منعم وحتي
الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 18:21
المحور:
الادب والفن
ذات زوال من السادس يوليوز من 1973، امرأة من الجيل القديم، بثبات على قدميها، لوحدها في البيت، متئكة على أتون طهي الطاجين : "إناء طيني، خزفي، تقليدي توضيحا لرفاقي المشارقة"، تُعِينُ بطنها المنتفخ بيدها اليسرى، لا أدري إن كُنْتُ أشتم رائحة زيت الزيتون و أنا في أحشائها، كُنْتُ سبب وجع المخاض، لكن دون قصد مني، أمي العزيزة، لم يكن في المنزل إِلاَّ هذا الكائن الخارق، و أوجاع الحمل تتزايد، لا قابلة و لا مستشفى و لا أحد، لوحدنا، فما عساي أفعل بين جسدين في واحد و لحظة انفكاك الحبل السُّرِّيّ تتسارع.
ازداد اطفال كُثر على يد أمي، بقوة التكرار المهاري، أطفال يحضنون أسرهم الآن، ما مكنها من جرأة أن تعتصر ألمها و تتمكن من إخراجي للوجود لوحدها، و تقطع الحبل السُّرِّيّ لوحدها، و تغسل دمائي - دماءها لوحدها، و ترضعني،.....
عند عودة الجميع إلى البيت، كنت في حضنها، و الطاجين بنكهة زيت الزيتون على المائدة، و فرحة التهاني تعم المنزل. لكن في لحظات تكرر هذا التاريخ، لا أملك إلا أن أحتفل شخصيا بأمي، هذا الكائن الأُسطوري الذي بعث الحياة من الموت، و مكنني من أن أكون بينكم.
تحية لكل أمهات العالم.
تحية لكل من هنأني بميلادي، فالسياق يقتضي الاعتراف بالجميل.
ملحوظة : لا أعرف لما، كلما ملأت رائحة زيت الزيتون خياشمي استهوتني ذكريات طفولتي.
منعم وحتي / المغرب.
#منعم_وحتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