أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سعيد مضيه - العلم في الصغر















المزيد.....

العلم في الصغر


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 13:35
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


العلم في الصغر
قضية التربية باتت تهم المجتمع بأسره؛ فهي قد تشكل رافدا أساسا للتحرر والتنمية والديمقراطية. يتحدثون في مصر عن " التعليم الجيد"، احد وسائل تجاوز أزمات الحاضر، دلالة على رداءة التعليم الراهن. والتربية في فلسطين أيضا متورطة ،من خلال التعليم التلقيني، في أخطر المطبات، حيث اقتصر التعلم على الحفظ؛ فجاء حصاد النهج التربوي تعطيل العقل الباحث والنقدي. نشطت في غياب العقل الانفعالية والنزق والمواقف المرتجلة بغير تبصر؛ وتكون النتيجة الحتمية هي الفشل الذي يولد التوترات والارتباك. هكذا كان الفشل مصير صراعنا مع إسرائيل. إسرائيل يحكمها التعقل ويوجه سياساتها التخطيط والتفكير الاستراتيجيان؛ بينما يغيب التفكير والتخطيط في ردود أفعالنا . غياب التعقل يطلق العنان للارتجال والانفعالية النزقة. باختصار تغييب العقل ورطنا في الفشل تلو الفشل . والمجتمع الذي لا تحركه محفزات الإبداع والنهوض يتأسن في ركوده، ويتحايل على المشكلات بالفهلوة والانحرافات السلوكية وتدبير الحال او الغرق في فنون التسلية المولدة لشتى الانحرافات السلوكية وضروب الاختلالات الاجتماعية.
في ضوء هذه الوقائع ، وإدراكا بخطورتها، دعا مركز فؤاد نصار لأبحاث التنمية، ومركزه رام الله، إلى مؤتمر تربوي عقد يومي 23 و24 آذار الماضي تحت العنوان " نحو تعليم عصري من اجل التحرر والتنمية". حاضر في المؤتمر أكاديميون وباحثون ، وقدمت فيه شهادات من معلمين ومعلمات. قدم مركز فؤاد نصار ورقة اشتملت على مواضيع تربوية، على رأسها تعليم الأطفال، وجاء في الورقة:
نعيش الآن عهدا جديدا للطفولة، يختلف عن القديم ، حين نظروا إلى مرحلة الطفولة عالما من انفلات المشاعر والأهواء. في ضوء المفهوم تساءل جان جاك روسو لماذا نسلب هؤلاء الأبرياء الفرح الذي يمضي بسرعة؟ وانتقد روسو القسوة على الصغار في مجتمع الرأسمالية؛ كما وجه الأديب تشارلز ديكينز نقدا لاذعا لاضطهاد الأطفال .
أما الآن فينظر للطفولة مرحلة تأهيل لمجتمع الغد، والاستثمار في الطفولة استثمار في مستقبل المجتمع، وهو اعظم جدوى من أي استثمار. يتم الاستثمار في الطفولة من خلال نهج تربوي ينمي العقل النقدي الباحث. حتى الدراسات العليا يتوقف نجاحها على نمط التعامل مع الطالب منذ المرحلة الأولى من الدراسة. هل يتم تحريض الوعي النقدي لدى الطفل، وتحفيز ملكات التحليل والتركيب والمبادرة والتعاون مع الآخرين؟ ام يعوّد الطفل على التلقي وانتظار المساعدة، منطويا على الذات؟ هل نركز على المستقبل أم على الماضي؟ التركيز على الماضي وسيلة للهروب من الحاضر ومسئولياته تحت ثقل الهزائم والأزمات. إنها آلية دفاعية قاصرة مكبلة بالإرباك أمام الاحتلال الإسرائيلي، ووسيلة نكوصية لاشعورية ؛ وهي أيضا اداة السياسة للترويض الفكري والخنوع لسلطة الأمر الواقع،مركزة على القول بدل الفعل.
تتعدد مصادر الثقافة، المؤثرة في الأطفال: الكتاب، والصحيفة، والمجلة، والأغاني والأناشيد، والقصص المروية أو المكتوبة، والإذاعة المسموعة والمرئية (الراديو والتلفزيون) وغيرها من أدوات التثقيف. من بين هذه العوامل يبرز الكتاب الأدبي أغزر المصادر بأشكال ثقافة الطفل وأقواها استنفارا لخياله حيث يحلق الخيال بجناحي نسر.يسمو أدب الخيال العلمي بنفوس الجيل الفتي وبتفكيره النقدي؛ وبقدر ما يسمو الأدب في فنيته وتخييلاته يعظم انعكاسه على اجتذاب الأطفال وشحن مواهبهم الإبداعية.
انطلاقا من الإيمان أن الكتاب ، والكتاب الأدبي، يشكل المصدر الرئيسي للثقافة ذات المضمون الإنساني فإن ثلاثة مصادر أخرى تهيئ للكتاب المناخ الملائم أو المعادي، تدنيه من اهتمام الطفل او تقصيه. والمصادر الثلاثة هي الأسرة والمدرسة وثقافة الإليكترون. فأين الثقافة في فلسطين بين هذه الروافد الثلاثة؟ وما هو نصيب الكتاب والمطالعة من الإسناد ؟ وهل بمقدور الكتاب، ضمن الإطار الضيق لما يستمده من دعم، تحدي مغريات ثقافة الإليكترون؟

