أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حورية النهر الميت _ قصة قصيرة














المزيد.....

حورية النهر الميت _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 22:54
المحور: الادب والفن
    


حورية النهر الميت

مررت لأحد بأحد أحلامي القديمة بعد أن ضاقت بي نفسي من هول ما أسمع وأستمع عن حكايات تتراوح بين الخرافة والواقع الخرف , المهم استأذنت من ذاكرتي أن تخرج كل الملفات القديمة المؤرشفة وحتى التي لم يصلها يد الناسخ والمنسوخ عساني أجد تعبيرا لذاك الحلم الذي أغرى عقلي أن يصدقه , قلبت كل الأوراق لم أجد من ذلك الوهم سوى هذه الرواية القصيرة أني كنت أسبح جنب النخلة الحانية على حاقة النهر الصغير في ظهيرة يوم قائظ ..لوحدي حتى الحمامات التي كانت تغني على سعفها المتدلي ذهبت لتنام بعيدا عني ريح السموم .
أتذكر من الحلم وبينما أنا أخرج من حافة النهر وأقدامي تغوص بالطين الناعم والبارد كأنه حرير ,أمسكت قدمي كف من تحت الماء أرتعبت حاولت أن أسحبها جريا نحو حافة النهر القريبة أصابتني رعشة سرت بكل جسدي كأنة فاقد للعزيمة أن أقاوم أو أناور , جميلة هي لحظة الأرتعاش تلك صاحبها دوار ثم أجد نفسي محاطا بسلسلة من الحوريات تتنافس فيما بينها أيهن تتذوقني أولا , لا أعرف بالتحديد من هي التي سرقتني أولا ,أكاد أجزم أنها التي تبتعد شيئا فشيئا عنهن هي التي منحتني الرعشة الأولى في طينة النهر ما أتذكر أنها شيء خرافي أن تشعر بلذة النشوة لأول مرة .
ليس من بين أحلامي أن أكون عبدا جنسيا لأحد حتى لحوريات الجنة ,أعلم أنني منذ أن كنت نسيا منسيا قد تم تدوين أسمي في قائمة المهملين لا أمل لي في أن أحظى بملمس حورية أو حتى شبح ولدان مخلدون , هكذا ظني مدرج في قاعدة اليقين التي أمسكها وأتمسك بها , لا رجاء ولا حتى في الخيال أن أكون طعما للحوريات ,جدي علي البحار كان يقص على جداتي في المساءات الغابرة عن رحلاته في بحر العرب ينقل التمر والشعير من البصرة إلى ضواحي عدن أنه كان يترفع أن يرافق الحوريات في البحر ويطلب منهن السماح له ,يقول أنه كان عفيفا ولا يرغب بخداع جدتي أو خيانتها ,كنت أعرف أنه كذاب ينكح حتى الذبابة لو قدر له ذلك أنه عربي تاريخه سلسلة من المناكحات بطعوم متعددة وبألوان مختلفة .
أعترف أنني رممت بعض الحكاية قد أكون قاصدا أم لا أعرف أن هذا هو الموجود عندي وبين يدي رسمته بخيالي بشبقي أو لجاجتي أن أنفس عن رغبتي الدفينة التي ورثتها عن جدي علي البحار , النهار القائظ وأنت في مستنقع كبير تتصور أنه بحيرة الأحلام المفقودة وشواطئ اللازورد تغريك وتمنحك خيال أقرب من الجنون تنسج فيه أحلاما لم تولد أصلا بل أجزم أن كل أحلامي عبارة عن مرض نفسي مصدره شبقي الذي لا يهدأ ولا يستكين ,حتى وأنا في الخامسة عشر أشعر أني كعجوز يتجرع التسعين طوعا لا شيء يمنحك أهتمام ولا من طريق يأخذك من هذا الواقع لتعيش مثل المخلوقات التي لها مستقبل حتى الخرفان والدجاج وهذا البط النهري الذي يسبح معي يعرف أنه على أخر الطريق سيكون وليمة جميلة , ليس الجمال في النهاية الجمال في شكل النهاية وهي متربعة على صحن رز كتاج فوق رأس أميرة .
