داعش ووهم الدولة

يونس تاج الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4488 - 2014 / 6 / 20 - 21:28
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

لابد أنه تمت علاقة وطيدة بين الحمق والإرهاب ، فبالإضافة إلى النقص الكبير لأصحاب العقل التكفيري في رجاحة العقل والفهم ، هناك نقص أكبر في الخصائص الإنسانية السوية ، وماذا ينتظر من هذه الصنف أن يفهم من النص إلا ما يوافق ذلك الطبع المعتل .

فحتى الإنسان البسيط حين تمر عليه تجربة في مسيرة حياته ، تلقاه قد إستخلص الدرس و خرج بالعبرة ، فلا يعيد الكرة مرة أخرى ، بيد أن هذه الجماعات المتطرفة لا تقارب حتى ما إنتهت إليه أبسط العقول ، إننا لن نكون أعلى شأنا ولا أقرب صلة بني الإسلام ص ، كما هو شأن الإمام علي عليه السلام في منزلته في مخاطبة ومناقشة أجدادهم من الخوارج ، فبإستثناء فئة قليلة ، لم تنفع مع بقية القوم أي حجة أو تسوية ، لحقن دماء الناس والتوصل إلى كلمة سواء ، ولو شأنا لقلنا إن طبيعة ذلك الزمن كانت تجيز مسلكهم و تضع بين حساباتهم إمكانية تحقيق المبتغى وتغيير إتجاه الواقع والتاريخ ، غير أننا نقف في القرن الواحد والعشرين في إندهاش تام حين نسمع ونشاهد أن هناك فئة أو جماعة تروم إستنساخ ذلك الوضع بكل تفصيلاته الزمانية ضدا على كل مقومات هذا العصر !!

إنها أحلام يقظة ورجاء مستحيل ، لا لأن أحدا يرفض حكم الإسلام ، ولكن لأن الوسيلة والهدف خارجا الزمان والتاريخ ، فإنشاء دولة مستقلة التراب والقرار لا يتأتى إلا من خلال القوة وما هي إلا قوة التأييد الشعبي الذي هو وليد العدل والحرية ، و إلا من خلال الأخذ بمقومات هذا العصر الذي جوهره الإقتصاد وأعمدته شتى صنوف العلوم .

يقول المفكر الإسلامي خالص الجلبي في كتابه "الدرس الأفغاني " ، عن أمثال هذه الجماعات و هذا الفكر :

"إن وهم الدولة أسطورة مضاعفة بوهمين كل منهما اشد خطراً من الآخر، الأول يتصور الانتقال الى دولة جديدة مثل العبور من مفازة النار الى الجنة. والثاني وهم فكرة (الدولة الاسلامية). ومنذ أيام (الخوارج) ادعى الناس أنهم يقيمون دولاً اسلامية، فليس أسهل من رفع الشعارات واغتيال الحقائق وتفريغ المضامين، ولم تعتبر الأمة، وكل مدارس الفكر الاسلامية والمذاهب، أن جهادهم كان جهادا، وكانت مشكلتهم في التشدد والتكفير والعنف المسلح لقلب الأوضاع. وهذا الميل المريض تشربته اليوم جماعات كثيرة اسلامية. ومن اللافت للنظر ان الخوارج انعزلوا تاريخيا في الواحات البعيدة في الصحارى، في الأطراف، كما هو حال الطوارق في الجزائر. واليوم نرى أشد العنف الاسلامي ينبع من نفس الأمكنة حيث يقل الفقه ويشتد الحماس. والخوارج لم يكن ينقصهم الحماس بقدر الوعي. هذه هي كارثة العالم الاسلامي المعاصرة: الفراق بين الفهم والتقوى، وانفكاك النص عن التعامل مع الواقع والتاريخ."

#يونس_تاج_الدين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات