أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - صُرَّةُ الميراث














المزيد.....

صُرَّةُ الميراث


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4493 - 2014 / 6 / 25 - 09:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لكي يأخد الإنسان العربي موقعه في الصف الأول ، عليه أن يحرق صُرَّةَ الميراث وإن كانت من ذهب."
                                        الصادق النيهوم

 

هذه بعض وصايا العارفين من أبناء هذه المنطقة المُسماة بالعربية ، والذين أجادو تشخيص أدواء هذه المنطقة ، وأجادو أكثر وصف الدواء الناجع لعللها المُزمنة ، التي قضت على كل أمل لها في مستقبل كريم أو تكاد.

صُرَّةُ المِيراث.. هذه الصُرَّة التي كانت ولا تزال ، تحت عُهدةَ ووصاية الركائز الثلاثة ، التي أقام عليها أُمراء المؤمنين إمارتهم المَليئة بالمؤمنين بهم .

ركائز السلطة الثلاثة والمتمثلة في ، شيخ البلاط ، وشاعر البلاط ، وسياف البلاط ، والتي لا يزال ورثت أُمراء المؤمنين يحكمون بها حتى يوم الناس هذا ، غير أنهم طوروها قليلاً ، ليصبح السياف وزيراً للأمن والداخليه ، ويصبح شاعر البلاط وزيرا للثقافة ، ويصبح شيخ البلاط مفتي عام الدولة .

هؤلاء كانوا ولا يزالون ، هم الأوصياء على تلك الصُرَّة اللّعينة ، والتي حرِصوا كل الحِرص على ان يملؤها ، بكل ما يدعم سُلطة سُلطانهم ، وولي نعمتهم ، الحاكم بأمر نفسه .
فهم لم يضعوا لنا في هذه الصُرَّة من الشرائع إلا ما يؤكد طاعتنا لولي الأمر ، ويؤكد أحقيتهُ في سحق أعناقنا بِنعله ، لان طاعة إله قريش لن تقبل منا اذا لم تقترن بطاعة من تولى أمرنا بأمره .

وعلى ذات الوتيرة لم نتوارث إلا أدباً وشعراً ، يُعلِمُنا كيف نتأدب في مُخاطبة السُلطان ، وكيف نتخير من الكلمات ما لا يؤذي مشاعره . أما عن سير البُطولة وتاريخ الابطال ، فحديث لا ينتهي عن سير الفاتحين الذين أذلوا رِقاب العِباد ، وسرقوا أوطانهم ، وحولوهم إلى مواطنين من الدرجة المئة ، ونهبو خيرات بلادهم ، لينفقها السُلطان على عربدته وفجوره ، وكل ذلك كان يحدث بإسم الله وتحت راية نشر دين الله .
ظلت صرة المِيراث تلك تنتفخ وتنتفخ ، وتتضخم بكل تلك الاكاذيب ، حتى لم نعد قادرين على حملها ، لا على أكتافنا ولا على ظهورنا ، وسقطنا إلى الأرض تحت وطاة ثقلها ، بل لم نعد قادرين حتى على إلتقاط أنفاسنا . إنقطعت أنفاسنا تحت وطأتها ، وها نحن نحتضر ونموت تحتها ، ولا يدري بنا أحد .

لذلك إذا ما أردنا أن نُفيق ، وأن نعود إلى الحياة من جديد ، فما علينا فعله هو أن نستجمع ما تبقى لنا من أنفاس ، وننفض هذه الصرة عنا ، ونخرج من تحتها ، حتى نستطيع إلتقاط أنفاسنا ، وحتى يرانا الاخرون .
ما علينا فعله أيضاً هو أن نُخرج هذه الصُرَّة من وصاية ركائز السلطة الثلاث ، وأن نكف أيديهم عن دسّ وصاياهم المسمومة فيها ، وأن نفك رِباط هذه الصُرَّة ، ونفعل بها ما تفعله تلك القبيلة من قبائل الصحراء والتي ساحكي لكم حكايتها .

يُحكى أن أحد قبائل الصحراء ، عندما يموت أحد افرادها ، وقبل أن يقوموا بدفنه ، يجتمع أهل وأقارب ذلك الميت ، ويحضرون جثته اإلى وسط مضارب القبيلة ، ويُحضرون معها صُرَّة تحتوي على كل ما ترك ميتهم ، من أدق أشياءه إلى أكبرها ، وكل ما جمع في هذه الدنيا الفانية .

