|
(4)اصلاح الحكام ، أم المثقفين العرب؟
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 1272 - 2005 / 7 / 31 - 09:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في المقالات الثلاث السابقة ومن خلال آراء عدد من المفكرين والكتاب العرب والمصريين، وقراء أيضا ، بان لنا كيف أن الاصلاح يعوز الحكام والمثقفين العرب علي حد سواء ، وكيف كتب أحد الكتاب والصحفيين المعروفين ينقد المثقفين ، ويناشدهم اصلاح أنفسهم ، كي تنهض الأمة ....، وفي المقال الثالث نشرنا كلمات كتبناها من ربع قرن – في نفس الشأن – وما كنا نظنها ستبقي صالحة حتي الآن لكون الدنيا كلها تتقدم وتتطور نحو الأفضل..
كل ما سبق كان اجماليات ، واليوم نقدم تفاصيل ( عامة ..).
1 - الديموقراطية بين الحكام والمثقفين :
يتعامل الحكام العرب – كما نعرف - مع الديموقراطية بمفهوم خاص ( ملاكي..) ، حسبما يتيح لهم فرصة البقاء في الحكم مدي الحياة!!، ومن طرائف هؤلاء الحكام حول الديموقراطية ، أن معاويةالجديد – حافظ الأسد – قال " الديموقراطية الغربية لا تصلح مع مجتمعنا العربي.. " !! ( يمكن اكمال علامات التعجب حتي نهاية الصفحة ..) وكأن الديموقراطية هي : طبخة .. أكلة قد تناسب ذوقا ولا تناسب آخر !! وبعدما رحل كانت اللعبة مرسومة مع العصابة ( الشلة .. ككل شلة لدي كل حاكم عربي ) وتم تنفيذ خطة توريث السلطة .. ، وكذلك يجري العمل بتلك الخطة بأكثر من بلد عربي ..ديموقراطية توريث ملكي جمهوري ( ديموقراطيةعربية!)
في مصر ، تطالب أحزاب المعارضة كلها النظام بالديموقراية ، تداول السلطة وعدم بقاء الحاكم جالسا علي الكرسي مدي الحياة .
وفي نفس الوقت نري أن جميع أحزاب المعارضة، التي ينضم اليها المثقفون – أغلب أعضاء حزب التجمع ، مثقفون ، ان لم يكونوا جميعهم - يفعل رؤساء تلك الأحزاب المعارضة مثلما يفعل الحاكم ، لا يتركون كرسي الزعامة الا بالموت ..! كفؤاد سراج الدين، الذي ظل رئيسا لحزب الوفد الجديد حتي مات ، وكذلك رئيس حزب الأحرار – الضابط السابق - ، وواضح أن الأمر سوف يكون كذلك بالنسبة لخالد محيي الدين .. ، وجميع المثقفين بحزبه يطالبون الحاكم بالديموقراطية وتداول السلطة ( الحاكم فقط ..)!
وقد قرأت مقالا منذ أيام يتكلم عن زعيم حزب سوري معارض – راحل – هو " خالد بكداش" ، وعرفت انه مكث علي كرس رئاسة حزبه" الحزب الشيوعي السوري " مدي الحياة ، أكثر مما مكث حافظ الأسد في السلطة – الأسد حكم 30عاما - !!!
والغريب هو أن خالد محيي الدين – الضابط السابق – سبق أن نفاه زملاؤه ضباط 52 لمطالبته بالديموقراطية ..
كم سنة مرت علي انشاء أحزاب التجمع ، والوفد ؟ 30 سنة
كم عدد رؤساء أمريكا وفرنسا وألمانيا ورؤساء وزراء بريطانيا الملكية النظام الذين تداولوا السلطة بتلك المدة ؟ الجواب : كثيرون ..
كم عدد رؤساء أكبر حزبين بمصر في تلك المدة؟ الجواب واحد فقط ، فلولا الموت وحده لكان فؤاد سراج الدين باقيا للآن !
