أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود ابوحديد - اشتعال الحرب في جامعة الاسكندرية.. انتفاضات ضد الاخوان وضد السيسي















المزيد.....



اشتعال الحرب في جامعة الاسكندرية.. انتفاضات ضد الاخوان وضد السيسي


محمود ابوحديد

الحوار المتمدن-العدد: 4495 - 2014 / 6 / 27 - 18:08
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


يمكنني ان اعتبر اهم نضالات طلبة الجامعات المصرية منذ اندلاع ثورة يناير هي نضالات ما بعد يوليو 2013 في السنة الجامعية الثالثة للثورة (من سبتمبر 2013 وحتى يونيو 2014) ويمكنني ايضا ان الخص سيرورة النضال في جامعة الاسكندرية في هذه الفترة الى مرحلتين رئيسيتين تصاعد فيهم النضال الى ان وصل لاشتباكات نتج عنها مصابين وقتلى: المرحلة الاولى في سبتمبر واكتوبر 2013 عندما ناضل الطلبة ضد دعاوي الثورة المضادة الاخوانية والثانية بدأت من ديسمبر 2013 واستمرت حتى نهاية العام الدراسي منذ اقل من شهر واحد, عندما ناضل الطلبة ضد ملثمين "قوات حماية المواطنين المشكلة من ضباط البوليس والجيش" المحاصرين للجامعة. وغلب على هذا النضال شعارات دعم وتحرير معتقلين الجامعة.
هنا سأحاول تلمس وتتبع سيرورة النضال الجامعي بعد انتفاضة 30 يونيو 2013.. لكن لن يسعني شرح محطات هذا النضال الا بعد مقدمة ضرورية – قد تكون طويلة الى حد ما لكنها – تشرح الظروف والملابسات التي حددت اطار النضال الطلابي المقصود.

يفهم الماركسيون جيدا ان جميع المشاكل الجدية للمجتمع يتم حلها في النهاية باستخدام الحرب, الحرب بين الامم او الطبقات. قد يأسف المرء لهذه الحقيقة, وقد يشجبها البعض, لكن تظل تلك حقيقة يعبر عنها الواقع صافعا دعاويين السلم . عندما تندلع الحروب القومية او الاهلية - الثورات - فان دعاة السلم لا يسمعهم أي من اطراف المعركة. في الحرب يسعى الجميع للانتصار الحاسم.

حكم الاخوان المسلمين وطننا لسنة كاملة , اختبر فيها الشعب كيف تحاربه الحكومة باسم الاسلام. في عهد حكومتهم – النصف اخوانية نصف مباركية - لم يتغير اي شئ ولم تُحل اي من مشاكل المصريين بل ازدادت الازمة الاقتصادية. ازدادت كثافة العمل وقل زمن العمل الضروري. حتى ان زيادة اعداد العاطلين والعمالة المشوهة – الباعة الجائلين وعمال اليومية - دفعتهم لتنظيم انفسهم والتحرك لانتزاع حقوقهم عبر محاصرة المحافظين والمسؤولين. في هذه السنة بالذات تصدرت الطبقة العاملة نضال المصريين ضد الاخوان وزعيمهم مرسي بمعدلات احتجاجية هي الاكبر والاعظم في تاريخ مصر الحديث. وبعد ما يقرب من سنة كاملة, اختمر وعي الشعب بان قادة وحزب وحكومة الاخوان جزء من الثورة المضادة المصرية, نفذوا سياساتها ومهامها في كل مراحل الثورة,
عندها فهمت اغلبية الشعب ضرورة اسقاط الاخوان فاندلعت الثورة ضد حزب الحرية والعدالة الذي كانت قوات الشرطة تحمي مقراته في انتفاضات نوفمبر وديسمبر 2012 ويناير ومارس بورسعيد 2013 حتى وصلنا الى انتفاضة يونيو 2013 التي وصفتها بعض الصحف بانها اكبر "تجمع" بشري في العقود الاخيرة .

في انتخابات الرئاسة 2012, وقفتُ - مع اغلبية الشعب - ضد "احمد شفيق" ممثل عودة البرجوازية العسكرية وفي نفس الوقت, اكدت كما اكد العديد من الثوريون على عمالة البرجوازية الاخوانية للنظام الراسمالي, لكننا راهننا على ضعف حزب الاخوان وتحالفاتهم التي سيعقدوها مع برجوازية مبارك لمواجهة وكسح ثورة شعبنا. كان هذا المنطق يعني ان الثورة – قمة صراع الطبقات في المجتمع - هي عملية متتابعة لتساقط الاقنعة التي قد يرتديها هذا الفصيل او ذاك لتمويه موقفه امام طبقات الشعب. كما عنى هذا الموقف ان الشعب العامل يجب ان يختبر حكومة رجال الاعمال الاخوان لكي يفقد الثقة في امكانية حلهم لمشاكل المجتمع, بشكل رئيسي اعتمد الثوار الذين وقفوا في مواجهة شفيق, على طموح الاخوان انفسهم في استغلال ونهب شعبنا, اعتمدنا على وعي الثورة الذي تكون في عقل ودماغ الجماهير بفضل الثورة نفسها. "حتما سننتصر على الحكومة المهترئة للاخوان المسلمين فقد انتصرنا في عدة اشواط ومراحل سابقة من الثورة". هكذا فكرنا وراهننا مع الجماهير التي وقفت ضد محاولة صعود شفيق. بينما فكر مثقفين البرجوازية الثورية الصغيرة المترددة والجبانة بان الوضع – اما شفيق او مرسي - ميئوس منه ويبشر بانتهاء الثورة باستيلاء اي من الطرفين على السلطة السياسية في وطننا.

في انتخابات مرسي وشفيق راهنت مع اغلبية مواطنين مصر على استمرار الثورة ونضال الشعب بفضل الثقة التي زرعتها الثورة في ادمغة الجماهير عن قوة وقدرة انتفاضاتها واحتجاجاتها على تأمين الانتصار, واليوم فان اغلبية المصريين - حتى الداعمين للسيسي – يتوعدونه بالاطاحة والعزل في حال تآمره على مطالب المصريين والثورة. في انتخابات 2012 كان منطقنا ينطلق من نظرة طبقية خالصة عن قدرة العمال والجماهير على خلق وانجاز مجموعة من الانتفاضات والثورات السياسية المتتابعة لفرز وفضح القادة السياسيين للمجتمع.

