|
إسرائيل نائبا للجنة الأمم المتحدة لإنهاء الإستعمار- إنجاز دبلوماسي فلسطيني جديد!
مصعب بشير
الحوار المتمدن-العدد: 4495 - 2014 / 6 / 27 - 17:22
المحور:
القضية الفلسطينية
قبل أيام قليلة صدر خبر لم تسلط عليه الأضواء كثيرا، مفاده أنه قد تم اختيار إسرائيل نائبا للجنة الجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بإنهاء الإستعمار. لن أخوض في إدانة الأمم المتحدة ولن أهاجم انحيازها السافر للدولة الصهيونية -وتلك إدانة وهجوم أصيلان، على قاعدة أن الحق حق حتى لو أهمله صاحبه- لأنني أعتقد أن "المنظومة السياسية الفلسطينية" هي من تتحمل وزر ذلك في المقام الأول. أقصد هنا ب "المنظومة السياسية الفلسطينية"، الطبقة البرجوازية الفلسطينية المسيطرة على مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وعلى السلطة. جدير بالذكر أن هذه الطبقة بصدد ترتيب أوضاعها الداخلية لضم الشريحة الملتحية منها بعدما سبق وأن ضمت أشباه اليساريين و"حيتان" المنظمات الأهلية NGOsمنذ أن دقت أوسلو طبولها حتى اليوم. وهي في خضم عمليات التوسع والضم والمحاصصة تلك، تشكل ما أشير إليه باسم "المنظومة" باستثناء شذرات "المقاومة" من الشريحة الملتحية، والتي رغم عدم إيمانها بالعمل السياسي فإن أفعالها في المجمل غير موجهة سياسيا ما يجعل المردود النهائي غير مجدي. من أجل تثبيت هيمنتها على المشهد الفلسطيني، عمدت المنظومة السياسية الفلسطينية إلى مغازلة البرجوازيات العربية الغارقة في التبعية والعمالة للإمبريالية، لتضخيم مواردها المالية، كما أنها لم تأل جهدا في شراء ذمم صغار البرجوازيين من المثقفين والخبراء والكوادر والأكاديميين والشخصيات ذات التأثير المجتمعي، علاوة على ترويجها لخطاب شعبوي سريع التغير؛ (الكفاح المسلح فقط، ثم غصن الزيتون وبندقية المحارب، ثم ماذا حققت البندقية ونحن لوحدنا وما العمل، وصولا إلى أكذوبة الدولة والعلم على جزء محرر من أرض الوطن ومن ثم كيف نطعم الناس ونحن بلا موارد)، كل ما سبق في ظل عقم آليات العمل المهترئة لدى اليسار الثوري الذي اتسم بالتكلس والمثالية المفرطة، والبدايات الغوغائية لليمين الديني. بررت المنظومة السياسية الفلسطينية حصر دائرة فعلها في المفاوضات العقيمة مستندة إلى ما يلي: 1- أن الكفاح المسلح الفلسطيني، محصلته كمحصلة أي حرب، الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى حلول.1 2- أن المجتمع الدولي بات مصرا على "إنعاش عملية السلام" بعد أن شهد الشرق الأوسط حروبا ونزاعات مسلحة دامية منذ عام 1967 حتى أواخر الثمانينات.2 3- إنتزاع إعتراف دولي ب م.ت.ف كممثل للشعب الفلسطيني بغض النظر عن الأساس الذي يقوم عليه ذلك الإعتراف. 4- الخروج من عباءة الهيمنة والوصاية والإحتواء الذي حاولت الأنظمة العربية فرضها للحفاظ على "القرار الوطني المستقل". 5- القيام بما أسمته المنظومة ب "هجوم السلام" بعد إعلان الجزائر 1988 "لتجريد معارضي الإعتراف بفلسطين من أسلحتهم ضدنا" وفقا لعبارة محمود عباس في كتابه "المسيرة السياسية في الشرق الأوسط".
في كثير من تلك المبررات نجد "كلمات حق يراد بها باطل"، صحيح أن الكفاح المسلح يفضي لمفاوضات، فالثورة الجزائرية الباسلة ذهبت لمفاوضات إيفيان مع فرنسا لكنها لم تنبذ الإرهاب والعنف ولم تتنازل عن أكثر من 70% من ترابها الوطني ولم تتعهد بتحمل مسؤولية منع حدوث ذلك كما فعلت المنظومة السياسية الفلسطينية3. فقد وقع ياسر عرفات على خطاب إعتراف م.ت.ف باسرائيل في 09/09/1993 وبعد أن قرأ الإسرائيليون ذلك الخطاب ردوا عليه بخطاب إعتراف مقتضب في 10/09/1993 مفاده أنهم يعترفون ب م.ت.ف ممثلا للشعب الفلسطيني وأنها ستشرع معها بالتفاوض، فقط لا غير.4
تتحمل المنظومة السياسية الفلسطينية، إذن، وزر "تصييت" إسرائيل في المحافل الدولية، لأنها تنازلت عن حقوقنا المشروعة في وطن كامل وفي استخدام كافة أشكال النضال، مسدية بذلك خدمة للصهيونية بأن ما هو من حقنا ليس سوى إرهاب، ومصدرة الأكاذيب للإستهلاك فعباس يقول: "إن أوسلو أعطت الحركة النضالية الفلسطينية زخما ودفعا للأمام...حيث حصلت على جزء من مطالبنا وفي نفس الوقت لم نتنازل عن الجزء الآخر" 5. بالإضافة إلى ذلك فإن إعتراف إسرائيل بوجودنا كفلسطينيين بات، بسبب الإستراتيجية الفاشلة للمنظومة السياسية الفلسطينية، مكرمة ومأثرة كبيرة تقوم بها إسرائيل في ظل التنازل عن مكتسبات بفعل القانون الدولي كتقرير جولدستون.
