|
إرهاب دوت كوم - توصيل المفخخات للمنازل
إبراهيم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1272 - 2005 / 7 / 31 - 02:50
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ربما لايعلم القارئ أن كاتب المقال هو أحد الناجين من أحداث الحادى عشر من سبتمبر ، فقد خرجت من المبنى الشمالى والقشرة الأسمنتية المغلفة للمبنى، والتى أحتفظ بقطعة منها حتى الأن، تتساقط فوق رأسى. أغلب القراء ، وإن لم يكن كلهم ، تعرفوا على أحداث الحادى عشر من سبتمبر من خلال الصور ولكنى كنت شاهد عليها... فقد رأيت من حاصرتهم النار يفضلون القفز من النوافذ فتنفجر رئوسهم على أرض لم تبعدنى عنها سوف أمتار... حتى هذه اللحظة مازال صوت إنهيار المبنيان عالق فى أذنى ورائحة الموت تزكم أنفى. ربما لهذا السبب تجنبت الحديث والكتابة فى موضوع الإرهاب.
فى الولايات المتحدة ، صدر كتاب جديد بعنوان رعب الحادى عشر من سبتمبر الصناعى - صنع فى أميريكا ومؤلفه وبستر جرفن تاربلى. الكتاب يدور حول فكرة محددة مفاداها أن العمليات الأرهابية المنتشرة حول العالم هى من صناعة أجهزة إستخباراتية لدول عدة منها الولايات المتحدة وإسرائيل. أضاف الكاتب أنه يستحيل ، نفسيا ، أن يضلع شخص أو مجموعة من الأشخاص فى حجم العمليات الإرهابية التى إنتشرت فى العالم قاطبة بدون إعداد نفسى وتقنى يؤهل أفرادا بعينهم لتنفيذ عمليات تدميرية تستفيد هذه الإستخبارات منها. الكتاب بصورة عامة يؤسس لنظرية المؤامرة ولكنه حمل بين طياته عدة نقاط وأفكار مهمة.
فى أوائل التسعينات تعرض أحد برجى التجارة لعملية تفجيرية قتلت عددا صغير من المدنيين الأبرياء ،بالمقارنة بالحادى عشر من سبتمبر، واتهم مكتب الحقيقات الفيدرالى مجموعة من الشباب العربى المسلم ،بالإضافى للشيخ الشيخ عمر عبد الرحمن، بالتخطيط والإعداد والتنفيذ لعملية إرهابية وحكم عليهم فيها بالسجن مدى الحياه . هذه القضية تحمل مفارقات عدة أغربها ان شاهد الإثبات على هؤلاء الشباب جميعا مصرى إسمه عماد سالم وهو عسكرى متقاعد . عماد سالم قدم لمكتب الحقيقات الفيدرالية أشرطة بالصوت والصورة لهؤلاء الشباب وهم يدرسون كيفية ضرب البرج. الإشرطة التى عرضت فى قاعة المحاكمة لم تدع مجال للشك أن مكتب التحقيقات الفيدرالى كان على علم بتفاصيل العملية وتركها تحدث. فى رأى ، أن مهمة عماد سالم كانت البحث عن مجموعة من الشباب حسنى النية والزج بهم فى عملية تخريبية. ربما كنا محظوظين أنذاك لإطلاعنا على شهادة الشهود وسماع محتويات الأشرطة ، الآن كل شئ يتم وفق قانون الأدلة السرية والتى يحرم فيها المتهم ومحاميه من التعرف على الأدلة الموجهه ضدهم.
الأمم ليست أفرادا فحسب ولكن ثقافات أيضا. فثقافات الشعوب لاتتغير فى يوم وليلة ولا فى عشرة سنوات وأنما اكثر من ذالك. فما الذى جد علينا نحن العرب المسلمين لنتحول من أناس مستضعفين محتلين مهزومين فى أغلب ، وإن لم يكن كل ، المجالات لأشخاص نزعت من قلوبهم الرحمة يقتلون مدنيين لاحول لهم ولاقوة. الواقع أنه تغير فى الثقافة ليس له مايبرره على الأطلاق. ففلسطين كانت محتلة منذ عشرات السنين ولكننا لم نعاصر ظاهرة السيارات المفخخة إلا حديثا. أعتقد وإن لم تخن الذاكرة أن حماس هى أول من إستخدمها .. إلا أنى أذكر جيدا أن الموساد الإسرائيلى هو الذى أنشأ حماس لتفت من عضد حركة فتح ولكن الرياح أتت بما لاتشتهى السفن وخرجت حماس عن إمرة الموساد وأنقلبت عليه.
والمخابرات كالدول لها ثقافات. فالمخابرات التى إعتادات الإغتيالات ، كالمخابرات البريطانية ، مازالت تمارسه حتى وإن لم يثبت أنها قتلت ديفيد كيللى فهذا يرجع فى المقام الأول والأخير لأمور فنية بحتة. ومن الأحداث التى يمكن أن أدلل بها على ثقافة المخابرات تفجير روما والذى أطاح بالحكومة الفاشية آنذاك ... نعم هناك تطابق بين عملية مدريد الأخيرة والتى أطاحت بحكومة آزنار ، والتى أتهم فيها عرب ومسلمون ، وبين تفجيرات روما والتى نسبت مؤخرا فقط للمخابرات المركزية الأمريكية.
تجهيز سيارة مفخخة يحتاج لتدريب عال لإعداد المادة المتفجرة والمفجر ، فهولاء الأفراد لم ينزل عليهم وحى السماء يلقنهم كيفية صناعة القنابل.كلنا لم يسمع أن أحد هؤلاء فجر نفسه وهو يتدرب فى مصر. أفراد حماس ، وعلى الرغم من باعهم الطويل فى إعداد السيارات المفخخة والتى حصدت من أرواح الصهاينة اكثر مما حصدته جيوش الدول العربية مجتمعة، أخطأوا وقتل منهم عدة أفراد وهم يجهزون القنابل. فلم لم نسمع أن هناك من قتل وهو يعد قنبلة هنا أو هناك؟ اللهم ألا أذا كانت القنبلة... وارد الخارج!
أنا لا أنفى تهمة أن من ينفذ هذه العمليات هم بالفعل عرب مسلمون ولكنى غير مقتنع أن هؤلاء الشباب تمكنوا من بناء قنابل من ملفات وجدت على النت وأنهم أنفقوا على عملياتهم من صندوق النذور. الأسى كل الأسى أن إتهام العرب المسلمين صار سهلا.فالأقليات ماهى إلا قاتل مفترض وجاهز للإتهام لأى حاكم ظالم مستبد أوجهاز إستخباراتى يريد أن يلصق التهمه به. لقد صار الطيبين حسنى النية منا كمن إفتتح موقعا مجانى على النت وأسماه إرهاب دوت كوم - توصيل المفخخات للمنازل مجانا وبدون عناء.
#إبراهيم_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرهان على أمريكا لتغيير الأوضاع فى مصر خسارة أم خسارة؟
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|