وليد حماد
الحوار المتمدن-العدد: 4499 - 2014 / 7 / 1 - 16:07
المحور:
الادب والفن
حرام أن تجلس عارياً , أو أن تكتب عارياً , أو أن تنام عارياً, أمي أخبرتني بأن الملابس عورة تلاحق جوهر الإنسان وأنا أحترمُ كلام أمي .!
أنا الابن الأكبر في عائلة مكونة من ثمانية أفراد ,أن تكون الابن البكر يعنى أن تحصل على امتيازات كثيرة تمنحك إياها العائلة دون مقابل ,يعنى أن تعيش سجنٍ آخر قسري ينبغي عليك أن تدخله لتقتل آخر ما تبقى فيه من أحلام صغيرة ,يعنى أن تكون صاحب الأولوية في كل شيء أو أن تكون فاقد الأهلية لأبسط شيء ,بالنهاية أنت الابن الأكبر "فرحة أبوك وأمك "
قد يبدو سطحياً للوهلة الأولى أن أكتب هذه الحكاية وفي رأسي ألف حكاية أخرى ,فبعد مضي خمسة وعشرين عاماً أنت تملك السلطة والطريق والجامعة والحُلم وكل شيء ,خمسة وعشرين عاماً يعنى أن تتخرج من الجامعة وربما تتزوج وتصبح رب عائلة , ولا تحمل أي شيء أو أي مسؤولية سوى أنك الابن البكر ,لا وظيفة ,لا حياة تشبه الحياة ,لا وطن أكبر من الخيمة ,وبطاقة لجوء " بكر " أيضا تناسب حجم طموحك وتطلعاتِك المستقبلية, تناسب حجم خيبتك وجرحك ,
أن تكون كاتب أو شاعر أو حتى عامل نظافة هذا لا شيء في ظل مجتمع سلطوي ,متحجر المبادئ ,مجتمع يمنحك قدرا من الوجاهة الاجتماعيّة المزيفة بشكلٍ لافت , كأن هناك برتوكولاً مكتوبٍ فيما بينهم للمحافظة على هذه الامتيازات بحيث يعطي لكل شخص منهم امتياز الواجهة , امتياز أن تكون منافقاً ووقحاً درجة أولى ,أن تكون برتبة بهيمة تضحك وتهزُ برأسها لأي شيء يعبر من امامها
أن تصل الخامسة والعشرون ,يعنى أن تكون في مرحلة الذروة في كل شيء ,يعنى أن تفتح عينك على الجنس ,المجتمع ,الثقافة , المرأة , يعنى أن تأكل الحلوى مع جميع هذه الأصناف في مشهد طقوسي فريد ينتهي بابتسامات فارهة ,تشبه تلك السيارة التي تحلم بشرائها لكنك ما من يوم استطعت أن تقترب منها خطوة
تشبه نفسك التي تنأي بها عن كل هذا الخراب الذي تعرفه وتسمعه يومياً في نشرات الأخبار وأنت على يقين بان هذا الانتماء الجذري للحياة باعتبارها فاصلة أو موت ,أنت هنا قادر على تحديد النتيجة سلفاً, قادر على انتظار الطريق ,هذا الانتظار الدموي المخيف الذي يهيئ لك عند أول عتبة تغادرها ,كمشه زعتر بري وحنطة ..أجل أنها نفس الرائحة التي عمدتك بها أمك يوم خرجت من حنين حضنها الدافئ إلى برودة العالم القاسي .
#وليد_حماد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