حيدر الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 4506 - 2014 / 7 / 8 - 08:19
المحور:
الادب والفن
الرمّانة
ـــــــــــــــــ
قصة قصيرة جداً ـــــــــــ حيدر الحيدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربما ابتعد عن الحقيقة من أطلق على تسميتها ( رمّانة ) إنها مفارقة فيها العجب ..
فالرمّانة من ثمار الجنّة كما أخبرنا الأسلاف الأولون ، فهي تهب للناس بغير منّةٍ
ما في جوفها من حُبيبات حمراء لذيذة الطعم والمذاق والفائدة .
أما هذه التي وضعها القدر في قبضتي فإنها مضغوطة بالبارود القاتل ولها فتيل مشتعل حالما ارفع أصابعي عنها ستنفجر وتحوّل أجساداً الى أشلاء ممزقة ..
يا حافظ يا ستار منها ومن شرورها ..
كيف السبيل للتخلص منها والمدينة مكتظة بالناس وما من شبر أو موضع إلا وحطت عليه متزاحمة أقدام لأكداس من البشر .
اركض بها هنا وهناك لعلي أجد مكاناً بعيداً عن هذه النفوس البريئة ، إنهم أطفال ونساء وشيوخ وشباب بعمر الورد ، وثمة شوارع وأسواق ومدارس وأزقة وحارات وملاعب تزدحم بهم جميعاً ..فأين أجد المساحة التي تستوعب الانفجار دون ان يلحق الأذى بهم .
لا أعلم كيف وصلت هذه الرمّانة الى قبضتي ومن قام بسحب فتيلها الملعون ، وأجبرني على الضغط عليها بأصابعي ..
اركض بحذر في كل اتجاه وعبثاً أحاول إيجاد تلك المساحة الخالية ...
أين أجدها يا ترى ؟
هل أظل في دوران غير مُجدي في البحث عن مكان يخلو من الناس ..؟
تعبتُ والله من الركض ، وتعبت قبضتي من هذا الحمل الثقيل ،وأوشكت أصابعي ان يفلت منها زمام الضعط عليها ..
لو كان الأمر بإرادتي لما أمسكتها بقبضتي ..
فأي قدر أوصلها إليَّ على غفلة منّي وسحب فتيلها ووضعني في حرج ٍ من فعلٍ شنيع ؟
وأنا الذي لم أقدِم في يومٍ من الأيام على جرح مشاعر الآخرين فكيف بتمزيق أجسادهم غدراً .
لا لن أفعلها ، ولن تسقط من يدي ..
لا بد من سبيل للتخلص منها في مكان آمن ..
ولا بد ان استيقظ من هذا الكابوس المرعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27 حزيران 2014
#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