|
الشعر وأنكيدو ومفاتن صاحبة الحانة
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1269 - 2005 / 7 / 28 - 10:35
المحور:
الادب والفن
الشعر وأنكيدو ومفاتن صاحبة الحانة ج / 1 { نص في دور الشعر لتهجين الذكورة } وجهك يرسمني بقلم الفحم فتضئ ألواني كشعاع محترق من لذة مضاجعة في أول الصباح .. يصحبني وجهك لمدن استوائية أشم فيها روائح القصائد اللذيذة كطعم البمبر من شجرتنا الهندية تلك التي جلبها أبي من حروبه الخاسرة في أرض البلقان وعبادان ورأس رجاء الحلم أومن المدن التي نسيناها في محافظ دفاترنا حين كنا نصنع من رموش الحب سهام النظرة ومن النظرة صنعنا خناجر ذبحنا بها مصائرنا فوق رواقم قنديل ولاله عمران . يفكر الشعر بطريقة شهوانية حين يحس بجسد الورقة ويبدأ بصناعة حرف المداعبة كما الكمان على الوتر . بهدوء يمرره العازف وحين يطلق النحيب صدى القاعة المصغية للهاث الموسيقار يكمل الشاعر وجعه فلا يصفق له أحد سوى كراسي قاعة روحه الفارغة .. يقودنا الشعر إلى ما نعتقده هوسا للحاجة أو تعبيرا عن شجنا روحيا نواصل به زمن الإصغاء إلى وجع الشعراء وحين ينتهي فصل القص بسيرة النص يتنفس الشاعر هواء الغرفة ويقتات برغيف متحجر أو كأس من ثمالة الوظيفة ثم يعود كمحارب إلى ساحة المعركة ولكن بسيف لاغمد له . ورغم هذا يشعر برغبة لطعن القصيدة من الخاصرة وعندما يفعلها ، يسيل الدم ويكبر الألم وتعود الفرحة تكمل مشوار التأليف مع دخان السيجارة فتصيبنا نوازع الإصغاء لحركة الأمعاء ونقرأ عنوان كتابه الجديد { الشعر عاطفة واقفة . لكي تجلسها أذبح نفسك وأكتم حسك وسلم لمرأة ماهرة نفسك } .. يذكرني هذا التعبير الجسدي والذي يرتدي ثوبا من الحس الأخضر بمبادلات الإغواء التي حصلت بين الشاب البري أنكيدو ومومس الحانة السومرية وأستعيد بملكة الشعر كلمات المرأة وهي تود أن تظهر للصبي المتوحش فتنتها الحضارية كي تعدل من وضع ذاكرته التي كانت تجلس بالمقلوب عندما كان يشارك الثعالب أكل الدجاج بدون طبخ أو شي ، لهذا يسجل لتلك الفاتنة اللعوب أول طرائق الإغواء اللغوي المصنوع من المحادثة والإيماءة وكشف المخبئ : قالت البغي : أنا أمتلك الفتنة تعال وخذها . يتأملها أنكيدو بشعره الكث يفتح عينيه بذهول ويركز على صدرها العاري كبرية من دون شجرة . البغي : تعال خذ ، سأوشر لك على ما يجعلك سعيداً . تذهب بأصابعها الناعمة كصولجان ولي عهد صغير إلى مناطق أكثر سخونة من موقد حيث عليها أن تدخله إلى هناك : { كهف الأحلام السعيدة } . يتأملها أنكيدو بعيون مفتوحة كصحن رز تحمر وجنتاه ويرتعش كفراشة مذعورة من أسد . البغي : ستعيش معي ما فقدته من إنسانيتك وحاجتك إلى أن تكون رجلا عاطفيا لا رجلا متوحشا متوتر الأعصاب . هل سمعت الموسيقى ، هل رأيت مؤخرة أمراة من وراء الثوب ، هل شاهدت عيونا بكحل وصدرا لأنثى مندفعا كمركب في هور ، هل رأيت كتفين أبيضين كطبق الجبنة . هل شاهدت هذه { أنه يسمونها منطقة البطن وهي وسادة اللحظة الرائعة } .