ويبدو أن رئيس الحزب الناصري " ضياء الدين داود " لن يخرج عن تلك القاعدة .. ، فأين مثقفو تلك الأحزاب؟!!
وكما أن الحكام العرب يكرهون تعددا حقيقا ، كذلك المثقفون .. ، فبمجرد أن قام كاتب واحد بزيارة اسرائيل ( علي سالم ) قامت قيامة الكتاب عليه ونبذوه وطردوه شر طرده كما البعير الأجرب .. ، وكان باستطاعة الكتاب أن يتركوه ، ليدللوا – ولو بالكذب – علي أنهم ديموقراطيون ، ومؤمنون بالتعدد وحرية الرأي ، وأنهم يحتملون التنوع – كشيء طبيعي - ، ولو من باب الحفاظ علي هامش ديموقراطي ثقافي كذاك الهامش الديموقراطي الذي يتركه الحكام الديكتااوريون ذرا للرماد في العيون .. ولكن المثقفين أبوا!
في حين أن الحاكم الديكتاتور - مبارك – ترك سعد الدين وهبة ، رئيس اتحاد الكتاب وقت طرد " علي سالم " تركه مبارك يكتب ولسنوات ، معارضا الصلح والتطبيع مع اسرائيل – مخالفا بذلك السياسة الرسمية للحكومة ، وفي أكبر جرائد الحكومة (!)
وبذلك أثبت المثقفون أنهم أقل ديموقراطية من الحاكم الذي يطالبونه بها – الديكتاتور ..-
وبالطبع هم أقل ديموقراطية من مثقفي اسرائيل الذين لم يفعلوا بالكاتبة الاسرائيلية " يائيل ديان " مثلما فعل مثقفو مصر بالكاتب
المصري " علي سالم " ، بالرغم من أن فعلة " يائيل ديان " لاتقاس بها فعلة " علي سالم " الذي زار اسرائيل بعد أن زارها
اثنان من رؤساء مصر وفي وقت وجود سفارة رسمية لها بمصر حصل منها علي تأشيرة ، وبعد أن شبع رجال أعمال وعلماء بالمئات وربما بالآلاف من زيارات اسرائيل بالتبادل مع نظراء لهم ، وبعد أن سافر 5 آلاف شاب مصري الي اسرائيل وتزوجوا يهوديات وخلفوا صبيان وبنات (!) ، أما فعلة الكاتبة الاسرائيلية " يائيل " فقد كانت كبيرة ، حيث زارت عرفات – قبل زيارة علي سالم - عندما كان عرفات والمنظمة يقيمون في تونس ، وفي وقت كان عرفات هو عدو اسرائيل الأول ومطلوب رأسه ، حيا أو ميتا! .. .. حدثت ضجة ، ولكنهم يفعلوا بها مثلما حدث ولا يزال مع " علي سالم "
الثوابت - عند السلفيين و.. المثقفين ..!!-
عند الأصوليين ، ثوابت .. هي ما يسمونه : " المعلوم من الدين بالضرورة .." والخروج عنها هو زندقة يقام عليها الحد ..
وكذلك عند المثقفين، توجد ثوابت يمكن تسميتها ب " الأصولية السياسية الثقافية " وأهم تلك الثوابت عند المثقفين تلك الثابتة التي رفعها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: لا صلح مع اسرائيل ، لا تفاوض مع اسرائيل ، لا اعتراف باسرائيل .
وبعد موت عبد الناصر ، قام الرجل الذي انتقاه عبد الناصر واصطفاه ليورثه السلطة علي مصر – السادات – وحذف كلمة لا فأصبحت ثابتة عبد الناصر علي يد صفيه هي : صلح مع اسرائيل ، تفاوض مع اسرائيل ، اعتراف باسرائيل (!!)
وبدوره ، أكد الرجل الذي اصطفاه السادات وانتقاه ليورثه السلطة علي مصر – توريث عسكري - علي الصلح مع اسرائيل ، وقامت السفارات والقنصليات والمشاريع والزيجات ..الخ ..
