عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 22:17
المحور:
الادب والفن
جغرافية الحرف وتبدلات المكان عند أديب كمال الدين
قراءة في قصيدة المكان (الحرف والغراب)
الحرف في الشعر كما اللون في الرسم محكوم بالجغرافية المكانية وتحت قوانين التوافق البيئي , فليس للحرف حرية التجوال واللون حرية الانتشار دون أن تحكمه قوانين , هكذا نقرأ أديب كمال الدين ,شاعر يورع الحروف وفق خطط معمارية يوزع عليها مهمات تتناسب مع الوظيفة المكانية ,
(حين خرج الحرف من الحرب) المكان ساحة قتال والمهمة في حدود الدفاع والهجوم هنا الحرف بعيدا عن الجغرافية الطبيعية التي يكتب بها الشعراء أحاسيس أمال ألام تحارب تجليات بوح أو هلوسات ,الجغرافية هنا خشنة مملوءة دخانا ونار ورائحة الموت تعبق في المكان ,(دخل الصحراء التي سلمته للجبل الذي سلمه إلى الغيمة) جغرافية تمتد من الأرض للسماء ويتنقل الحرف فيما بينها باحثا عن نتيجة.
في قصيدة أخي الكافكوي نجد الجغرافية البيئية واضحة في ربط الحرف بالمكان بالحال بمشاعر الشاعر ذاته أنه يتنقل داخل البيئة ليشاهد الحرف كيف يعمل :.
في الغرفة الرطبة
وفوق السرير ذي القوائم العالية
كنت أنام كل ليلة
وكان أخي الكافكوي
ينام تحت السرير كل ليلة
ينام دون أن يسأله عليه أحد
المكان هنا هو بطل والحرف بطل والقصة ذاتها شاهد وعين العقل التي يبصر بها القارئ ترسم جغرافية المكان وتحدد للحرف واقع مكاني ينبش المعنى من الفوق والتحت :.
سأموت اليوم
أين وكيف سيكون الموت أو بالأحرى متى ولماذا , عرف ذلك عندما لم يمت في الوقت الذي حدده الأخ الكافكوي ولكن عرف من خلال المكان سر الموت,
فحين أنزلت جسد أخي في التراب
خرجت حمامتان من قلبه
.
.
.
وأنا في طريقي إلى البيت
لأقضي ليلتي للمرة الأولى وحيدا
وحيدا كتابوت.
المكان هنا هو الذي يرسم للشاعر حدود الحياة , التابوت القبر الليل السرير كل الحروف أسيرة الجغرافيا محكومة برائحة البيئة التي تسكنها , لا تجد زهورا ولا ياسمينا ولا عصافير ولا وجه الحبية في مكان محكوم بالموت والفناء لا غناء لا رقص إلا رقصة الحمامتان التي طارت من قلب الأخ حين الدفن أيضا غادرت المكان غادرت الجغرافية الضيقة إلى جغرافية الحرية .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