لينا سعيد موللا
الحوار المتمدن-العدد: 4506 - 2014 / 7 / 8 - 22:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في حوار مع صديقة بلجيكية من الوالون المنحدرين من أصول فرنسية أعربت كريستين أن أبناء قوميتها لم يفكروا يوماً جدياً بالالتحاق بفرنسا، ينطبق هذا على الفلامان في التحاقهم بهولندا، والسويسريين الناطقين بالألمانية بالتحاقهم بالنمسا أو حتى ألمانيا الاتحادية .
فكل منهم متعلق بوطنيته التي ينتمي إليها، وكذلك بتاريخه المشترك مع بقية مكونات دولته القومية واللغوية .
اليوم يكثر الحديث عن استقلال كردستان العراق عن دولته الأم، وعن هواجس تركيا في أن يطالب أكراد أنقرة من الاستقلال خاصة أنهم يشكلون 20 مليون كردي تركي، وهو رقم صعب، لكن بالسؤال:
لماذا يميل الأكراد اليوم وفي هذه المنطقة، الاستقلال وبناء دولة عاطفية تتصارع فيها الأحلام مع متطلبات الواقع؟
لماذا يصرون ورغم الفوارق والخلافات العشائرية العميقة بينهم عبر التاريخ والتي حالت دون قيام دول كردية، طبعاً لعوامل خارجية لا يمكن إنكارها؟
لماذا يريدون الانعتاق عن دولهم وبناء دولة تحتاج لسنوات طويلة جداً من العمل المضنى والعداوات لتأسيس وطن هو حلم يسير بعكس التاريخ؟
الجواب ببساطة هو أن الأقليات العرقية تميل للانفصال حين شعورها بالغبن والظلم التاريخي، وبالتالي غياب حقوق المواطنة التي تعني المساواة بين أبناء الوطن الواحد، لقد قلت قديماً وأردده اليوم، أن أي تمييز أو اضطهاد يتعرض له أي فصيل في أي دولة سيفتح بوابة يدخل منها الأغيار تحت شعار حماية الأقليات أو حتى المكونات، وهو أمر نعاني منه في المنطقة منذ قرون، ويقيني أن المساواة الكاملة ودولة المواطنة ستقفل هذه البوابة وتحول بيتنا الداخلي إلى حصن منيع يحول دون أي تدخل من هذا النوع.
رهاننا هو أن تكون سوريا دولة مواطنة حقيقية، أشير هنا أن الدول الأجنبية وتحت مسمى حماية الأقليات تريد بقاء الأقلية العلوية حاكمة مع بقائها ضعيفة، بحيث يسهل تحريك القاعدة لحظة يشاؤون، وبالتالي إثارة النعرات وهو أمر يسيء لجميع المكونات السورية بما فيها العلوية، إن مصلحة السوريين تبقى في شعورهم بالمساواة المطلقة في الفرص، حينها لن يستطيع أحد المزاودة على الآخر، وسيفضل الكرد البقاء في سوريا القوية المنيعة كمواطنين كاملي الحقوق عن الاندماج بأي دولة كردية مهما حملت لهم من أحلام وردية.
إن الناس تبحث دوماً عن العيش الكريم وعن الفرص التي توفرها الدول لأبنائها، لهذا هاجر ملايين البشر، واكتسبوا جنسيات جديدة في العالم الجديد، وأسسوا دولة طموحاتهم وأحلامهم، إنها فرصتنا في أن نحول سوريا وطن الحضارات القديمة إلى فردوس يعشقه أهلنا.
علينا أن لا نضيع الفرصة أبداً. والطريق على بسطته يحتاج منا الى التعاضد وبعض النظر والكثير من الحكمة .
قادمون
لينا موللا
صوت من اصوات الثورة السورية
#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