عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4491 - 2014 / 6 / 23 - 07:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان أنتصار الثورة الإيرانية بتوقيت تزامن مع ظهور البوادر السياسية الجادة في فكر التكفير والجهاد المسلح ليشعل من جهته نار الصراع مرة أخرى بظهور خصم نقيض ومعاكس للوجهة الأصلية لتيار الإسلام السياسي , تحول هذا الخصم من خصم ثانوي إلى خصم رئيسي ومباشر جراء أشتعال الحرب العراقية الإيرانية لمدة ثمان سنوات والتحشيد الفكري والسياسي لكلا طرفي النزاع وتحوله من صراع عسكري بين دولتين ونظامين يفترض أنهما ضد خصم واحد وهو المعلن إسرائيل إلى حرب سمحت للكيان الصهيوني أن يمارس القوة والتوسع معتمدا على تشتت الجهد العسكري العربي وأنشغال العالم الإسلامي كله بالحرب العراقية الإيرانية .
في فترة الثمانينات من القرن الماضي كان الصراع قوميا دينيا بين العرب والفرس هكذا تم تصويره والحقيقة هو بين منهج المحافظة الرسمي الممتد لقرون مع منهج وحراك للمدرسة الأخرى التي جعلت من العنوانين المذهبي والعنصري عنوان واحد صار الشيعة يمثلهم الفرس والفرس هم الناطق الرسمي لهم ,من الطبيعي أن تكون ردة الفعل هنا وعلى أمتداد التأريخ أن العروبة تمثل المدرسة المحافظة وتقودها بأموال أهل مكة وتجارتهم عبر الحدود وطبعا رجال دين أهل مكة حاضرون للتبرير والعليل طالما أنهم يرون بعين السيادة لا بعين القيادة .
عشر سنوات أنتهت في أوائل التسعينات على كارثة أحتلال العراق للكويت كانت صدمة للعروبيين وكانت في الحقيقة صراع بين أتجاهين في المدرسة الإعرابية الأولى تمثل تقديم الدين الرسمي على العروبة لتحتفظ لنفسها بالمدد اللا عربي والعمق الإسلامي المتطرف , أما مدرسة سنة العراق والتي يمثلها النهج القومي البعثي العنصري كانت ترى أن القيادة تعني السيادة وأن من لا يريد الالتحاق بالقيادة سيجبر يوما تحت ضربات السيف العربي أن يعود , هكذا نشأ وهكذا تحول الصراع داخلي بين المدرسة العربانية ذاتها تزعمت السعودية صقور قريش وتزعم التيار القومي شباب قريش وكلهم يؤمنون أن الإسلام لقريش فقط قيادة وإرادة بلا منازع .
في هذا الوقت الخاسر في معركة الثمانينات عرف اللعبة وأتقن فن المناورة مستعينا بالتاريخ والعنصر القومي الفارسي الموجه أصلا بنزعة مقاومة ليطرف رأس قريش في أطر قضايا العروبة والإسلام وهي قضية فلسطين فتبنى شعار التحرير ودعم الأصوات المقاومة التي وحسب تدرجها الأقرب فالأقرب ابتدأ من المقاومة الإسلامية في لبنان ثم في فلسطين لتحل محل المجتمع العربي الذي ظهر عاجزا غير قادرا على التوافق بين منهج المقاومة وبين المطاوعة التقليدية للسلطة الرسمية والمحكوم دوما بعدم الخروج عن الحاكم ,ليكتشف أعراب مكة أن عدوهم أكبر من هزيمة وأن عليهم المواجهة بذات الأسلوب .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