أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - بالحنين وحده لن تستقلَّ فلسطين















المزيد.....

بالحنين وحده لن تستقلَّ فلسطين


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4494 - 2014 / 6 / 26 - 10:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في فلسطين ينتصر الغبار مجدّدًا على السراب، والمعذّبون، منذ كان الطين سيّد هذه البلاد، هم وحدهم المؤمنون الذين ينامون على خبزهم، كفاف يومهم، ويستغفرون الصباح ليرتشفوا قطرات ندى بارد خفيف. كلّما نهض صباحها تعثر بنصل يذكّره أن الغدر كان للبقاء أدوم وأسبق.

الفلسطينيون خاسرون من آخر التطوّرات في المنطقة العربية بشكل عام وعلى أراضيهم بشكل خاص.

لسنا بحاجة لقراءة هذا الكم الهائل ممّا يكتب في وصف مذابح العرب وبطشهم بإخوانهم العرب لنتعرّف على مواضينا، ولسنا بحاجة لكل الشروحات المتهافتة علينا من كل حدب وصوب، كي نعي ما طعم الشرف المهتوك على أرض العروبة والإسلام وأي الخناجر أصدق وأيّها أحق.

فهنا، على مشارف التاريخ  وأسوار مدينة عارية، تُذكّر بتاريخ الفاتحين الدارسين، نحن نحترف الدهشة ومن أعشاشنا تهاجر أناشيد الطفولة، أحلام شبابنا صارت دمى من " فخار" تدوسها حوافر خيل " الدواعش" والمماليك الجدد.

لا أهون، في حروب الدخان هذه، مِن أن يقذف المرء من بيته الآمن، الذي هو من بلور وزجاج، ذلك الذي يقف في وجه العاصفة ويحاول، مجتهدًا، أن ينقذ المدينة والحلم من جحيم يعدّه لها "الإخوة الأعداء" والحفّارون.

لا يجوز فهم الهجمة الاسرائيلية الأخيرة على الشعب الفلسطيني بمعزل عمّا جرى ويجري من أحداث في منطقتنا ومنها:

تمزيق بلاد العرب إلى قبائل وأفخاذ وبطون تأكل بعضها بعضًا،  وإعادة مجتمعاتها إلى ما قبل الإسلام - وبعضهم يفعل ذلك باسم الإسلام وآخرون ضده- وما طرأ على دولته من تداعيات أطّرتها، في عصرنا، اتفاقية سايكس- بيكو، التي يسعى "بيكوات" هذا الزمن وسائسوه من أجل تغيير معالمها. 

كانت فلسطين الممزّقة بين غزّة والضفة تمثل حالة من "البشارة" لبدايات انصهارها  في المشهد العربي الإسلامي الكبير الحاضر، أمّا جنوحها إلى حالات احتراب بين أبناء الشعب الواحد،  فكانت الأمنية التي انتظر "رعاة بقر" هذا العصر تحقيقها.

ثمّ جاءت المصالحة لتبشّر "بصحوة" الفلسطينيين وابتعادهم عن  رقعة الفسيفساء الجاري نحتها في شرقنا، عناد قادة منظمة التحرير وإصرارهم على المضي في طريق الحرير وقبول حركة "حماس"، لأسبابها، ما كان متاحًا من قبل، استقدما "غضب" السادة وحنقهم.

تزامن ذلك القرار "المستفز" لسادات الحرب الجدد، مع زيارة البابا فرنسيس الثاني لفلسطين، أسقطا آخر الأقنعة عن وجه حكّام اسرائيل، ومهما قيل في زيارة البابا، سيبقى مشهده، خاشعًا متضرّعًا أمام سور الفصل العنصري، هو المشهد الأساس والرسالة الأوضح فيها؛ فالزيارة، علاوة على كونها زيارة حج إلى أراضي المسيحية الأصل، حملت من الرسالات السياسية جملةً،  توّجتها تلك الوقفة الرمزيّة والصلاة  التي انداحت صرخةً لحامل الصليب من أجل القدس وبيت لحم وكل فلسطين ولتذكّرالعالم بكونها أراضي محتلة وليست كما يصر رواة الزيف، أرضًا يهودية، وليقبل من يقبل ومن لا يقبل بها أرض الديانات كلّها، "فليحطط عن بغلته"، كما قالت العرب وهذه المرة قالتها باللاتينية.

زيارة البابا، على الرغم مما شابها من نقصان بعدم اشتمالها للناصرة، حفرت في وجدان من أوشك على قبول المحتل أو إهمال ظلم الفلسطينيين، صورة بالأبيض الناصع تؤكّد بيقين: لا للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، التي هي محج المسيحيين الأول والأهم.

هذه الرسالة  أيقظت كذلك، نمور يهودا من قيلولتها. 

إلى ذلك يجب أن لا نستهين بما حصلت عليه فلسطين من اعتراف ودعم دولي في عدة منظمات دولية وعلى مختلف الأصعدة.

إسرائيل ومستشاروها القانونيون يعرفون حق معرفة ماذا تعني هذه  المستجدات وأية مخاطر وخيمة تستكمنها، وقد تمس بمكانتها القانونية كدولة مارقة، وتؤدي إلى ملاحقة قادتها العسكريين والمدنيين، حتى وإن بدا ذلك بعيدًا ومستحيلا، فسيبقى أقرب من نجمة.

