رشا نور
الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 19:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل يمكن أن ينتشر دين مثل الإسلام مثل هذا الإنتشار الهائل إذا لم يكن من عند الله !!
و للإجابة على هذا السؤال سأذكر بعض الحقائق التى أضعها بين يدى القارىء العزيز:
أولاً : علينا أن نقر بمبدأ أنه إذا إتفق الأغلبية على شىء ما ، فهـذا لا يجعلــه صوابــاً .
ثانياً : فى زمان أبونا نوح لم تكن فقط الأغلبية على ضلال , بل البشرية كلها فيما عدا شخص واحد
هو " نوح " و لا يعتبر أحداً منا أن الغالبية فى زمان نوح كانوا يمثلون الصواب !
ثالثاً : أكبر الديانات حجماً فى العالــم بعد المسيحية هى البوذيــة و الهندوسية و يمثــلان معاً
ثلث سكان الأرض و لا يعترف أحباؤنا المسلمين بهما على الإطلاق رغم أنهما يمثلان فى حجمهما ضعف عدد المسلمين !!
رابعاً : ظروف إنتشار الإسلام و إرتباطه بما يسمى الفتوحات العسكرية (الاسلامية) , و إستخدام السيف لفرض هذا الدين على الشعوب يلغى بصورة كاملة أى إدعاء بأن الله هو المؤيد لهذا الدين ورسالته..
ويكفى القول بأنه عند موت الرسول أرتد غالبية أتباعه عن الإسلام فى الجزيرة العربية ولم يعد المسلمون إلى دينهم إلا بواسطة السيف مرة أخرى فيما عرف بحروب الردة !!
و نأتى لسؤال آخر هام يدور فى أذهان الكثيرمن أخوتى المسلمين ؟
هل ذكر المسيح شيئاً عن الإسلام ؟
طبعاً جميعنا نعلم أن الإسلام جاء بعد المسيح بحوالى ستة قرون و لكنه لم يأتى بأى جديد ...وكل ما جاء به كان موجوداً قبل المسيح , لذلك فأنه لا يوجد أى تطور حقيقى جاء بعد المسيح ..
على العكس فإن عقيدة التوحيد كانت راسخة لدى اليهود و انتقلت للمسيحية بنفس القوة لأنها عقيدة إلهية منبعها واحد هو الله الواحد , و أى نوع من المزايدة من جانب المسلمين فى هذه النقطة تنم عن جهل شديد بالكتاب المقدس و صحيح عـقيـدة المسيحيين .
المسيحيين الذين يؤمنون بالتوحيد خالصاً قبل المسلمين بقرون ...
أما فكرة إرتباط الدين بالدولة هى فى الأصل فكرة يهودية و مرتبطة بالدولة السياسية التى أنشأها موسى النبى فكان نبى الأمة و قائدها,وحاول محمد تقليد هذا النموذج اليهودى..فلم يأتى محمد بجديد
أما مضمون الدين الإسلامى فقد تعرض له المسيح فى معالجته لممارسة اليهود المعاصرين فى زمانه لذات الممارسات الدينية التى تنطبق على المسلمين بدقة ...
فإذا عدنا لبعض المقاطع فى تعاليم المسيح يمكننا أن نكتشف بسهولة بأنه كان يحدثنا عن ظواهر تماثل تماماً معالم الدين الإسلامى .
و هذه بعض المقاطع على سبيل المثال لا الحصر :-
قال المسيح فى تعليمه عن الصلاة فى ( مت 6 : 5 - 7 ) :
" متى صليت فلا تكن كالمرائين فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين فى المجامع وفى زوايا الشوارع لكى يظهروا للناس 0الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك و أغلق بابك وصل إلى أبيك الذى فى الخفاء . فأبوك الذى يرى فى الخفاء يجازيك علانية وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم . فلا تتشبهوا بهم ".
ومن المعروف للدانى و القاصى كيف يمارس المسلمون صلواتهم ومنذ أيام الرسول ..
فإنهم يصلون تماماً كما قال المسيح "قائمين فى المجامع وزوايا الشوارع يظهرون أنفسهم وهم يصلون ، وهو ما يتنافى تماماً مع تعاليم المسيح الذى ركز على دوافع الصلاة وحالة القلب وليس تسوية الصف وتجميع الجماهير وحشدها للدعاية للدين ودولته 00
وفى ( متى 7 :15 ) يحذر المسيح من الأنبياء الكذبة فيقول : " احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان و لكنهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً . هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثماراً جيدة و أما الشجرة الردية فتصنع أثماراً ردية .. كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع و تلقى فى النار.. فإذا من ثمارهم تعرفونهم " .
و معلوم أيضاً للدانى و القاصى
أن نبى الإسلام لم يشفى مريضاً واحداً كما فعل المسيح و لم يعطى المحتاجين كما أشبع المسيح الجياع .
و لم يعلم عن المحبة و التسامح كما فعل المسيح .
ولكنه جاء ليغزو البلاد بالسيف و يُخضع الشعوب لسلطته .
جاء ليأخذ السبايا و الغنائم و فرض على أمته خمس الغنائم من غزواتهم .
كان يتاجر فى الرق و العبيد و يفرض الجـزية على الشعوب المسالمة التى لم تحارب و لم تتعرض له .
