أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن خضر - أحبتْ يهودياً، وما علاقة محمود درويش بالأمر؟














المزيد.....

أحبتْ يهودياً، وما علاقة محمود درويش بالأمر؟


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


هي أحبت جارها اليهودي وتزوّجته. لا بأس. فهذا شأنها. وقد أخرجت فيلماً وثائقياً عن الموضوع. طيّب. وعندما جوبه الفيلم، بانتقادات فلسطينية، قررت أن تعمل فيلماً وثائقياً عن محمود درويش. لا بأس. محمود درويش شخصية عامة، لا يملكه أحد ولا يحق لأحد ادعاء ملكيته، ولكن استباحة سيرته ليست بالحق المكفول.
ومن سوء الحظ أن هذه الحقائق لا تُحترم كما ينبغي. فقبل سنوات قام ممثل عديم الموهبة، يعرف القيمة التسويقية للاسم وتاريخه، بتمويل وتمثيل مسلسل عن محمود درويش. واليوم، تُستباح سيرته في فيلم (تخيّلوا) بعنوان "سجِّل أنا عربي". وكما نعلم، وتعلم المُخرجة، فإن للعنوان، كما للسيرة وصاحبها، قيمة تسويقية عالية.
وهي القيمة نفسها التي تتناوب لعبة التجلي والخفاء في ثلاث لغات هي العربية، والعبرية، والإنكليزية، يُراد لها التعريف بالفيلم وترويجه على الإنترنت، وفي مقابلات صحافية. وكلها تتراوح ما بين حب الشاعر القومي ليهودية إسرائيلية، و"نبش" تاريخه العاطفي السري، والعثور أخيراً على "ريتا" بشحمها ولحمها ورسائلها.
لم يكن دافع الفيلم إعجاب المخرجة بشعر محمود درويش، كما تقول صحيفة هآرتس، بل "لأنه أحب يهودية". وهذا ما يتجلى، أيضاً، في كلامها عن تجربة نجمت عن عرض فيلم أخرجته عن علاقتها بجارها اليهودي في قرية عرعرة، حين طالب الجمهور الغاضب بوقف الفيلم بعد ربع ساعة. "لم أعرف كيف خرجتُ حيّة من هناك"، تقول لهآرتس، ولكنني: "وقفت وقلت لهم محمود درويش أحب يهودية، وكتب لها قصيدة ريتا والبندقية". ولسان حالها في النص الغائب: إذا كان الشاعر القومي قد فعلها فلماذا لا أفعلها.
وهنا بيت القصيد، وغاية المُراد من رب العباد، إذ ينبغي لمحمود درويش أن يقوم بدور المُحلِل في علاقة عاطفية خاصة. ولم يكن لدور كهذا أن ينجح في خدمة الفيلم وصاحبته دون استباحة محمود درويش نفسه، وسيرته العاطفية والشعرية.
وهذا ما يتجلى في ثلاثة أمور:
أولاً، لا أسرار خاصة في حياة محمود درويش، وقد سأله كثيرون: لماذا لا تكتب سيرة شخصية، وكان رده الدائم: سيرتي في نصوصي الشعرية والنثرية. وهذا صحيح، ويمكن التدليل عليه بأدوات ومفاهيم النقد الأدبي، ناهيك عمّا ينجم عن معايشة تكاد تكون يومية على مدار سنوات طويلة من إطلالة على الشخصي والحميم.
ثانياً، لا وجود لريتا، في الواقع، فقد كانت نسيجاً شعرياً من وجوه كثيرة. وأزعمُ بأنني أعرف، شخصياً، أكثر من امرأة يمكن أن تدعي بأنها المعنية بالأمر. والأهم: لم يعش محمود درويش، أبداً، قصة حب على طريقة روميو وجولييت.
ثالثاً، لا معنى لريتا الواقعية، أو المتوهّمة، خارج حضورها المجازي باعتبارها علاقة مستحيلة، على أنقاض بيت العائلة، بين ابن الضحية وابنة الجلاّد.
وهل يعني هذا أن الحد الفاصل بين الكولونيالية وضحاياها غير قابل لعبور الاستيهامات الإيروسية من الجانبين؟
الجواب: لا. فهذا الحد يشهد في بلادنا عبوراً، يومياً، من الجانبين، على مدار عقود. وهذا ما لا يمكن اختزاله في المعطيات الإحصائية لدى الباحثين في علوم الاجتماع، ولا يمكن توثيقه طالما أن أغلب العلاقات تبقى طي الكتمان. ومع ذلك، يمثل الأدب والفن الذي ينتجه الفلسطينيون والإسرائيليون ما يشبه الصندوق الأسود، ومن خلاله يمكن النظر إلى خصوصيات العبور من الجانبين.