دور الأسرة في التربية

يؤدي الأبوان وظيفة اجتماعية حين يمنحان الحنان للطفل . من بين أسباب بكاء الطفل افتقاد الحنان. وحتى الثالثة من العمر يظل اعتماد الطفل كبيرا على الرعاية الخارجية؛ لكنه يزداد مع توالي الأيام تشبثا باستقلاليته وإبراز شخصيته، قبل أن يعي العلاقات السببية بين الأشياء والحوادث. وبعض الأسر تعرض الطفل الملحاح لألم خفيف وسريع الزوال كي يدرك العلاقة السببية، مثلا بين النار والحرق. وتنبغي الاستجابة لإلحاح الطفل فيما لا يشكل ضررا بجسمه أو إتلافا للأثاث. ولا يجوز التحكم بأذواق الطفل.
الطفولة تُسْهم إسهاما هامّا ، ورئيسًا ، وحاسما في بناء الشخصية من شتّى النواحي الاجتماعية ، والنفسية ، والعقلية ، وبالطبع الثقافية؛ والقيم التي تعتني بها الأسرة تتغلغل في وعي الطفل وتشكل القاعدة التي تبنى عليها منظومة قيمه . واخطر ما قد يعرض للطفل في المرحلة المبكرة هدر يتمثل في ما يدعونه في علم النفس عصاب الفشل. تكرر الأسرة التلويم والتقريع والتعزير فيصاب الطفل بتشنج مرضي مصاحب لتكرار حالات الفشل،يرجعه علم النفس التحليلي إلى ما يطلق عليه عصاب القدر. هو حالة عصابية ترجع الفشل إلى قدر خفي، أو حظ سيئ ملازم أبدا يجد تفسيره في اللاوعي، وخصوصا مع اضطراد تكرار الفشل والشقاء.
وكما أن الإسراف في الردع يضر الطفل فإن الإسراف في البرود واللامبالاة حالات تنطوي أيضا على هدر شخصية الطفل؛ تنشأ عادة عن أساليب التعامل و التنشئة الخاطئة و"الرعاية المتصفة بالبرود والتباعد والنبذ والمنع أو الحط من ثقة الطفل بنفسه وفرض الوصاية بحيث تتعطل لديه القدرة على الإنجاز المستقل أو القمع المفرط لمشاعر الطفل العفوية" (2/274).
أما ديمقراطية التعامل مع الطفل فتنشئه قابلا للحوار وتقبل الرأي الآخر. والتسامح فيما بين الوالدين يسمو بالطفل عقليا وينشئه قادرا على احتواء الآخرين. الميل إلى القراءة ، والمشاركة في الأنشطة الثقافية المحلية والوطنية ، وحضور المحاضرات والندوات الفكرية ، والمساهمة في المسابقات ، وممارسة الحوارات الفكرية داخل الأسرة ، ووجود المجلّة والكتاب والصحيفة اليومية وانكباب أفراد الأسرة على المطالعة ..كلها عوامل ذات تأثير إيجابي في تنمية الوعي الثقافي لدى الطفل ؛ كما تساعد على النموّ السليم والتنشئة التي تسمح بسرعة التكيّف الاجتماعي والثقافي مع الوسط المدرسي من ناحية ، ومع الوسط الاجتماعي الثقافي من ناحية أخرى.

