أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - في نفي دونية المرأة – 4 – الانسجام الجيني الأنثوي مع حاجة حفظ النوع القديمة و قيم العصر الجديد.















المزيد.....


في نفي دونية المرأة – 4 – الانسجام الجيني الأنثوي مع حاجة حفظ النوع القديمة و قيم العصر الجديد.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4499 - 2014 / 7 / 1 - 15:48
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في نفي دونية المرأة – 4 – الانسجام الجيني الأنثوي مع حاجة حفظ النوع القديمة و قيم العصر الجديد.

تعتمد كل الكائنات على مبدأ التكاثر لحفظ نوعها من الانقراض بُغية الاستمرار الوجودي الذي يشكل ما زال أعظم َ الغرائز و أكثرها دفعا ً للفعل، و هو الذي يختفي وراء الطاقة الجنسية و رغبة كل جنس ٍ في لقاء ِ الجنس الآخر، كما أنه السبب الخفي الذي تجهد الأنظمة الأخلاقية ُ و التشريعية ُ و الدينية المختلفة ُ في السيطرة ِ على مظهره الجنسي دون التطرق إليه كجذر و دافع، إما لجهل هذه الأنظمة تشخيصَ الجذر ، و إما لأنها تتبنى الجذر لكن تريد ترجمته من خلال آليه ِ أخرى.

يتخذ الإنسان العاقل Homo Sapiens من اللقاء الجنسي آلية ً لهذا التكاثر، و هو ما يعني وجود نوعين: الذكر و الأنثى، و اختصاص كل نوع ٍ بصفات ٍ مرغوبة تجذب النوع الآخر، و تجعله راغبا ً في هذا اللقاء، و قادرا ً على فهم مُتطلباته، و تلبيها، و إتمام العمل بما يضمن لقاء الخلايا الجنسية: حيمنات ذكرية مع بويضة أنثوية، لكي يقدِّم أحد الحيمنات (واحد فقط من ملاين) ثلاثة و عشرين كروموسموما ً (23) إلى بويضة الأنثى الوحيدة التي تحتوي هي أيضا ً على ثلاثة و عشرين مثلها (23)، فيصير المجموع ستة و اربعين كروموسوما ً (46) و يبدأ تكوُّن ُ الكائن البشري.

تتطلب حاجة ُ حفظ النوع نشوء الكائن البشري في بيئة ٍ تقدم له "المأوى" لكي يبدأ وجوده، و تضمن له "استدامة البدء" لتتطور إلى "نمو" حتى يستكمل َ احتياجُه متطلباتِه قبل أن ينفصل َ عن المُضيف، كما تتطلب أيضا ً التزاما ً اختياريا ً من المُضيف الذي ستتغير بيئته الداخلية لتقدم هذا "الدعم" البيولوجي، فنجد ُ جسد الأنثى و قد تترجمت فيه خصائص الأمومة بيولوجيا ً ليتغير شكله و حجمه و تتعقد كيمياؤه و تغزر إفرازاته، مع ما يصاحب ُ كل ذلك من تغير ٍ نفسي ٍ على الأم، يستطيع أن يشعر به كل من حولها.

تقدِّم المرأة ُ جسدها و كل ذاتها لطفلها بسخاء شديد و الذي تحتضنه منذ اللحظة ِ الأولى لتكوينه، و تُعاني في حملها شتى صنوف الألم و الغيرات القسرية على جسدها، لكنها تختار أن تستكمل حملها و تمضي به حتى النهاية، حتى إذا ما اشتد الألم و حين يبلغ ُ ذروته يخرج جنينها إلى الحياة في مشهد ٍ هو في اعتقادي ملخَّص ُ الوجود ِ كله: الحياة المولودة من ذروة التفاعل.

يكفي هذا المشهد لنفي أي استعلاء ٍ ممجوج ٍ و بلا أساس للذكورة ِ على الأنوثة، فلا فضل َ للكائن ِ على مصدره، و لا يمكن ُ للكائن ِ أن يسمو عن مصدره إلا حينما يتوقف المصدر عن كونه مصدرا ً و يجد الكائن لنفسه مصدرا ً جديدا ً أسمى، و عليه طالما بقيت النساء تلد الرجال أي ما بقيت المرأة ُ هي المصدرسيبقى دَيْنها و دليلُها معلقا ً في وعيه حتى يُغمض َ عينيه، و عليه إن أراد الاستعلاء و التفوق َ أن يجد لنفسه مصدرا ً آخر أو أين يلد َ نفسه.