بالفعل, وبعد سنة دامية من الانتخابات الرئاسية فى 2012 تنامت الكراهية للاخوان كالسحر – الاخوان المسلمين انفسهم لا ينكرون هذا لكنهم يبررون هذه الكراهية – كذبا - بانها ناتج تحريضات الاعلاميين والمثقفين العملاء لنظام مبارك امثال زوج المسوخ (عمرو اديب ولاميس الحديدي) بينما يؤكد الواقع ان اغلب الاعلاميين - خاصة الزوجان (اديب) - قد هللوا لمرسي وحكومته ابتداءا من يوم اعلان فوزه في الانتخابات وحتى اغلب فترة حكمه. الحقيقة ان الكراهية اشتعلت ضد حكم الاخوان لانهم تحالفوا مع رموز نظام مبارك ولم يحققوا اي من مطالب المصريين بل العكس حيث جددوا نفس سياسات مبارك ابتداءا من السعي للتهدئة والسلام الشكلي مع العدو الصهيوني عندما بدأ الحرب على غزة في نوفمبر 2012 وحتى فرض قانون الطوارئ وحظر التجوال ضد انتفاضة الاحكام الاولى والثانية في قضية بورسعيد – يناير ومارس 2013 – وحتى تشكيل حكومة تضم اغلب وزراء حزب مبارك. هذه هي الحقيقة التي لن تستطيع بجاحة وصفاقة اعضاء حزب الاخوان تشويهها مهما طال بهم الزمن. فالشعب الثوري نفسه يحفظ ذاكرة ثورته.

احرقت الجماهير مقرات الحزب الحاكم بعد 6 اشهر فقط من اعلان تنصيب "مرسي الاستبن" رئيسا منتخبا, حيث خرجت الجماهير في نوفمبر 2012 - في ذكرى انتفاضة محمدمحمود, منادية باسقاط الديمقراطية البرجوازية واستبدالها بديكتاتورية الطبقات الشعبية (حق الانتخاب والعزل) وضعت الجماهير متاريسها امام مقرات حزب العدالة والحرية في مواجهة قوات الشرطة المساندة لحزب وحكومة الرئيس الشرعي للبلاد. اعتصم المئات امام قصر الرئاسة مطالبين برحيل مرسي وتصدى لهم الاخوان تساندهم قوات الشرطة النظامية, واستمرت الاشتباكات في اغلب محافظات مصر حتى استفتاء ديسمبر2012

بعد 6 شهور اخرى من حكم مرسي قررت الثورة ان تنتزع حق العزل رغم انف الامبرياليين الذين دعموا حكومة مرسي على مدار 12 شهر.

لاشك ان البرجوازية ترتعب من الثورة رعب الشيطان من الماء المقدس, وقد تنفست البرجوازية العالمية الصعداء عندما وصل الاخوان الى الحكم فهذا سيناريو جيد للاطاحة برجعية مبارك المتعفنة .. ان يجرى استبدالها (برجعية-ثورية) تمثلت جسدا وحزبا في تنظيم وجماعة الاخوان المسلمين. لكن ان تنادي الجماهير باسقاط(الرجعية - الثورية) فهذا اكثر ما يرعب البرجوازية. فاذا استطاعت الجماهير فضح البرجوازيين المتعفنيين (جنرالات مبارك) ومن ثم فضح الاصلاحيين الكاذبين (حزب الاخوان) فان الخطوة التالية لن تكون الا اسقاط البرجوازية بشكل كامل. هكذا ارتعدت طبقة رجال الاعمال من ان تفقد سيادتها وسيطرتها على جماهير شعبنا التي تعلمت الثورة والاحتجاج.

لكن البرجوازية جمعت شتاتها ونبذت مخاوفها جانبا وبدا قادتها التخطيط لاحتواء جديد للشعب.

الخطة هذه المرة هي الاعتراف مجددا بالثورة على نفس طريقة فبراير 2011. لكن على عكس حالة مبارك, كانت سابقة خطيرة على تحالف البرجوازية العالمية ان تلجأ لعزل الرئيس المنتخب الذي هللوا لانتخاباته الشرعية والديمقراطية. الخطر يكمن في ان العزل بناءا على رغبة شعبية واسعة وبالتالي ستزداد ثقة الجماهير بنفسها وبقوتها وتلك ليست مهمة انقلابات عزل الرؤساء. نفذ تحالف الثورة المضادة البرجوازية العالمية (حزب الامم المتحدة) عدة انقلابات عسكرية طوال تاريخها والمهمة الرئيسية للجنرال البطل, هي كسح الثورة والجماهير وتبديد ثقتهم بقوتهم العددية عبر مواجهتهم بالدبابات والمدرعات.

الزعيم نابليون هو خيار البرجوازية الاخير, والافضل. السيسي سيعدم الثورة والثوار وكل افكارهم. بذلك جرى التحضير على قدم وساق لصعود بونابرتي خسيس في مصر الثورة لاحتواء الغضب الشعب المتنامي.

في نهاية يونيو وبداية يوليو 2013, كان الصعود البونابرتي للسيسي يعتمد على نقطة هامة جلبت له دعم الطبقات الشعبية في مصر (الجيش سيخلص الشعب من الاخوان , اجلسوا وائمنوا في بيوتكم والجيش سينقذكم) , هكذا تحدث الجنرال .

متآمرين لكسح الثورة

ان الماركسية تؤكد ان البرجوازيين – طبقة رجال الاعمال - أوعى بمصالحها الطبقية والمستقبلية والتاريخية من الطبقات الشعبية وبالتحديد الطبقة العاملة, وبالفعل هذا ما حدث.

حددت البرجوازية مصالحها جيدا ورات ضرورة عزل مرسي المكروه. تنبأوا - وهم محقين - بان الجيش وجنوده سينقسموا ويتمردوا ويرفضوا تنفيذ اوامر الرئيس المجنون الذي طالبهم – عدة مرات طبقا لبيان الاخوان المسلمين انفسهم في الذكرى السنوية الاولى لاحداث الاتحادية - بالتصدي للمتظاهرين الذين على وشك اقتحام قصره. امام القوة العددية الهائلة للجماهير والتي لن يمكن كسحها وهزيمتها ابدا – يمكن استحضار جمعة الغضب 28 يناير للتأكيد على القوة الذاتية للجماهير عندما تكون متجمعة - قرر " الرجال المسلحين" بالدولة ان يقفوا ضد الرئيس المنتخب, فقط لكي لا تطيح بهم الجماهير والثورة من على كراسيهم المنيعة في هيئة الاركان في حال قرروا المعاداة الصريحة للجماهير. هكذا يمكن توصيف حركة السيسي البهلوانية في 1 و3 يوليو 2013 بانها قطعت الطريق على الثورة المشتعلة التي كانت ستفضح الجهاز السياسي القمعي لدولة رجال الاعمال. لم يكن انحياز السيسي الى صف الثورة الا لاحتواءها ومنعها من الانتصار.. هكذا هُزمت انتفاضة 30 يونيو 2013.

كانت دعوات الثوريين في هذه الانتفاضة هي : عدم الاتكال على الجيش والداخلية وضرورة تشكيل لجان تأمين الاعتصامات والمظاهرات ضد هجمات الاخوان – تماما كما حدث في الانتفاضات المتتالية منذ بداية حكم الاخوان المسلمين.
ظهرت دعوات اضراب عام للفت نظر الجماهير الى ان السلطة الفعلية في ايديهم لا في يد مجلس وزراء قنديل المهترئ. لكن البرجوازية كانت قد افسدت روح وملامح الثورة عبر الانخراط في الانتفاضة – وللاسف كانت قوى الثوريين وسط الجماهير ضئيلة وضعيفة وغير قادرة على توجيه مسار الثورة بسبب انعدام الحزب الثوري الواسع المنخرط في صفوف المصريين. نادى " مناضلين " الاحزاب البرجوازية بضرورة احترام الضباط وشجبوا روح معاداتهم وكان الاعلام سلاحا جبارا في يد البرجوازية ورجال الاعمال.

قوات مكافحة الشغب ظهرت في مؤخرة الجماهير واستقبلهم المخدوعين بالورود بدلا من وضع المتاريس في مواجهتهم. في هذه اللحظة كانت مقدمة الجماهير تواجه ميليشيا الاخوان التي كانت مسلحة جيدا. ابدت قوات البوليس استعدادها على "حماية" الجماهير من الاخوان. وكان هذا المشهد كفيلا بإثارة الاشمئزاز لثوريين الصف الثاني ليقرروا ترك الساحة الجماهيرية ليديرها الفلول ودعاة الوحدة مع البوليس والجيش – وهكذا ازداد ضعف الدعاية الثورية من ناحية ومن ناحية اخرى ازدادت السلطة والدعاوي التخوينية للبرجوازية العميلة على جماهير الانتفاضة - لكن الثوريين الواعيين ناضلوا لرفع وعي الجماهير المنبطح. لم نبتر نحن الثوريين شعاراتنا للحظة واحدة, وناضلنا على مدى اربعة ايام هزت العالم ضد قادة الاخوان والشرطة والجيش على حد سواء.
من وجهة نظر صحيحة, فان سيرورة اي ثورة دون حزب ثوري متغلل وسط جماهير الطبقات الشعبية هي استيلاء قادة الجيش على كراسي الحكم الشاغرة ويعبر الشاعر الماركسي نجيب سرورة في ستينات القرن الماضي عن هذه الحقيقة بالكلمات التالية : الناب .. نابليون دوما كالقدر .. للشاة بالمرصاد لا مفر .. ياسعي آلاف السنين الى سراب"

بجاحة غير مسبوقة لحزب يعيش على تغييب اعضاءه مستخدما الدين

تناسى الاخوان المسلمون بانهم ملؤوا الدنيا صخبا حين عين مرسي, الكلب السيسي وزيرا للدفاع بديلا عن "طنطاوي" كلب مبارك في وزارة الدفاع. اتذكر جيدا احد شباب حزب الاخوان الذي جادلني – في الايام الاولى للسيسي كوزيرا للدفاع - رافضا افكاري عن عمالة السيسي لنظام وسياسات وهيئة اركان مبارك. بكل بجاحة, رفع الطالب الاخوانجي صوته زاعقا بشعار جريدة العدالة والحرية الاخوانية : السيسي وزير دفاع بنكهة الثورة ولو يرزقنا الله بوزير داخلية مخلص للثورة مثل السيسي !! لن يمكنني ان انسى حقارة وعمالة اعضاء الاخوان المسلمين الذين برروا لمرسي تحالفه وتكريمه لرموز نظام مبارك في الجيش والقضاء والشرطة, وسيظل شعار "لولا مرسي ما شقينا بالعمالة" يرن في اذني كلما تذكرت حكومة الاخوان العميلة.
عقب بيان السيسي – يوليو 2013 - خرج الاخوان لينظموا مظاهرات رفض "العزل" والدفاع عن ما اسموه "الشرعية"

في القاهرة, قامت قوات شعبية بتأمين ميدان التحرير امام محاولات الاخوان للاستيلاء على ميدان الثورة. حصلت اشتباكات في طنطا، المنصورة، المحلة، بورسعيد، الإسماعيلية ,واسيوط .

في الاسكندرية, رفعت الجماهير صور السيسي التي وزعت عليهم مجانا وهم يلتفون حول قوات البوليس التي اعلنت انها "تساند" الثوار والجماهير وتعادي حزب الاخوان –بعد ان دافعوا عن مقرات حزب الاخوان, اصبحوا اليوم يهاجمونهم وامام هذا المشهد العبثي ترددت في دماغي "دوام الحال من المحال" "وما ظلمهم الله ولكن كانوا انفسهم يظلمون" للمرة الثانية في الاسكندرية, كان البوليس " يدافع" عن تجمعات الجماهير ويؤمنها في مواجهة مظاهرات الاخوان المسلمين التي تهدف لاحتلال ميدان "سيدي جابر" . الحقيقة ان ميزان القوة كان في صالح البوليس بشكل واضح, وكسح الشعب بمساعدة الداخلية مظاهرات الاخوان . لكن تلك كانت فقط البداية.

