مازن الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 18:17
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بساعته الباهظة ، صعد البغدادي منبر مسجد الموصل ، في مشهد طال بحساب زمن ساعته 10 دقائق لكنه فعليا جر الزمن من ذيله 14 قرنا للوراء ، و حتى حينما عاد لم يجد غير قديم لم يتجدد (لقد وليت عليكم و لست بخيركم) ليفتتح به عهد خﻻ-;-فته أو خرافته ، ﻻ-;- يهم فطعم الفجيعة في القلب سواء ..
الدولة اﻹ-;-سﻻ-;-مية في العراق و الشام و التي تسمى إختصارا بداعش و التي يعتبر الزرقاوي أبو مصعب مؤسسا لها توالت عليها أربع رئاسات آخرها عند البغدادي و الذي شهدت فترته على خﻻ-;-ف الآخرين نشاطا جهاديا مكثفا في جبهتي سوريا و العراق ، و تضم داعش فيما تضمه من (خبوب و ربوب) قاعديون سابقون و مقاتلون و ضباط بعثيون كانو ضمن جيش صدام حسين المحلول ، و كما أسلفنا فإن نشاط الدواعش الجهادي في سوريا و العراق و سيطرتهم على مدن إستراتيجية مثل حلب و الموصل جعلهم يميطون لثام التقية عن خارطة دولتهم المرتجاة من أوربا القديمة حتى اليمن و من حدود الهند و السند حتى اﻷ-;-ندلس - حسب تسمياتهم - ، فالدولة التي ترفع علم الخﻻ-;-فة اﻷ-;-سود تلتزم بكافة قوائم إرهاب اﻹ-;-سﻻ-;-م السياسي فليست هي بالحركة الدعوية بل نموذج أكثر سلطوية و شراسة بين كل نماذج اﻷ-;-صوليات الدينية التي مرت على سجاد المنطقة ..
و لكي نناقش الأمر في لبه يجب أخذ ما إستشكل في فهم أمرهم و سبر غورهم ، و كما ذكرنا عاليه فإن الحركة اﻷ-;-صولية الوحيدة في المنطقة التي تخوض حربا مباشرة ضد دولة بكامل جيشها و تحالفاتها و بل تسيطر على بقاع كبيرة و تطمح في المزيد ، أو كما ذكر خليفتهم (حتى روما) ، أمر يدعو للتساؤل حول مصدر تمويلهم و تدريبهم ، و بالطبع لكي يستلين العاصي وجب أخذ الأمر من أعين المراقبين على عقب الفعل منهم و خصوصا دخولهم كطرف ثالث في معادلة الأزمة السورية بعد أن كانت المواجهة محصورة بين النظام البعثي في دمشق و المعارضة السورية و جناحها العسكري الجيش الحر ، ظهرت جماعات سلفية كان طليعتها في المكان جبهة النصرة السلفية التي يرجح تمويلها الخليجي و لتأتي من بعد داعش و التي في فترة وجيزة إستطاعت أن تسيطر على مناطق واسعة داخل نطاق سيطرة المعارضة مما يعني أنهم بكل تأكيد واجهو فقط جيش المعارضة و لم يجرؤا أو للدقة لم يكونوا (مدفوعين) لمواجهة جيش اﻷ-;-سد في مناطق سيطرته و هو بالطبع ما أضعف قوى المعارضة و زاد من أمد الحرب زمانا لصعوبة خيار الحسم العسكري بالنسبة للجيش الحر كون أنه أصبح يقاتل في جبهتين تقاتلانه منفردا ، و جمر التسوية السياسية دون محاسبة النظام على جرائمه مما يجعل في حكم الراجح إنطفاء الثورة تحت خرير التبول الجهادي على جذوتها الديمقراطية ، مما زاد اﻷ-;-مر ضغثا على إبالة على مجمل المشهد و طعمه بالقباحة ..
في الجانب اﻵ-;-خر من مسرح العبث و في اﻷ-;-راضي العراقية و بعمليات نوعية سريعة و خاطفة إختطفت داعش عدة مدن و غرزت في أعينها رايتها السوداء ، و شهدت هذه الفترة القصيرة تتويج كامل عصور اﻹ-;-نحطاط و بلوغ نرجسية جروح الكولونيل منتهاها بإعﻻ-;-ن دولة الخﻻ-;-فة الإسﻻ-;-مية كتمرد أولي على نمط الدولة الحديثة و كتطبيق لنص يتكئون عليه ، و لكن ما كان أكثر إدهاشا بالنسبة لي هو البيان الصادر من (القيادة القومية لحزب البعث العربي اﻹ-;-شتراكي) و المصدر بأنه يختص بالأوضاع في المنطقة العربية ، تحدث البيان بلسان المصفق و بيد الطروب مسميا ما يحدث في العراق بالثورة و واصفا مكوناتها ب(قوى الفعل المقاوم المؤتلفة في جبهة الجهاد و التحرير و الخﻻ-;-ص ، قوة تعيد للحياة السياسية العراقية توازنها) ، و لهج لسان البيان بذكر اﻷ-;-وضاع في المناطق كلها و إختص بالذكر مصر و سوريا و البحرين و لم يذكر أو لم يهتم بذكر السودان و لم يأبه ﻷ-;-مره على الرغم من أننا نملك طيفا واسعا من القوميين العرب يفوق عدد تنظيماتهم الستة أو الخمس و هو لعمري أضخم من عدد تنظيماتهم في سوريا و العراق مجتمعتين ! ، و ختم البيان بجملة تحايا إختص إحداها لشخص (عزة إبراهيم الدوري) اﻷ-;-مين العام للحزب و قائد جبهة الجهاد و التحرير كما وصفه البيان ..
و بالعودة لشأن السؤال ، أوﻻ-;- بحساب الموقف السياسي و إن كان بيان القيادة القومية يعبر فعﻻ-;- عن موقف البعث و يحسم عﻻ-;-قة البعث بداعش و يقر بقيادته لها و بالتعريج على مضمونه و كما ذكرنا قفزه تهوينا عن ذكر الشأن السوداني ، مع العلم أن أحد الأحزاب البعثية في السودان أصدر بيانا مطابقا وقد يكون سابقا في الهتاف و التبجيل للحركة الجهادية في العراق مؤكدا بأنها ضد أذيال الغرب و مجسدا لموقف يتسم بخفة و رشاقة ليلية .! ، و هو ما يجعلنا نؤكد ما إستبان للغالب منذ أمد متطاول بأن مجهودات البعض في المسوح بالتعرب و هو في هامش مركزهم ثقافيا و جغرافيا لن يجعل منهم أكثر أولوية من قضايا أكثر مركزية بالنسبة لهم مثل فلسطين و سوريا و العراق و البحرين و مصر ..
و من جهة أخرى إن كان أمر داعش مفصول تماما عن ما سقناه عاليه ، و إن ثبت بأنهم دعاة شريعة و خﻻ-;-فة فقط ، فقطعا أمر السودان ليس مركزيا أيضا لهم و ﻻ-;- أمرهم حلم بالنسبة لنا ، و قد يشي بذلك تقسيمهم الذي وضعوه على خارطتهم ، إذ أنهم دمجو السودان و إثيوبيا و إرتريا في قالب واحد سمي بأرض الحبشة ، و خير ما فعلوا ، من حيث أنهم وضعونا مباشرة أمام تصورين نابعين منهما ، الأول اﻹ-;-عتراف بإفريقية السودان و تسديد طعنة باذخة في صدر دعاوى اﻹ-;-ستعراب و كذبة (نحنا و مصر حتة واحدة) ، الثانية إبداء عفتهم عن أمر بيعتنا بحيث أننا إن صنفنا في خانة اﻷ-;-حباش فإنهم كما في اﻷ-;-ثر (إن جاعوا سرقوا و إن شبعوا زنوا) ، فﻻ-;- خير فيهم يرتجى إﻻ-;- تجارة يطلبون بها فضل من الله و منة ، و أيضا من موانع حمل السودان بهم هو زهدهم المتوقع في أي محاولة للزحف نحو السودان - إن كفينا بأس الشر المقيم - ، لإفتراض أنه لجماعة أصولية تسعى للوصول للسلطة مما يستدعي أن تحصل على موارد سريعة و بقاع جديدة فإن السودان و بترديه اﻹ-;-قتصادي المريع و حروبه القائمة ليس مكانا محبذا لهم ، و غير ذلك فإن النظام مع إدعائاته بالأصولية و دفاعه عن الشريعة فإن واقعة مريم يحيى تبثت إرتخاء عزم اﻹ-;-سﻻ-;-ميين للشريعة أمام غلظة العصا اﻷ-;-مريكية مما سيحتم عليهم مواجهتم إن مد الله في آجالهم ..
ختاما و إن صار غير كل الذي سقناه ، فإنه و بمطلع العصور التي نحن فيها فإن تواجد أصوليات دينية جهادية يحتم و بكل عجلة إطالة النظر و الفحص في السرديات الكبرى و تنقيب التراث و هز اليقينيات و تفكيك الشعارات الكاذبة كالتي فوق رؤوسنا
#مازن_الأمير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