لكنني اليوم َ أريد ُ أن أُبرز َ نقطة ً بيولوجية ً أخرى جديرة ً بالتأمل ِ و الدراسة أرى فيها تفوقا ً أنثويا ً لا بد من الاعتراف به، و هو انسجام ُ الدور الأنثوي الذي تُترجمه جيناتها إلى خصائص سلوكية ٍ في عملية اختيار الشريك و التكاثر، و كيف تنسجم ُ هذه الجينات و ما تُترجمُه مع حاجة ِ حفظ النوع، أكثر مما تنسجم ُ معه خصائص ُ الذكر.

سأقدِّم التجربة َ التخيُّلية ِ التالية لتسهيل الفهم و تقريب الأفكار إلى عقل القارئ الكريم:
فلنقل أننا أحضرنا رجلا ً سليم البُنية النفسية ِ و الجسدية، و عرضنا عليه مئة ً من النساء الجميلات اللاتي يأخذن بمجامع القلوب، و طلبنا منه أن يختار منهن من تعجبه لتكون َ أمّا ً لأبنائه، أو لتقضي معه وقتا ً حميما ً، دون أن نفرض عليه عددا ً معينا ً أو شرطا ً خاصا ً يؤثر ُ على رغبته أو يحد منها، أي أننا تركناه ُ على انطلاقه. سيقوم ُ هذا الرجل باختيار ِ أكثر ِ من امرأة، و لن يكتفي بواحدة ٍ منهنَّ، و من الرجال من سيقوم بـ "حجز" المئة تباعا ً و تخصيص "برنامج" يُقسِّم ُ فيه نفسَه عليهُن َّ. و بتكرار التجربة بين الذكور سنخلص ُ إلى أن الرجل لا يكتفي بامرأة واحدة.

أمّا لو قمنا بعمل هذه التجربة معكوسة ً فقلنا لمرأة واحدة سوية البنية النفسية و الجسدية أن تختار بين مئة رجل مع إمكانية اختيار أكثر من واحد أو حتى كلِّهم، فإن تكرار التجربة مع النساء سيقود إلى نتيجة واحدة و هي أن المرأة ستختار في أغلب الحالات و أكثرها: رجلا ً واحدا ً فقط لا غير.

إن سلوك التعدد عند الذكر كان حاجة ً تطورية ً في أزمان ٍ سحيقة جدا ً حينما كانت ظروف ُ الكرة ِ الأرضية ِ صعبة ً جدا ً، يندر فيها الطعام، و تتعرض ُ الكائنات ُ لأخطار َ مستمرَّة ٍ و مُتعددة من مفترسات ٍ و عوامل بيئة و جيولوجيا و طقس، و تنهش ُ في أجساد أعضائها الأمراض، و هو الذي شكل تهديدا ً حيويا ً لبقاء المجموعات الحيوانية جميعها و التي طورت هذا السلوك لتضمن َ بقاءها عن طريق تزويد الذكر بإمكانية إخصاب أكثر من أنثى على التوازي يلدن جميعا ً كائنات ٍ جديدة تُعوِّض فقدان ما يذهب.

لكن على الرغم ِ من انفصال ِ جنس البشر عن أسلافه الأقل تطورا ً، و حتى مع التقدم الحضاري الكبير الذي تمكن من السيطرة على عوامل الطبيعة و نجح َ في تحجيم ِ فعل المرض، و وفر الطعام و المأوى، و أطال معدَّل أعمار النوع، إلا أن هذه الخاصية التعددية في ذكور النوع البشري ما تزال ُ حاضرة ً بقوة، و هي تترجم ُ نفسها لا من خلال التعدد في عدد الإناث فقط لكن من خلال الرغبة المحمومة في الإكثار و شدة الإقبال على العلاقة حتى لو مع إمرأة واحدة، فالذين لا يمارسون التعدد مع أكثر من إمرأة يمارسونه في تكراره و زخمه ِ تعدادا ً مع امرأة واحدة، ليصير هذا السلوك ُ مسؤولاً عن هذا التكاثر اللامنطقي و الموبوء لأكثر من سبعة ِ مليارات ِ بشري على كوكب تكاد ُ موارده تكفي لأربعة ِ مليارات ٍ فقط.

أما الأنثى فلقد بدأت بقدرتها على احتضان ِ طفل ٍ واحد ٍ ، و استمرت عبر العصور تحتضن ُ في حملها طفلا ً واحدا ً، و ستستمر ُ أيضا ً في احتضان ِ طفل ٍ واحد، لينسجم َ سلوكها مع حاجة ِ حفظ النوع في الماضي، و لينسجم َ أيضا ً مع هذه الحاجة في حاضرنا، و لينسجمَ أيضا ً مع الحاجة ِ في مستقبلنا، و يُعزِّز ُ هذا التوازن َ التوجهُ الأنثوي نحو العلاقة الحميمة و الذي يميل ُ نحو إقلال عدد اللقاءات مع الذكر لا الإكثار منها، و نحو كبح جماح ِ الذكر "الهاجمِ" و "المُتهيِّج ِ" في عقلانية ٍ تفرضها جيناتهُا ترسم ُ سلوكها و تطبعُهُ.

