|
التوافقات الطّبقيّة تشكيل من خارج دائرة الحرمان لموجبات عناصر الدائرة
رضا كارم
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 16:41
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
التوافقات الطّبقيّة تشكيل من خارج دائرة الحرمان لموجبات عناصر الدائرة ___________________
يستطيع العبّاسي رأس المركزيّة النّقابيّة المسايرة، وفق مقتضيات التّوافق أن يحدّد الأفق القادم على رهانات البورجوازيّة و قوّاديها. إنّه وضع يسهل تشييده. احتاج فقط سلطة غبيّة مكابرة، أنتجت فراغا مدوّيا . ثمّ تقدّمت التّشكيلات العمّاليّة في 7أفريل ثم 9أفريل ثمّ20مارس ثمّ1 ماي...مظاهرات كبرى تنادي بإسقاط الحكومة، شحذتها السّلطة الاستبداديّة بالمبرّر النّضاليّ، حتى انتقلنا إلى مشهد صراع حدّي اختزل المشكل الطّبقيّ ضمن بؤر محرقيّة ثقافيّة إديولوجيّة . 7أفريل قُمعت بقوّة شديدة. السّلطة تقدّمت و رفضت كل حركة بشارع الحبيب بورقيبة. 9أفريل ترفع تحدّيها. و السّلطة تتعرّى تماما. ضحايا القمع الهمجيّ قامعون همّج. منذ ذلك التّاريخ بدأ الرّاي العامّ يتشكّل ضدّ الأخوانجيّة. و بدل أن يزداد التّجذّر و يستعيد خطّ 17 ديسمبر كإطار ثوريّ بمهمّات دون الإنجاز، ساد المعتقد اللّيبراليّ حتى صفوف اليسار، فانبرت فصائل شيوعيّة للحديث عن إمكانية العمل مع الب دب و التجديد، و قد كانا عنوانا خيانة صريحة و تحالف مسخ مع سلطة بن علي ذاتها دون حشمة بل و بإصرار و عزم. و قد عنى ذلك أن الحركة اليساريّة في تونس لم تستفد شيئا من غبار 23أكتوبر، و لم تدرك أن الرّوح الثّوريّة مازالت تؤسّس طريق الجماهير المستعبدة و المغتربة قسرا غربة وجوديّة و غربة معرفيّة قصوى. لم تفهم قوى اليسار أنّ القضاء على عقل التعالي، يستحقّ معركة مسلّحة حقيقيّة ضدّ بضعة عناصر سلفيّة معزولة ، يمكن ضربها في العمق و إنهاء كلّ ارتباطاتها فورا. لقد تُرك الفعل الميدانيّ إلى بؤس الممارسة المتعالية. آمن اليساريّون بالاجتماعات العامّة التي أورثتهم شقاء الهزيمة السّياسيّة و الفشل الأخلاقيّ. و قادهم ذلك التصوّر السّاذج للفعل الثّوريّ إلى غرق في وحل "الكفر و الشّرك" ، و لم يعثروا على إجابات لأسئلة ملتهبة بحثا عن "إثارة" الحصول على كافر يتكلّم لغة الأغلبيّة السّاحقة من جماعات القرص المضيء المخدّر... لولا الاستدراك الجزائريّ الذي وجد أتباعا من الدّاخل مستعدّين "للعطاء" أو الخيانات كلّها، من أجل إسقاط البورجوازيّة النّاشئة، ثمّ الحدث المصريّ الجبّار متمثّلا في الانقلاب العسكريّ على الثورة و لكن على الأخوانجيّة، لظلّت النّهضة مدبّرا وحيدا أوحد يقود دون مشقّة بلد 17 ديسمبر إلى هيمنة امبرياليّة أردوغانيّة –قطريّة أساسا. كلّ الكرنفالات منذ 7أفريل حتّى الصيف الفارط و اعتصام الرّحيل، لم تعني أكثر من ترويح مناسباتي عن ذات عطشى إلى الصّراخ حدّ الألم الحادّ. احتاجت قوى المعارضة المجرمة و المنظمات و الجمعيات الدائرة في فلكها بدء بالاتحاد العام التونسي للشغل، إلى قوّة خارجيّة تملك الحافز و الإرادة و المشروع أو البرنامج. الجزائر جاهزة للدفع ضدّ بورجوازيّة مستبدّة باسم الدّين و جريئة بما يكفي لتلتقي برواد آيباك و تنشئ كل الخيانات. المال و السلاح و العنصر التنفيذي متوفرة جميعها. يبقى الجانب اللوجستي من تخابر و تدريب و خلافه، و ذلك تؤمّنه مخابرات الجزائر و بوليس بن علي . لكن كل ذلك يحتاج تحشيدا شعبيا عارما و حملات إعلاميّة متتابعة و ضرب عنيف للقيم الرّمزيّة التي انعقد عليها