ولكن المثقفين : أصلاء ، أصوليون .. فرغم موت عبد الناصر ، وموت لاءاته الثلاث ، الا أنه لا يجرؤ مثقف علي الخروج علي ثوابت الثقافة والمثقفين ، والا أقاموا عليه حد الردة الثقافية ، وفعلوا به ما فعلوه بعلي سالم ..
ولو أن أحزاب المعارضة المصرية الكبري ، والتي تضم نسبة كبيرة من المثقفين ، الذين يطالبون الحاكم بالديمقراطية ، وتداول السلطة ، استطاع المثقفون تحقيق الديموقراطية وتداول السلطة بداخل أحزابهم ، فماذا كان يمكن أن يحدث ؟!!
ربما حدث شيء ما لصالح التغيير والاصلاح السلمي ، بعد أن يجد الحاكم مثالا وقدوة ونموذ جا حيا يقتدي به ، ولأثبت المثقفون جدية ومصداقية تبعث علي الاطمئنان علي ما بعد الاصلاح السياسي ..
فتري : اصلاح الحكام ، أم اصلاح المثقفين ؟
أيهما أولا ، أم كلاهما معا ؟
وماذا أعددنا لما بعد الاصلاح السياسي الذي نطالب به ؟
أفلا يجب أن تعد له العدة من الآن ؟!
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(اصلاح الحكام أم المثقفين ؟ أيهما أولا ؟ (3
-
اصلاح الحكام ، أم المثقفين العرب ؟
-
اتحاد الجهلاء والمثقفين العرب
-
أشهر الكتب التي تبرأ منها مؤلفوها
-
محاولة لايقاف الفتنة الثقافية العربية ، وحروب الردة الفكرية
-
النقاب ، وظلم بن الخطاب..
-
تهديد كاتب مصري آخر بعد تهديد سيد القمني
-
..(!) من معجزات الحجاب.
-
هذا المقال هو اهداء الي كل من دكتور : سيد القمني , جماعة الج
...
-
خطاب مفتوح الي الرئيس مبارك
-
والصينيون : لا يحبون عنترة بن شداد ..!!
-
اليابانيون.. لايحبون عنترة بن شداد إإ...
-
قصة : الحمار والبردعة
-
(!!)في بيتنا عانس..! مأساة كل بيت في مصر
-
الخروج من قفص العروبة
-
الذكري المؤلمة لنكبة 23 يوليو 1952 في مصر
-
جميع أمراض الشعوب قابلة للعلاج – حتي المزمنة ، والتاريخية
-
القرآنيون .. والوقوف في مفترق الطرق
-
حريات لا يحميها القانون المصري
-
نداء الي كتاب العالم المحبين للسلام
المزيد.....
-
نتنياهو يتعهد بـ-إنهاء المهمة- ضد إيران بدعم ترامب.. وهذا ما
...
-
روبيو: إيران تقف وراء كل ما يهدد السلام في الشرق الأوسط.. ما
...
-
بينهم مصريان وصيني.. توقيف تشكيل عصابي للمتاجرة بالإقامات في
...
-
سياسي فرنسي يهاجم قرار ماكرون بعقد قمة طارئة لزعماء أوروبا ف
...
-
السلطات النمساوية: -دافع إسلامي- وراء عملية الطعن في فيلاخ و
...
-
اللاذقية: استقبال جماهيري للشرع في المحافظة التي تضم مسقط رأ
...
-
حزب الله يطالب بالسماح للطائرات الايرانية بالهبوط في بيروت
-
ما مدى كفاءة عمل أمعائك ـ هناك طريقة بسيطة للغاية للتحقق من
...
-
ترامب يغرّد خارج السرب - غموض بشأن خططه لإنهاء الحرب في أوكر
...
-
الجيش اللبناني يحث المواطنين على عدم التوجه إلى المناطق الجن
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|