|
الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الأول
طوني سماحة
الحوار المتمدن-العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 22:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعريف الزواج خلال العصور و الحضارات عُرف الزواج تقليديا باتحاد بين رجل و امرأة. لكن مفهوم الزواج و تطبيقه على أرض الواقع اختلف باختلاف الأديان و الثقافات و العصور و المجتمعات حتى تطور في السنوات الأخيرة في بعض البلاد الغربية ليصبح مفهوم الزواج على انه ارتباط بين شخصين بغض النظر عن جنسهما و بذلك يكون مفهوم الزواج في العصر الحديث قد شرّع لزواج المثليين. يذكر موقع touregypt.net أن المصريين القدامى، كانوا على ما يبدو، يمارسون الزواج بحسب مفهوم الزوج الواحد و الزوجة الواحدة و إن كان الدور الاكبر في اختيار شريك الحياة يقع على عاتق والد الفتاة. و مع انطلاقة السلالة الثالثة عشرة( 1795-1650 قبل الميلاد) ابتدأ الرجال ذوو النفوذ يأخذون لأنفسهم محظيات و من ثم تطور الأمر ليصبح تعدد الزوجات أمرا شائعا. كان الزواج في العرف الاغريقي الروماني محصورا بين رجل واحد و امراة واحدة. يذكر موقع roman-empire.net أن الرومان كانوا يمارسون نوعين من الزواج: • الزواج التقليدي الذي تنتقل فيه الفتاة من بيت أهلها الى بيت الزوج و بالتالي يتم حرمانها من حقها في الارث و من أي امتياز آخر كان لها في بيت والدها. لم يكن من السهل على الزوج تطليق زوجته في ظل الزواج التقليدي إذ أن امرأته أصبحت جزأ من عائلته. • الزواج الحر الذي يسمح للفتاة بأن تبقى خاضعة لسلطة والدها كما يعطيها الحق في ان ترثه. كان هذا الزواج أكثر مرونة من الزواج التقليدي إذ كان يسمح للرجل بأن يطلق امرأته متى شاء و بمجرد النطق بكلمة أو إرسال رسالة أو بإبلاغها بالطلاق من خلال أحد عبيده. أما المجتمع العبري (اليهودي) فكان يتسامح مع تعدد الزوجات. و كانت أول حالة يذكرها الكتاب المقدس في موضوع تعدد الزوجات من نصيب لامك ابن متوشائيل من نسل قايين الذي اتخذ لنفسه زوجتين إحداهما "عادة" و الاخرى "صلّة" (تكوين 4: 18-24). و كرّت السبحة فيما بعد إذ نقرأ أن الملك سليمان ارتبط بما يقارب ألف امرأة توزعن ما بين زوجة و سرية. كان فسخ الزواج يتم في المجتمع العبري من خلال كتاب طلاق يرسله الزوج للزوجة. يذكرا موقع http://ehistory.osu.edu/ أن الزواج في حضارة بلاد ما بين النهرين عامة و المجتمع البابلي خاصة كان حصرا على رجل واحد و امراة واحدة كما نص عليه قانون حامورابي. لكن ثمة استثناء لذلك، إذ كان القانون ينص على حق الرجل في اتخاذ زوجة ثانية إن كانت الزوجة الاولى عاقرا. كما كان يسمح للرجل باتخاذ خليلة الى جانب زوجته. و كان من المتعارف عليه ان الخليلة دون مستوى الزوجة و كان عليها ان تغطي وجهها بحجاب للتمييز بينها و بين الزوجة في حال خروجها علنا الى السوق. و كان القانون البابلي يتيح للزوج تطليق زوجته بشرط التعويض عليها. لم يكن الحال مغايرا في الكثير من الحضارات القديمة، إذ نقرأ أن الرجل الصيني و الهندي و الافريقي مارسوا تعدد الزوجات خلال العصور. أتت المسيحية و قالت كلمتها الفصل. الزواج ليس عقدا، إنما هو عهد يجمع بين رجل واحد و امرأة واحدة لا ثالث لهما. و ذهبت المسيحية الى ابعد من ذلك لتعلن ان الزوجين لا يشكلان ثنائيا فيما بعد إنما "يكون الاثنان جسدا وحدا". و نادت المسيحية بعدم فسخ وحدانية الزواج الا بحالة الزنا حيث يكون أحد الطرفين قد خرق العهد و أدخل