أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - السنونو هذا الطائر الشيوعي .....!














المزيد.....

السنونو هذا الطائر الشيوعي .....!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4494 - 2014 / 6 / 26 - 08:30
المحور: الادب والفن
    



ولدتُ في قرية ( فنتازه ) أحدى قرى الاهوار الواقعة في مدينة الجبايش ، ولا أدري إن كان أسم القرية له علاقة بالكلمة الرومانسية فنتازيا ، أو أن الأمر أتى صدفة في التشابه الحروفي والصوتي ، وبالرغم من هذا ، فلا أحد في القرية يعرف أسم فنتازه ويقولون : لقد ولدنا ، ووجدنا أسم قريتنا هذا .
من اطلق عليها هذا الأسم ؟
لا أحد يعرف ، أمي فقط من وضعت افتراضا من خيالها لأصل الأسم في حكايتها : فذات يوم وهي تقضي رتابة النهار بعد أن يسرح أبي مع قطعان الجواميس في عمق الهور حيث ترمي شبكتها خارج البيت لتصيد لنا الزرازير ، التي نفرح كثيرا عندما نعود من المدرسة ونحن نتسلى بشواءها ونتلذذ بأكلها رغم صغر حجمها حيث هوايتنا المحببة في ( كروطة )* عظامها النحيفة المشوية ، فقد وجدت أمي في شبكتها بين عشرات الزرازير العالقة في شبكتها طائر سنونو ، وتقول أمي أنها تعجبت حين رأت دموعاً صغيرة اقل صغراً من قطرات المطر تهطل من عينيه وهو يطلق اصواتا تقسم امي أنه كان ينحب بصوته الاجش ويقول : فنتازه ، فنتازه ..لهذا تعتقد أمي أن اجدادنا اطلقوا الاسم على هذا المكان لأن السنونو القادمة من بلدان البلطيق والاسكندنافية وسيبيريا ما أن يصل الى هذا المكان حتى يطلق هذا الصوت : فنتازه ، فنتازه.......!
أبي ورجال القرية لم يصدقوا فرضية والدتي ، حتى معلم مدرسة القرية الوحيد ، قال :هذا الطائر الذي تسمونه العلوية لأن لونه معتم السواد مع جزء آخر في جسمه عبارة عن بياض ناصع من الريش الثلجي ، أنما هو طائر شيوعي لأنه قادم من مدن سيبيريا الشيوعية ، ولو أراد أن يطلق اسماً على هذا المكان لكان قال : لينين ، ماركس ، برولتياريا ...
ضحك الرجال وسألوه : من اين اتيت بهذه الاسماء الغريبة يا أستاذ ، نبقى على ( فنتازه ) احسن ، لقد تعودنا عليه.
كبرت ومازلت أصدق أفتراض أمي ولكن يسكنني أيحاء أن هذا الطائر ( العلوي ــ الشيوعي ) ليس هو من اطلق هذا الاسم على قريتنا ، وأن فنتازه هو أسم لأميرة كانت تقضي نزهتها وترويقتها الربيعية في تلك المناطق وربما كانت تخيم في هذا المكان لهذا حمل أسمها.
وقد تغير ها الأعتقاد أيضا ، وهذا يعود الى أيام التعداد العام الذي اجرته الدولة عام 1975 ، وقد كلفنا نحن الطلاب في المدارس الثانوية لنكون عدادين في هذه الحملة ، وكان مساحة واجبي القرى الواقعة في عمق الاهوار من جهة العلوية ( فوادة ام هاشم وسيد يوشع ) ، ولفت انتباهي أن أسماء الجدات لبعض الرجال والنساء هو فنتازه .وحين سألتهم إن كانوا يعرفوا قريتنا التي تحمل هذا الاسم فقال بعضهم انه لايعرفها ، والاخر قال انه سمع بها ، أما اصل الاسم ومعناه ، فلقد اخبرنا احد الشيوخ أن فنتازة اسم لاميرة قديمة من بنات الجن ، كانت تظهر من عمق الماء في الايام المقمرة وتتحول الى امرأة تشبه نساء المعدان فتجلس معهن في جلسات السمر والحكايات ومعهن تسمع الى اغنيات الغزل القادمة من حناجر الصيادين الذي يصيدون السمك بالفالات من خلال ضوء القمر ،وبسبب الضوء يكون الماء اكثر دفئا مما يدفع السمك الى الصعود الى الاعلى فيصير مرئيا فيسهل صيده بالفالة ...
كانت الأميرة الجنية فنتازة تبقى معهن الى أن يقترب الفجر فتنسحب في الظلام حتى لاتكتشف النساء وجهها الغريب ، وتحرم من متعة المؤانسة مع نساء القرية ، وفي احدى الليالي حيث طال السمر ونست الاميرة الجنية نفسها مع جمال حكاية من عجوز عن سر الضوء القادم من الافق البعيد في التلال التي يُحرم على البشر الاقتراب إليها ، ومنها تل اشنين وتل عبادة وتل مخاوي. ومع ضوء الفجر الذي باغتها بان وجهها الغريب وانفضحت وارادت أن تهرب مسرعة الى الماء لكن نساء القرية أمسكن بها وحُجزت في احدى غرف القصب لحين مجيء الرجال من الصيد .
وقبل أن ياتوا اعترفت لاكبرهن بحكايتها واصلها وطبيعة مجيئها اليهن ، وهي لاتؤذي احدا ، لانها بنت أحد ملوك الجان من الطبقة الطيبة ، أولئك الذين كان يأنس اليهم الملك سليمان ويسرهم بمشاوير غرامه مع بلقيس.
عندها اطلقتها الجدة وحين سألتها عن اسمها ، قالت لها أن اسمها فنتازة.
جاء الرجال ، وحين عرفوا انهن اطلقن سراح الجنية غضبوا كثيرا وعنفوا نساءهم خاصة عندما أبهرهم الوصف الساحر لجمال الجنية فنتازة ، فعشقها جميع الرجال حتى دون أن يروها. وبسبب ذلك العشق سمى الجميع في ذلك العام جميع ابناؤهم من الاناث بأسم فنتازه ، وكذلك حمل المكان الذي كان تقضي فيه الاميرة جلسات السمر المقمرة مع نساء القرية بفنتازة .
ويبدو ان ذلك المكان هو قريتنا ..
لا أدري أن كانت أمي على قيد الحياة الآن ، تصدق هذه القصة التي باتت بالنسبة لي اقرب الى الصدق من قصة والدتي...واعتقد انها سوف لن تصدق ، وسيبقى السنونو الشيوعي هو سبب تسمية قريتنا بأسم فنتازه........!

