أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - طاهر فاضل - جمال علي الحلاق أو القعود خارج الدائرة















المزيد.....

جمال علي الحلاق أو القعود خارج الدائرة


طاهر فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 1272 - 2005 / 7 / 31 - 05:00
المحور: مقابلات و حوارات
    


لما كنت بصدد قراءة أعمال الشاعر - الباحث جمال الحلاق ، كان يغمرني شعور بأنه عندما يكتب يشكّل نصّه حدثا قرائيا له ، فهو تجاوز لتجربته في الكتابة وصولا للقراءة .
فتجربته كتابة القراءة المتمردة في النص نفسه ، والقارئ له منزلة خاصة في النص ، والنص وسيلة تعريف للقارئ بذاته . قصد الاعتراف أن القراءة أهم من الكتابة .
ولأنه جمال ابتدع أسلوبا وتقنية سردية خاصة ، ولأنه يقرأ الموقف الذي كتب معتمدا على قلقه إزاء النص وقلق اكتشاف الذات ، كان يدفع الى الجدل بأن النص على قيد الحياة ، وأن النص مهما كان ، نصا شعريا أم قصصيا أم بحثا ، هو خوض ، هو كائن حي وينشئ أسئلة وأحداثا وصورا ، ويساهم في بناء ذات ، أو اكتشاف ذات . فالنص لا يكون نصا إلا اذا فجّر السؤال ، السؤال الذي يتناسل .
وقد رأيت أن أحاوره معتمدا على قرائتي لما لم ينشر مما كتب ( قلق المنفتح ) ( تقدم أيها الخرف ) ( الخروج من تحت قبة السلحفاة ) ( بحث عن زيد بن عمرو بن نفيل ) وهي نصوص ربما لن تنشر ولن تطبع ، ولكن لدي حس بأن جهده سوف يبلغ ما يريد به لدلالته الموضوعية .






• عندما نقرأ نصوصك بمجملها .. أتؤدي الى سيرتك الذاتية ، الى الشخص المحدد .. أناك ؟

لا أكتب إلا سيرة ذاتية ، حتى وأنا أتحدّث عن الآخر أقصدني تحديدا ، لأن القراءة في النهاية تخصني أنا وليس هو ، أبحث عني في التفاصيل وفي الكليات ، لذا فالنص سواء أكان كتابة أم سلوكا هو حياة داخلية بدءا ، بل يصل النص الى درجة ان يكون انتهاكا لخصوصية مطلقة ، من هنا أعيش النص أكثر من كتابته .
أعتقد أن في نصوصي - لو قرأت جميعا في وقت واحد - ثمة الكثير من التضادد ، سواء في الرؤى أو في التعبير ، القضية تخص تحرّك الأنا في العالم ، وصيرورتها داخل تجربتها المنفتحة . أقول : لا يمكن الإمساك بالأنا الخاصة إلا لحظة توقفها ، أقصد عندما تتوقف الأنا عن الإنوجاد ، والإنضواء شكل من أشكال التوقف ، لأنه يعني تحقّق الأخر وتعطيل الأنا .

• النمط التقليدي للشعر الكلاسيكي شديد الصلة بوثيقة تأريخية مفوتة حضاريا ، كما أن هناك عمليات صوغ من المادة الحكائية ، رثاء ، مدح ، وصف ، ولكن النص الحديث ان صح التعبير يحتوي على حمولة تعبيرية ، تجريدية ، لرغبة المبدع في التحرر من القيم التي يتقاطع معها .. وفاء للذات .

حتى النص الكلاسيكي يحتوي على هذه الحدة من التقاطع ، ربما طغى الحس الجمعي ، إلا ان الذات كان لها حضورها في النص ، والشعر الجاهلي ثري جدا بذاتية متوحدة ، في الشعر الجاهلي ذوات ضاقت بسعة المكان وفقدان الفاعلية ، زمن بطيء وأرض شاسعة ، أما الآن فأرض ضيقة وزمان سريع ، تغيّر مفهوم وصورة العالم ، لكن هذا لا يعني ان السابق على المفهوم كان أقل وفاء للذات ، على العكس تماما كان للسؤال حضوره الثقيل ، ربما خفف الإسلام من حدّة السؤال ، إلا انه ايضا واصل التناسل عبر ذوات حلّقت بعيدا خارج دائرة الحرام ، خرجت على القول الجاهز ، أقصد خرجت على الذات الجاهزة ولهذا تم اتهامها بالكفر والإلحاد ، أريد أن أقول أن ثراء السؤال الذاتي انخفض كثيرا مع الإسلام ، وما يحدث مع النص الحديث هو عودة للذات المفقودة ، الذات التي قطعت المؤسسة الرسمية عليها الطريق طوال الوجود الإسلامي ، أنا الآن أكثر اقترابا من الشاعر الجاهلي ، لكننا نعيش عالمين مختلفين ، ولكل منا هويته الخاصة جدا .