حذر الدكتور حامد عمار ، الخبير التربوي من مصر ، من نزعة الانطواء على الذات لدى الأطفال ، واوجب على المربين تعويد الأطفال على العمل الجماعي وروح الفريق. التصلب الذهني والتعصب مرادفان للجهل وضحالة المعرفة؛ وبالعكس، تتجلى الديمقراطية في تكامل الشخصية الإنسانية وفي الاقتدار المعرفي والقدرة على التعامل والتعاون مع الآخرين. " في مرحلة الطفولة تراعى مهمة التنمية المتكاملة لمختلف طاقات الطفل البشرية والبدنية والعقلية والاجتماعية والروحية والجمالية والمهارية"(1/220). كلما كان الأب أو الأم أو الأخوة الكبار من ذوي التعليم والثقافة العالية، ساعد ذلك الأطفال على التفتح المبكر للذهن وتعزز ميول الاستيعاب للقيم الثقافية. فالأم إذا ما كانت على درجة من الثقافة، واتسع صدرها لأسئلة الطفل وقدمت الأجوبة المقنعة والعقلانية لتساؤلاته المتعددة تسهم في تنشئة رجل محب للمعرفة ويتقصى الحقيقة. أما الأسرة التي تقمع طفلها أو تخضعه لقالب ضيق ينشأ داخله، او إذا شغلتها هموم الحياة عن تقديم الرعاية اللازمة للطفل فإنها تنشئ فردا منطويا عازفا عن المعرفة يشعر بالدونية ويتهيب من الممارسة العملية. وحيث تسود سلطة الأمر والنهي في الأسرة تتغلب الاتجاهات النفسية و القيمية نحو مسايرة السلطة الطاغية في شتى صورها. كتب الدكتور هشام شرابي،" النظام التربوي والاجتماعي يثني الطفل عن الثقة بآرائه الخاصة ويشجعه على قبول آراء الآخرين دون تردد أو سؤال. وهذا ما ينمي في نفسه الإذعان للسلطة ولكل ما هو أقوى منه أو أعلى مرتبة وجاها". [3/ 33].
غالبا ما تنقص بيئة الطفل الكثير من شروط التنمية السليمة والمتكاملة لشخصيته. يحسن في المجتمع الفلسطيني تعويض النقص بتوجه هيئات اجتماعية للعناية بالطفل من خلال أندية ثقافية ورياض اطفال منتشرة وسط التجمعات السكنية، خاصة أثناء العطل . يشرف على الأندية معلمون متقاعدون وكتاب ومثقفون يمنحون من أوقاتهم ما يحفز نهم الطفل للمعرفة ويريح الأسرة قليلا من هموم الأطفال ولجاجتهم.

الكتاب المدرسي للطفل

إن عشق القراءة وتكوين الإنسان القارئ فيما بعد لا يتحقق إلا من خلال توفير كتب وقصص متنوعة وممتعة، ومناسبة لسن التلميذ. والكتاب الأدبي أكثر مصادر التثقيف غنى بالقيم الإنسانية. الأدب مؤثر في عقول العلماء والمبتكرين؛ وبدورها تؤثر الاكتشافات العلمية والابتكارات التقنية في تطور الأدب .
هناك فرق بين الصورة والكلمة في شحن عملية التفكير. الصورة تنزلق سريعا عن جدار الذهن ؛ بينما تتفاعل الكلمة مع المدركات الحسية وتدخل عنصرا في عملية التفكير. ولاحظ الخبراء المختصون أن كتب القصص المصورة لم تكن تتيح للطفل أن يتعامل معها إلا بحاسة البصر، فلم تعمل على ترسيخ حب القراءة لديه. ويضيفون أن الكتاب لن ينتهي عمره مع الثورة التكنولوجية، لان له خاصية لا يمكن ان يستشعرها الطفل مع شاشة الكمبيوتر وهي لمس الأوراق ورائحة الكتاب، ما يبني علاقة عاطفية لا تتلاشى سريعا .