هل تعرف اللحظة الرائعة ؟ يؤشر أنكيدو برأسه ما يؤكد أنه يعرفها . ترد البغي لفرح : صفها . يعمل أنكيدو وضعا حيوانيا كمثل ما يركب أبن أوى أنثاه . ترد البغي : هذا وضعا متوحشا ولا يملك لذته الإنسانية . تتمدد بعريها الفاضح وتفرج عن ساقيها . وتقول : هكذا . الذي حدث أن أنكيدو تقدم صوبها . كان يرتجف مثل غيمة خاصمتها الريح . أغمض عينيه ، وهناك شاهد الحضارة والإنسانية تأتي أليه . نسي شكل الضبع وطلب مع فطور الصباح سلطة خيار وشطيرة لحم وصوت فيروز . أدرك من هذا المشهد صورة التغير . يتساءل علماء الميثولوجيا ، أن كانت البغي تتحدث إلى من كلفت من قبل الآلهة لتغويه وتعيده إلى حسه الطبيعي الحقيقي وتلحقه بخدمة خله وصديقه جلجامش ؟ تتحدث إلى الولد البري بهاجس الشعر وأن أغواءاتها كانت عبارة عن جمل من الموسيقى مرتدية ثوب الشهوة والأغراء والحكمة .؟ وحين نفكك الحوار بين المرأة ومحاورها نكتشف أنها مارست كل السحر بأنواعه المتعددة التي بدأت من فتنة الجسد وانتهت بعطر الموسيقى والكلمات . ولو تأملتم أنكيدو جيدا لشاهدتم كيف يتغير لونه بين لحظة وأخرى وأنه قيد إلى الحضارة بقوة الجدل وما يملكه جسد المرأة من معاني الذي سيق إلى ناظريه بشعرية وفنية أحس معها أن الأرض تدور بميلان لم يألفه وأن عليه أن يميل معها بينا كان في أيام حياته المتوحشة ينتظر أن تميل الأرض فيما هو يجري في البرية حافيا كأي ضبع يبحث عن لحمة أو طائر متعب كي ينهشه ويأكله بطريقة مرتبكة ومجنونة . يعيدنا الشعر إلى فهم هكذا متغيرات ويصنع من قدرته السحرية على التغيير نمطا من سلوك يفرض الوعي بحاجة صنع الاكتمال عبر أسطرة اللغة بشكل الفهم والقناعة وعبر منطق تتعدد غاياته وأغراضه وما فعلته البغي مع البري كان بعض من هذه الأسطرة وبها استطاعت أن تذيب كل اللافهم والحيوانية التي لم تدجن بعد في ذاكرة دون معنى ملكها أنكيدو من جريه المستمر في البراري وراء قطعان الثعالب والذئاب وأم عامر ، ولم ينقذه من عبثية هذا العالم وقسوته سوى جورته لجسد امرأة عرفت كيف تعيده إلى مكانه الطبيعي وحين قادته إلى المدينة بجسده المكتمل ونظراته المشعة بلذة الجنس والفراش أطربه صوت القيثارات الأورية واندفعت عيناه بدهشة سينمائية وهي تتأمل فتنة الحانة وهي تطرب لصوت المنشدين السكارى فيما كانت ابتسامات النادلات توزع على أرائك الراحة كما توزع صدقات الملك فوق رؤوس فقراء سومر . أن الشعر في وعيه الأنثوي يسعى للهيمنة على ذكورة ما ، وهو أي الشعر من الذين يسعون إلى خلق ما يعتقد انه صعب التكوين فيما يهم هندسة الذات الغائبة في تلاوة الصلوات لهذا حين مر أنكيدو على المعبد الذي رآه أعلى حتى من قصر الملك سأل إلى أين يريد أن يذهب بهذا العلو وكان يسأل بعينيه لأنه لم يتعلم اللغة والنطق السومري بعد .؟ فهم من خلال الإشارة أن ثمة من يسكن فوق في زاوية ما في الفضاء الأزلي . مرة أخرى عاد الارتعاش أليه وأطلق أصواتا تشبه ترتيب بيت الشعر وكان يحس بداخله أنه مخلوق بأمر من هذا الذي يسكن في البعيد الأزلي . ما يتعرض له أنكيدو يضعنا في دائرة افتراضات لا تنتهي ، وعلميا هي افتراضات خاضعة لفحوصات طبيب أو عالم نفساني وليكن بافلوف في اشتراطاته عندما يذكر : أن الإنسان لا يهجن إلا بفطرة بدائية ثم نطورها نحن عندما نعينه على فهم كيف نعيش بعد أن هجننا الذين قبلنا . لأجل هذا ساهم الشعر بالإسراع في إلغاء الصفة المتوحشة من ذاكرة أنكيدو لنحصل بالتالي على الإنسان السوي الذي يتقبل الحياة بكل قبحها وجمالها لأنه في مروره بشوارع أور شاهد سيدا يضرب عبدا حبشيا بالسوط فدمعت عيناه دون أن يشعر بمبرر الدمعة ولكنه حين تأملها وهي تنهمر على بلاط الشارع رآها تشبه نهد المرأة التي سحرت فيه الانفعال والمواددة فأحس وقتها أن كل المشاعر التي يمتلكها هي مرهونة بأمراة حتى ما شاهده في صورة الظهر المدمي الذي يتلقى عنف السوط كما تتلقى الأرض زلزلا بسبعة درجات على مقياس ريختر . أذن اكتملت ذكورة أنكيدو بالأنوثة وأفادنا هذا التطبيع إلى الذهاب إلى شجن الرؤى المغيبة قي دراسة الفهم الذي حدث بعد توطيد العلاقة بين الخلين ولكن النهاية بمأساتها المعروفة خلقت في نفس البشر رؤية جديدة لما قد يحصل مهما ملكنا من مال ومنصب وتلك رؤى سنذهب لها في استراحة أخرى حين يفاجئ ملك أوروك جلجامش بموت صديقة وأسراب الدود تخرج من منخريه كما النار من جوف الموقد عندها تذكر دمعة صديقه الأولى وأسقط من عينيه واحدة مثلها . ج الثاني :الموت والأنوثة وشهقة جلجامش
{ هناك عطور ندية كحلم الأطفال ..عذبة كالمزامير ، خضراء كالمراعي وأخرى فاسدة متبرجة وظافرة ، شاسعة كالأشياء الغير محدودة .. كالعنبر والمسك والصمغ والبخور التي تتغنى بنشوة الروح والحواس } بودلير
في رغبة لكشف ما لا يكشف يحاول الشعر أن يضعنا في اتجاه ما نعتقده إدراكنا لحقيقة أن الوجود مقترن بالموجود وهو عبر دالة الشعر يقودنا إلى محققات عديدة كالتي يصفها السهروردي بالكمال والاكتمال وصنع التمثل من المثال وله الحق في أن يدركنا وتحت في ذروة الحلم أو غارقين في لجة اليم . وهكذا محققات لاتعاظ عنها بشغل شاغل أنما الأمر مقترن باستواء التمر فتكون النخلة بذلك قد أوفت بوعدها وهو شبيه الوعد الحق حين نقارن قدسية منتج الثمر بالسير الوجداني لحلم البشر وفي المقدمة علينا أن نضع الشعراء والفقراء ولكي نقف مع القصد على خط تماس واحد علينا أن نؤشر لهيمنة وعي الشعر على أنها جزء لايتجزء من البدء المقدس الذي أرخ لآدم حياته الأرضية أما بدء العلا فهو لم يكشف يغيب إلا عند الأنبياء وهو ما لا قدرة لنا عليه سوى أن نراه بمرتب التعبد وقد قيل لمتصوف : بأي شعور ستلاقيه .