أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - الاقتصاد أناني وسلبي














المزيد.....


الاقتصاد أناني وسلبي


محمد كمال

الحوار المتمدن-العدد: 4493 - 2014 / 6 / 25 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




البيولوجيا في ذاتها ولذاتها متوازنة عادلة، وهي مدرسة تعلمنا قواعد العدل والقانون وضوابط التوازن في الميزان الإجتماعي. هذه البيولوجيا قد طورت ذاتها بذاتها منذ أن كانت خلية يتيمة واحدة إلى أن أضحت تشكيلة متعددة ومتنوعة من النبات والحيوان وعلى رأسها الإنسان بكل تعقيداته البيولوجية والفسيولوجية والنفسية والذهنية. والعقل هو لغز المنتج البيولوجي وسحره، والذي أخذ مع التراكم المعرفي والتجادل الذهني منحى مقارعة الذات بالذات إلى مستويات الكوارث التي قد تؤدي به إلى الدمار النهائي للذات، هذا هو الجزيئي الإنساني في مملكة البيولوجيا. وهذا الجزيئي الإنساني يعيش في بنية إجتماعية متعددة الوظائف.
إن ديمومة هذا الإنسان في بنيته الإجتماعية، و هذا قدره المحتوم، يعتمد أساساً على سلامة وصحة عملية إنتاج الثروة الإجتماعية ـ الوطنية ـ ليستعيش عليها الإنسان ويغذي بنيته الاجتماعية، وحتى يستقيم هذا البناء الاجتماعي ويواصل وجوده في صحة وقوة لابد من ميزان للتوازن في عملية إنتاج الثروة و توزيعها، خاصة و أن جوهر الأزمات كامن في الاقتصاد وتوزيع الثروة.
البناء الإجتماعي البشري يعتمد على تداخل السياسة والاقتصاد والعمل في وحدة جدلية نشطة لإنتاج ثروة الأمة، وعملية إنتاج هذه الثروة واستدامة حالها هي بمثابة عملية القلب بالنسبة للجسم، فمن أجل إستمرار تدفق الدم من القلب إلى مفاصل الجسم وأعضائه الوظيفية، لابد أن يكون نبض القلب منتظماً، والنبضُ نَبْضٌ متواصل، وتوزيع الدم يكون حسب احتياج كل موطن من مواطن الجسم، فهذه الفسيولوجيا النشطة في ملكوت البيولوجيا الحية خير أنموذج لفهم النشاط الاجتماعي لدى الإنسان ومرجعاً استرشادياً لتقويم سلوك الإنسان وترويض نزعاته ذاتياً من أجل استقرار مجتمعه واستدامة النمو في بنيانه حاله حال القلب مع الجسم.
هذه البيولوجيا الحية ليست حبيسة النزعات المتقلبة والمتعالية ولكنها روح الطبيعة في تجليات العدل والإنصاف والميزان، فلا تفاضل عندها بين عضو وعضو وبين خلية وأخرى، لأن وحدة هذه البيولوجيا وتماسكها هي في استحقاق الحق وبالعدل لكل أعضائها وخلاياها, فنبض الحياة فيها في تاّزر الأعضاء والخلايا فيما بينها.
فإلى أي مدى يتطابق واقع الإنسان في عملية إنتاجه للثروة الوطنية مع عملية القلب في تجديد الدم وضخه إلى الأعضاء المختلفة في الجسم؟
إن هذا المدى يتدرج من مجتمع سليم مستقر يتم فيه إنتاج الثروة بنبض منتظم و توزيع عادل إلى مجتمع اّخر مريض متأزم غير مستقر حيث عملية إنتاج الثروة فيه متقلبة وعرضة للعجز والأزمات وتفاوت كبير في توزيع الثروة، مما يعني أن السياسة، التي من المفترض أن تنظم نبض الإنتاج و ترصد توزيع الثروة في البناء الإقتصادي، لا تؤدي وظيفتها حسب متطلبات ومقتضيات عملية إنتاج الثروة و توزيعها على أساس ميزان التوازن الإجتماعي، وتكون تبعات هذا التقصير في أداء السياسة عدم الاستقرار وتراكم حالات التأزم إلى النقطة الحرجة، من أزمة إلى انفجار. فهذه السياسة تعيش في غفلة عن دورها في التنظيم والرصد، ولأن السياسة هي صاحبة السلطة فإن جُلَّ تبعات التقصير من العجز والأزمات تقع على عاتقها.
أما الاقتصاد فنعني به كيفية إدارة عملية إنتاج الثروة من قبل مالكي وسائل الإنتاج والبرجوازية التجارية وبارونات رأس المال والمال المستحصل من تجارة المال بالمال، إن هذا البناء المستحوذ على رأسمال الأمة بتشكيلاته الإدارية المتلونة بتلاوين النشاط الاقتصادي يستقوي بالسياسة ويتزلف إليها وهكذا ينعم بالحظوة عندها ويُفْسَحُ له المجال للتصرف في العملية الإقتصادية حسب مشيئته ونزعته الأنانية، وأنانية هذا الاقتصاد ينطق بها لسان حاله عندما يتباهى من على صفحات الصحف معلناً أرباحه المليونية بين فصل واّخر من فصول السنة، والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن المواطن العادي الذي ينتمي إلى كيان العمل هو إذا كانت هذه أرباح الاقتصاد فأين مساهمته في المجتمع؟ تلك المساهمة التي من شأنها حل الأزمات ودعم ميزان التوازن في توزيع الثروة، فإذا كانت هذه أرباح الاقتصاد فلماذا الأسعار عالية والرواتب متدنية والوظائف شحة و الأزمات الاجتماعية متوالية ومتواصلة إلى ردهات السياسة؟
وهنا يأتي دور السياسة في تنظيم نبض الإقتصاد ورصد التوزيع وتحسس دور الاقتصاد في المساهمة في خلق وظائف جديدة من خلال الاستثمار النوعي الذي يخلق قيمة مضافة في الإدارة الاقتصادية، ولعمل على حل الأزمات الاجتماعية في مشاركة صادقة مع السياسة “الدولة” و بنهج عادل مع العمل.
هذه الأنانية من جانب الاقتصاد يستتبع بالنتيجة الحتمية سلبية في التعاطي مع واقع المجتمع، وبالنتيجة فإن هذا الاقتصاد الأناني والسلبي يساهم مساهمة مباشرة في عدم الاستقرار الاجتماعي وحالات التأزم التي يعيشها المجتمع وتعاني منها السياسة “الدولة” ويكتوي العمل بنارها.
خلاصة الأمر أن أصحاب رأس المال في البناء الاقتصادي الاجتماعي يخلقون الأزمات التي تعصف بالسياسة والعمل معاً بينما رأس المال “الأقتصاد” يعيش على مسافة اّمنة من تبعات المواجهة بين السياسة والعمل. وهذه المسافة الاّمنة التي يحتمي بها الاقتصاد هي من تبعات التقصير في أداء السياسة نفسها.
أما العمل، ونعني به قوى الإنتاج والخدمات والتي تخلق القيمة الفائضة والقيمة المضافة في العملية الإقتصادية، فإنه يعاني الأمَرَّيْن، ويُتْرَكُ لأنياب الأزمات تنهش فيه بعد أن يعبث به الاقتصاد وتتوجس منه السياسة، بينما هذا العمل بنبض وعيه، يتحسس دوماً ميزان التوازن في حقه من ثروة الأمة، وإذا ما كان ميزان التوازن متوازناً فإن العمل يكون عوناً للسياسة والاقتصاد، فجوهر الأمن والاستقرار هو في إعطاء العمل حقه حسب ميزان التوازن الاجتماعي.
وإذا ما اختل الميزان وتفجرت الأزمات وتوالت فإن العهدة على السياسة والاقتصاد، بينما العمل في مطلق الحالات بريئ من كل الأزمات.



#محمد_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النُخَبُ وهذه «الجماهير»
- رُبَّ ضارةٍ نافعة
- المدى الاستيعابي للأزمات
- المسيحية بين التبشير والسلطة
- القوى السياسية بين الأيديولوجيا والبرنامج السياسي
- الوعيُ المُغَيَّبُ عند نوابنا الكرام
- نَبْعُ الفتنة وتردداتها
- تحصين منظومة التعليم
- حريق وزارة الإعلام
- الجريمة والعقاب
- الرقص طرباً على أنغام الطائفية
- المشروع الإصلاحي والطائفية
- الطائفية هي الطائفية رغم الأطياف
- مخاطر المحاصصة الطائفية
- الإقطاعية الدينية
- الإسلام و الإرهاب


المزيد.....




- بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى ...
- أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت ...
- المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما ...
- الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
- ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
- رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
- ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ ...
- لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول ...
- الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
- مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - الاقتصاد أناني وسلبي