يجتمع أبناء تلك القبيلة ويُشعلون ناراً ذات لهب بجانب جثة ميتهم ، ويتحلقون حول تلك النار والجثة، بحسب درجة قرابتهم من الميت ، ومن ثم يوكل الأمر إلى أحد عُقلاء العائلة ، ليقوم بفك رِباط تلك الصُرَّة ، ونشر ما فيها أمام الحُضور ، لتبدأ حفلة ندّب ذلك الميت .
بحيث يبدأ ذلك الذي أوكل له الأمر ، بتناول أغراض الميت من تلك الصُرَّة غرضاً غرضا ، وعرضها على الجميع ، والندب عليها ، ومن ثم رميها في تلك النار المستعرة .
فيتناول مثلاً جوارب الميت ، وبعد عرضه على الجميع ، يصرخ بعلو الصوت ، حيه حيه هذه جواربه ، ويردد الحاضرون من خلفه ، ثم يرمي الى النار، وهكذا يفعل مع بقية الأغراض ، والتي لا حاجة لأحد بها ، حتى لا يتبقى في تلك الصُرَّة ، إلا ما يُنتفع به، وتحمل تلك الأشياء القليلة والثمينة المتبقية ، وتُصّر في قُماشة أخرى صغيرة ، وتُسلّم لأهل الميت ليتدبروا أمرهم بها ، ويواصلوا الحياة بالإستعانة بما تبقى من إرث ميتهم .

كل أُمم الأرض تفعل ما فعلته تلك القبيلة الصحراوية بما يتركه لها اسلافها ، ما عدا أمم هذه المنطقة المُسماة بالعربية.. فأمم الأرض بين كل مرحلة ومرحلة من تاريخها ، تجلس حول صُرَّة ميراثها، وتوكل لعُقلائها أمر تنقية تلك الصُرَّة ، وتنظيفها مما لا لزوم له ، لذلك ظلت تلك الأمم دائما قادرة على المسير نحو الأمام ، بعكس ُمم هذه المنطقة ، والتي بَركت عليها صُرَّة ميراثها حتى إختنقت تحتها.

ونحن إذا ما اأردنا أن نتقدم إلى الأمام ، علينا أن نقتدي بأمم الأرض ، وبتلك القبيلة الصحراوية ، علينا أن نوقد ناراً ذات لهب ، ونجلس لهذه الصُرَّة ، ونُسْلِم الأمر إلى عُقلاء وحكماء هذه الأمم ، ليرموا إلى النار بكل ما لا لزوم له ، وأن نندب وراء عُقلائنا ، وهم يرمون إلى النار ، بكل وصايا ركائز السلطان الثلاث على طريقة تلك القبيلة... بحيث نتناول محتويات صرتنا التي أورثنا إيها بدو قريش قطعة قطعة ونبدأ بالندب عليها ... حيه حيه هذه قيم لا قيمة لها... ونرمي الي النار ، حيه حيه ، هذه شرائع مزورة تنسب الي الله ، ونرمي الي النار , حيه حيه هذا شيخ دجال يبيع ربه ببطنه ، ونرمي الي النار .
وسنتعجب للكم العظيم من الأشياء التي ستُرمى إلى النار ، وسننتحب حتى تُشق حلوقنا ، لكننا بعد ذلك سنستريح ، فلن يتبقى من تلك الصُرَّة اللّعينة غير الأشياء الثمينة ، والتي تلزمنا لمواصلة هذه الحياة .

وعندها نستطيع أن نحفظ هذه البقايا الثمينة في صُرَّة صغيرة ، نحملها على أكتافنا أو رؤوسنا ، ونعدو بكل ما تبقى لدينا من قوة ، لعلنا نلحق بركب أمم الأرض ، ونستطيع بذلك أن نُسهم مع الإنسانية في بناء هذا الكون ، كي يكون هناك عِلَّة لوجودنا في هذا الكوكب وإستهلاكنا لكل هذه الكميات من الاكسجين الثمين .

أما بغير ذلك ، فستظل تلك الصُرَّة تجثم على قلوبنا، وتكتم أنفاسنا ، حتى ينقطع أخر نفس لنا، ونموت وننقرض دون أن يرثي لنا أحد .



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لِتَسْقُط مملكة الكورونا
- مفاهيم مُشوهة ~ الخوارج
- الفهم الخاطئ للإسلام
- العَورة لا تُنجِب إلا أعور
- مريم يحيى تتحدى بجيدها الجميل قُبح إلهكم
- العسكرجية شرٌّ لابد منه
- Turd sandwich ~ سندويتش الغائط
- بين النعل والبيادة
- نُصوص بدوية ~ الإله الماكر والحياة الضنكا
- نُصوص بدويه ~ شجرة المعرفة المُحرمة
- نصوص بدوية ~ البركة المسروقة والمُغتصبة
- البداوة والمواطنة _ 3
- البداوة والمواطنة _ 2
- البداوة والمواطنة
- الفتاوى المُقرفة قد تهديك السبيل
- دمشق العصّية
- البحث عن الله بين أنقاض الأديان الفضائية
- سرطاناتنا الحميدة
- عذرا معشر الكلاب
- من يتآمر على من في مصر؟


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - صُرَّةُ الميراث