قال : بشعور المرعوب .قيل له . أذن أنت كافر ! قال : وحق علي السلخ الآن لأني لا أملك غير تلك الرؤى لأجله . تذكرني كلمة الرعب بالحالتين التي وصل أليها الملك الأسطوري جلجامش يوم شاهد جسد خله جلجامش ينخره الدود ولحظة سرقة عشبة الخلود من تحت وسادته من قبل الأفعى وبعيدا عن مشابهات الأسطورة والدين ندرس الحالة بوقيعة التأثير الأنثوي بالسلوك ألذكوري حتى فيما يهم الهاجس الصعب الذي يسمى < الموت > ؟ والموت في الحكم الفلسفي هو الذهاب إلى المكان الذي تفتش عنه الفلسفة ولم تجده بعد وطالما شعر الفلاسفة بأن البحث كم يبحث عن قشة في صحراء لانهاية لها وكان أبو قراط مثلا يتمثل بوعي الموت إلى مؤشر يأتي من هيمنة العليين وهم آلهة الإغريق وأبن سينا يراه حكم لنهاية الوقت للمكان بالنسبة للإنسان حين يذكر أنه توقف للزمن فيما يظل اللحد مكانا مؤقتا أو دائما لرفاتنا المتفسخة وهو ما أرعب الملك الأوروكي حين رأى جسد خله أنكيدو يتفسح كورقة يابسة ويتحلل ليصير زيتا نتنا يأكل الدود منه وجبات رزق موعود ولكن الموعود هذا قاد البشرية إلى نمط جديد من التفكير قد نطلق عليه افتراضا وقود الفلسفة .. يشعل فينا هذا الوقود نار التأمل وتحليل ما حصل وحين تقونا الأمنية لتحليل ما قد يحصل نتوقف عند معتقدات وثوابت وطقوس ومحرمات امتلكت صفتها الوضعية والإلهية جراء تقادم العصور وما ملكت من رسل ومذاهب وحضارات لكننا حين نطلق ما في الذهن من عنان ونقف على لحظة الرعب الجلجامشية التي قادته إلى الصراخ والتساؤل والرغبة بأحيائه غير أن موت الخل أنكيدو قاده إلى تأسيس مشروعه الأسطوري والذي لازال حد هذه اللحظة واحدا من أجمل الأحلام المثالية عند البشر وهو ما يطلق عليه < الأزل أو الخلود > وكانت رحلته للبحث عن الخلود واحدة من أسفار الفلسفة البدائية والتي قامت أصلا على دافع الأنوثة في إذكاء الوعي الحي لدى الإنسان ودفعه كي يكون يقينا يؤثث للتوحيد والتجديد وقناعة أن الموت لاينته لرميم بل لخيارين < الفردوس أو الجحيم >.. على ثوابت النص أعلاه نعود إلى روح الشعر والتأثير وهل وصلت شهقة جلجامش إلى مستويات الحس الأنثوي ما دام هو أيضا خاضع لنصائح الأم الحكيمة مثلما خضع أنكيدو لمشاعر الأم< البغي > . فنقول ما قاله سقراط في هيمنة الشعر على الآخر الغير مرئي : أنه أم مؤلهة لا تخشى صولجان ملك وختم عضو في مجلس الشيوخ . لتجر الملك الشاب تلك الأنوثة الغير مرئية وتقوده إلى وضع لبنات التأثيث الأول لأول رحلة أسطورية للبحث عن الذي يبعدنا عن ما يقلق مضاجعنا في كل حين ومثلما دار الحوار بين أنكيدو ومدجنته نقرأ الآن ما دار بين الملك العازم على السفر وبين أمه