داود ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1270 - 2005 / 7 / 29 - 07:55
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لم تكن هي المرة الأولى التي ازور بها بغداد بعد زوال نظام صدام حسين ...وربما لن تكون الأخيرة...حيث استيقضت وأنا في احد ( اوتيلات ) الكرادة على صوت انفجار فندق السدير المدوي يوم الاثنين الماضي..ربما اعترتني بعض الرهبة من صوت ذلك الانفجار الذي جعلني اقفز من فراشي..بوضع الوقوف ..وفي الساعة السادسة وعشر دقائق صباحا....؟؟
بصراحة...لم ارغب في النوم بعد ذلك...ورحت اتامل من الشرفة مشهد الدخان المتصاعد من موقع الانفجار...واستذكرت ماضي ذكرياتي عن بغداد...وبالخصوص أيام الجامعة...تنهدت..وبحسرة طويلة..شابتها أحزان ماضينا وحاضرنا...ومن شرفة الطابق الرابع للفندق...وعلى مرمى بصري أرى بغداد....ورحت اسألها :
أراحلة حقا يا بغداد ..؟؟
إلى أين يا لوعتي....إلى أين يا ساحرة العباد..؟؟
أيكون مصيرك كمصير بابل التي ( زنت ) مع ملوك الأرض وعبدت الحجر والشجر كما قالت التوراة ..؟؟
هل حقا إن دموعنا ما عادت تنفع...وان ما يجري فيها قد آذن بموتها ورحيلها ....أو من مثلك يموت يا بغداد ؟؟؟
يا حاضرة الخلافة....يا معقد الرايات...يا موئل التحضر..أأنت من ثارت على بنيها ..أم أنت هي المغلوب على أمرها الثائرون عليها بنيها..؟؟
أحقا...أنت اليوم مصرة على أن تحتفلي بالموت....بعد أن عشت لقرون حافلة بكل ميلاد ؟
إلى أين...بل لا أين يا بغداد..مهما طال الزمان...و اشتد عليك زمهرير هذا الشتاء ... لابد أن تشرق عليك شمس جديدة يا بغداد...لابد أن تطل على شرفاتك أقمار البهجة بعد ليل طويل من الحلكة...لربما ما قدروك حق قدرك..لكن قلبك كبير بوسع ما حفلت به من تاريخ ..ستغفرين لبنيك...وسترضين بدفع هذه الضريبة التي حررها لك القدر بفواتير التكفير من أعماق تاريخك...لا تحزني يا بغداد..فالغد القادم رغم كل ما به من قلق..وخوف...ستصبرين على ما فيه...وستعيدين لربوع الرافدين بساطها الأخضر...وستنيرين دروب الحرية الحمراء لكل الدنيا....وستدكين قلاع الوهن والتخاذل...وجل ما أخشاه أن تعاودي يا بغداد قرع طبول الحرب ....نعم...فما يجري اليوم ضريبة تلك الطبول في لياليك الماضيات...أو تذكرينها يا بغداد ..؟؟
لا أرجو أن تعاودي قرعها في مستقبلك الذي أراه بتفاؤل...فكأنني بك على ( قاف )* وأنت تعزفين بقيثارتك السومرية التي ورثتيها من جدتك و أمك..وكل الدنيا تسمع هذا النغم الذي لم تعزف مثله أوتار الحضارة قبلا ... وإذا بك ترمينها فجأة من ذلك الشاهق العظيم...وإذا بقلوب العباد تبلغ الحناجر ....وأنت تقرعين بذلك الطبل...مومأة إلى وجه القمر ...؟؟
* جبل أسطوري عظيم كان القدماء يعتقدون بان عليه كانت تقوم تخوم الأرض
#داود_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