|
تطريز السراب والتيه
نقوس المهدي
الحوار المتمدن-العدد: 1273 - 2005 / 8 / 1 - 04:52
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بداية نتساءل عن كيف يمكن لبلد أن ينتج ويتقدم بمواطنين أميين ومرضى ومعطلين وفقراء ومهمشين ومضطهدين, وكيف يمكن أن نحدثهم عن روح المواطنة في وطن تخلى عنهم ووفر لهم الأمية بدل العلم والمرض بدل العلاج والقمع بدل الأمن والتشرد بدل المأوى والبطالة بدل الشغل وارتمى في أحضان الرأسمال الأجنبي راهنا مقدرات البلد بره وجوه وبحره تحت مسميات متنوعة حبا في التنوع والاختلاف والتقليد الشقي لنماذج أكبر من مقاسه لكن تتوحد كلها في استنزاف قدرات الشعب وخيراته نزولا عند مخططات صندوق النقد الدولي الذي يصرف شؤون العالم بحق وباطل لعولمة الفقر والنهب والاستغلال بخصخصة القطاعات الحساسة كخطوة أولى نحو العولمة أو كشرط من شروطها ما دامت العولمة تعني تنازل الدولة الوطنية عن مقوماتها لفائدة الشركات المتعددة الجنسية في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا لفرض هيمنتها على العالم وخلق شرق أوسط كبير ودويلات وكيانات هجينة تابعة حتى لا نقول استعمارا جديدا .. وما اتفاقية التبادل الحر المبرمة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية والمحاطة بسرية تامة- والتي لا يمكن النفاد إلى مراميها وأهدافها التوسعية إلا بسلطان - سوى وجها من أوجه هدا الاستغلال الذي تحصده الدول المستهدفة متمثلا في طمس المعالم الحضارية والهوية ألذات الوطنية والذي تدخل السياحة الجنسية ضمن أحد نتائجه و ضرب المصالح المحلية والتضييق على الصناعة المحلية للأدوية المستنسخة والقضاء على التجارة والصناعة ورفع الضرائب وفتح الباب واسعا أمام المنافسة الأجنبية مما يعمل على ارتفاع أثمان الأدوية وتسريح العمال وتشريد الأسر وضياع الهوية .. وقد لاحظنا تصدي العديد من المنظمات الحقوقية والهيئات والجمعيات الفنية والمهنية لهذه الاتفاقية لا في غياب تام لأدنى ردة فعل من طرف الهيئات الحزبية حيث قاموا بتشكيل تكتل مدني يحمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الحق في العلاج وتوسيع القاعدة الاجتماعية وإجبارية التغطية الصحية والتامين على الصحة أطلقوا عليه) الائتلاف المغربي من أجل الحق في الولوج إلى العلاج والحصول على الدواء ) كوجه من وجوه الاحتجاج ضد ما يمس كرامة الكائن اقتصاديا وحضاريا واجتماعيا وبيئيا .. ولعل صحة الإنسان من أكثر المواضيع إثارة للجدل لما تعرفه الساحة من فوضى عارمة ومساس بمستقبل المواطن وتدهور خطير لظروفه المعيشية نتيجة تدني الخدمات وارتفاع معدلات الفقر والأمية البطالة وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين والارتفاع المهول في تكاليف الاستشفاء وهي ظروف نجم عنها نوعان من الصحة صحة للأغنياء عبر مصحات مصنفة وموت بطيء للفقراء والغلابة في ردهات مؤسسات الصحة العمومية وسراديب الأضرحة .. وبما أن الرخاء والنعمة والصحة الجيدة لا يدرون مالا فقد عمدت الدولة الى تضييق الخناق على المواطنين وتجويعهم وتشجيع الاستثمار في الأمراض وتهافت تجار الموت الذين لا علاقة لهم بالميدان الصحي بالإجهاز على سلامة الوقت بما أعدوا لنا من سلخانات وجزارين وسيارات نقل وفواتير وتسعيرا وفواتير لا تخاف القانون ولا ترحمنا ..هذا في الوقت الذي تخلت فيه وزارة الصحة العمومية عن التزاماتها كوزارة عمومية وصية وقلصت من اعتماداتها المخصصة للخدمات الاجتماعية وخفضت من مناصب الشغل في الوقت الذي يتسكع فيه عشرات الخريجين من أطباء وممرضين , ولجوء العديد من الأطر الطبية والشبه الطبية للقطاع الخاص أو الهجرة الى الخارج جراء نظام ضريبي جائر وسياسة صحية غير جديرة بالاحترام حيث ظل المرضى الى حدود سنة 2001 يدفعون ضريبة القيمة المضافة على أمراضهم وحيث المرضى يدفعون ضرائب على الأدوية في حين أنه لا تشمل التغطية الصحية والاجتماعية سوى أقل من 15في المائة من مجموع سكان المغرب الى جانب تموقع جل المؤسسات والاختصاصات بالمدن الرئيسية الكبرى وتفيد الاحصائيات أن هناك طبيب واحد ل 2500 مواطن فيما توصي المصادر الدولية لمنظمة الصحة العالمية بوجوب طبيب لكل 1000 مواطن ... والحالة هذه وبالرغم من تفشي الأمراض والأوبئة وكل المصائب واحتلال المغرب الرتبة 127 في سلم الترتيب الدولي وتذمر المواطنين من رداءة الخدمات والتسيير العشوائي فان القيمين على قطاع الصحة ببلدنا لا يتمادون سوى في اللامبالاة والازدراء والاستخفاف بصحة الناس كان أغربها أن وزير الصحة نصح الدكاترة المعطلين بالبحث عن مهن أخرى تماما كما بحث هو عنها في دواليب العمالات والوزارات والأغلفة المستخلصة من ميزانية الدولة .. وعودا على بدء .. فان التنمية المستدامة التي نتطلع إليها كمواطنين لا يمكن تحقيقها سوى بتعليم قويم وصحة قويمة وسكن لائق وشغل شريف وضمان للحريات والقضاء على الفساد ولصوص المال العام ( اللصوص الشرفاء أبناء العائلات المحترمة الذين لا يطالهم القانون ) والاثراء على حساب أميتنا ومرضنا وبؤسنا وتشردنا وعطالتنا وخوفنا .. وأتمثل قولة لبرنارد شو تصلح لهكذا نموذج من التسيب معلقا على سر كثافة لحيته وصلعة رأسه فرد بأن ذلك راجع لوفرة في الانتاج وسوء في التوزيع والحديث عن لحية برنارد شو يقودنا للحديث عن جرة جحا التي ما ان شرع المتسوقون في تذوق عسلها حتى سارع صائحا فيهم ها نحن اقتربنا من الوصول الى القعر.. وما في القعر يعرفه الجميع طبعا.. وهو ليس عسلا على أية حال من الأحوال ...
#نقوس_المهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|