في المقابل , صعد الاخوان تحركاتهم ضد جماهير الشعب بهدف احتلال الشوارع والميادين الرئيسية. في اغلب الاحياء كانت الجماهير تستقبلهم بالاحذية والمياه القذرة والمغلية لكن الاخوان حاولوا تأمين فعاليتهم في مواجهة الجماهير التي تكرههم. فاشتدت المواجهات, وسقط العشرات جراء الاشتباكات في الاحياء الشعبية. وبالضبط عند هذه اللحظة, بالضبط عندما قرر الاخوان شن حرب اهلية ضد الشعب الذي خدعه القادة الذين كرمهم وتحالف معهم قادة الاخوان عندما تولوا السلطة, بالضبط بينما كانت الحرب الاهلية ضد الاخوان تحتاج الى قيادة حاسمة تجهز عليهم وتريح الشعب منهم, تدخلت قوات البوليس مرة اخرى ورفعت شعار "الدفاع " عن الميادين والجماهير. لكن هذه المرة كان التدخل واسعا وفُرضت حالة الطوارئ وانتشرت الكمائن – محاكم تفتيش القرن الواحد والعشرين - في كل الوطن.

وبالفعل استجابت ووافقت الجماهير المخدوعة والمظلومة لتدخل قوات الشرطة ضد هجمات الاخوان. في اعتصام رابعة, سقط اخر "مناضل " معتصم في آخر اعتصام للاخوان المسلمين. من بعدها كسحت الدولة تحركاتهم تماما, بحيث لم يستطيعوا اعلان اي اعتصام جديد.

يقف الماركسيون ضد الدولة الرأسمالية دائما ولا يساوون ابدا بين عنف وارهاب الدولة واي رد فعل تجاهها؛ لذلك عارض جميع الشرفاء سلطة السيسي منذ البداية ورفضوا التفويض الذي طالب به الجنرال واكدوا ان حرب السيسي ضد الارهاب والاخوان ستتحول الى "مهرجان لاضطهاد الجميع" وبالفعل, فقد قتلت الديكتاتورية العسكرية منذ يوليو 2013 ما يقرب من 5000 مواطن, كما حصدت الاعتقالات العشوائية اكثر من 40 الف مواطن معتقلين الان في سجون السيسي.

لم تعتقل كتائب السيسي كل من اطلق لحيته فحسب, لكن اعتقلت كتائب السيسي كل من وضعه حظه العسر امام ضباط الشرطة. يمكن القول بان الشرطة بدأت حملة انتقامية ردت بها على الهزيمة التي تلقتها منذ اكثر من 3 سنوات في جمعة الغضب 28 يناير.
كما شنت الدولة حملة اعتقالات واسعة للاقليات بشكل عام خاصة السورية والفلسطينية ليس لشئ الا لانهم اقليات لن تجد من يدافع عنها.

ولان الصوت الاعلى هو صوت قنابل الغاز والرصاص الحي, لم يستطع احد ان يوقف الديكتاتورية العسكرية عند حدها عندما بدأت مهمتها الاصلية : كسح الثورة بشكل كامل. منعت الاضرابات والمظاهرات, وبدأ اعتقال القيادات النقابية والعمالية والثورية, وطالت الاعتقالات عناصر ثورية شاركت في الانتفاضات المتتالية ضد حكم مرسي والاخوان – كالرفاق لؤي القهوجي وماهينور المصري.

هكذا جرى تصفية كل من ينطق باسم الثورة عبر اعلان الحرب على الارهاب... العار لليسار الداعم للسيسي ولكل من وافق وبرر ارهاب الدولة.

السحر ينقلب على الشياطين قادة الاخوان العملاء

الشرطة دججها السيد مرسي نفسه بالسلاح , ورفع ميزانيتها ثلاث مرات في سنة واحدة. لكن مرسي شهد سحره ينقلب عليه. في الاسكندرية على سبيل المثال, كان "ناصر العبد" رئيس مباحث بوليس مبارك من اهم رجالات دولة مرسي – بحيث كرمه "البرنس" المحافظ المعين من مرسي وعضو جماعة الاخوان المسلمين – "ناصر العبد" نفسه كان يقود عمليات مهاجمة وحصار فعاليات وتحركات الاخوان المسلمين. هكذا انضم الاخوان – بعد دعمهم لناصر العبد - لشعار ثوار الاسكندرية الذين طالبوا مرارا باعدام "ناصر العبد" ومأمورين وضباط اقسام البوليس.

كان التفوق العسكري للشرطة رهيبا بينما اظهرت البرجوازية الاخوانية ضعفا عسكريا واضحا. اتضح ان شعارهم الاساسي (وأعدوا) لم يتجاوز حدود الكلمة نحو المهام العملية. بحيث هزمت الدولة تنظيم الاخوان في ايام معدودة, والى اليوم يجري التنكيل باعضاء جماعتهم وحزبهم والاحزاب الاسلامية بشكل عام وبالطبع بكل من يعلن معاداته للسيسي.

وضعت البرجوازية الحاكمة في مصر القوة العسكرية للدولة في الصفوف الاولى من الجماهير, واُجبرت الاخيرة على ان تفهم ان موقف الشرطة هو الدفاع عن الثورة. هكذا كسبت البرجوازية مخاطرة دعم الثورة. واصبحت تتمتع بدعم الشعب – الذي اعتقلت منه جميع العناصر الثورية المحرضة على الثورة بحيث اصبح صوت الثوار خاتفا وغير مسموعا على الاطلاق.

لعبت البرجوازية على المنطق العقلاني للجماهير؛ اذا كانت قوات الشرطة لا تقف امامكم, بل انها تقف في صفكم وامام الاخوان اعدائكم, فلم تضعون الداخلية عدوا لكم الان؟

"ان قوات الشرطة قد تغيرت ووقفت تدافع عن مصالح الثورة" هكذا روج العملاء في الجرائد والقنوات البرجوازية. خرجت صيحات دعم نابليون مصر وقواته من كل الابواق البرجوازية في مصر, وامتدت المأساة الى وقوف اغلب الحركات المعارضة الى صف التفويض الذي دعا اليه السيسي - جنرال مبارك ومرسي على حد سواء.