طرفا ثالثا في وحدة هذه الثنائية. عندها يجوز الطلاق. لكن، و في المقابل، أجازت المسيحية الهجر او الانفصال في حال تعذر على الزوجين الاستمرار معا، بشرط عدم زواج أحدهما مجددا من طرف ثالث. أرست المسيحية مفهوما جديدا للزواج قضى على مفهوم تعدد الزوجات و الطلاق في المجتمعات التي انضوت تحت لوائها الى ان برز الاسلام في القرن السادس الميلادي. أباح الاسلام تعدد الزوجات و يتفق معظم الدارسين أنه يحق للرجل المسلم أن يتخذ لنفسه أربع زوجات في آن معا بينما أطلق الشرع يده في اقتناء ملكات اليمين، كما أباح له الطلاق بشرط التعويض المتفق عليه مع زوجته. برز موضوع حقوق الانسان في القرن العشرين و صار الكل يطالب بحقوقه. فمن العامل للطفل، للعبد، للمرأة التي طالبت بمساواتها بالرجل في كافة المجالات و كان لها ما أرادت في الغرب. و انتقلت السلطة في البيت من الرجل الى كلا الطرفين. ترافق إقرار حقوق المرأة في المجتمعات الغربية بفصل الدين عن الدولة مع انحسار تأثير الدين على المجتمع مما أدى الى زعزعة القيم التي ارستها المسيحية خلال ألفي عام. فعاد مفهوم العقد ليحل محل العهد و اصبح الطلاق حقا مشروعا لاي طرف يرغب في انهائه لاي سبب. فكانت النتيجة ان نسب الطلاق في هذه المجتمعات ازدادت لتصل الى ما نسبته 60% الى 70% من مجموع الزيجات. مع انحسار تأثير المسيحية على المجتمعات الغربية، أصبح مفهوم المثلية مقبولا و انضم المثليون الى المرأة و الطفل و العامل و المظلوم لكي يطالبون بحقوقهم، فلم يكن لهم فقط ما أرادوا بل أرسوا لمفهوم جديد للزواج عرفه العالم لاول مرة في تاريخه ألا و هو زواج المثليين. لا شك ان المثلية الجنسية مورست منذ القدم في كل المجتمعات لكنني لم أقرأ عن أن أي من المجتمعات شرّع للزواج المثلي. لا يمكن لنا ان نطوي صفحة التعريف بالزواج دون ان نتطرق الى مفهوم تعدد الازواج أو ما يعرف بالانكليزية بكلمة « Polyandry ». أصدر برنامج " ناشونال جيوغرافي/ National Geography" فيلما تحت عنوان "تعدد الازواج/ Multiple Husbands" في الهملايا. كما أصدرت قناة ال CNN الاخبارية برنامجا يوثق تعدد الازواج في الهند. و يمكن مشاهدة البرنامجين على الرابطين التاليين: https://www.youtube.com/watch?v=d4yjrDSvze0 https://www.youtube.com/watch?v=UVVRFb_maP0 ينقل عن يوليوس قيصر قوله ان البريطانيين القدامى كانوا يمارسون تعدد الزوجات و تعدد الازواج، لكن التاريخ يثبت ان شعوب الامازون، و بعض شعوب الهملايا و الهند مارست مفهوم تعدد الازواج و ذلك لأسباب زراعية، اقتصادية و اجتماعية.
مراجع
http://www.touregypt.net/featurestories/marriage.htm http://www.roman-empire.net/society/soc-marriage.html http://ehistory.osu.edu/world/articles/ArticleView.cfm?AID=58
#طوني_سماحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديانا الترك ضحية جريمة الشرف
-
التحرش الجنسي بين الثقافة و القيم المعاصرة
-
الموت لمريم
-
رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق
-
سامحينا يا مريم
-
مات القمر
-
أنقذوا الطفولة
-
لارا و أحمد
-
وزير تعتذر من طاه
-
العنف التربوي و اساليب معالجته
-
ورقة اللوتو
-
زمن أبي اللهب
-
سيّدي الرئيس/ جلالة الملك
-
نساء عاريات أمام اللوفر
-
رسالة الى تكفيري
-
السيدة و الخادمة
-
عذرا سيّدتي
المزيد.....
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
-
قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|