بات موضع اتفاق، أدبيا وتربويا، أنّ ما يُكتبُ للطفل لا يكون للتسلية والاستمتاع الآني فحسب ، بل لتقديم خبرات وقيمٍ ومواقف سلوكية تُسْهم في تهذيب شخصيته وبلْورة سماته الذاتية والاجتماعية ، في إطار بناء الشخصية المتكاملة. وذلك لأن كاتب ثقافة الطفل وأدبه هو مُــربّ، وما يُقدم إلى الطفل من أعمال ثقافية أدبية لها أبعادٌ تربوية بما يتناسب مع طبيعة كلّ عملٍ شعري كان أم نثريٍ . أدب الطفل أداةٌ أساسيةٌ في بناء ثقافته؛ إذْ يُسْهم في نقْل جزء من الثقافة العامة إلى الطفل بصورة فنّية . ذلك أن التجسيد الفنّي عملية لازمة في التوجّه الاتصالي عموما. والأدب فرْعٌ من الثقافة والثقافة نوْعٌ من الاتصال سواء كان إلى الراشدين أو إلى الأطفال ، غير أنّ لزومه لأدب الأطفال أشدّ ، لأن حواسّ الطفل شديدة الاستجابة لعناصر التجسيد الفني.
يجدر بنا تقديم المربي الفلسطيني والمنور خليل السكاكيني نموذجا للتطوير التربوي وفق اسس إنسانية وبروحية تحديث المجتمع . سعى السكاكيني، وهو يستشرف صراعا ضاريا مع الهجمة الاستيطانية الصهيونية، إلى تعليم تحدوه الرغبة في توظيفه لمصلحة تثوير الحياة لا مجرد تنويرها. ألحّ خليل السكاكيني على وظيفة المدرسة في تعليم الحرية و إكساب الطفل ثقته بذاته وبمجتمعه. نادى السكاكيني بتعليم "يترك الطالب يربي نفسه بنفسه ويعلم نفسه بنفسه، ويحل مشاكله بنفسه، فلا يلغي شخصية التلميذ إذ يلزمه بالحفظ والنقل والتقليد" (4/82.).
ينصح الباحث الدكتور عمار أن تشمل كتب المطالعة موضوعات علمية لكي تظل اللغة العربية لغة ثقافية حية، إذ أن "حاجة مجتمعنا إلى العلوم الطبيعية والبيولوجية لا تقل عن حاجتها إلى العلوم الإنسانية. وكلا المجالين يدخلان في صياغة النظرة العلمية التي تشكل روح الثقافة".( 1/217).
تغتني قضية تربية الطفل بمحتوى مؤلف الدكتور شكري عياد " مدارس بلا تعليم وتعليم بلا مدارس"، حيث يشير إلى أن الطفل في المدرسة الابتدائية يستمتع برموز اللغة. يرى الدكتور أن "النحو والإعراب مهما يسرناه او أكثرنا من التدريب عليه فالنشاط اللغوي العملي أهم منه". والفكرة ذاتها دعا إليها السكاكيني في حينه.؛ إذ عزف عن تدريس النحو في مدرسته التي افتتحها عام 1909 بالقدس. استعاض عن النحو بجمل وعبارات جيدة الصياغة. يركز المؤلف على أهمية النشاط اللغوي العملي ، في أكثر من موضع، تعبيراً في تصوير موفق للمحادثة بين الطلاب، او عن طريق التمثيل والخطابة والمناظرة، أو في العمل المشترك لإصدار صحيفة حائط.

الثقافة الإليكترونية
حمل عصرنا ثورة علمية تقانية أثرت حياتنا بأدوات جديدة ذات جاذبية للمشتغلين بالمعرفة إلى جانب ما أحدثته من انفجار معلوماتي. يتوجب الحذر من الانجراف مع هذا المنتج الرهيب ؛ يكفي خمس ساعات كل يوم يمضيها الكبار مع الأجهزة الإليكترونية؛ اما الصغار فيجب اختصار مدة الجلوس أمام الكمبيوتر وغيره من الأجهزة، ويفضل أن يتم ذلك بإشراف الوالدين.
تقول د. منال عمر، اختصاصية العلاج النفسي من مصر، "مما لاشك فيه أن اختراع الوسائل الإعلامية المختلفة، ومنها الفيديو، تُستعمل للخير وتُستعمل للشر، ولا يختلف اثنان على أن هذه الاختراعات لو استخدمت في الخير ونشر العلم وتدعيم القيم الأخلاقية وربط الجيل الحاضر بأمجاده وتاريخه، كان لها الدور الإيجابي للاستفادة منها والاستماع إليها. أما إذا استعملت لترسيخ الفساد والانحراف ونشر الرذيلة والانحلال كان لها الدور السلبي".
في ضوء هذه المدخلات بات من إحدى البدهيات أن تربية الطفل لم تعد تقتصر على الأسرة، أو المؤسسة التعليمية فقط. التكنولوجيا الحديثة، وما أنتجته من أجهزة تفتن عقول الأطفال وتثير أخيلتهم ، حظيت بالنصيب الأوفر في التربية.هذا المنجز الحضاري حمل البعض على اتباع رؤية سلبية تجاه تكنولوجيا المعلومات، اعتقادا بأن ثقافة التكنولوجيا في طريقها لإزاحة الكتاب من ميدان الفكر والثقافة ؛ إلا أن التجربة العملية بينت أن لا شيء ينافس قيمة الكتاب؛ بل إن التكنوترون يرفد المطالعة ، حيث يعرض النصوص للمطالعة، ويعلي من قيمة الكتاب. إن للكلمة دورا أساسا في تطور الثقافة الإنسانية، ولا تزال تملك هذا الدور. فقد تضافر تأثير الكلمة ( النطق باللسان) مع العمل (اليد) في تطوير الدماغ البشري؛ وبدوره أدخل الدماغ المتطور أبعادا جديدة وموسعة لفعل اليد واللسان ، لتمضي رحلة الفكر والمعرفة بتضافر وتفاعل هذه الأعضاء الثلاثة ومنجزاتها في حقل المعرفة والثقافة.
تتضمن ثقافة الإليكترون ما يغذي العقل مثلما تتضمن ثقافة ساقطة يجري تهريبها بقصد لئيم. فكيف نقبل على الأولى ونتجنب الثانية؟ يصبح العبء كبيراً على الأطفال ممن شرعوا يتعاملون مع جهاز الحاسوب الآلي دون أن يكون لأبويهم اهتمام مماثل أو حتى الرغبة المماثلة كي يتوقوا مخاطر نماذج ثقافية لا تناسبنا وتناقض عاداتنا وتقاليدنا، خاصة لما يواجهنا يوماً بعد يوم من تعدد منتجات الثقافة الإلكترونية تصدرها مطابخ الامبريالية خصيصا ضمن برامج الحرب النفسية وهدم الكيانات الوطنية لشعوب العالم الثالث .