سأرمي بعض هذه الأحلام في حاوية النفايات وأعود لعالمي العاقل ,الآن أكتشفت أن المراهقة هي التي تصنع أحلاما تتبخر بمجرد أن تشرق عليها أول خيوط شمس الحقيقية , مثل مرض أصابني أجلس فوق سرير خيالاتي كأني سلطان زمانه وأنتقي من الجميلات الفاتنات وأكثرهن بمعيار اليوم مجرد نساء خاليات من كل ميزة إلا ميزة واحده أن أغلبهن يشبهن جدتي وأمها ,الحقيقة حتى جدتي كانت تمثل لي في ذلك الحين حورية لأن جدي كان يظن ذلك وأنا لا أثق به لكن لا نساء في حياتي غير ما يحوي المكان , كل ما فيه الأمر لا يعدو غير كائنات يلتحفن ثياب نساء ليس إلا نساء في زمن لا تفرق بين الإناث والنساء لأنك لا تعرف حقيقة ما معنى كل منهن ,ضحكت مرة عندما عرفت أن بعضهن لا يملكن حتى أسم حتى تتزوج ويأتيها الولد فتعرف به بسهن كانت كل ما تعرف من أسمها بسهن ,لماذا بسهن لأن من أنجبتها كرهت البنات وكرهت ضعف النساء تمردت على واقعها فأختارت شعار بسهن .
هل من الممكن أن تعود الذاكرة مثلا لنصحح بعض مفاهيمها ثم ندرج الصحيح ليتناسب مع زمن حدوثه ونرسم أحلامنا هناك ونعيد السيرورة من نقطة سوداء , ليس الأمر عسيرا العسير فيه أن لا ألوان هنا نعيد فيها صبغ الأحداث لتبدو أكثر جمالا , أنا أعان مثلا من ذاكرة غالبها أسود وأبيض وغالبها تهشمت بعض أجزاءه , القليل جدا فقط هو الذي أعرف حدوده الممتدة بين الذاكرة وغدة الذكر , فقط هي الجميلة لأنها كانت الأعظم في الكم والأكثر في الممارسة ,اليقين الآن لو عدت لنفس الظروف ومع هذا العقل قد لا أتخذ مسارا مغايرا فقط أبحث عن أسرار الأنوثة عند الجميلات أما شبيهات الإناث قد لا أمر حتى على أطراف المكان الذي يجمعهن فيه ,قيمة الزمن أنه يربي الذائقة حينما سرقتني الحورية لم تكن ذائقتي قد ولدت بعد لكن جنوني الشبقي كان بالغا حد التمام .
ها قد تذكرت أن الحوريات في الجزيرة النائمة هناك في حضن تأريخي المشبع بالأمنيات المكبوتة لم يمارسن أي نوع من الأغراء معي فقط تأمل منظري وأنا مستلق على ظهري وعيني وحدها التي تتحرك , لا شيء غير هذا أتذكره منهن حتى النصف العاري الذي يشبه شكل النساء بم يكن كذلك حتى الرائحة كانت تشبه رائحة السمك النهري ,من الممكن أن تتصور حورية وتقف كل أدواتك الذكورية في حالة أستنفار لو تأملت جميلة تمر من أمامك ويكون الوضع مأساوي لو تخلت عن ما يخفي الأعين من ثروة الإناث ليست ثروة فقط أحبانا تدعم تعيش ثورة حقيقة وأنت تتمعن بمفاتن ليس بمقدورك أن تمنع طوفانك العارم أن تلتحق بصفوة المجانين لكن مع رائحة السمك تموت ذكوريتي وتتلاشى ذكرياتي في بحر من رمال الكره للسمك .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عباسيات 4
- عباسيات 1
- عباسيات 2
- عباسيات 3
- أحلامنا وعشب الحدائق
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح3
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح4
- ترانيم بغدادية في صباحات الشروق
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح1
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح2
- الفكر الإقصائي ومشكلات التدين
- الهروب من عزرائيل
- ( الأفق الرمادي بين حسابات السياسة والعسكر )
- قصيدة الجرح والبلسم
- الفصل الأول _ربيع النرجس والرمان ج1 . من رواية النرجس والرما ...
- الفصل الأول _ربيع النرجس والرمان ج2 . من رواية النرجس والرما ...
- في معنى الوجود ح2
- في معنى الوجود
- الفصل الأول _ تنظيف الجذور ج1 . من رواية النرجس والرمان
- الفصل الأول _ تنظيف الجذور ج2 . من رواية النرجس والرمان


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حورية النهر الميت _ قصة قصيرة