• عندما تبدأ بكتابة مشروعك - نصك - هل تسأل نفسك أن هذا المنجز سوف يقرأ ، أو يسمع ، أم تتركه لخلخلة المتراكم في ذهن المتلقي على أساس انه سؤال ؟

أنت تحصر النص بالكتابة ، بينما أراه سلوكا وممارسة أيضا ، وهنا يتسع السؤال ، أو حتى تعاد صياغته ثانية ، لمن تتحرك في العالم ، وبالتالي لمن تكتب ؟
أنا أعيش حضوري في العالم ، العالم الشخصي الذي يعاد تأثيثه بتجربتي الذاتية ، وما أفعله وما أكتبه هو محاولة في ترميم الذات وتأثيثها ، ثم ان الكتابة لحظة للتجاوز ، أنا أتجاوز قلقي بصياغته ، ربما أتجاوزه الى قلق أوسع ، المهم أن الذات تنمو رغم المتساقط من أوراقها ، بل ان المتساقط من الأوراق لن يأخذ دلالة ابعد من كونه سمادا لشجرة الذات .

• حين يصبح النص حيزا محدودا وغير متحوّل الى حركة .. يكون أشبه بمكان مغلق .. هذه مفارقة ما تدعيه بإدائية النص المنفتح ؟!

بالنسبة لي فالنص يفتح نافذة أخرى لاحتمالات تم تناسيها ، أو هو الانشغال بممارسات ذهنية أخرى ، ولما كان النص تجاوزا للحظة معرفية وسلوكية ، فإنه يمارس انفتاحه لحظة الكتابة ، ثم تبتعد الأنا ، ويبقى النص ليمارس غواية الآخر وسحبه الى قراءات ربما غير مقصودة .

• النص المنفتح هو تحرر النص من الاسترجاعات ومن وظيفة النص التقليدية .. هل هو ترميم السرد النصي واحتواء لما سقط عن سطح الذاكرة وابتكار تقنيات جديدة تخصه تأكيدا على ان العمل الإبداعي يحمل أكثر من إشارة وصوت مميز به ؟

النص محاولة في ترميم الذات التي تم إتلافها بالجاهز الغث ، انه الخروج الى الذات من منظومة معرفية ترى الخروج كفرا وإلحادا ، الخروج الى الذات عبر خلق الذات لعالمها الخاص النابع من جريانها في العالم ، ينبغي فهم جملة أخي هراقليطس أننا لا ننزل الى النهر مرتين ، اقول ينبغي فهم النهر بدلالة العالم ، فلكل ذات عالمها ، وبالتالي قراءتها التي لا تتطابق أبدا مع أي ذات أخرى ، ولكنها تقترب فقط ، لأن التطابق دليل فائضية ، التطابق دخول في الحيوانية ، لقد خرجنا الى الذات ، ولا ينبغي التعرّب بعد الهجرة .

• قبة السلحفاة - العنوان في النص يكشف عن بنائية أم انه يكشف عن رؤية للعلاقة بينك وبين النص - الشاعر والمتلقي ؟

أنا المتلقي الأوّل والأهم لنصي ولحركتي في العالم ، ثم يأتي الآخر بكل فسيفسائه ، وقبة السلحفاة محاولة في الخروج من ذاتي الى ذاتي ، الخروج من التشضي الذاتي الى تشض أكثر انفتاحا ، ليس بيني وبين النص ، أو بيني وبين المتلقي الآخر ، بل بيني وبيني أيضا .
انها الخروج من البطىء ومن القفص ، قد يكون بطئ الإنوجاد في ضيق التنفس ، من هنا كان إحساسي بها كما لو أنها مونودراما ، إنها حوار ذاتي جدا ، يخصني تحديدا ، حوار داخل ذات واحدة تحاول ان تنمو بخروجها من نظرتها للعالم في العالم .
والقبّة هي هذه السماوات ، أو هذا السقف / جسدي ، وبالتأكيد فإنها لا تخلو من جدل مع الأشباه ، أحسست بالكثيرين يطوفون حولي لحظة كتابة النص ، كانت ذوات كثيرة إضافة للأصوات التي اخترقت النص من الداخل . والذات العارفة يمكنها تحسس ذلك أثناء القراءة .