كما أن إعلاء مكانة الدين في الحياة الاجتماعية لا تتحقق على حساب العلم والتفكير العقلاني فإن رفع قيمة الكتاب لا تتأتى من خلال الحط من الثقافة الإليكترونية. الثقافة الإليكترونية نهر متدفق إن لم نحسن التجديف فيه يجرفنا إلى شطئان مجهولة. أيقنت كل المجتمعات ضرورة اللجوء إلى تكنولوجيا المعلومات لمواجهة ظاهرة الانفجار المعرفي ، وهو ما يستوجب إكساب الطفل العربي القدرة على التعلّم الذاتي مدى الحياة ، والتعامل المباشر من مصادر المعرفة دون وسيط بشري في هيئة مدرّسٍ أو كتاب مدرسيٍّ . يتطلب ذلك إكساب الطفل مهارات البحث والإبحار في الشبكة العالمية " الإنترنيت ". وهذا ما يخلق تحديا للمعلم، يفرض عليه التزود بالجديد والجديد من المعرفة والخبرات.
مما تقدم يتبين ضعف مردود وسائل التربية الأساس على الثقافة والكتاب. مصادر الثقافة في مجتمعنا لا تؤهل الطفل لألفة مع الكتاب ولا تشجع على المطالعة؛ يوجد فراغ ينبغي ملؤه . وهذا يستدعي من الحريصين على التنمية الاجتماعية إيلاء عناية خاصة لتعويد الطالب على الكتاب الأدبي، والثقافة الإنسانية، وتهذيب زوادته من ثقافة الإليكترون. الأمر الذي يتطلب جهدا جماعيا.


مراجع

1- الدكتور حامد عمار:"مواجهة العولمة في التربية والثقافة" ـ سلسلة كتاب الأسرة، القاهرة 2006) "

2ـ د. مصطفى حجازي: الإنسان المهدور، معهد الإنماء العربي، ط2، 2006

3- الدكتور هشام شرابي: مقدمات لدراسة المجتمع العربي، بيروت 1970
4- خليل السكاكيني بين الوفاء والذكرى



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة وفاق وطني تحت حراب الاحتلال
- مركزية دور التربية النقدية في التحول الديمقراطي
- الماركسيون والديمقراطية .. الدروب ليست سالكة
- الماركسيون والديمقراطية
- إسقاطات توحش الاحتلال الإسرائيلي
- يوم الأرض ووحدة النضال والمصير في المنطقة
- مكافحة الأمية الدينية- إلإصلاح الديني2/2
- مكافحة الأمية الدينية- إلإصلاح الديني
- المرأة والدبمقراطية والثقافة
- الصهيونية تعاونت مع النازية -2
- الصهيونية تعاونت مع النازية واضطهاد اليهود يخدم أهدافها
- العقل والضمير ضد تلفيقات الصهيونية
- الجرح النازف ماديا ومعنويا.. انكشاف الخرافة تحت وهج التضامن ...
- شطب القضية الفلسطينية نهائيا
- الأصولية -5
- الأصولية سياسات اليمين- 4
- شارون الصهيوني بلا مواربة
- الأصولية سياسات اليمين- 3
- الأصولية سياسات يمينية -2
- الأصولية سياسات اليمين مهربة في لفافات الدين


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سعيد مضيه - العلم في الصغر