أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الفصل الأول _ تنظيف الجذور ج1 . من رواية النرجس والرمان














المزيد.....

الفصل الأول _ تنظيف الجذور ج1 . من رواية النرجس والرمان


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4486 - 2014 / 6 / 18 - 08:40
المحور: الادب والفن
    


تنظيف الجذور
في اليوم الأربعين وكعادة الناس أن تقام للميت مراسيم خاصة للنساء والرجال لم تترك نرجس صغيرة ولا كبيرة لم تعملها منذ الفجر وهي منشغلة مع نسوة المنطقة في إحياء هذا اليوم وقد خرجت من الصباح البكر للسوق جلبت كل ما تحتاجه المناسبة من لوازم وتجهيزات وما يحتاجه اليوم الأخير من أعداد أمل للمعزين كأنها تريد أن تقول للمرحومة لا تهتم نامي قريرة العين فأنا هنا ,ظنت الكثير من النساء أن هذه السيدة لا بد أن تكون أقرب منا يمكن للعجوز الراحلة تعمل بصمت ودموع عينيها لا تنقطع مغرورقه تفيض وفاء وإخلاصا للإنسانة التي لم تقض معها إلا أياما معدودة .
كانت الفاجعة كبيرة على الرجل ولكن وجود نرجس خفف كثيرا من وطأة الأم بالفقدان والخسارة الفادحة ,شاركته المصاب وتحملت معه عبء المسئولية مسئولية الوفاء للحاجة التي ختمت حياتها في بيت الله , هذا الحال يشعر الرجل بالرضا أحيانا وبالسرور أحيانا أن الله أختار أمه لتكون ضيفته في دار الله وقرب بيته الكريم , أجزل في كل شيء يتعلق بذكراها لم يترك شعيرة يصل ثوابها للأموات إلا وعملها ,يعرف أن أمه بست كباقي النساء أنها السيدة التي عملت المستحيل لأن تعيش كريمة وعفيفة وحافظة لدينها ,لم تكن إلا قديسة خدمت الناس صغير وكبير دون أن تدع لأحد أنها فعلت إلا الواجب وأقل .
أنتهت مراسيم الأربعين وكان على نرجس أن تتخذ قرارها الشجاع أن ترحل وأن تحمل معها كل الأسرار كما جاءت لا بد أن تذهب , في الصباح جمعت متاعها في صرة كما أول مرة ألتقت به وذهبت ضحى بعد أن نظفت ورتبت البيت وجعلت كل شيء في محله لتلقي السلام الأخير وتسلمه المفاتيح , لا وجهة محددة وليس من طريق يقودها إلى ما تريد فقط تريد أن تقول له كم أنت كريم وشهم وأصيل ,تعجب من حضورها المبكر فهي عادة ما تحضر بعد أذان الظهر حاملة الأكل , لا شيء يدعوها للمجيء في هذا الوقت , بادرته لتقطع تساؤلاته قالت أتمنى فقط الآن أن أقبل يديك .
هزته هذه الكلمة وكأنه كان في غفوة عما يجري حوله فأنتفض وقام خيرا يا نرجس لو كان الأمر بيدي لقبلت أنا يديك الكريمتين وفاء لكل شيء ,أنت التي بعثها الله لتكون آية للآخرين أتمنى فعلا أن اكتب في كل الشوارع والبيوت أن نرجس أنبل إنسانة قدمت الخير بمقابل بسيط لا تفكري أن ما عملته معك فضل أبدا هذا واجب , الفضل لله الذي بعثك لنا ,لكن اسأل فقط ما المناسبة أن تأت الآن ,قالت وهو يسمع نشيجها بعد أن تنحوا قليلا نحو جدار الصحن , سأذهب , ولكن إلى أين لا أعرف ولكن الله لا يتركني ,لعلي سأصادف أبو الياس أخر .
أسند ظهره للجدار وصفع جبينه بقوة يا لله ما هكذا تأخذ مني كل جميل بالأمس أمي واليوم نرجس , هذا كثير والله يا ربي كثير شاركته البكاء وهي تعلم أن أجتماعهما في بيت واحد لا يجوز كما لا يجوز لها أن تخرج الرجل من بيته لمجرد أنه كريم وطيب , وهو يعلم أيضا أنه لا يمكن أن تبقى الأمور هكذا بغياب والدته لا بد من حل , طلب منها التريث الآن والعودة للمنزل على أن توافيه عصرا وقبل صلاة المغرب هناك حلا ما قد يرض الجميع , بتردد أقتنعت وذهبت وبقى جالسا تأخذه فكرة وتعود به أخرى يضرب أخماسا في أسداس .