هنا تكمن المشكلة الرئيسية للثورة :عمالة قادة الاحزاب السياسية في مصر لمنظومة ودولة الاستبداد. ظهرت الديكتاتورية العسكرية امام الجماهير بتسويغ من قادة الاحزاب, كقائد ومخلص من الاخوان المكروهين والمسلحين. لكن بالنهاية يمكنني التأكيد ان وقود ثقة الجماهير بقوتها هو خيانة الزعماء.

الطلبة ضد الاخوان

في انتفاضة 30 يونيو نظم طلاب جامعة الاسكندرية العديد من المظاهرات المعادية لحزب الاخوان والرئيس مرسي بحيث كانت المظاهرات تخرج من امام كليات جامعة الاسكندرية رافعة شعارات (يسقط كل من خان : عسكر. فلول. اخوان.) لذا لا يمكن اغفال دور الطلبة في انتفاضة 30 يونيو باي شكل من الاشكال.

بعد الانتفاضة, وبالضبط بينما كان الاخوان يخسرون مواقعهم في الشارع على يد القبضات الشعبية وقوات الشرطة التي تعتقل كل من يشتبه في اعتراضه على سياسات السيسي, وبالضبط بعد العزل باكثر من 60 يوم ظهرت نفس المشكلة في الجامعة بشكل اوسع واعمق : الشعب يواجه الاخوان المسلمين. ولتأمين انتصار حاسم على الاخوان سيستدعى العمداء والمسؤولين الفاسدين للجامعات – الذين دعمتهم وجددت لهم حكومة مرسي - بلطجية الشرطة والبوليس الذين سيكتسبوا فيما بعد اسم "قوات حماية المواطنين"
استغل شباب الاخوان الحرية السياسية للحرم الجامعي – التي انتزعتها ثورة يناير 2011 - ليوزعوا ويرفعوا منشورات ولافتات تنادي بعودة قائد الثورة المضادة المكروه. انشئوا المعارض وحشدوا كل انصارهم لدعم رئيسهم المكروه فاقد الشرعية. لهذا كان ضروري ان يبدأ الطلبة - بما انهم جزء من الشعب الكاره للاخوان – مطاردتهم ونبذ دعاويهم.

في اول ايام الدراسة لم ينادي الاخوان علنا بعودة الرئيس المعزول او بالتضامن مع اعتصامات الاخوان التي فضتها قوات الجيش والشرطة. لكنهم بدأوا العام الدراسي بمظاهرات التضامن مع الطلبة المعتقلين والتنديد بالحكم العسكري للسيسي. ولانهم لم يواجهوا اي معارضة, كثفوا فعالياتهم حتى اصبحت يومية , ولما لم يوقفهم احد عند حدهم, جلبوا شعارات رابعة وصور الرئيس المعزول ودعوات التضامن معه. عندها اشتعل غضب الطلبة. (مرسي رئيس مكروه) هذه هي الصيحة الاعلى في الجامعة الان .

في جامعة الاسكندرية, وبعد العزل , وقبل بداية الدراسة , كانت الاجتماعات التنسيقية للتنظيمات الطلابية الثورية تؤكد ضرورة تنظيم الصفوف وتوحيد العمل للتصدي لمحاولة السيسي احكام قبضته على الجامعة عبر الضبطية القضائية لحرس الكليات. كما خطط الثوار للتصدي لمحاولات عودة الاخوان المسلمين للعمل كحزب داخل الجامعة. صورة الاخوان في الاذهان تماما كالحزب الوطني , فاسدين مكروهين وتبريراتهم بشان شرف زعيمهم غير مقبولة. حزب ساقط تذكره الجماهير في مصر باللعنات وطبيعي ان يخطط الثوار للتصدي لهم .

كان الظرف في الجامعة مواتيا تماما لطرد الاخوان المسلمين ووقف عمل حزبهم داخل الجامعة, فالشعب يطاردهم خارج الجامعة بمساعدة البوليس لاكثر من شهرين, واصبحت كلمة اخواني سبة تماما ككلمة فلول في الشهور الاولى لثورة يناير.

اشتباكات طرد داعمين مرسي مبارك

بدأ الطلبة داخل الجامعة يتأففون ويتذمرون من معارض الاخوان وبياناتهم. وبشكل فردي, اشتبك الطلبة مع الاخوان ممزقين شعارات ولافتات رابعة ومرسي.
الاحتجاجات العفوية والفردية تحولت الى احتجاجات جماعية لكن عفوية ايضا. الطلبة كالجماهير يتحركون دون خطة كاملة وتحت تأثير متناقضات عدة. هكذا بدأ نضالا واسعا شمل اهم جامعات مصر لوقف دعاوي الثورة المضادة الاخوانية المنادية بسقوط السيسي لصالح عودة مرسي!

كان طلبة الجامعة يطلبون وقف الدموع المصطنعة لحزب الثورة المضادة الذي اسقطته الانتفاضة بعد ان احرقت الجماهير الغاضبة مقراتهم. لكن للاسف هذه المسألة بالذات لن تُحل الا بالعنف, هكذا اعلن الاخوان المسلمين على الاقل. فبدأت اشتباكات واسعة بالعديد من كليات جامعة الاسكندرية لمنع الدعايا الاخوانية, ولما قابلهم الاخوان بالعنف قامت جماهير الطلبة بالدفاع عن نفسها, وهاجمت ايضا متى سنحت لهم الفرصة .

لاشك انه في ابريل ومايو 2011 , وفي الشهور الاولى للثورة , ولو ان الحزب الوطني كان يرفع صور مبارك ونجليه بالجامعة , كان الطلبة والتنظيمات الثورية ستتوجه لمطاردتهم ومحاصرتهم, في تلك الايام كانت التنظيمات التي ولدتها الثورة مفعمة بالشجاعة والحماسة والرغبة في العمل من اجل انتصار الثورة. والحقيقة, ان الاخوان المسلمين كانوا يروجون لدعم المجلس العسكري ورجال مبارك طنطاوي وعنان طوال تلك الشهور. قام الاخوان بدور الحزب الوطني ودافعوا عن جمهورية مبارك. لذلك وضعتهم التنظيمات الطلابية الثورية كاعداء منذ استفتاء مارس 2011 اغلب معارض وبيانات القوى الثورية بالجامعة تضمنت نقدا لاذعا للاخوان المسلمين بوصفهم خونة الثورة, وقطعا تسبب ذلك في مشاحنات واسعة داخل الجامعة على مدار ما يقرب 3 سنين من الثورة .

