|
مسرحية ........ سفارات
شوقي كريم حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4495 - 2014 / 6 / 27 - 21:53
المحور:
الادب والفن
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
مسرحية
سفارات (( كوميديا من زمن أحزان الانتظارات ))
شوقي كريم حسن
ربما لم يجرب الكثير منا هذه الكوميديا لهذا فهي غريبة عنه.... لذا انصح بالرجوع إلى المصادر التالية. • فواجع الإنسان في مابعد أحداث نيسان. • أحلام الكبار للظهور في برامج الأخبار. • الوعد الفاني في قول الكرسي الباني. (( واترك باقي المصادر لمن يريد معرفة المزيد في ماحدث من قديم وجديد))
شخوص التجسيد......
بحسب ما أرى إننا جميعا أسهمنا في إقامة هذه الكوميديا ، ولهذا لايمكن التخلي عن تجسيدها ، أينما توجب ذلك الزمان...... مفتوح على أزمنة أخرى ، وقد يكون الزمان مجرد وهم افترضته لتمرير ما أريد من مقاصد .
المكان..... هناك ..... ..........حيث لا ادري أين!! الديكور....
بوابة كبيرة سوداء لا معه ، في وسطها كوة صغيرة ستلعب الدور المهم في عمليات يجلس عندها حارس سمين ، بملابس سود وهو طوال الوقت إما يقرأ الجريدة أو يدخن ، دون أن يكلف نفسه حتى النظر إلى ما حوله..... لهذا فهو يعرف مهمته كاملة ويؤدي عمله بإخلاص . *عند يسار المسرح ، وعلى الأرض تجلس مجموعة من الأشكال المتنافرة ، والتي لا يمكن آن تجدها إلا في مكان مثل هذامرأة سبعينية ، ورجل يماثلها بالعمر ، وكلاهما ينظران إلى البوابة طوال الوقت.*شاب عشريني وشابة تماثله في العمر ، وهما طوال الوقت ينظران إلى يعظهما دون أن يتحركا.*مجموعة من الشباب ، والنساء ، ولأطفال أيضا ، والجميع ينظر إلى الحارس السمين باستغراب .
الشاب 1- لقد مللت الانتظار .. أرجوك دعينا نعود إلى البيت .. ليس ثمة من جدوى .... اشعر نفسي مهانا وانأ أقف إمام هذه البوابة. الشابة - تشعر نفسك مهانا .. أنت كائن غريب الأطوار إي بيت ذاك الذي تتحدث عنه .. الشاب - بيتنا الشابة - بيتنا ... تذكرت إن لنا بيتا .. تقصد ذاك الذي طردن منه دونما سبب واضح. الشاب - (( يقترب منها ليأخذ يدها ، لكنها ودون أن تلتفت إليه تسحب يدها بعيدا )) لم لا تريدين النسيان .. لقد مرت العاصفة والوقت لم يعد يطالبنا بالابتعاد .. أنت تعرفين ما في داخلي من وجع .. لكني لن أتعود الهروب هكذا؟ الشابة - (( بحدة )) هروب .. واتسمي ما نقوم به هروبا ... ؟ الشاب - مالذي تسمينه أنت؟ الشابة - لا شيء يشدني إلى هذا الوجع .. لقد مللت مناظر الدم والصراخ ودوي سيارات الموت ... مللت الليالي السود. الشاب - وأنا أيضا .. ولكن هذا لا يحتم علينا الهروب ,,, الشاب - وهو أيضا لا يحتم علينا البقاء ... مالذي تبقى .. غير حطام لوطن وغرائب من الحكايات الشاب - (( يبكي )) كفي أرجوك .. أنت تنبشين في قبور المواجع ما أقسى ما تقولين على .. كيف يمكن لواحد مثلي أن يهرب بعيدا تاركا وراءه .. حطام وطن (( يقبل يدها )) أرجوك دعينا نعود .. وطن من دم وانقاظ .. خير مما نحن قادمون عليه، الشابة - لم يعد هذا المكان يلاءم أحلامي ... لا فائدة من أن نحلم ونحن وسط كل هذا الخوف .. لا فائدة أن نحلم ونحن محاصرون بالرصاص والفجيعة . الشاب - بدأت الرؤيا تتضح .. ولابد من وقت تعود بها الأشياء إلى ما كانت عليه. الشابة - تعود .. وعلى ماذا تعود .. الموت الذي اخذ والدي مني مبكرا أم ماذا؟ الشاب- لابد وان الحياة ستتغير الشابة - لا أطيق الحياة التي تتغير ببطء .. لقد وعدتني بان نرحل ... لكني أراك تتراجع الشاب - لا ... لن انكث معك وعدا ... ولكن (( الحارس يرفع رأسه ، يتأمل المشهد .. يشير إلى احد الجالسين بطرف عصاه ليدخله إلى عمق البوابة )) الرجل- منذ كم ونحن ننتظر المرأة - لاادري كم .. فلا فائدة من عد الأيام .. نحن ننتظر وهذا يكفي الرجل- انك تشعرين بالسعادة في انتظار كهذا؟ المرأة - الانتظار هذا سلخ من عمري مالا ادري كم من السنوات ، وحده الذي يملأ علي ليل فراشي البارد حين كنت تغيب مرافقا للموت ، وحده هذا الانتظار يجعلني أستدعيك ساعة أشاء. الرجل - وأنت تفعلين هذا ألان ... لا فائدة من عبث يوجع المرأة - دعني وعبثي أرجوك .. كلاهما أراه ألان أمامي .. ولن اقدر على محوهما دون هذا الرحيل. الرجل - اشعر بالتعب والحزن معا .. ولا أريد أن أموت هناك المرأة - (( بوهن )) بل يجب أن لا تموت هنا .. فصناعة الموت هنا صناعة سافلة .. لقد ابتكرنا الموت ... وهم يبتكرون الحياة اريك أن تحيى بعد كل هذا الألم والانتظار ... أريد أن نحيا معا ولو لبضعة أيام .. إن نمارس حياتنا كبشر !! الرجل - كانت لنا أياما جميلة ورائعة المرأة’ - قل كنا نصنع أيامنا الخاصة .. ولكن كم من الأيام صنعنا معا .. قلت لك نحن لا نعرف كيف نصنع الحياة .. لا نعرف سوى تجسيد الخراب والتفنن به (( الحارس يشير إلى شابة جالسة بوجوم ، تدخل حين يخرج الرجل الذي دخل ))
الشاب 2- الصداع بدأ يأكل جمجمتي .. والانتظار كائن ممل .. المرأة2- يجب أن تتعود .. فلا طريق أمامنا سوى هذا الطريق الشاب 2- آنت خائفة إذن ؟ المرأة 2- ولم لااخاف .. لم يبق لي سواك .. بعد أن رأت كل ما كان يحيط بي من حياة يذبح أمامي .. الفجيعة هي أن لا أحافظ عليك ... تحمل كل شيء من اجلي الشاب 2 - (( يقبل يدها )) لن ادعك لهذا الماضي مهما طال مكوثنا هنا .. لا بد وان يجيء الوقت وندخل معا هذه البوابة التي ستنقذ ما تبقى المرأة2- ما تبقى ... مالذي تبقى والأعمار صارت مجرد لعبة بيد صبية اكتشفوا ا أن الموت أحلا ما يمكن إن يمارس .. مالذي تبقى سوى هذا الدوى المرعب .. والخوف الذي يسكن معنا وراء الأبواب الموصدة دوما ؟ مالذي تبقى سوى وهم يركض في الشوارع باحثا عن مأوى؟ الشاب2 -ياليتني استطيع الخروج الآن!! المرأة 2 - منذ زمن بعيد كنت أتوسل السماء بأن تجعل لي جناحين لكي الطير يهما بعيدا .. كنت احسد النجوم لان تحلق بعيدا عن ارض الدم هذه .. الأماني أكاذيب الأمهات ووجع أعمارهن المسفوحة عن إقدام الأبناء .. الأماني فوضى يجب أن يصدقها احد. الشاب 2- الست جائعة؟ المرأة 2- لا اشعر إنني احتاج لشيء سوى أن نكون عند ابعد نقطة من هذا المكان .. أريد لك أن تعيش .. وان تمارس الحياة وسط معاني تعرف لم تعيش!! (( تخرج الشابة وهي في كامل سعادتها ، تنظر إلى الحارس ، وتلوح إلى الجالسين بجواز سفرها وهي تخرج .... الحارس ينظر إلى الجلوس ، ثم يشير إلى رجل كان يدخن سيجارة ، حين ينهض يرمي السيجارة بعصبية ويدخل ... الجميع يبدوا عليهم الاستياء ولكنهم يكظمونه )) الشاب- ما أتعس أن نعيش غرباء هنا ونبحث عمن يمنحنا غربة هناك .. غربة لا نعرف ما تخبأ وراء وجودها الباذخ. الشابة - لم تضعني أمام محكمة الذنوب ..((صارخة )) لست مذنبة؟ الشاب - (بحزن ) ولا انا أيتها التي تحطم الحب عند عتبة هذه البوابة السوداء الشابة - من المذنب أذن .. أذا ما برئنا أنفسنا الشاب - ( يمد يده غالى الأرض ويرفع حفنة من التراب ) هذه الشابة - هذه ... أنظرها .... (( الشاب يتفحص التراب .. وببطء يجعله يتسرب من بين أصابعه خائفا )) الشاب - دم .. أن لهذا التراب لون الدم.. الشابة-منذ متى من السنوات وهذه الأرض لم تشبع من الدماء .. لم لا تريد أن ترتوي .. مالذي تريده من بعد ان تحولت إلى شمس غاربه؟ الشاب - (( بيأس )) أنا انهزم الآن .... لكني أخاف أن يجف حبي هناك الشابة - أن يجف الحب لزمن خير من يموت وأمالنا تنظراليه الشاب - أنت غير تلك التي كنت اعرفها يوما ... مالذي صنعته الأيام بنا؟ الشابة - مالذي صنعناه بالأيام .. قل ما يجعلني اطمئن إلى إننا يمكن أن نلامس حواف القادم يوما ما .. لاشيء يجعلني اشعر بالطمأنينة .. نحن محاطون بماض لا علاقة لنا به وحاضر من انكسار لا شيء يمنحني الفرصة ..فما الفائدة من البقاء... ما الفائدة؟ الشاب - انك تضعينني أمام أسئلة من سكاكين .. وان لا اعرف سوى إجابة واحدة .. لن اقدر على فراق أيامي . الشابة - عن أي أيام تتحدث .. وقد عشناها معا ... الفجيعة أن تفتح عينيك وأنت لا تبصر سوى نواح الأمهات وبكاء لا تعرف له معنى .. كنت اسأل جدتي ما معنى أن يموت الإنسان .. ولم مات أبي وجميع الإباء باقون .... لم وحدي من حتم عليه الموت أن أعيش معزولة لا احد يكترث لها سوى عجوز ؟ الشاب - كلنا عاش ذات المحنة؟ الشابة -وكلنا حاول خلق محن جديدة .... لا يمكن أن تعيش هذه الأرض دونما محن !! (( يرفع الحارس رأسه .. ليراقب المكان .. يخرج الرجل حزينا بادي الانكسار .. يتفحص الوجوه ويسقط باكيا ، الحارس يرفع يده باتجاه شاب على كرسي نقال .. ليدخل مبتهجا)) المرأة - اوتتصور إن انتظارنا سيطول أكثر مما هو الآن؟ الرجل - ليس هناك من انتظار أكثر من انتظارنا .. منذ غادرت شبابي وأنا انتظر.. لكني كنت اعرف مالذي انتظره!! المرأة - (( بلهفة )) ما كنت تنتظر.....؟ الرجل - (( بحزن )) الكثير من الأشياء التي كنت أشعرها جميلة وبحاجة إلى هذا الانتظار .. أنت .. وما أسميناه دونما اتفاق بالمستقبل .. (( يضحك )) ياله من مستقبل هذا الذي وصلنا إليه ..أشياء غامضة ومحطات لا توصل إلى غير النسيان ((يأخذ بيدها )) من نحن ..مالذي فعلناه لنجني كل هذه المصائب .. لم أوذي احد .. فلماذا وذيت..... لماذا افرغوا سكينتي من أعماقي وجعلوني دونما سكينة ؟ المرأة-كف عن التذكر .. كف عن ممارسة الحياة ودعنا نركز على أصابع هذا الحارس اللعين .. اعتقد انه يشعر بالسعادة لأننا نجلس تحت لفح هذه الشمس التي لاتفيد يسوى إيذائنا؟ الرجل - الحراس هم هكذا دائما .. يتعلمون القسوة والترقب المرأة - ومن يتعلم الحب . ونحن جميعا نمثل دور الحارس .. ونشعر بالانتشاء والمسرة لهذا الدور.. كم من الليالي مرت وأنا ارقب حركة الأبواب .. وأنصت إلى أزيز الرصاص ..كم من الأيام كنت امثل دور الحارس رغم إني لااجيد هذا الدور .. لهذا فقدتهم... كان علىّ أن أدافع؟!! الرجل - تدافعين .. كيف . وأنت حارسة مجنونة!! المرأة - ما أتعس الأمهات اللواتي تذبح أرواحهن أمامهن ولا يستطعن الدفاع .. ما أتعسني وأنا اقرأ الأسئلة وهي تنهمر من عيون الوادي المتوسلين ؟ الرجل - ما كان التوسل يجدي نفعا المرأة - (( صارخة )) وما كان الاستسلام للفجيعة يجدي نفعا .. كان على أن أقاوم حتى ولو بأصابعي .. لكن الخوف رماني إلى صحراء صمتي ... الرجل - حتى ولو قاومتي .. ما كانت مقاومتك تجدي نفعا .. كل ما نعيشه كان مباحا. المرأة-وتريدني ابقي .. لم يعد لبقائي من فائدة .. أرجوك توسل الحارس عله يقدم من دخولنا!! الرجل - انه لا يسمح بالحديث معه .... الحراس أناس يتصورون إنهم فوق كل شيء. المرأة -وحدنا من يشعر بغرابة ما حدث .. ليت هذا الحارس يعرف؟ الرجل - حتى وان عرف .. فالأمر لايعنيه البتة . وحين لا يكون الحارس معنيا تتحول الأحلام إلى مجرد فراغ 10 المرأة - الحرس ... الحارس .. الحراس .. أين هم المحروسين إذن .. ولم يتوجب علينا أن نضع حراسا عند كل الأبواب .. مالذي نخاف منه .. ولماذا كل هذا الخوف ونحن ندعي السلام .. ((تغني بخفوت )) -انه صبري عليهم صبر دله يذوبهه الجمر وتكول سهلة - (( ينهض الحارس بتثاقل واضح واضعا الجريدة باعتناء فوق الكرسي ، يتأمل الحضور ويمر بين صفوفهم ، متأملا الوجوه ، وكلما أراد التحقق من احدهم دس طرف عصاه عند تفاحة ادم .. يخرج صاحب العربة فيشير الحارس إلى سيدة كبيرة السن لتدخل )) الحارس - اسمعوا مني جيدا .. أنا لا أحب الثرثرة .. ومجبر على الجلوس هنا ، حيث لااعرف ما افعل غير النظر إلى وجوهكم المرعبة ... إن لي زوجة هناك تنتظر .. ولكن الجوع هو الذي يجبرني على البقاء . الشاب - أرجوك حدثنا عن الحياة هناك ؟!! (( الحارس يجلس دافعا كرشه مثل باشا إلى أمام ، واضعا الساق فوق الأخرى ، يظل صامتا وكأنه يرى شريطا سينمائيا ، يتأوه ، يضحك ، يداعب ما بين فخذيه ، يلاعب تكور كرشه )) الحارس - منذ أربع سنوات وانتم كما انتم .. تأتون إلى هنا محاولين الفرار .. لا جنة على هذه الأرض ... هنا يشبه هناك ... وهناك منسوخ من الذي يليه ... عالم متشابه مبني على الكراهية وال اضطهاد والخرف .. لا ادري مالذي يشدكم إلى هذا المجهول والغربة ... ليتكم تراجعون أنفسكم جيدا ... وطن من فراغ ذاك الذي تنوون الرحيل إليه الشاب 2- والوطن هنا لا فراغ فيه .. لعبة قومها الاستبداد والشطب!! الحارس - وماذا تتصور هناك .. لا شيء سوى الكذب .. نتوهم الحرية .. نتوهم الحب بل أقول إننا نتوهم الحياة. المرأة - المهم إنكم لاتتوهمون الموت .. هذا الكائن الذي لا يريد مغادرة وجودنا ..... الموت وحده من يسكن هذه الطرقات والبيوت وحتى الحدائق .. دعنا نذهب فلا شيء يربطنا إلى ارض لا ترغب بغير لون الأحزان!! الحارس - سيدتي .. هذا ما اسمعه من أمي وزوجتي وحتى اولا دي الذين يطالبونني بالبقاء هنا .. الشاب - انت تمزح سيدي الحارس .. تمزح ؟ الحارس - الحراس ممنوع عليهم المزاح .. ولكني أقول الحقيقة .. كلنا يشعر بالانهزام لهذا يريد الرحيل الشاب 2- نحن نختلف .. حين تكون محاصرا بالرصاص فما عليك إلا المواجهة أو الهروب. الحارس (( ضاحكا )) وقد اخترتم الهروب طبعا الرجل - أنا لم اختر شيئا ... الهروب هو الذي اختارني وهذه السيدة التي ما عرفت الفرح يوما الحارس -النساء أينما وجدن تجد الأحزان .. منذ مات أبي لم ا رامي سوى بقايا امرأة نائحة .. وهكذا كانت جدتي ,..... السلسلة من النواح تطول. المرأة - (( باكية ))نواحنا غير النواح الذي هناك ،،،، النواح هنا رغبة بالبقاء عند مدافن الارتباك .. ما كانت أمك تفعل .. لو رأتك مشويا ومقدما لها على طبق من ذهب .. ماذا كانت تفعل لو رأت الأكفان تباع بدل الأراجيح ؟ الحارس - ((يشعل سيجارة وقد لا نت ملا مح وجهه قليلا )) أو حدث هذا فعلا؟!! الشاب 2- (( ضاحكا بهستيريا )) أرجوك سيدي الحارس اعد السؤال على حسب حقيقته الحارس - للسؤال حقيقة واحدة أيها الشاب الرجل - بل للسؤال أكثر من حقيقة .. كان عليك أن تقوله .. مالذي لم يحدث .. كل ما هو خارج العقل قد حدث .. ولا شيء يمكن تصوره الآن؟ الحارس - لا اصدق هذا ... انتم جميعا تحاولون استدراجي لمساعدتكم؟ المرأة - لا الحارس - بل نعم .. ولا كيف للإنسان أن يرتكب كل هذا الجنون؟ المرأة’ة 2- الإنسان .. تلك هي العلة أيها الحارس . هل يمكن أن تحدد لي ما معنى الإنسان؟ الحارس - ((مبهوتا )) ها الشاب2 -ا ورأيت .. كلمة واحدة .. جعلتنا لا نعرف لها معنى((صائحا )) الإنسان .. أنت إنسان (( يدور بين الجلوس )) وهذا إنسان .. وتلك السيدة إنسان ... والقاتل والضحية إنسان .. الهرب والباقي إنسان .. الجلاد والمجلود إنسان .. ما الفرق إذن .. أرجوك أيها الحارس .. ما يعني الإنسان لديك؟ الحارس - أيها الشاب .. الكانسان هو أن تكون محبا تعرف ما تريد الرجل 2-والقاتل يعرف مايريد كثر من الضحية . فمن الإنسان هنا؟ المرأة -كفاكم ايذائا للسيد الحارس (( بلطف ))ياسيدي الغربة في الوطن مهانة ونحن نشعر إننا غرباء لا فائدة من وجودنا. الشاب - بل ثمة فائدة واحدة! الحارس - وأخيرا وجدت مبررا لوجوده الشاب - نحن نتحدث عن الفائدة لا عن وجودي!! المرأة - قل للسيد الموقر الحارس .. مالفائدة؟ الشاب - الفائدة هي أن نكون ضحايا .. تصور الأمر لو كل الناس سعروا بالغربة وقرروا الرحيل.. ترى مالذي يفعله الأخر .. وأين تراه يذهب .. الحق أقول لك إننا نقترف جريمة حين نهرب من قاتلينا؟ الرجل - ((بحدة )) وتريدنا أن نواجه .. أن نضع رقابنا عند سيف الجلاد. الشاب2- وضع الرقبة تحت سيف الجلاد شرف كبير بالنسبة له المرأة- والى متى تبقى هذه السيوف تحصد أرواحنا .. ولا تكف؟ الشاب - سيدتي .- لعبة خلقت منذ أول وجود للكون . فلم تطالبين الكون أن يتغير .. المبادلة هي أساس اللعبة ..جلاد اليوم هو ضحية الغد الشاب 2- (( صائحا )) كل فينا جلاد وضحية .. لهذا سيدي الحارس أريد أن تساعدني للهروب من واحد منهما؟ الحارس - ومن يضمن لي انك لا تعود ثانية وتمارس الدورين معا .. من يعطيني تعهدا بأنكم ى تمارسون الأدوار معا؟ المرأة’ - أنا الرجل- وأنا أيضا!! (( ينهض الحارس متفحصا الوجوه وكلما توقف عند واحد منه سأل )) الحارس - أنت ..... أنت .... أنت ... أنتما .. الشاب2 - جميعنا يريد الابتعاد ... الحارس - وجميعكم يحمل في أعماقه صور الرعب والانتقام .. انتم تحتاجون إلى مصحات عقلية .. إلى أمكنة لا تلتقون بها مع احد .. انتم مجرد أرقام ... ولا شيء سوى الأرقام!! المرأة 2- لا يهمني إن أصبحت رقما حتى ولو في آخر القائمة الرجل2- ولا أنا الشاب 2- ولا أنا رغم إني اشعر إن القوائم هل سر كل هذا البلاء الحارس - ((مشيرا إلى الرجل والمرأة معا)) وأنتما؟ (( الرجل والمرأة يتبادلان النظرات طويلا ، الحارس يجلس أمامهما تماما)) الحارس - أو اكرر السؤال .. أنتما هل ترغبان بأن تكونا مجرد رقمين في قائمة منسية؟ الرجل - (( بحزن )) ليس أمامي سوى القبول .. هنا لا يمكن أن تكون غير مجموعة أوراق .. حتى وان كنت أعظم الناس وأكرمهم.. لا فرق بين رقم وورقه!! الحارس - وأنت أيتها السيدة المرأة - أنا لا أريد حتى أن أكون رقما المهم عندي هو أن أنسى ماحدث الحارس -لا ظن إنكما قادرين على النسيان.. الإنسان مجبول على التذكر وما أمامكما من سنوات لا تمهلكما الوقت للنسيان!! الرجل -يجب أن ننسى .. ولا فلا فائدة ((تخرج السيدة التي دخلت ، الحارس يشير إلى الرجل والمرأة أن ينهضا ، حين يدخلان ببطء يكون الحارس قد عاد إلى مكانه عند الباب )) الشاب- ما كان عليهما أن يفكرا بالرحيل أبدا! الشابة - من يجرؤا أن لا .. يترك الجحيم ... حين تهزم الأفكار؟ الشاب - ا(( وهو يقترب من الشابة إلى حد انه يحاول الاندغام بها)) الماضي هو وحده الذي تبحثين فيه عن وجودك .. أريد الأتي يا من تملأ ين شغاف قلبي بالحب!! الحارس - انتما كفا عن الحديث . الشاب 1 - نحن نتسلى سيدي الحارس!! الحارس -(( يضحك وهو يضرب مقدمة كرشه بكلتا يديه )) تتسلى .. أنت إذن جئت لتتسلى . وربما جميعكم تتسلون بعد أن فقدتم متعة التسلية هناك!! الشابة 2- (( بتوسل )) أرجوك سيدي الحارس .... التسلية عندنا لا تعني المزحة والفرح كما اعتقدك تفهم .. بل هي محاولة لتزجيه الوقت ... الشاب - حين تنتظر يكون الوقت مثل قطار لا تعرف أين سيقف بك!! الحارس - (( صائحا )) أنت ذكي .. ذكي جدا .. يالها من فكرة مذهلة ... (( يقلد صوت القطار )) توت ... توت .. (( ينهض ليدور بين الجلوس وهو يقلد حركة القطار)) لا توقف .. لا توقف .. المحطات مظلمة .. وإذا أردت اللحاق بنا فما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتكون متوثبا ... (( صائحا بالشابة الثانية )) هيا مدي يدك .. اركضي .. أحسنت اركضي ولا ستبقي وحيدة وسط هذا الظلام الموحش (( تنهض الشابة الثانية .ز وتبدأ بالركض لا هثة يتبعها الشاب الثاني )) الشابة 2- اركض .. ارمي الحقائب .ز بل ارم كل شيء لا حاجة لنا بهذه التفا هات .. أرك... (( يسقط الشاب الثاني .. تتدحرج الحقيبة ..الشابة تنظر إليه غير مكترثة وتمضي محاولة اللحاق بعربات الحارس )) الحارس - (( وهو يأخذها الى ما بين يديه )) أحسنت .. أنت لان معنا .. لك أن تختاري ما تشائين من لا مكنة ... بل كل الأمكنة لك!! الشابة 2 - وهو؟ الحارس - (( ضاحكا )) هو ...... هو لم يع موجود .. أنت وحدك من تستحقين العيش .. كان عليه أن يقوم ..... أن يبحث عن منفذ أكثر دقة لكي يتخلص .. أرجوك انسي كل ما يذكرك به!! الشابة 2- ولكني أحبه؟ الحارس - تحبينه .. وما يعني الحب وأنتما تعيشان كل هذا البؤس والشقاء .. الحب لا يتفق والجوع والكراهية ..قفي عند أبواب ا بيوت الناس ونادي من يشتري الحب مقابل رغيف خبز ولسوف ترين كم باب سيوصد في وجهك!! الشاب - (( بتوسل )) دعها سيدي الحارس تجرب حظها .. الحارس - (( ضاحكا )) زوجتي قالت لي اذهب وجرب حظك .. وها أنت ترى مجرد حارس مصلوب عند هذه البوابة السوداء .. حتى أحلامي لم تعد كما كانت . وها هي اليوم تطالبني وبإلحاح لكي أعود الشابة - مالذي يبقيك هنا . المرأة التي تحب تنتظر هناك؟ الحارس - تلك هي المشكلة ..جئت فوجدت حظي . فاماعساني فاعل هناك .. لا شيء .. سأكون مثلما انتم لان .. وقد انتظر عن بوابة سوداء بانتظار أن يسمح حارس ما بالدخول؟ (( يخرج الرجل وتتبعه المرأة ... الشاب والشابة وحتى الحارس يهبون لاستقبالهم)) الشاب - ها الشابة - ماذا قالوا لكم الحارس - اعتقد إنهما تفهما ما أنتما عليه! الرجل -(( بحزن )) لقد تفهما كثيرا ما نحن عليه الشاب2- مبروك إذن المرأة - مبروك على ماذا؟ الحارس - مبروك لأنكما ستذهبان الرجل - هي التي ستذهب وحدها الشاب 2 - (( صارخا )) ماذا الرجل - ما سمعتموه هي التي ستذهب .. أما أنا فلا فائدة من ذهابي!! الشابة2- كيف؟ الرجل -قالوا انك تجاوزت السن القانونية ..... وما عليك إلا انتظار مصيرك المحتوم الشاب - تذهبين وحدك سيدتي؟!!
(( المرأة تبادل الجميع النظرات .. وحين تنتهي تأخذ بيد الرجل ويخرجان معا بصمت ..... الشاب الثاني يأخذ الطرف القصي من المكان .. وببطء يتعالى رويدا يبدأ بالغناء )) الشاب 2 -موت وخوف ......أو بعيوني أشوف الناس كله أشباح تركض والعطش .....لشفافهه ملهوف موت وخوف لكيت الشوف ومن وجهك رجاء خلتي اشبع شوف. -- الشابة 2 تنظر إليه وبهدوء تمد يدها لتنهضه .. الجميع يتبدلون النظرات وكل واحد منهم يكرر حرفا من حروف الأغنية ببطء يتصاعد رويدا )) الحارس (( صائحا )) كفاكم صياحا .. كفاك ولا (( يمد يده إلى مسدسه ، وحين يخرجه يسيطر الرعب التام على المكان )) هيا عودوا غدا لقد انتهى الدوام الرسمي واري دان امدد جسدي قليلا!! 00(( الكل ينهض .. وبالتناوب يتم الخروج وحين يصبح الجميع خارج الزمن .. يتمدد الحارس واضعا الجريدة على وجهه بادئا بالشخير الذي يتحول إلى عواء ... ونباح .. ورشق متتالي من مدفع رشاش ))
--البداية في اليوم التالي ستكون على ذات الإيقاع وربما ذات الوجوه .. وستكون ثمة بدايات أخرى عند أبواب سود منتشرة فوق شيء اسمه الكرة الأرضية .--
#شوقي_كريم_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسرحية ...... جدران منتصف الاجابة
-
قصة قدلاتكون قصيرة ..... عتمة
-
الكرد ... فض الشراكة.... وانتظار التعميد !!
-
قصة قصيره
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|