الحكيمة ننسون : ـ لقد عزمت أيتها الحكيمة . بعد موت خلي ، المقام لن يعني الراحة أبداً طالما ملئت خياشيمي رائحة البشر الفاني وصرت مثل سمكة تنتظر رحمة النسمة المذابة في الماء لتعيش بعيدا عن تربص شبكة الصياد ولكنه سيعثر عليها حتما . أنا هارب من هذا العثور ! ـ ما عزمت عليه هو شأن صنعته خيبتك يابني ولكنك لن تجد ما تظنه موجود وعندما ستجده فثمة قدر سيسلبه منك . ـ بسيف أم بخدعة أم بقدرة أله . ـ أي كان شكله فهو من يمنعك على جعل الحياة أكثر من رتابة ظل لسدرة عمرها ألف عام . ـ هذا يعني أنك لا تودين لولدك الحبيب أن يبقى بين أحضانك ما دامت سومر تتنفس الهواء . ـ ليس هناك أم لا تتمنى ولكن الذي تطلبه لك وحدك وذات يوم ستجد نفسك من دون حضن مثلما وجدتها من دون خل . ـ شاركيني إياه وتناوليه معي وسنخلد كلينا . ـ تلك أنانية وعلو على البشر الباقين . من نحن حتى نخلد لوحدنا ؟ ـ نحن أبناء الآلهة . ـ الآلهة لا تلد . ـ وأنا وأنت من أين أتينا ؟ ـ من رحمي ومن رحم أمي . ـ ولماذا أنا ملك أذن . أليس الملك مؤله ؟ ـ هي ذاكرتك يا ولدي ، أما الحقيقة فأننا اليوم أو غد سنكون في قبو مع قيثاراتنا . مرة أخرى سكن الرعب الجسد الضخم للملك السومري وتناهت أليه صورة الجثة الممدة على بلاط دكة المعبد وكانت في وقيعتها جسد لا ينطق بالغناء ورموش لا تبتهج لرؤية عشيقين لحظة تبادل القبلات . أفكر مرة أخرى في الاتجاهات التي تذهب أليها كلمة< رعب > وأسأل عن الذي تنطقه الفلسفة في هذه المجال وأبحث في قواميسي عن تعبير يفسر لي مستويات الخوف والهلع وهل يكون الرعب قمتها . في قاموس مركون في رف بأكسفورد يعتني بالمفردة الهاجس تم تعريف الرعب على أنه لحظة شعرية مميتة . كيف توصل المفسر إلى هكذا وعي لا أعرف وأضاف أن المرعوب هو أنسان يفكر بمدى أبعد منه لهذا هو مرتعب بسيكولوجية أتته من غير قصد ودون مرجعية لهذا يقول القاموس فالمرعوب يعيش بدرجة حس نقية . أعتقد أن جلجامش وصل إلى تلك الدرجة وأمتلك حساً نقيا قاده ليعلن أمام رعيته :أنه ذاهب إلى ما يعتقد أنه الأبد الذي لن يرى فيه أسراب الدود تبحث عن لقمة عيشها في جسد بشري . وكما في نهاية الأسطورة فأن الملك في الآخر سلم عمره وقدره إلى ما أشرت أليه أمه الحكيمة : < الخلود للآلهة وحدها ونصفك الإلهي لم يمنعك أن تنتظر طوابير الدود وهي تفتش في أحشاءك عن دفتر مذكراتك لتقرأه .> لا أعرف أن كنت قد وصلت إلى ما أظنه شيئا من كشف في جعل الأنوثة نقطة ضوء ينطلق منها الحسي الذكري إلى فرض خشونته والتي هي سطوة الرجل على الأشياء المحيطة بعقله ومنها < المرأة > ولكي أعيد مركبي إلى شقهة الملك وودت أن أذهب بمرئيتي إلى مكاشفات العقل السومري في تعامله مع الأنوثة التي صنعها في بدء تخيل اللذة على شكل دمية بنهدين كبيرين ثم سجد لهما وفي ذات اللحظة