بعد وفاة والدته بأيام جاء للبيت وأخذ الصندوق الخشبي الذي فيه أوراق تركته والدته وأخبرته أن لا يفتح الصندوق حتى تعود لتخبره بكامل الحكاية , حمله وذهب للمحامي السيد كمال الدين ليعرف منه ما يمكن أن يعمله , قلب السيد المحامي الأوراق وقال له كل شيء فيها أصولي فقط نحتاج لبعض الإجراءات البسيطة التي تستوجب منك الذهاب إلى كركوك وإلى بغداد لنكمل ما هو ناقص , قد تكون ثريا أنت ولا تعلم هناك حجج أراضي وهناك وصية .
في البيت كانت نرجس في حيرة من أمرها هل تترك هذا المكان الذي وفر لها إنسانيتها وشرفها وعفافها وصان من أن تقع فريسة للذئاب البشرية أو تجازف مرة أخرى عسى الله أن يهيئ لها مكانا أمنا وعائلة تحتويها دون أن تخسر شيئا ثمينا أو تضطر لكشف الكثير مما تحرص على أن يبقى أسير قبره ,ليس كل شيء مباح أن يعرفه الآخرون حتى وإن كان ليس بذي بال المهم أن يبقى الإنسان محتفظا بالصورة التي ظهر بها أول مرة صورة ناصعة وإن كانت مؤلمة , تترقب ساعات المساء كي تعرف كيف سيتصرف معها أبو الياس لعل هناك فعلا حلا يرضي الجميع .
ذهبت للصلاة والرجل كان متهيئ ومعه كل الأوراق التي يحرص عليها أن تكون جاهزة للحظة المناسبة وقد ضرب موعدا محددا مع السيد المحامي ليتباحث معه عن مجموعة من الحلول لعل أحد هذه الحلول سيكون المفتاح الذي يضمن عدم التفريط بنرجس ويبقي الأمل مفتوحا لأي تطور يمكن أن يحفظ هذه العلاقة الإنسانية واستمرارها , جاءت مبكرة من الصلاة وذهبا الاثنان إلى مكتب المحامي الذي أجل كل المواعيد بناء على طلب جاره القديم ليسمع منه ويستمعون لخبرته ونصائحه .
كشف كل الأوراق مما كان يعرفه ولم يصرح به لأحد وكل ما سمعه من الناس عنه وعن والدته وكل ما أخبرته به والدته من معلومات وأسرار أضافة لما في الورق من مستمسكات وحجج قانونية لا يفهم تماما ما فيها ولكن يعلم أنها ثمينة وتحمل الكثير الكَثَير من الأسرار والمستقبل له , شجعه السيد المحامي أن يتعمق أكثر للوصول إلى رأس الخيط الذي يمكنهم متابعته لغرض الوصول إلى حقيقة ما ,حقيقة هذا الرجل وجذوره والماضي الذي قتله الحرص على إخفائه قسرا بالرغم من نظافته وعدم وجود شوائب يخجل منها أحد .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الأول _ تنظيف الجذور ج2 . من رواية النرجس والرمان
- الفكر والمفكرون العرب وعقدة الضد والضديد
- الفصل الأول _ لقاء طائر الأحزان ج2 . من رواية النرجس والرمان
- الفصل الأول _ لقاء طائر الأحزان ج1 . من رواية النرجس والرمان
- بيان الأمانة العامة للمبادرة الوطنية للمصالحة والسلام بشأن ا ...
- ملامح من الوضع العراقي القادم
- السلام ومطلب الحرية
- مفهوم المقاومة الشعبية
- هل نجح الجيش العراقي في الأستعداد للمواجهة
- صباح العراق
- الموقف الإقليمي والدولي ومسألة الموصل
- قرار المواجهة وحدود التنفيذ
- زمام المبادرة مفتاح التحرك نحو النصر
- هل ينبغي ترك الموصل للقوى المسلحة والاكتفاء بالتفرج
- خيارات الحرب والسلام في العراق
- لماذا الأنهيار المفاجئ للجيش العراقي في الموصل
- العمل العراقي في التعامل مع المستجدات الأمنية والعسكرية
- بيان المبادرة الوطنية للمصالحة والسلام
- العراق والمأزق السياسي الحالي
- العرب والأعراب حقيقة الواقع ووهم التأريخ


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الفصل الأول _ تنظيف الجذور ج1 . من رواية النرجس والرمان