لاسباب كثيرة فشلت الحركة الثورية بالجامعة في قطع الطريق على عودة دعاوي الاخوان الى الظهور بالكليات. وانخرطت الحركة الثورية في نقاشات وتفاصيل داخلية - وفعاليات دورية غير يومية - تاركة شوارع الجامعة لطلبة الاخوان المسلمين. فكان ضروري ومتوقع من الطلبة "العاديين" ان ينتفضوا لوقف هتافات ودعايا الاخوان المسلمين الغير مقبولة. لكن لاشك ان المعركة لن تنتهي الا بعامل حسم حقيقي, هنا تأخر الثوريين عن التدخل لقيادة الصراع الذي يقوده الاخوان بالعنف وفقط. لم تتوقف حركة الكون واستمرت المعركة في الجامعة بين الطلبة دون قيادة من ناحية, وبين الثورة المضادة الاخوانية المنظمة والمستعدة للمواجهة جيدا.

هنا بالضبط, قام عمداء الكليات الفاسدين باستدعاء البوليس الى اسوار الكليات لمنع ووقف مظاهرات ودعايا طلاب الاخوان المسلمين.

رفض الثوريون الاتكال على البوليس وتبرير اقتحامه للجامعة بمهمة "التصدي للاخوان" ويمكن التأكيد ان ايا من المجموعات الطلابية الثورية بجامعة الاسكندرية على وجه التحديد لم تقف الى جانب استدعاء قوات الشرطة لنشر "الامن" بالجامعات – على حد وصف مسؤولين وعمداء الكليات.

اخيرا, فان الحكومة والسيسي والاعلاميين, جميعهم على حد سواء اعلنوا ان النضال المعادي للدعايا الاخوانية كان بين فريقين (الداعمين لمرسي/ الداعمين للسيسي). الاخوان ايضا لم ينكروا مثل هذا الطرح ودعموا ونفذوا مخطط السيسي – بالتعاون مع اعلاميين ونخبة الديكتاتورية العسكرية - في وصف التحركات الجماهيرية المضادة لحزب الاخوان على انها تحركات جماهيرية مؤيدة ومساندة وتابعة للسيسي. كما قام الاخير ببث عملاءه - عن طريق عمداء وامن الكليات - ليرفعوا صوره وسط المظاهرات المعادية للدعايا الاخوانية وقطعا اثارت هذه الصور شبهة واشمئزاز الثوريين. لكن يجب التأكيد ان الثوريين وقفوا امام هذا الطموح, ابتداءا من رفضهم اطلاق وصف (بتوع السيسي ) على رافضين دعاوي الاخوان وحتى الانخراط في الاحتجاجات المعادية للاخوان ومحاولة قياداتها عبر شعار (ضد السيسي.ضد الاخوان.النصر للثورة)

هكذا فان حقيقة الاشتباكات والنضالات الطلابية التي واجهت دعايا طلبة الاخوان كانت تمثل مدا جماهيريا يسعى لاسقاط نفوذ وهيبة الاخوان المنافقين من مجتمعنا الى النهاية – لن تستطيع اوامر حكومية فوقية ان تُجهز على نفوذ اي حزب بينما فقط الحركة الاجتماعية والجماهيرية هي من يستطيع ان يجهز على دعاوي هذا الفصيل او ذاك - المد الجماهيري المضاد للاخوان لم ينتهي باعلانات السلم وتبادل الاحضان والقبلات بين الطرفين على طريقة السينما البرجوازية, لكنه سينتهي بمصيبة اول مرة تحل على الجامعة المصرية منذ اندلاع الثورة في يناير 2011

البوليس على بوابات الجامعة .. وهتافات الطلبة : لن تمروا

اصدر عمداء الفساد نداءات الاستغاثة الى حكومة السيسي بضرورة عودة الشرطة للجامعة لوقف المظاهرات الاخوانية, وعلى الفور امطت الرجعية والثورة المضادة جوادها واطلقت كلابها المسعورة لحصار واقتحام الجامعة.

في مواجهة قوات الشرطة والجيش, نشر الثوريون الدعاوي التالية : اذا كانت اغلبية الطلبة ضد دعايا وهتافات وشعارات الاخوان المسلمين فان عليهم ان يعتمدوا على قوتهم وقدرتهم الذاتية لمنع حركة ودعايا طلبة الاخوان المنافقين. وطالب الثوريون بتجنيد كل الطاقات للوقوف ضد دعوات عمداء امن الدولة التي تستدعي الجيش والبوليس لحرم الجامعة تحت حجة "سحق طلبة الاخوان"

كان منطق الثوار صحيحا مئة بالمائة, فالضباط الفاشيون لم يفرقوا باعتقالاتهم ورصاصاتهم العشوائية بين الثوريين والاخوان المسلمين وحتى الطلبة الغير مسيسين. سقط العشرات من الشهداء داخل اسوار الجامعات المصرية وعلى مدار 5 شهور اقتحمت الشرطة اغلب جامعات الجمهورية واصبح الرصاص وانفجار قنابل الغاز مشهدا يوميا في الجامعات المصرية.

اتخذ السيسي القائد الاقوى للثورة المضادة قرارا بتصفية الفئة الاكثر راديكالية وثورية في مصر "طلاب الجامعة" وبرغم المقاومة البطولية التي ابداها طلاب الجامعات فان حكومة السيسي استمرت في طريقها ورفضت ان تتراجع عن خطة تصفية روح الثورة – طلاب الجامعة – بشكل نهائي فاستمر قصف الجامعات حتى آخر ايام الدراسة. لكن على اي حال, استطاع الطلبة ان يدافعوا عن حرم الجامعة ويمنعوا قوات الشرطة من احتلال الجامعة عبر تقديم التضحيات والشهداء والمعتقلين. وبذلك لم تجد كتائب البوليس والجيش ارضا ثابتة تقف عليها غير خارج اسوار الجامعة.