مع ذلك تتشدق المنظومة السياسية الفلسطينية وأبواقها من الإعلام المأجور حول منجزات الدبلوماسية الفلسطينية! فهاهو زعيمهم ذاك يتحدث عن "تثبيت فلسطين رقما معترفا به على خارطة العالم السياسية وأصبح الجواز الفلسطيني واقعا ملموسا" 6. أجل، واقع ملموس؛ عندما تقدمت بطلب تأشيرة لدخول إسبانيا العام الماضي ،بعيد "هليلة" الدولة المراقب في الأمم المتحدة، وعند تسجيل الدعوة لدخول إسبانيا في أحد مراكز الشرطة، لم يكن هناك وجود لفلسطين في قائمة الدول الموجودة في قاعدة البيانات، بل حتى لم يكن هناك وجود للأراضي الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية، ومن نافل القول أن قاعدة بيانات الدول في إسبانيا هي نفسها في دول الإتحاد الأوروبي.
لست أدري عم يتحدث عباس والمطبلون من اليمين؟ ماهي الإنجازات؟ وماهي المطالب التي لم يتم التنازل عنها؟! بعد إعلان الجزائر عام 1988 –مع تحفظي الكبير جدا شخصيا على مضمونه ودلالاته- لماذا لم تتوجه م.ت.ف. مثلا للأمم المتحدة مستفيدة من آخر أيام الإتحاد السوفياتي؟ في عام 1991 بعيد انهيار الإتحاد السوفياتي تم العدول عن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1975 الذي كان يعتبر الصهيونية شكلا مدانا من أشكال العنصرية معاداة الإنسانية فماذا كان الرد؟ أوسلو؟! والتعهد بتعديل الميثاق الوطني وإزالة كل ماله علاقة بالتحرير والتعبئة ضد الصهيونية؟! 7 . منذ أوسلو حتى اليوم لم تتم إزالة م.ت.ف من قائمة الإرهاب الأميريكية بشكل نهائي -رغم الإنبطاح التام- حيت أن الرؤساء الأمريكان منذ ذلك الحين يقومون كل 6 أشهر باعطائها ما يشبه الإستثناء للإبقاء على مكتبها مفتوحا في واشنطن لتلقي التعليمات الأميريكية. لماذا لا يتم مثلا اصطحاب أمهات سجنائنا السياسيين إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف أو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة على غرار ما فعلته إسرائيل مع زوجة أحد الجنود الذين أسرهم حزب الله أو والدي الجندي المأسور شاليت أوأمهات المستوطنيين المفقودين في الخليل؟ لماذا لم توقع م.ت.ف بعد حصول "فلسطين على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة –مع معارضتي الكبير على الأسس القائمة عليها هذه الصفة- على إعلان روما وميثاق محمكة لاهاي لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين؟ لماذ ولماذا...الجواب بسيط: لأن هذه المنظومة لها من الإمتيازات والمصالح ما يتعارض جوهريا مع مصالح الشعب الفلسطيني. هذا الشعب الغارق في العوز والجهل والتخلف والخزعبلات والذي انحطت مثله وأخلاقه والذي مالم تتوحد الأنوية الثورية لتوعيته طبقيا وإجتماعيا وسياسيا، ومالم تعمل هذه القوى على إنهاء الحالة المزرية للمرأة فيه، فإنه سيضمحل. ¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬ الهوامش: 1- محمود عباس. "المسيرة السياسية في الشرق الأوسط" 2001. ص7. 2- محمود عباس. "المسيرة السياسية في الشرق الأوسط" 2001. ص9. 3- محمود عباس. "طريق أوسلو" 1994. ص 291. 4- نفس المصدر. ص 292. 5- محمود عباس. "المسيرة السياسية في الشرق الأوسط" 2001. ص16. 6- نفس المصدر. 7- خطاب عرفات بإعتراف م.ت.ف بإسرائيل. نفس المصدر.
#مصعب_بشير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حصان السلفية الجهادية الأسود...داعش
-
تعقيب على مقال: -لماذا ندفع ثمن المحرقة؟!-
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|