مكانيان، تتقدم خطوة مكانية أو فكرية أوتتأخر خطوتان مكانية او فكرية، ولكن دون أن تلغي في تأخرك الخطوة التقدمية، هذا منطق جدلي مكاني،ثم البعد الأعمق في المكانية الزمنية، هو التموضع الذي تتخذه الشخصية، أو الشاعر لكتابة قصيدته، هذا الحيز المكاني الذي يتموضع فيه المبدع ليرى ويكتب ويقول، هو تموضع زماني، أي أنه يرى عبر تتابع المشهد رؤية زمنية للمتغيرات المكانية.هل يبقى بعد ذلك شك بأن المكان أصبح مهيمنا على السرد وعلى الشعرية.؟
* اين يكمن الفرق في المكانية الروائية، من حيث المكان الماضي والمكان الحاضر اثناء السرد، وهل يمكن ايجاد المكان المستقبلي؟
- سؤال رائع، هو أن تجعل من التقسيم الزمني الكلاسيكي:ماضي،حاضر، مستقبل، مقولات قارة، و ضمن سؤال،ياصدسقي العزيز ليست في الرؤية المكانية مثل هذه التقسيمات، المكان وحده، الزمن الكلي، لأنه مكان كلي،خذ أي مكان آثري، هل هو ماض بحيث بقي ضمن الماضي، هل هو مستقبلي بحيث يمكن استشراف رؤية مستقلية منه، هل هو حاضر بحيث نراه كما لو كان معاصرا لنا؟ ابدا لا توجد تقسيمات زمنية في المكان، المكان كله زمني، لا فواصل فيه بين بقعة ما منه تنتمي للماضي واخرى تنتمي للحا ضر أو للمستقبل، مهيمنة المكان هي في هذا الحضور الدائم، ولذلك يطوي المكان الزمن في احشائه، ويجعل منه بعدا ذاتيا له، أي البعد اللامحدد بفعل أو نسبة أو صيغة، وقد اثبتت النسبية ان الزمن سائل في الفضاء.. أما السرد، فيتبع المكان اللازمني، لذلك ستلغى أية توصيفة للرواية في المستقبل وللأدب الإبداعي ككل من أنه ينتمي لعصر، أو لمرحلة، أو لحقبة، العمل الفني لا زمني ، بل مكاني، لذلك سيبقى دائم الحضور وخاضع للرؤية النقدية، الرؤية النقدية هي الزمنية التي تصف العمل الفني المكاني وصفا مرحليا أو عصريا او حقبيا، العمل الفني لا زمني، ملحمة كلكامش ليست نصا زمنيا مرحليا، بل أن الملحمة نص مكاني يتضمن الأزمنة كلها..
* طيب ما هو الدافع من وراء جمعك كتبك الثلاثة المعنية في المكان في الرواية، واصدارها في كتاب واحد.؟ - ثمة دوافع وراء ذلك كله،أولها أنها موضوعي الأساس الذي فكرت به قبل غيري منذ السبعينات من القرن الماضي، وثانيها ما تلمسته من حاجة لهذه الكتب في الدراسات الأكاديمية خاصة في المغرب العربي ودول الخليج وفلسطين،وهو مبعث اعتزاز،وثالثها، أن طروحاتي الابتدائية في المكان لم تبق على سياقاتها القديمة بل طورتها في كتب ودراسات لاحقة بما يجعل ثيمة المكانية تتطور باتجاه المزج النظري والعملي بين البعد الفلسفي والبعد النقدي التطبيقي، يعني هذا أن موضوعة المكان كانت شأناً شخصيا وما تزال قائمة على هذا التصور،ورابعا،وهو الأهم عندي، أن معظم من أشاروا إلى موضوع المكان في كتاباتي استندوا على اصدار الجزء الأول من الرواية والمكان الذي ظهر في شباط 1980، ولم يشروا إلى الجزء الثاني الذي ظهر في مجلة آفاق عربية في نيسان 1980 العدد الرابع،وهو الأهم عندي، ولا إلى المكان في أدب الطفل وهي الدراسة التي لقيت ثناء خاصا،التي صدرت عام 1986هذا يعني أن الإصدار للجزء الاول لم يكتمل به رأيي النقدي حول المكان،ولم تتضح الصورة لما أردت، ثم اني خامسا لم أكن متعجلا لإصدار طبعة ثانية من الكتب إلا بعد مرور ثلاثين عاما على الإصدار الأول، واعتقد أن من حق أي ناقد أن يعيد اصدار كتبه إذا أشعره القراء وطلاب الدراسات العليا أنها مفيدة ولو بدرجة 10% من القيمة، فأنا لست من هواة إعادة الطبع للكتب لمجرد انني أرغب في ذلك، أو لاسجل حضورا، أو لأفتعل الطبعة الثانية أو الثالثة.ما يحدث الآن للرواية والمكان أنه صدر باربع طبعات في سنة واحدة.
* كيف تفسر ذلك، وما يعني لك؟
- سأقول لك دون افتعال، أن الطبعة التي صدرت في دمشق لم توزع في المغرب ولا في مصر، وان الطبعة التي صدرت في مصر لم توزع في العراق ولا في المغرب العربي، وأن الطبعة التي ستصدر خلال أيام في كردستان لن تجد طريقها لأية دولة عربية، اليوم تعيش الثقافة تجزئة مكانية وتقصير لدور النشر في تقليل طباعة الكتاب كي لا يخسروا ،وعدم انتشاره في الدول العربية نتيجة لتكاليف البريد، يعني الضحية هو المؤلف..لذلك سيبقى الأدب العراقي وهو خزين لتجارب وممارسات جديدة متأخرا لأنه لم يصل إلى القراء العرب. اقول لك ثانية، أن الاهتمام بالرواية والمكان نقديا بدأ من المغرب العربي وليس من العراق، وتعمق الوعي بطروحاتي في فلسطين والخليج،ومن ثم في العراق..هذا شيء متوقع ..
* هل هناك شيء جديد ضمن محتوى الكتاب الجامع.؟
- الشيء الجديد هو أن يقرأ القارئ رأيا متقاربا لما ابتدأت به، يعني تفكيري ومنهجيتي البسيطة ضمن الثمانيات،- الكتب الثلاثة صدرت في أوائل الثمانيات- وهذا يعني أن رؤيتي النقدية يومذاك هي هكذا،أما ما بعدها فتضمنته كتبي الأخرى،وهي "اشكالية المكان في النص الأدبي"1985،"جماليات المكان في شعر السياب "1995،و" والمساحة المختفية، 1995وكلها صدرت منشورة في مجلات قبل عام 1986 - ثم أني ادرجت مع الكتب آراء لكتاب ونقاد حتى الذين خالفوني وأخذوا ملاحظات على بدايات التفكير بالفضاء والمكان،كي أبين للقارئ أني مع أية ملاحظة تقال، وعذري في ذلك، أنني لم أكن بطروحاتي تلك إلا مبتدئاً،وبسيطاً،وحتى أني كنت أتصور ما قلته لا يرقى لأية مقالة نقدية لاحقة، لكن ما جرى لاحقا، وبسبب التفكير الجدي بأهمية المكان نقديا عندي وعند الآخرين، وخاصة ما ترجم من مقالات، جعلت أولياتي تنهض من جديد باحترام الدرس الأكاديمي وبتقييم ملفت للنظر من أنني كنت من أوائل من فكر قبل غيري من النقاد العرب في موضوع المكان في النص الأدبي، أعتقد ان هذا هو السبب وراء الإصدار الجمعي للاوليات،من أنه االقديم/ الجديد الذي يمكن أن يعاد النظر فيه.
#حسين_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلم الدولة الكردية المنتظرة
-
برهان شاوي: التمرد على الأيديولوجية ظاهرة صحية جدا، أنها عاف
...
-
الشاعر علي ناصر كنانة: في العراق تطلع الثقافة من تراب الأرض
-
الروائي شاكر الانباري: الجزر المنعزلة لا تنتج ثقافة مؤثرة
-
-داعش- ولعبة الموصل والأموال المنهوبة
-
د. ميثم الجنابي: الثقافة الحقيقة هي ثقافة منظومة
-
اوقات
-
بالتزكية
-
سعدي المالح ... لما العجلة
-
رايندال
-
وطنيوسو
-
شيمكور
-
صوتك مقعد
-
فلمسيوس
-
النصف الأول من العام الحالي
-
وزارة التعليم العالي وشهادتها العليا
-
الشعب والحكومة والبعث والرسوب بالتاريخ
-
كنا ننتظركم
-
حكاية عبر الازمان ... توثية، وكيبل، ورصاصة
-
مطبعة اتحاد الادباء
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|