لاشك ان البوليس والجيش هم الاعداء الاساسيين للثورة والثوار ولا تجب الثقة فيهم مطلقا وهذا الاستنتاج يفهمه اغلب الفقراء والاميين في وطننا مصر؛ هؤلاء يطلقون على قوات الشرطة اسم "الحكومة" وبالفعل هؤلاء هم "الحكومة" الواجب التخلص منها للابد.
ان غباء الحكومة دفع اغلبية الطلبة نحو التوحد دفاعا عن الجامعة والمعتقلين. وفي جامعة الاسكندرية, استطاع الثوريون تأمين حق الدعايا المستقلة بينما تدور الاشتباكات على اسوار وبوابات الجامعة - بحيث لم ينزع الثوريون شعار (ضد السيسي . ضد الاخون . النصر للثورة) من بياناتهم وخطبهم التي حشدوا بها مظاهرات الدفاع عن الجامعة والمعتقلين.

دروس انتفاضة استمرت لمدة عام دراسي كامل

1- يظهر من الشرح السابق ان السبب الرئيسي لان تقرر البرجوازية الدفع بقوات الشرطة الى الجامعة هو رعبها من استمرار الحرب الاهلية في الجامعة, فالاخيرة بما تحمله من مأساة للجماهير والفصائل الشعبية المتحاربة تُسقط الاقنعة عن الوجوه وتعلمهم تنظيم الصفوف لتأمين حياتهم.

هذا هو الخطر الاكبر على البرجوازية : ان تثق وتنظم الجماهير قوتها بنفسها, وستصل الجماهير حتما - بدروس المعارك - الى نبذ وطرد دعاوي وسلطة القادة الادبيين للبرجوازية المروجين لنبذ العنف - الا الذي تبديه الحكومة. لهذا سعت الايدلوجية البرجوازية من اتحاد الطلبة الاصلاحي وحتى وزير التعليم العالي ووزير الداخلية الى قطع الطريق على هذه الحرب واخفاءها باستخدام البوليس كبديل عن تنظيم الجماهير لنفسها.

2- الطلبة المحتجين على وجود الاخوان لم يجدوا قيادة واعية تنجز مهمة ايقاف دعاوي الثورة المضادة الاخوانية عند حدها. ولان الداخلية والجيش تدخلت من قبل فحسمت المعركة ضد الاخوان, قام عمداء الكليات بتبرير استدعاءهم للبوليس الى اسوار الجامعة بوقف الاشتباكات الطلابية داخل حرم الجامعة التي تهدف لمنع الدعاوي الاخوانية. ويمكنني التأكيد انه اذا قرر الثوار التدخل بفاعلية لحسم الصراع ضد الاخوان - على الاقل عبر تواجد الدعاوي الثورية بشكل يومي داخل الجامعة - كانوا سيستطيعوا قطع الطريق على دعوات عودة الداخلية.

3- عندما تحول النضال الطلابي نحو معاداة البوليس الذي بدأ في حصار الجامعة, بدأت وحدة طلابية غير منسقة بين كافة الفصائل الطلابية - بما فيهم طلبة الاخوان - للدفاع عن الجامعة في مواجهة قوات البوليس.
على الثوريون ان يعملوا في اي مكان لكن بشعارات كاملة غير مبتورة, عليهم ان يظهروا بين صفوف الطلبة الداعمين للدعواي الاخوانية ليؤكدوا على عمالة السيسي وقيادات الاخوان ايضا. عندها سيُطردوا من المظاهرات, لكن الثوريون سيعاودوا الظهور من جديد في اليوم التالي. ليطردونا اليوم لكنهم على الاقل سيسمعوا دعاوينا وسيفهموا عاجلا ام آجلا ان الثوريون ودعايتهم لن تتوقف مهما كانوا اقلية محاصرة من الاخوان والبوليس والاحزاب العميلة.

يجب ان يسعى الثوريون دائما للعمل بين الجماهير مهما كان وعيها منبطحا وخاضعا للاجندة والايدلوجية الحكومية. فالمهمة الرئيسية للماركسيين الثوريين تتحدد بضرورة رفع وعي الجماهير لا تركهم لوعيهم الذاتي ولقياداتهم المصطنعة والعميلة .

4- انخرط في النضال المضاد لحضار البوليس للجامعات جميع الفئات الطلابية - ابتداءا من الطلبة الغير منظمين في كيانات سياسية وحتى الاسلاميين والثوريين - وبينما حاول الطلبة الثوريين ان يوجهوا النضال الطلابي ناحية حصار عمداء الجامعة واجبارهم على الاحتجاج لانسحاب البوليس من محيط الجامعة, فان طلبة الاخوان عملوا على توجيه المظاهرات الطلابية ناحية مواجهة البوليس التي افضت الى سقوط العديد من الشهداء والمعتقلين. يمكنني التأكيد ان الاخوان الذين يرفعون شعار (شوفوا مصر هتروح لفين) يهدفون الى زيادة عدد المعتقلين والشهداء من الشعب لتبرير ان النظام الذي اتى نتيجة لانتفاضة 30 يونيو - التي هدفت الى اسقاط نظام الفساد عبر اسقاط حكم الاخوان - هي انتفاضة ممولة ومدفوعة من عناصر نظام مبارك او بمعنى اصح من عناصر الثورة المضادة المصرية. لكن بالنهاية لم تستطع القيادة الاخوانية ان تمنع الاحتجاجات الطلابية من ان تحاصر عمداء الكليات وتجبرهم على اعلان رفض حصار البوليس للكليات - مثال هندسة الاسكندرية وعين شمس دليل على التوجه الطبيعي للطلبة ناحية حصار العمداء.

ان وجود مسؤولين وعمداء ثوريين هو ضرورة لمنع اقتحام البوليس للجامعة كما للاصلاح العام للجامعة, وعن طريق حشد الطلبة وتوجيههم ناحية حصار العمداء - وهي مرحلة سيقوم بها الطلبة المحتجين عاجلا او آجلا - سنستطيع منع العديد من التضحيات الغير ضرورية للفصائل الطلابية.

على طلاب الجامعة ان يفهموا ان مشكلتهم تبدأ وتنتهي بالقادة والعمداء الفاسدين للكليات والجامعات المصرية. نحو هؤلاء يجب ان نوجه طاقاتنا وهتافاتنا, هذا هو الطريق لحصار حكومة الفساد .. محاصرة مندوبيها بالجامعة.