فمن يا ترى الشجرة الجيدة و من الشجرة الردية ؟؟
وفى موقف القبض على المسيح قبل الصليب فى ( مت 26 :51-52 ) أراد أحدهم أن يدافع عن المسيح بسيفه .
"وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده و أستل سيفه و ضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه . فقال له يسوع رد سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون " .
من الواضح أن محمد كان على النقيض تماماً من تعاليم المسيح و قد تنبأ فعلاً المسيح عن الإسلام بأنه شجرة ردية و أنه سوف يأتى من بعده أنبياء كذبة يضللون الناس بكلام جميل عن الأمر بالمعروف و التوحيد بالله و لكن حقيقة الأمر أنهم ذئاب خاطفة تريد أن تهلك الناس بالسيف و تضليل الناس بإبعادهم عن طريق الخلاص الذى هو فى شخص المسيح وحده وبواسطة الصليب فقط .
كذلك فإن الدين الإسلامى يركز فى أوامره و نواهيه على الشكل و السلوك الخارجى اكثر من الدوافع و حقيقة حالة القلب..
و هذا يبرر ما نراه من تناقض بين تزايد حالة التدين و بين تزايد حالة الإنحطاط الأخلاقى التى تعيشه معظم الشعوب الإسلامية .
فالدين الإسلامى يمكن أن يكون صحيحاً إذا كان هدفه تقديم حساباً للبشر الذين يمكن خداعهم.
و لكنه لا يصلح مطلقاً أن يكون ديناً يقدم حساباً لله الذى لا يمكن خداعه.
ذلك لأن الدين أصبح كالأفيون يتعطاه المظلومين و المقهورين ليغيب عقولهم الغير قادرة على مواجهة الطغيان وتريح إرادتهم العاجزة عن مقاومة الظلم .
و لكن أى دين هذا الذى يحكم على مصير الإنسان الأبدى من طول ذيل جلبابه أو عدم إعتلاء الموس لحيته !
هل صحيح أن هذا ما يعنى إله هذا الكون ؟
الإله الحكيم الذى خلق هذا الفضاء الواسع بكواكبه و مجراته ، خلق الأرض و جعل فيها حياة.. و ميزالإنسان وأكرمه على جميع مخلوقاته بالعقل .
بالعقل يا سادة ... بالعقل
فهل يعقل أن يحكم الله على الإنسان من شكله و مظهره و ثيابه .
أم أن الله الذى خلق داخل الإنسان يعرف أفكاره ويحكم على قلبه ودوافعه لا على مجرد سلوكه الخارجى ؟
هل يعقل أن يطلب الله من الإنسان أن يكرر نفس الحركات ونفس الكلام فى أوقات محددة محفوظة مكررة ؟
أم أن هذا الإله رغم عظمته وقدرته اللا محدودة يهتم بالإنسان .
الإنسان ذلك الكائن المعقد.. يهتم بداخله قبل خارجه .
لا يمكن للإنسان أن يخدعه بأى حركات خارجية ، ولن يشبع الله أن يمتثل الإنسان لأوامر ينفذها خوفاً و قسراً .
فالله خلق الملائكة لهذا الغرض .
وهم ينفذون و يطيعون ولايملكون إلا الطاعة .
أما الإنسان فقد ميزه الله بإرادة حرة يمكنه أن يختار فيها حتى أن يعصى الله و يحيا بعيداً عنه وهذا ما فعله تماماً عندما كان فى الجنة ...
إن ما يشبع قلب الله هو إختيار الإنسان أن يطيع الله رغم أنه فى متناول يده أن يعصاه .
وأن يرفض الرذيلة و الشر ليس فقط من منظور رهبة و خوف من العقاب بل حباً و إحتراماً وحرصاً على رابطة صلة تربطه بإلهه يخشى عليها أن تنقطع جراء إنجذاب لأهواء و شهوات بعيداً عن الحقيقة و السلام اللذان يمثلهما الله بالنسبة له ..
هذا هو مكنون الحقيقة >
و هذا ما أكد عليه المسيح بأنه لم يأتى ليفرض مزيداً من القوانين و العقوبات .
و لكن أتى ليفتح عيون الناس و قلوبهم لله الذى يسعى لإقامة علاقة حية معهم وهو مفهوم بعيد كل البعد عن المفهوم الدينى الذى يُزيد من كراهية الناس لكل ما حولهم و من حولهم و حتى لأنفسهم ويضيقون بكل شىء و يتضايقون من أى شىء .
هذا الدين البغيض لا يمكن أن يكون من عند الله .
أما المسيح فأتى برسالة واحدة يعلن فيها أنه يحبك .. نعم الله يحبك
الله العظيم الجبار خالق هذا الكون الفسيح .. يحبك أنت و يريد أن يقيم معك علاقة أساسها الحب .
وهنا لخص المسيح كل الدين فى هاتين الوصيتين :
أن تحب الرب إلهك من كل قلبك و كل فكرك و كل قدرتك و تحب قريبك كنفسك
نعم هذا هو الدين الحق .
فهو يطلب القلب و ليس الشكل
يا إبنى أعطنى قلبك ..
أعطنى حبك..
و إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر إحتقاراً..
ماذا تظنون إن إهتدى الناس لحب الله و حب بعضهم بعض؟
أى إنسان سنكون و أى مجتمع سنصبح ؟
#رشا_نور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.