صناديق الأدب والفن لا تشتغل على طريقة الصناديق السوداء في الطائرات. ففي الأدب والفن لا تقل طريقة التشفير نفسها أهمية عن الواقعة المعنية. فلا قيمة للقاء رجل بامرأة (والعكس صحيح) يعبران الحد دون طريقة التشفير، وهذا ما يمنح الواقعة دور المادة الخام، فيما يمكّن ما سينتح عنها لاحقاً من الانتماء إلى الأدب والفن.
وبها المعنى، لا قيمة لريتا خارج صورتها المجازية، طالما أن في الصورة المجازية ما يمكنها من عبور الفردي الخاص (الذي لا يعني أحداً) إلى الأدبي والفني العام الذي يحقق "الإمتاع والمؤانسة"، على طريقة شيخنا التوحيدي.
وهذا، إذا حضر، لا يمكن أحداً من استباحة محمود درويش شخصاً ونصاً، وينبغي له أن يغيب ليصبح فعل الاستباحة ممكناً. لذا، كان ينبغي لريتا أن تكون سراً ينتظر الاكتشاف باعتبارها كينونة واقعية، وفيزيائية، تماماً، طالما أن في حضورها المجازي ما لا يمكن المُخرجة من تحويل محمود درويش إلى مُحلِل في حكايتها العاطفية الخاصة. ينبغي أن تكون ريتا واقعية ليصبح مجازها الدرويشي باطلاً. تقول لهآرتس: "هذه أوّل مرّة يعرف العديد الناس هوية ريتا الحقيقية".
تُستمد ضرورة إبطال المجاز الدرويشي من حقيقة أنه لا يستقيم مع الحكاية العاطفية للمخرجة نفسها، بل فيه كل ما يميط اللثام عن حكايتها باعتبارها مجازاً مضاداً. في الواقعة الدرويشية تقف البندقية عائقاً بين عيني الفتى وابنة الجلاّد، أما في الحكاية العاطفية الخاصة فيتوّج عبور المُخرجة للحد بعقد الزواج، وبما هو أهم: في الفيلم الذي يوثق علاقتها العاطفية بحبيبها اليهودي الإسرائيلي، يحضر الحبيب في طريقه للاحتفال بعيد الاستقلال، بينما تذهب المُخرجة الفلسطينية لإحياء ذكرى النكبة.
لا بأس. كان يمكن للمُخرجة أن تتوّج عبورها للحد بالزواج، وأن تدافع عن حقها في الحب، بصرف النظر عن الهويات القومية والدينية، والصراعات السياسية، ولكن ما علاقة محمود درويش بهذا كله؟ ولماذا ينبغي لحمولته الرمزية والقومية والثقافية في المخيال الثقافي الفلسطيني والعربي والعالمي أن تُوظّف في خدمة حكاية لا تستقيم واقعة، ومجازاً، وحقيقة، مع حكايته وسيرته؟ استباحة، لا أكثر.
هي أحبتْ يهودياً وتزوجته، وما علاقة محمود درويش بالأمر؟



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مريض بالقلب وميكانيكي سيّارات!!
- الحق والبطلان في الفرق بين أتاتورك وأردوغان..!!
- هل الأرض كروية..!!
- عن غزة واستراحة المُحارب..!!
- حروب داعش والغبراء..!!
- المصالحة والمصارحة..!!
- غارسيا ماركيز في غزة..!!
- ربحنا باكستان وخسرنا الهند..!!
- عن العلمانية وأسلوب الحياة..!!
- كل يسار وعشائر وأنتم بخير..!!
- سورية: حرب مفتوحة وأفق مسدود..!!
- محمود درويش ومعرض الكتاب في الرياض..!!
- القليل منها يشفي القلب..!!
- حماس، أسئلة في فضاء مفتوح..!!
- أهلاً، يا نجلاء، في البيت..!!
- خلاف حماس والأونروا..!!
- في جينات العرب مضادات حيوية..!!
- الكلام الفارغ عن الرأي والرأي الآخر..!!
- شطارة السوق والتسويق..!!
- جزء من المشكلة لا الحل..!!


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن خضر - أحبتْ يهودياً، وما علاقة محمود درويش بالأمر؟