• يمتلئ النص بمعلومات وإشارات معرفية وتأريخية وربما جغرافية بنحو أشبه بالنقدي .. هل نصك يتضمن إعادة البناء فنيا وتشكيلا للأحداث على أساس جمالي ؟

ليس جماليا فقط ، بل معرفيا أيضا ، قبة السلحفاة تجاوز للحظة بارتدائها والنظر صوب أخرى ، الدخول في اللحظة يعني أنك نضجت تماما للخروج ، التشبّع باللحظة يمنحها رتابتها ، وبالتالي يمنحها جمودها ، من هنا يمكن تجاوزها ، والنص أي نص - أتحدّث عن تجربتي - هو تشبّع بلغ حدّ التقيؤ .

• تكرار الكلمة : يعني تكرار المخيلة والحس .

لا يمكن للتجربة ان تتكرّر ، إنها تماما نهر أخي هراقليطس ، وإذا أقرّت الوجودية بأنّ الشعور معرفة لا يمكن تجاوزها ، فإنّ الفقدانات دليل انتماء بدءا ، وبالتالي فإنها تعني سقوط فجائي ، أو كما لو أن الحوار لم ينته بعد . الموت مثلا ، هذا الاستئصال القسري لعضو من هيكل الذات ، هو الذي يجعلني أوغل في الحزن كل مرّة ، أتحدّث عن الموت الذي يعنيني ، الذي يدخل ضمن بنية تجربتي ، لأن الهجرة شكل آخر للموت ، وأن تهاجر يعني أن تطلق الرصاص ولا تلتفت .
يتكرر الخروج وتختلف الدلالة ، تتكرر الكلمة ويختلف الحس ، يكرّر العمود الفقري انتصابه كي تمرّ الذات ، كما لو أن الجسد نفق وأنا أعبر كل يوم .

• تتجلى أهمية المتضادات من الأفكار كونها تخلق جوا تنويريا جماليا حتى يستوفي - أحدهم - من النص حقه ، أي أن النص المبدع دائما وجود لنقائص - إشكال - لخلق سؤال وتأثير جمالي بكل أشكاله .

الإنسان بحد ذاته إشكال على الأرض ، إنه بئر عميقة لأسئلة لا تنضب ، ومنذ وجد الإنسان وهو يقيم في قرارة هذا البئر ، ويحاول أحيانا الهروب منه بإجابات واهمة يمنحها صفة اليقين ، ربما ليطمئن قليلا ، لكنه سرعان ما يكتشف عقم الإجابات فينفر منها الى البئر ، إنه مقلوب تجربة يوسف ، فهو الذي يرمي بنفسه الى البئر ولا ينتظر دلوا من الأعلى أو من الخارج ، فقط يستمع للصوت النابع من جوف الذات ، هكذا يتحرّر من الآخر ليقع فريسة وهمه الخاص جدا .




#طاهر_فاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- من زاوية جديدة.. شاهد لحظة تحطم طائرة شحن في ليتوانيا وتحوله ...
- أنجلينا جولي توضح لماذا لا يحب بعض أولادها الأضواء
- مسؤول لبناني لـCNN: إعلان وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرا ...
- أحرزت -تقدمًا كبيرًا-.. بيان فرنسي حول وضع محادثات وقف إطلاق ...
- هجوم صاروخي روسي على خاركيف يوقع 23 جريحا على الأقل
- -يقعن ضحايا لأنهن نساء-.. أرقام صادمة للعنف المنزلي بألمانيا ...
- كيف فرض حزب الله معادلة ردع ضد إسرائيل؟
- محام دولي يكشف عن دور الموساد في اضطرابات أمستردام
- -توجه المحلّقة بشكل مباشر نحوها-.. حزب الله يعرض مشاهد من اس ...
- بعد -أوريشنيك-.. نظرة مختلفة إلى بوتين من الولايات المتحدة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - طاهر فاضل - جمال علي الحلاق أو القعود خارج الدائرة