5- في حال بدأ العام الدراسي الجديد بوجود الشرطة على بوابات الجامعة, فان تجميع القوى الطلابية من اجل شن هجوم حاسم يهزم قوات الشرطة - لا هجوم مشتت سيؤدي بالنهاية لمزيد من الخسائر في صفوف الطلبة- هي عملية اصعب واطول من تجميع القوى للدفاع عن الجامعة - كالنضال الذي اشتعل طوال الفصل الدراسي الاخير.

على الثوريون ان يصيغوا من الان اهداف وخطط النضال في الفصل الدراسي الثاني الذي سيبدأ بعد اشهر من الان. والصوت الثوري يطالب ببناء اوسع جبهة تحت شعار (ضد السيسي.. ضد الاخوان..فلتحيا الثروة) لكن وحتى مع دخول الشرطة كطرف في الصراع داخل جامعتنا - وهذا يعني توحد الحركة الطلابية (الاسلاميين مع الثوريين) للدفاع عن الجامعة - فيجب الحفاظ على شعار ( ضد السيسي.. ضد الاخوان..فلتحيا الثورة) كشعارا مرحليا يبرز ويشرح ويجمل الاهداف المرحلية للقوى الثورية.

اقول ان الثوريين يجب الا يخفضوا شعاراتهم من اجل استيعاب الطلبة الاسلاميين, عليهم هم ان يتخلوا عن احلامهم بعودة رئيسهم مرسي المكروه. ان المحافظة على الشعار المذكور - او ما يمثله- وعدم تخفيضه لاستيعاب الاخوان ستضمن ان يرفع الثوريون الحقيقة كاملة. وفقط الحقيقة الكاملة ستكسبنا تعاطف وثقة الجماهير الى خطنا ومشروعنا الثوري . ان الشعار المذكور دون أي بتر, هو الشعار الوحيد الذي يمكن ان يجمع جيش ثوري ينفذ المهام الانية الثورة بالجامعة.

6- ان الحرب الاهلية مندلعة بشكل دائم بالافعال الخيانية من الوزراء والمسؤولين بحق اغلبية المواطنين. وتتخذ الحرب الاهلية شكلا علنيا عندما تبدأ الجماهير بالانتفاض مطالبة - باعلى ما في صوتها - بقتل واعدام مجموعة من العناصر والمواطنين الذين يمثلون الحقارة والشناعة في افكار وادمغة اغلبية المواطنين. وتقف جميع عناصر الطبقة البرجوازية - بلا استثناء- مضادين لنشاطات ودعاوي الطبقات الجماهيرية التي تتخذ شكل جيوشا ثورية غير منظمة تدك - من حين لاخر - اقسام البوليس ومقرات الحكومة وكل ما يمت للطبقة الحاكمة بصلة. لذا على الثوريون ان يدافعوا دائما عن عنف الطبقات الشعبية في مواجهات عصبة الديكتاتوريون الموالين للنظام الراسمالي وسيطرة الامم المتحدة وحكومة الولايات الامريكية.

ردد الثوري الروسي ليون تروتسكي الشعار(الثورات تظل دائمة) ليعبر عن وجود روح الثورة والاحتجاج في المجتمع بشكل دائم - وان كان خفيا - إلى أن يصبح علنيا مشكلا انتفاضة جماهيرية تهدد النظام الراسمالي وتجبر دولته الاستبدادية على التراجع. كما يشرح الثوري الأممي إرنست مندل هذه الحقيقة بالكلمات التالية (الثورات حتمية بمرور الزمن .. الثورة هي ما يجعل تاريخ البشرية يتقدم، لم تزل العبودية بإصلاحات ولم تُلغ ملكية النظام الإقطاعي بإصلاحات، لم يكن لإلغائهما طريق إلا بالثورة .. الثورات لا يستحدثها أو يطلقها بشكل مصطنع مجموعات "متمردة أو متآمرة" أو أحزاب، الثورات تطلقها الجماهير بملايينها في أزمات النظام بكلمة واحدة، عندما تفلس الانظمة عن الحكم.. يعتاد الشغيلة والفلاحون الفقراء وصغار الحرفيين والنساء والشباب والأقليات القومية والعرقية على التعرض خلال الحياة اليومية للانسحاق والاستغلال والاضطهاد من جانب خليط من المالكين والأقوياء. لديهم انطباع أن التمرد مستحيل وغير مجد، وأن قوة خصومهم كبيرة لدرجة ينتهي معها كل شيء إلى «العودة للنظام» على الدوام. إلاّ أن هذا الخوف، هذا الإحباط، هذا الشعور بالدونية والعجز، يذوب فجأة في مصهر التعبئة والمعارك الجماهيرية الكبرى. فالجماهير تكتسب إذ ذاك وعيا عميقا لسلطتها العظيمة الكامنة، منذ تتحرك مجتمعة، بصورة جماعية ومتضامنة، منذ تتنظم وتنظم معركتها بفعالية" ونجاح الانتفاضة الشعبية بالاعتماد على قوة الجماهير المنظمة هو ما يضعه الماركسيون هدفا نهائيا لهم.

إن الانتفاضة الشعبية التي ستزيح دولة السيسي وتجبر النظام على التراجع تختمر وتتكون في مجتمعنا لاشك في ذلك.

السيسي نفسه يفهم هذا وكل محاولات ديكتاتوريته العسكرية لقمع شعبنا ومنع وتأخير الانتفاضة لن تفعل سوى تسريع غضب وكراهية الجماهير الشعبية التي ستنتفض - لاشك - لتدافع عن مطالبها من جديد، فالثورة المصرية ولدت أحلاما بمجتمعا جديداً يخلو من الظلم والفساد ان رفع شعارات سياسية صحيحة تعبر عن الوضع والازمة المرحلية التي تمر بها ثورتنا هو ضرورة لضمان تحضيرا حقيقا لوعي الانتفاضة القادمة لذا على الثوريون ان يدافعوا عن شعارات واحلام الانتفاضة والثورة طالما بقوا على قيد الحياة.



#محمود_ابوحديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- `رسالة مفتوحة لعميد هندسة اسكندرية الحالي.. فسادك هو طريقك ن ...


المزيد.....




- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود ابوحديد - اشتعال الحرب في جامعة الاسكندرية.. انتفاضات ضد الاخوان وضد السيسي