أشارة :
ــــــــــــــــــــــ
• الكراوطة : بالعامية العراقية هو الصوت الذي نسمعه اثناء تناول الخبز اليابس أو العظام المشوية ،



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيري ياطياره طيري ...!
- المِعدان يعشقونَ أيطاليا وصوفيا لورين...........!
- ( الموت بالخازوق فقراً ومنفى )
- داعش لاتشبه مراكش ..ولا تشبه العش ..
- فاجينتي مالا.. اللون الأحمر والعنبر ..!
- الناصرية.. شهيدٌ من دير متي والزقورة وبطن الحوت..!
- خوذة الله وخوذة العباس.وخوذة الجندي المنكسر ..!
- الناصرية تبكي من أجل نينوى ..!
- ملاكٌ على شكل قصيدةٍ ونهدْ.......!
- النشيد التأريخي لمعدان باريس
- الله وروح الشاعر والرسام والموسيقي والصائغ..!
- أحتمالات الغيب في شهوة الكأس
- وجه المونليزا قراءة جديدة في رؤى الجمال والعولمة
- الناصرية ... ألأطفال الفقراء شهداء شموع زكريا
- رسالة رثاء إلى ماركيز وأحمد المظفر وأنكيدو.............!
- أساطير الناصرية والسينمات الصيفية..!
- أسطورة غرام سومرية ( حكاية ، يوسف الناصري )
- الناصرية سطور ، وعطور ، وخبز التنور .........!
- السفرُ إلى الفضاء البعيد ............!
- فضاء العبادة ، ومساحة القلب..!


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - السنونو هذا الطائر الشيوعي .....!