المشروع النّهضويّ، بوصفه مدخلا للمشروع الثّوري و قاطرة له ، أو هكذا يفهم النوفمبريون و الجزائر الرّسمية ... بما يعني أنّ ضرب النّهضة كان يعني فقط ضرب الثّورة، أو ضرب كلّ أمل في تغيير ثوريّ. لكنّ البورجوازية التقليدية و مخابرات الجزائر تفاجؤوا بمستوى الخوانجيّة "الثّوري" و فهموا أنّهم إزاء "خصم" إجرامي ، جزء من مافيا بديلة فحسب. و أنّه بدل الصّراع المسلّح ثمّة فرص خياليّة للتّعاون و التبادل. ذهب الغنوشي إلى الجزائر ، و زار الباجي العرب النّفطيين، ثمّ حدث الالتقاء الضّروريّ الذي كان ملزما للعصابتين الراسماليتين. لم يدرك الاتحاد و معارضو الصّدفة أن اللعبة تتجاوزهم بمسافات ، و أن التحشيد الذي وفّروه لم يعد مهمّا أبدا . و أن الانتخابات قادمة. وربما يقتسم نداء تونس و النّهضة أصوات الحشود ... و لعلّ الاتحاد مثل الجمهوري، تفطنا إلى حجم الفضيحة، فاستدرك الجمهوري بالانسحاب من كلّ حوار، و دخلت قطاعات التّربية حربا ضروسا ضدّ الوزارة، بما يؤمّن ضغط البيروقراطية على السلطة الحالية ثم عطفا على السلطة القادمة، و غمزا من زاوية القيم النّضاليّة الكبرى التي يختزنها الاتحاد. حسين العباسي يهيّئ ساحات السلطة إلى ساحات الاحتجاج المطلبيّ القصوويّة. و بذلك يخطو خطوة إلى الأمام ليحدّد ملامح المستقبل وفق تصوّراته و بما يحقّق مصالح البيروقراطيّة النقابية بدءا بالأمين العامّ، و الامناء العامّين السّابقين. و رغم الحرب على خلافة العباسي، تمكّنت البيروقراطيّة من مناكفة السلطة و تبريد مناخات رفع الدّعم و تأجيله ، بل و فرض مفاوضات اجتماعيّة ستؤدّي إلى رفع الأجور. و هي إجراءات تزيد نفوذ الاتحاد و قوّته عند الأجراء، رغم أنها تشريع لفقر مضاعف و تهميش مضاف. و تأبيد لحالة نفيهم و تغريبهم و اختزال آمالهم في بضعة دنانير دون حل أزمة السكن أو أزمة التأمين الصحي أو جودة التعليم... كل الرّسميّ دولة و منظمات و أحزاب و جمعيات ، يقعون خارج الموجود و المأمول جماهيريّا. ثمّة تناقض عميق بين أجهزة منظّمة و أفراد شتات مبعثرين دون وعي تجميعيّ لرصد المهمات الإنسانية المشتركة و حملها على التاريخ تطبيقا و تعديلا و تطويرا. الخطوط الموازية الجبارة و المتعددة أكثر من القدرة على الإحصاء، ما تزال عاجزة عن جعل قواها تشكيلا لمشترك المقاومة اللاطبقيّة رهانا … إنها مقاومة تنهي هذا الاتحاد العميل ، و تلك الأحزاب المرتبطة بالفساد و الجريمة و هذه الدولة القميئة الملوّثة.
________________ رضا كارم -قلعة سنان
#رضا_كارم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكن الكاميرا سقطت
-
المعركة عميقا ، الصّراع متواريا ، المقاومة هناك أيضا
-
17 ديسمبر يا 20 فبراير:معركتنا واحدة يا جماهير التغيير اللاط
...
-
فري كربول، فري عبد المجيد الشرفي
-
أيّ مشروع لأيّة صيرورة؟
-
ما معنى العمل بين الجماهير لتحريضها و تحريرها؟
-
الأول من ماي: ذاكرة الحرّية.
-
إرهابي بقناع قاض، إرهابي بمهنة بوليس
-
ثم صاح بأعلى صوته: حرّية، حرّية ،حرّية
-
الخبز و الماء أو نشيد الجوعى في محفل المقاومة.
-
السّياق و أزمة التّغيير
-
ديمقراطيّ دون أنسنة، زاهد دون محبّة
-
روايات -الوطن- ، واقع الاستعباد
-
أزف زمن التقاطعات، للهزيمة أصل
-
17ديسمبر مجدّدا
-
يمين الكاميرا، يسار الكاميرا
-
الصيروة تخدعهم
-
شارع الميزانية
-
إننا نواصل معركة الأغلبية المسحوقة
-
الفهم ليس التّفهّم:العلم ليس الإديولوجيا
المزيد.....
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|