كان يعامل الدمية الحية التي بعله بفضاضة وقسوة ويأتيها أنى شاء ومن أي مكان ولأني ميال للتعامل مع الرؤى بشعرية المفردة أدركت أن الذي أقلق رأس جلجامش هو < موت صديقه > وهذا العبث الذي تعرض له الجسد وأن الموت المتشكل برغبة الآلهة ومزاجها كما في تصور العقل السومري هو الحق الذي ننشد له بفرح دائما وكما في المصورات عندما نرى عازفي المزامير ومنشدات المعبد منهمكات في وداع الملك إلى قبو ومعه منكسي الرؤوس حاشيته الحية ولكنها ذاهبة لتقيم معه . كثيرا ما تذكرت ذهول الرعب في وجه الملك جلجامش وأنا أتذكر الوصف الجميل للآثاري الإنكليزي < ماكس مالوان > لتلك الحاشية التي رافقت الملك في موته رغبة في منادمته في وحشته وهذا الوصف الذي أسوقه هنا يغني عن أي تعليق لمشهدية الموت أيام الذاكرة السومرية على ينقل شكل الفزع الملون على أكثر من سبعين هيكلا عظميا تبعثر بشكل فوضوي وكأن الأجساد كانت تبحث عن نسمة هواء بعد أن شح الهواء في القبو بسرعة وبقيت أطعمتهم على حالها . في النهاية لايمكن وصف شهقة أنسان لأنها تأتي بومضة عفوية لكن الأثر باق على جبين صاحب الشهقة ذاته وحين ننهي قراءة الملحمة فحتما سنرى في مخيلة القراءة الكثير من تصورات الشعر في جعل هكذا أثر مرتبط بحس الأنوثة وهاجس الموت وأي كان الأمر فالحديث عن ارتباط الأنوثة برعب الذكورة لاينتهي وربما في مشوار أخر سنتحدث عن زمن ما بعد رعب وشهقة جلجامش .. أور السومرية 11 مارس 2005
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعر والمتغير الحضاري ..غيمة في بنطلون لمايكوفسكي إنموذجا..
-
غيوم حمر لوطن أزرق وعيون خضر
-
مزامير ومسامير وقلوب كاهنات وموسيقى
-
هايكو بالعسل ..وهايكو بالخل ..وهايكو بالقبلات
-
ماركس ليس فلسفة فقط ..أنه رغيف مقسوم بالتساوي
-
هل يكفي أن تقول لأمراة أنت رائعة ..ثم تذهب بعيداً؟
-
حوار مع الكاتبة السعودية وجيهه الحويدر ..أمراة دأبت على أشعا
...
-
قصائد للعلم الأحمر والرغيف الأحمر والخد الأحمر .. قلبي قوس ق
...
-
من أجل صديقي عبد الله الريامي ..رسالة الى السلطان ..ليكن مرس
...
-
المثقف وأيام الآن العراقي
-
يوتيبيا خضراء ..وجفن أمراة ترتدي قمراً بلون المقصلة
-
حكم مأخوذة من متن كتاب الحياة
-
دمعة لندن ومنديل مفتي الديار الأسلامية
-
سيناريوهات لرعاة المطر ورعاة البقر ورعاة الأفيال السومرية
-
قضاءالجبايش العراقي وبطة شنغهاي
-
أنت تشبه دالي ..وأنا أشبه صدر الدين حمه
-
يازمان الوصل في الأندلس ..نحيب عبد الله الصغير بين مدريد وكا
...
-
رؤى في تأسيس الديمقراطيات القادمة ..مقالة النائب البرلماني ع
...
-
الذاكرة الصينية والقمر الياباني
-
الملائكة المندائية وتوأمت الروح بالمهد والضوء والتعميد
المزيد.....
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|