أرى أن الانضباط الجيني الأنثوي يقدِّم في بيولوجيته أخلاقية ً فلسفية ً تنزع ُ نحو سلوك ٍ يطلُب إشباع غريزة ِ البقاء و مظهرها الجنسي من خلال الاعتناء ِ بـ و استدامة ِ العائلة المُكوَّنة من الأب و الأم و الأطفال و تكريس الطاقات ِ للـ "الموجود"، بينما يدفع ُ "الهياج" الذكري الرجل لإشباع الغريزة ِ ذاتها بواسطة ِ "خلق امتداد" جديد يُضاف إلى "الموجود" و "زيادة أعداد" الموجود، أكثر من الاهتمام بالعناية ِ به و استدامته.

تنسجم ُ البيولوجيا الأنثوية مع قيم هذا العصر ِ التي تؤمن ُ بالمساواة و العدالة و تكافئ الفرص، كما و تنسجم ُ مع دعوات ِ تحديد النسل للتغلب ِ على التحديات الاقتصادية للعائلة، و التحديات الدولية للحفاظ ِ على مصادر ِ هذا الكوكب ِ المُستنزف. و أعتقد ُ مخلصا ً أن على ذكور نوعنا إدراك َ الضرر ِ البليغ للسلوك ِ الجنسي غير المُنضبط و الإدمان عليه، و التكاثر ِ غير المسؤول، و تقع على عاتق النخب السياسية و الفكرية إيجاد قنوات إنسانية لتفريع الطاقة الجنسية بتوجيهها نحو ملذات العقل و مُستثيرات الإدارك و مُنمِّيات الوعي.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سفر الله – 3 – في جدلية تنافر الطبيعة البشرية مع التكليف ...
- قراءة في مشهد– من وحي محاضرة في علم الفلك و الفضاء – الممارس ...
- من سفر الله – 2 – في الدين و الإلحاد – تمظهرات العداء و الاج ...
- بوح ٌ في جدليات – 4 – امتداد الوعي الكوني، فرضية.
- قراءة في الوحشية – 2 – منهج الذبح عند السلفية الجهادية نموذج ...
- بوحٌ في جدليات – 3 – حين أنطلق
- قراءة في ظاهرة التنمُّر المدرسي – مريم المغربية و وليم الأرد ...
- قراءة في الإنسان – 4 – في الصواب السياسي و توظيفه لخدمة الإب ...
- البابا فرنسيس في عمان – انطباعات
- بوح ٌ في جدليات - 2 - عين ٌ على مستحيل ٍ مُمكن ٍ مستتر
- هل سنبقى ندور ُ في حلقة؟
- بوح ٌ في جدليات
- قراءة من سفر التطور – 3 – بين الجين و البيئة و السلوك بحسب ا ...
- قراءة في الإنسان – 3 – في الهوية الدينية و الدفاع العصبي الم ...
- في نفي دونية المرأة – 3 – وراثة معامل الطاقة في الخلية البشر ...
- قراءة في الإنسان – 2 - وجها الوجود و الألوهة الناقضة لفعلها
- قراءة في الشر – 6 – الرجاء ُ في الألوهة، عتابُها و الدفاع ُ ...
- عندما ينتحب ُ هاتور
- قراءة في الشر - 5 - سفر أيوب نموذجا ً ثانيا ً.
- قراءة في الشر – 4 – سفر رؤيا أخنوخ نموذجا ً.


المزيد.....




- نفذ جرائمه تحت تأثير المخدرات.. طالب دكتوراة يدان باغتصاب 50 ...
- ما الذي منحه الإسلام للمرأة وكيف حالها في ظلِّه؟
- الاحتلال يعتقل سبعة شبان وامرأة في طمون
- مدونة الأسرة بين آفاق التغيير وعوائق التقبُّل المجتمعي.
- الشيوعي العراقي: لمناسبة الثامن من آذار – عيد المرأة العالمي ...
- تقرير أممي: حقوق المرأة تراجعت عام 2024 في ربع دول العالم
- في يومهن العالمي: المرأة الفلسطينية تواجه تحديات مضاعفة بسبب ...
- بعد 3 عقود من التقدم.. حقوق المرأة في العالم تواجه انتكاسة خ ...
- دراسة تكشف تأثير أحد فيتامينات B أثناء الحمل على نمو دماغ ال ...
- السعودية.. عائشة المانع تكشف كواليس مسيرة المطالبة بقيادة ال ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - في نفي دونية المرأة – 4 – الانسجام الجيني الأنثوي مع حاجة حفظ النوع القديمة و قيم العصر الجديد.