أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عالم عباس - الأُنس بمعية أنس مصطفى في الثلاثية الفاطمية















المزيد.....

الأُنس بمعية أنس مصطفى في الثلاثية الفاطمية


عالم عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 07:54
المحور: الادب والفن
    


الأُنس بمعية أنس مصطفى في الثلاثية الفاطمية:

(الهدندوة وحدهم، الوقت الذي يخص فاطمة، السيسبان الذي يمضي لحال حنينه)




بين يدي قصائد ثلاث لأنـس مصطفـى: (1) السيسبان الذي يمضي لحال حنينه،2006 (2) الوقت الذي يخص فاطمة (حول نص إسمه فاطمة) يونيو/ديسمبر2006، و(3) لأن الهدندوة وحدهم.. نوفمبر2005

هذه القصائد الثلاث لم يحتويها ديوانه الوحيد الأنيق الصادر في يناير عام 2007 نثار حول أبيض) عن الشركة العالمية للطباعة والنشر)، في طباعة راقية وأنيقة تليق بشعر الشاعر، وعنوان لمستوى رفيع من النشر اللائق والمحترم الذي نتوق إليه، من بعد أن شوَّه سوء الطباعة أعمالاً في غاية الجودة، هوى بها إلى الحضيض قلة العناية والسلوك النفعي وبؤس الدراية المهنية والتهافت! آمل ألا يرضى أصحاب الأعمال الفكرية بأقل منه مستوى في الطباعة لأعمالهم.

يحتاج المرء إلى قراءة أعمال أنس للتأقلم مع أسلوبه الشعري المتميز، وقاموسه، ويشكل الديوان المذكور أعلاه مجموعة طيبة للولوج إلى عالمه، ولعل الذين يطّلعون على المواقع السودانية في الإنترنت بالتأكيد قد قرأوا بعض أعماله بمنتديات (سودانيات) و (سودانيز أونلاين)، و (سودان فور أول)، حيث نشر هنالك العديد من أعماله (شعراً ونثراً).

من الجدير بالذكر أيضاً، الإقرار بأن أنس يشكل حضوراً متميزاً في خارطة الشعر السوداني الحديث، وخاصة فيما يعرف حالياً بقصيدة النثر، وأشهد أن له فتوحات مشهودة وتمكن ظاهر، وإن اعتاد بعض منظري الحداثة إغفاله كثيراً عند الحديث عن رواد هذا النهج الشعري الجديد (ولا أدري لماذا؟(! .

ديباجة أنس محكمة وأنيقة ويملك أنس مقودها بإحكام ودراية، يبدو واضحاً أثر قراءته المتعمقة لمحمد عبد الحي خاصة في تكثيف العبارة والابتعاد، بل الهروب من التعبير المباشر، وصنع عالم خاص من الأحلام والرؤى، حتى وإن جاءت الكلمات أحيانا في شكل تفاصيل يومية صغيرة/عابرة، لكنها حافلة بالدلالات وموحية وآسرة. ومثل عبد الحي، فهو يلجأ غالباً إلى التكثيف والاختصار في اللغة، وإعمال العقل بتركيز عال، ولكن دونما رهق، أو إعسار لفظي. تنساب عباراته في وضوح (وفق شروط نصوصه)، رغم الجو (السوريالي) أو (الفانتازي) الذي تخلقه نصوصه وعالمه الشعري الساحر الأخاذ.

النصوص الثلاثة التي بين يدي، على رغم كتابتها منفصلة، وفي أوقات مختلفة (وبالطبع بمزاج مختلف)، إلا أن ثمة نسق ما يجمع بينها، ولا سيما قصيدة (السيسبان الذي يمضي لحال حنينه)، و(الوقت الذي يخص فاطمة)، ثم تأتي القصيدة الثالثة لتؤكد لنا كيف أن الحالة الشعورية، أحيانا تتجلى في نصوص عديدة، ولا تكتمل، وأحياناً تقفز من قصيدة لأخرى، ربما (قبل أن يجهضها النسيان)


يقول أنس :

النَّسَياَن فَاكِهَة اُلأيَّامِ المُرَّة.. (الوقت الذي يخص فاطمة )

ويقول:
السِّيسَبَانُ الَّذِي يَمضِي
لِحَالِ حَنِينه
(مُمعِنَاً في العُذُوبَة)

يَبتَلُّ كَثِيرَاً..