أما من الجنوب فكانت النسمات عليلة. بدأت مصر تستعيد حالة استقرار واثقة والشروع بمسيرة نحو مستقبل فيه لن تبقى ذلك الشيخ الحكيم الذي تعود عليه العالم وحكام إسرائيل في السنوات الخالية، بل بدأت تسعى وتستعيد دورها لتصبح ذلك الشاب المقتدر الحليم والقلق الصارم الحازم، على كل ما يشمله ذلك من معان ومهام، فمصر الجديدة  تضع تعريفات مختلفة لما كان سائدًا، وفي طليعتها إعادة صياغة  لتعريف أمنها القومي، ومَن وما سيدخل في خانات مَن يدعم ذلك الأمن، ومن يشكل خطرًا عليه. 

على خلفية هذه الأحداث، التي لم ترق نتائجها لحكام إسرائيل، اختطفت هي فرصة ما حدث لثلاثة صبية مستوطنين لأراضي الفلسطينيين المحتلة، وشرعت بحملتها المستهدفة هدم ما توصلت إليه القيادة الفلسطينية من إنجازات فلسطينية- فلسطينية وفلسطينية-عربية ودولية على جميع الأصعدة الآنفة الذكر ومستوياتها.

هكذا تقرأ قيادة مسؤولة مجمل الأحداث وتفكّكها، فمن السهل اتّباع الحنين والانصياع للعواطف التي قد تعكس للوهلة الأولى مواقف هي في جوهرها صحيحة ومنصفة للفلسطينيين، لكنها لمن يستشرف مستقبل شعب تبقى مضرّة وتتلاقى، عمليًا، مع ما تريده إسرائيل وحلفاؤها.

القضية سياسية بامتياز ولا شأن لمحدّداتها الأخلاقية، ولذلك، فإن من يظن أن القيادة الفلسطينية - وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، بحاجة لتذكيره بالاحتلال الاسرائيلي وموبقاته فهو إما ساذج أو مغرض أو صاحب عاطفة غلّابة يأخذ الأمور وينظر إليها من خرت إبرة.

للجميع حق في الاجتهاد والإيمان بوجود مخارج أخرى، وهذا يبقى حقًا مكفولًا لا غبار عليه، ولكن استسهال تخوين القادة الفلسطينيين لن يسعف القضية الفلسطينية ولن يحسن لمصيرها.

فلو كنت قائدًا في فلسطين لاستوثقت شعبي، ومعه مضيت لأكنس الاحتلال، ولمضيت في طريق الحرير لتدعيم المصالحة ورأب جروح الجسد، ولتوجهت إلى العالم ملتمسًا عدله الضائع، ولوضعت يدي بيدي البابا وإخوانه كي لا يكتفوابالصلاة، واليها يضيفوا كثيرًا من القطران.

لقد حفظ يوسف الفلسطيني السورة، وخبر أنه بالحنين وحده لن تستقلّ فلسطين، لأن إخوته هم الذين في البئر وكلّهم يسعون لنجاة، حتى وإن كانت أجساد بعضهم تداس وتسحق بلا هوادة، أو يصنعون من "جمامجنا لعزٌهم سلّما"!  



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيليتسيا لانجر أكثر من محامية
- لن يهزم المحتلُّ أسرانا ! ولكن..
- اختلال ! ماذا يعني احتلال؟
- في الرملة سيفرحون بنجاح حمدي
- أهلًا حزيران
- عندما يصبح أولمرت خائنًا
- توفيق زيّاد البعيد القريب
- الشعب لا يريد- دفع الثمن-
- التغيير والاصلاح في المحكمة العليا
- أحبوا بعضكم بعضًا - كانت الوصية -
- محامون تحت نارين
- في القدس، ألهوية الزرقاء إن حكت
- حين نتقاتل على السماء نخسر البلد
- أعدلٌ وناصرة عليا؟
- تاريخ أخرس
- لكُنَّ في آذار السلامة والحب
- لماذا وُلدّتَ يا عمر ؟
- ليت الفتى إمرأة
- لا للتجنيد: صرخة أو صرختان
- حق إضراب ألأسرى عن الطعام لا يمس


المزيد.....




- -خليه يقاقي- حملة شعبية في المغرب لمواجهة -ثورة- أسعار الدجا ...
- بن سلمان يتحدث عن مخاوفه من الاغتيال: تطبيع العلاقات مع إسرا ...
- هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على بيلغورود الروسية: تضرر مبنى س ...
- -لانسيت- الروسية تصطاد -سترايكر- الأمريكية في مقاطعة كورسك
- بنك أهداف قد يشمل استهداف طهران.. سلاح الجو الإسرائيلي يعلن ...
- ملك المغرب يوشح العداء سفيان البقالي بوسام العرش من درجة قائ ...
- وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره الأمريكي آخر المستجدات في ...
- نبيه بري: حصول حرب كبرى أم لا الأمر متوقف على الأيام القليلة ...
- نتنياهو يقرر إرسال وفد كامل لمحادثات قـطر
- حماس: فقدنا الثقة بقدرة واشنطن على التوسط في محادثات وقف إطل ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - بالحنين وحده لن تستقلَّ فلسطين