|
داعشيات
ياسين خضراوي
كاتب وخبير لغوي تونسي
الحوار المتمدن-العدد: 4490 - 2014 / 6 / 22 - 15:42
المحور:
كتابات ساخرة
داعشيات
الساعة تشير إلى الخامسة صباحا ، عصافير الصباح بدأت تخرج مزقزقة لتعلن طلوع يوم جديد و النسائم الباردة تداعب الأزهار و الأشجار . كل شيء يبدو مثاليا ليوم مشمس جميل و مليء بالحياة و السلام . ليس ببعيد عن هذا الإطار الجميل ، يرن المنبه بقوة جنب فراش "الطفل حمزة" ذو الثمانية عشر ربيعا أو لنقل "الطفل أبو حمزة الأنصاري" كما يلقبه ثلة من الرعاع ... فتح الفتى عينه و فركهما في تؤدة، نظر حوله و إلى جسمه و وتنفس الصعداء أنه مازال على قيد الحياة لأربع و عشرين ساعة أخرى . نهض من فراشه البالي و طبعا ليس بحاجة لتغيير ملابسة أو حذائه فتلك البدلة العسكرية التي أخذها من جثة جندي شريف بعد أن مزق أعضاءه تلازمه أكثر من أسبوع ، بل و جورباه يكادان يلتصقان برجله من شده ذوبانهما مع اللحم . ابتعد بضع مترات عن الكوخ و هم بالبراز. ماهي إلا دقيقة أو أقل و سمع صوتا ينادي إلى الصلاة فاصطف مع "زملائه" وشرعوا يصلون و يدعون على الكفار و يطلبون نصرة من الله في يومهم الجديد ، نصرة على إخوانهم ، بني ملتهم ، أو ربما فيهم كثيرا من بني عمهم لحمهم و دمهم. المهم ، أمرهم أمير الفرقة ذلك "الشاب" الذي لا يتجاوز سنه الخامسة و العشرين و لكن نصبوه و بايعوه أميرا لهم لحنكته في قتال المسلمين و خبرته في التنكيل بجثث إخوانه ، طبعا دون الحديث عن رصيده من إزهاق الأرواح البشرية التي لا تعد و لا تحصى. انطلقت الفرقة وسط أهازيج من التهليل و التكبير و الوعيد بالويل لكل من وجدوه من بني عمهم و من بينهم ذلك "الطفل حمزة" الذي يعد أصغرهم يهتف و يكبر و عيناه تلمعان و تبرقان فرحا و رباطة جأش . ماذا أنت فاعل يا صغيري ؟ و من فعل بك هذا ؟ لقد غسلوا دماغك من كل شيء حي و جميل ، غسلوه من الذكريات الجميلة و من أحلام الطفولة ، اجتثوا منه الأمل و الطموح ، قطعوا عنه الحياة و الإرادة و السلم و زرعوا الحقد و الكراهية و العهر الفكري ، وضعوا فيه الموت و الدماء و برمجوه على القتل و النحر دون شفقة أو رحمة . لقد كذبوا عليك يا بني عندما وعدوك بحور العين اللواتي ينتظرنك ، غالطوك عندما قالو لك حارب الكفر و الطواغيت و اقتل و اسفك الدماء لتنال جنة الخلد. ما هي إلا سويعات ووصلوا إلى المكان الحدودي حيث كانت فرقة من الحرس و الجيش تقوم بدوريه روتينية . ترصدوا بهم للحظات و أخذوهم على حين غفلة ، فتحوا عليهم وابلا من الرصاص كأمطار شهر آذار . فانتشرت الجثث كالذباب و امتلأت الأرض بدمائهم الطاهرة و فجأة و بأمر من أميرهم توقف اطلاق النار وسط التبير و التمجيد و الشكر لله على نعمة قتلهم ، و انجهوا صوب الجثث يحركونها ب"حوافرهم" ليتأكدوا من موتهم لكن لاحظ "الطفل حمزة" أن هنالك شخصا لازال يحرك أطرافه فاطلق كالسهم إليه و نحره كما تنحر الشاة و اجتث رأسه و رفعه عاليا ليعلن النصر و أي نصر هذا ؟؟؟!!!!! فجأة انفجر رأس حمزة بالدماء و سقط ميتا و غمرته الدماء في يده لا يزال رأس ذلك الجندي . لقد قنصه جندي كان مرابطا فوق المركز الحدودي و أرداه قتيلا و أشلاء رأسه متناثرة حوله ... وفي نفس الوقت و في مكان آخر ، كانت أم حمزة التي لم يرزقها الله بأطفال سواه ، أكملت الصلاة و بدأت تدعي و تطلب من الله أن تسمع خبرا يطفيء النار المشتعلة عن ابنها الذي غاب منذ حوالي شهرين عن البيت و انقطع عن دراسته ... و لكن ارتج قلبها و خفق بقوة و عرفت آنئذ ان مكروها أصابه ...
#ياسين_خضراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سطور في المحظور
المزيد.....
-
175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
-
عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط
...
-
-المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف
...
-
ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من
...
-
-رأس الخس- يلاحق تراس من جديد ويخرجها من المسرح (فيديو)
-
هيفاء وهبي تعلق على قرار منعها من التمثيل والغناء بمصر بآية
...
-
بعد أزمة فيلم -الملحد-.. هل تأجل العرض بمصر أم مُنع العمل؟
-
جيمي كيميل لن يقدم حفل الأوسكار المقبل لهذا السبب
-
استقبل الأن.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 batoot Kids على جمي
...
-
تنسيق الشعبة الأدبية 2024 مرحلة أولى كلية اقتصاد وعلوم سياسي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|