تَترُكِينَه هَكَذا؟

وَالمَطَر؟ (السيسبان الذي يمضي لحال حنينه)


وهكذا نبدأ في الولوج إلى الحلم أو طقس القصيدة، وهي ليست قصة أو حكاية، ولكن لوحات كأنها سيناريو الأفلام السينمائية، فنراهم:

( كَانُوا يَصعَدُونَ نَحوَ حَيَاتِهِم/ يُعِدُّونَ قُرَىً نَائِيَة لِمَغَارِبِهَا/ أيَّامَاً صَغِيرَة تَكفِي لِحَوَائِجَهُم/ وَمَسَاكِنْ/

لا يَأسَ عَلَيهِم/
قُلتُ سَأبقَى/ أعرِفُهُم..

قُلتِ سَتَذهَبينَ لِتَعرِفِي..

يَخدِشُونَ قَهوَتِك.. (السيسبان الذي يمضي لحال حنينه)



أترى، هل كان يبحث عن فاطمة هنا؟ فهو يقول :

(إنَّها المغارب، كم مرَّ عليك؟ كُلُّ الطُّيُورِ رَضَت وَآبت وَأنتَ تَبحَثُ عَن خُبْز وَعُذُوبَة.).(الوقت الذي يخص فاطمة)

في هذا التيه وعناء البحث عن خبزٍ وعذوبة، فإن الشاعر يعزّي نفسه ، ربما حين يقول:

) لم يكن ثمَّةَ ما يمكن اللَّحاقُ به..) (لأن الهدندوة وحدهم)


ثم أنه يستعيرمن قول فاطمة :

تَقُولُ لا فَاطِمَة..

لا نَصِلُ أقَاصِينَا أَبَدَاً، مَهمَا دَنَونَا سَتُغَافِلنا الوِجهَات، لَن نَطمَئنَّ إذَاً..

كَانَ العُمْرُ سَيَبدُو رَقرَاَقاً وَوَاضِحَاً لَوْلا ذَلِك التُّرَابُ الَّذِي يَخُصُّهَا. (الوقت الذي يخص فاطمة)

لكن كل ذلك لا يسعف، ترى أي وحشةٍ وانفراد هذا الذي يحيط بصاحبنا، وهو يقودنا في دروب حيرته وحنينه؟

كنتُ أسألُ عنكِ كثيراً

يأخَذَكِ العُمرُ للشَّوارعِ المكتوبة..
ومشينا بمَحْضِ القَلب

ما كان رحيماً أبداً.. (لأن الهدندوة وحدهم)


ولكن الطريق إلى أين؟ لابد إذن من فاطمة، والرحيل الطويل، وفاطمة طيف أو خيال، أو حلم أو ذكرى، ولكن لابد من السعي وراءها بين القرى والمدائن:

المَدِينَة، بِيُوتِهَا الصَّغِيرَة، ألوَانُهَا الصَّفرَاء مَخْلوطَةٌ بالمَطَر، الطَّرِيقُ إلى فَاطِمَة يَمُرُّ بأغنَيَاتٍ قَدِيمَة وَيقْطعُ نَهرَاً وَحَكَايَا، تَدْخُلُ المَدِينةُ أغْسَاقَهَا مُطمَئِنَّة، تَلُوحُ دَافِئةً وَحَمِيمَة، أنزِلُ في المَحَطَّةِ التَّالِيَة، أطْرُقُ بَابَاً صَغِيرَاً فَتَفتَحُ فَاطِمَة، تَهدَاُ الدُّنيَا..
أتَذَكَّر..؟ (الوقت الذي يخص فاطمة)

ولأن الطرق لا تكاد كلها تقود إلى فاطمة، ولأن (السيسبان الذي يمضي إلى حال حنينه) ما زال يمضي، وليس ثمة من فاطمة، فسيظل الحال:

هَكَذَا
لا نَزَالُ مُشَجَّرِين/
وَعَلَى قَيدِ نَاس/
نُؤَخَّرُ أيَّامَنَا:
بِجِرُوحٍ أكِيدَة/
أشيَاءَ مِن هَذَا الحَزِين.. (السيسبان الذي يمضي إلى حال حنينه)

وإذن فالطرقات التي تقود إلى فاطمة، لا تقود إلى فاطمة، فاطمة حالة من الوجد والأمنيات المستحيلة، فاطمة لن تصل إليها، فاطمة تأتي إليك، وحتى تأتي، كان لابد من الإنتظار و(لأن الهدندوة وحدهم) هم من ينتظرون، كان لك أن تنتظر:

أنتظرتُ مَرِيرَاً..
كنتِ وَعَدتِني
فدخلتُ الَّليل/
لكنَّكِ لم تضيئي.. (لأن الهدندوة وحدهم)


ولكن هذا هو الوقت الذي يخص فاطمة، هو وقتها، فلابد من الانتظار، ولكن هل كانا على ميعاد، ومتى، وهل أتت؟ هل اتيت أنت على الموعد، أم أم... هل أنت تهذي..أم نمت أو خدّرك الانتظار؟(لأن الهدندوة وحدهم):

كنتِ تُنَادين
كنتُ بَعيداً فظننتهُ صَوتك..
كنتِ تُنَادِين
كنتُ بَعِيدَاً فَلَم ألتفت.. (لأن الهدندوة وحدهم)

يا للضياع، كنت تسأل عنها كثيراً، يأخذك العمر للشوارع المكتوبة، هاأنت بعيداً هناك، وأنت لا تسمع نداءها، ولم تتلفّت، والآن:


الآن بلا تَلاويح..
فالهَدَنْدَوَة وحدَهُم
يتجاذبونَ أطرَافَ الحَنِين
لا يوِّدعونَ أحَدَاً..

ويا فاطمة، وفي الوقت الذي يخصك، و...

واذاً عَلَى وَشَكِ النَّفَاد..
تمنَّيتُ لَو أقولُ لكِ:
تلكَ الأوقَاتُ لَهَا وَجهَك..
وَهذَا يُؤلِم.. (لأن الهدندوة وحدهم)



قراءة أشعار أنس مصطفى متعة للعقل والحس، وما هذه إلا دعوة للتأمل في أشعاره وتفرد نهجه وطلاوته، هي قصائد تقرأ وفق أشراطها، ولا يمكن اختزالها أو إعادة تركيبها ولا شرحها، فهي مترفة الألوان متعددة المعاني و القراءات، وتتسم بسحر العبارة وجرأة الخيال والاقتصاد اللفظي المذهل. إن أنس مصطفى شاعر عظيم جديرٌ بالانتباه ، فأصغوا له جيداً.
..
..


عـالم عبـاس محمد نور
شاعر سوداني








#عالم_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جمعة اللامي يرحل بعد مسيرة حافلة بالأدب ومشاكسة الحياة
- رجل نوبل المسكون بهوس -الآلة العالِمة-: هل نحن مستعدون لذكاء ...
- لماذا لا يُحتفل بعيد الفصح إلا يوم الأحد؟
- -ألكسو-تكرم رموز الثقافة العربية لسنة 2025على هامش معرض الرب ...
- مترجمة ميلوني تعتذر عن -موقف محرج- داخل البيت الأبيض
- مازال الفيلم في نجاح مستمر .. إيرادات صادمة لفيلم سامح حسين ...
- نورا.. فنانة توثق المحن وتلهم الأمل والصمود للفلسطينيين
- فيليبي فرانسيسكو.. برازيلي سحرته اللغة العربية فأصبح أستاذا ...
- بمَ تسمي الدول نفسها؟ قصص وحكايات وراء أسماء البلدان بلغاتها ...
- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عالم عباس - الأُنس بمعية أنس مصطفى في الثلاثية الفاطمية