أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مابعد العبث:














المزيد.....

مابعد العبث:


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 07:55
المحور: الادب والفن
    


مابعد العبث:




برزت المدرسة العبثية في الأدب، منذ بدايات القرن العشرين، بعيد هيمنة بعض المذاهب الحداثية في الإبداع والثقافة والفكر، كالعدمية، والدادائية، والسوريالية، من خلال الاعتماد على عنصر الكوميديا السوداء، وكان الهدف من وراء مثل هذه الاتجاهات الفنية إبراز عبثية الواقع، ولاقانونيته، ودأب رواد هذه المدرسة من المبدعين والكتاب من أمثال فرازكافكا" " وصموئيل بيكيت" و"ألبيركامو" و"أوجين يونسكو" على تضخيم المفارقات، ومبالغة الأحداث إلى حد يتناقض مع قوانين الطبيعة، وكان ذلك بمثابة رد فعل على ما يجري في الواقع، وكانت هذه الإبداعات تعكس في جوهرها، الحالة السايكولوجية المهيمنة، بسبب ما تركته الحرب الكونية من ويلات وآثار كارثية عميقة.


ولوحظ على هذه الاتجاهات في عوالم الفن والإبداع والفكر أنها كانت تهول الواقع، بل تسعى إلى تجاوزه من خلال لامنطقيتها، في المقابل، وقد ظهرت على نحو خاص في المسرح والقصة، بل والتشكيل والسينما، وكانت تعبرعن وجود خلل هائل في الواقع، انعكس على العلاقة مع هذه الفنون والآداب، بحيث أنها صارت تتأسس على الخلل، وتنسف الضوابط الفنية لهذه الأشكال الإبداعية، عبر كاريكاتيرية ملامح البطل، وسلوكه، بل ومن خلال التعامل مع الزمان والمكان والحدث.


وإذا كانت الحرب الكونية التربة الملائمة التي نبتت عليها هذه الاتجاهات الأدبية الفنية، حيث شبح الموت والدمار والدماء الذي كان مهيمناً، فإن الحرب تعد استثناء إذاما قورنت بالسلم،ما يعني أن الأصل في الواقع والأدب أن تضبطهما القوانين الناظمة، هذه القوانين التي لا تتحول إلى قيود وكوابح في هذين العالمين، بل إنها توفر لهما ما يلزم من عوامل التطور والديمومة والجمال، لتنعكس على المعني بكل ذلك، وهو الإنسان الذي لا أهمية للعالم والإبداع من دونه.


ومادام أن الأدب والفن هما انعكاس لمايجري في الواقع، ويتأثران به، فإن من يمعن النظر فيما آلت إليه الأمور في هذه الأوقات العصيبة من تاريخ المنطقة والعالم، يجد أن حالة الفلتان القيمي الأخلاقي التي نشهدها، كانت المهاد الذي انطلقت منه قطعان الوحوش الكاسرة، وهي في صورتها الآدمية، محاولة إعادة عقارب الساحة إلى لحظتها ما قبل المرحلة الغابية، لتكتسح الزرع والضرع والحجر والبشر،في ظل انعدام الوازع الأممي الذي بات يتخذ دور المراقب مشلول الإرادة، ما جعل إيقاع حالة التهالك تتعاظم إلى حد كارثي، يكاد لا يصدق، بحيث امحت الحدود بين الخرافة والواقع، ما دفع للتأكيد أن حالة تخريف وبائية خطيرة باتت تهيمن في الاتجاهات كافة، وبات لامناص من الخروج من دائرة سطواتها.

وبدهي، إزاء مثل هذه الحالة التي انحدرإليها الواقع، وهي في تشريحها المخبري تشابه حالة الحربين الكونيتين المعروفتين، بل وإنها الأكثرفجائعية، وكارثية، نتيجة توفرأدوات الإبادة والدمار التي باتت تخرج من عقالها،تدريجياً، ولن يتورع من يحمل الفكرالوبائي السادي في أقصى درجاته عن الضغط على أي زرلأسلحة الدمارالشامل لجعل العالم مجردمسرح بلاحياة وبلابشر، فيما لوتوافرذلك بين يديه.

هذا الواقع الجديد، من المؤكد أنه وفي ظل توافرأدوات ثورة التقانة والإعلام لابد وأن يشهد تمخض آداب وفنون ورؤى جديدة، تندرج في مرحلة" مابعد العبثية" حيث كل شيء صارخرافياً، أمام هزيمة العقل والحكمة والمنطق، هذه الهزيمة المروعة التي ندفع ثمنها غالياً، في أعظم خسارة نمنى بها على الإطلاق.



إبراهيم اليوسف
[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى العماء:
- تحت جناحي عامودا.....!
- مارس دوره التنويري على أكمل وجه المفكرالكويتي خلدون النقيب أ ...
- ارجومنكم نشرهذه بدلا عن المنشورة وشكرا
- داعش ترحب بكم.....!:
- أستعيدُ أبي......!
- وحدة الخير وحدة الشر
- طفرة داعش: الواقع والآفاق
- بعد أن طرق بوابات الكرد بيده الملطخة بالعار والدم هل تكون كر ...
- ميشيل فوكو ثلاثون عاماً على الرحيل
- بعدأن طرق بوابات الكردبيده الملطخة بالعاروالدم: هل تكون كردس ...
- ماقبل الجاهلية:
- استبصارالعماء:
- تهويمات المثقف الزائف
- من قتل الكواكبي؟:
- نحومواجهة فقاعات داعش:
- مركزية الثقافي:
- خاتيرا xat îra*........!
- قصيدة تل معروف
- لالمن يشاركون في مهزلة الانتخابات


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مابعد العبث: