محمد علي الزيات
الحوار المتمدن-العدد: 4484 - 2014 / 6 / 16 - 13:57
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
(1)
ما إن أُلقي بيان الثالث من يوليو الذي سبقته مظاهرات حاشده ضد الحكم الإخواني في الثلاثين من يونيو من العام المنصرم وتمت إزاحة الرئيس مرسي عن الحكم ,إلا وانهالت المساعدات الخليجيه علي مصر.
تلك المساعدات التي بلغت قيمتها "12" مليار دولار، والتى تدفقت إلى مصر في صورة ودائع ومساعدات بتروليه حسب تصريحات محافظ البنك المركزي هشام رامز في الخامس من مايو الماضي.
الملفت للنظر أن مصر حصلت علي مساعدات من قطر بقيمة 4 مليارات دولار في الفتره ما بين 25 يناير 2011 وحتي 3 يوليو 2014 , ولم تحصل منها علي دولار واحد بعد ذلك التاريخ في حين لم تدعم السعوديه مصر خلال كل تلك الفتره سوي بنصف مليار دولار.
(2)
فور الإعلان رسميا عن فوز المشير السابق عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة, دعا الملك عبد الله عاهل السعودية إلى عقد مؤتمر للمانحين لمساعدة مصر في تجاوز أزمتها الاقتصادية.
وقال الملك عبد الله "نقول لكل الأشقاء والأصدقاء في هذا العالم إن مصر أحوج ما تكون إلينا لتتمكن من الخروج من نفق المجهول. ولذلك فإني أدعوكم جميعاً إلى مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية".
وحذر جلالته "من يتخاذل عن تلبية هذا الواجب وهو قادر فإنه لا مكان له غداً بيننا، إذا ما ألّمت به المحن وأحاطت به الأزمات".
(3)
" لقد شهد عام 2011 ثورة الشعوب العربيه علي حكامها,حكام الفرد,واتخذ كل شعب طريقته,ليعبر عن هذا,ولكن مصر الحضاره,اتخذت طريق الحضاره وهو السِلم,ثوره سلميه اعترف بها كل العالم,وقدّرها كل العالم,وسمعنا في أعقاب ذلك.. التقدير للثوره حتي قيل أنه لابد للتاريخ أن يسجل للعالم كله أنها ثوره تقدر بكل الاحترام,وصحب ذلك وعود بالمعاونه لمصر ماليا سواء من الغرب أو الدول العربيه وكانت وعود كبيره ,ولكن بعد شهر واثنين وثلاته,أصبحت الوعود لا تقال والفعل لم يتم,رغم أن شعب مصر ومن يتولون السلطه حاولوا كثيرا أن يناقشوا مع الجانب الآخر سواء في الغرب أو إخواننا العرب ولكن لم يتحقق ما كانوا يقولون أنه وعد لمصر.
ويا ليت الأمر وقف عند عدم العون ,بل خرجت أموال من مصر خلال شهور قليله بعد قيام الثوره.. حوالي 10 مليارات دولار,وأكثر من ذلك ,أصبح البنوك الاجنبيه الموجوه في مصريوصي لها ألا تحول عمله صعبه للفروع الموجوده في مصر,وأكثر من كل ذلك, حاولوا أن يواجهوا تجارة مصر في الخارج,ويقفوا أمام صادراتنا للخارج,فالدول التي استوردت القطن خلال موسم 2011 نصف عدد الدول في 2010ووقفت الصعاب أمام صادراتنا من الموالح والبطاطس,وأقول لماذا هذا كله,هل أخطأت مصر؟!! هل أخطأ شعب مصر حينما تحرر؟!,هل شعب مصر حينما قال لا لحكم الفرد لابد أن يعاقب؟!
أقول لحضراتكم من هذا الموقع, من بيت الأمه,كمصري قبل أن أكون مسئولا : لن تركع مصر..لن تركع مصر..مهما كان هذا الأمر موجَّه لمصر."
الكلمات عاليه لم تكن لشاب ثوري طائش يريد أن يورطنا في أزمه دبلوماسيه ويفسد علاقاتنا التاريخيه مع أشقائنا العرب ولا هي لخبير اقتصادي محسوب علي الثوره يريد أن يوضح حجم الكذب والخداع والأوهام المتعلقه بالدعم العربي التي عاش فيها المصريون في فتره ما بعد الثوره,ثورة 25 يناير بالطبع.
قائل تلك الكلمات هو الدكتور كمال الجنزوري ,رئيس وزراء مبارك ورئيس وزراء الحكومه الثانيه بعد تخلي مبارك عن السلطه,وقد ألقي ذلك البيان أمام مجلس الشعب الإخواني في بث مباشر علي رؤوس الأشهاد في فبراير 2012.
المشهد كان مؤلما ومخزيا ومهينا في آن,فهو من ناحيه يوضح حجم الأزمه الاقتصاديه التي نعانيها بعد ثورة مجيده ومن ناحيه أخري يوضح كيف أن تلك الدول تخلت عن مصر في أزمتها وكادت لها كما لو أرادت أن تربي شعبها علي قيام شبابه بثوره من الممكن أن تكون لها امتدادت وتداعيات هنا أو هناك تهدد الكروش التي تجلس علي العروش.
(4)
في تلك الأثناء ,كانت اليونان تواجه أزمه اقتصاديه طاحنه بدأت تداعياتها في آواخر عام 2009,حيث فاق الدين العام "300" مليار يورو واضطرت الحكومه لتخفيض الرواتب والمعاشات وفرض إجراءات تقشفية صارمة ورفع الضرائب وزيادة أسعار الكهرباء وغيرها وانتشر الفقر وتقلصت الطبقة المتوسطة، وازدادت حالات الانتحار، وانحسر قطاع الخدمات الصحية والتربويه,فيما أقر قادة منطقة اليورو في ختام قمة في بروكسل خطة "ثانية" لانقاذ اليونان من أزمة الديون بلغت قيمتها الاجمالية "109" مليار يورو في يوليو 2011 .
وكان رئيس الوزراء الفرنسي قد قال في ختام تلك القمة "نحن واعون للجهود المطلوبة من اليونانيين, لقد قررت جميع دول منطقة اليورو الوقوف الى جانبهم, لا يمكن التخلي عنهم".
ومن هنا يتضح أن الدعم الأوروبي لليونان في تلك الفتره كان حقيقيا وفعليا ووصل لمئات المليارات من الدولارات في حين لم يتعدَ الدعم العربي نطاق الوعود والتصريحات.
(5)
عندما أجري السيسي ما يسمي بـ "حوار" مع ثلاثه ممن يُسمَون بـ "الإعلاميين" ,رفض الرجل الإجابه عن مصادر الدخل التي سيعتمد عليها لتنفيذ برنامجه الذي لم يكن قد اتضحت معالمه بعد.
وقد بدا جليا فيما بعد أن الرجل في الغالب قد حصل علي تطمينات ووعود خليجيه بدعمه ماليا حال ترشحه للرئاسه.
جدير بالذكر أيضا أن رجل أعمال "مصري" كان قد وعد باستثمار مليارات الجنيهات حال ترشح السيسي للرئاسه ,وكأنه لا يمكن الاستثمار في مصر أو مساعدتها حال عدم وجود السيسي.
لم أكتب هذه الكلمات كي أوضح كيف أن الكفيل الذي يرعانا قد تغير من "قطر" في حقبة الحكم الإخوانيه إلي "الإمارات والسعوديه والكويت" في حقبة ما بعد حكم الإخوان ,ولا كي ألوم أو أعاتب أي دوله "شقيقه" أو رجل أعمال "مصري" علي عدم مساعدته لمصر بعد ثورة 25 يناير, فللجميع الشكر علي ما قدموه وعلي مالم يقدموه ولأنه وببساطه لا يحق لي ولا لغيري فعل هذا ,فمن حكم في ماله فما ظلم, ولا ينبغي لي أن أكون شحاذاً وأريد لُقمةً طريه ؛ ولكن لأوضح شيئا آراه مهما ,وهو أن هذه الدول لم تقدم تلك المساعدات للشعب المصري وإنما قدمتها للحكام ,ولأوضح شيئا أهم وهو دور "المال" في حركة الثوره.
الثوره لم تمتلك المال الذي يُمكّنها من التعبير عن نفسها عبر وسائل إعلام تنتهج سياسه موضوعيه مثل محطه فضائيه مؤثره أو جريدة ورقيه منتشره أو موقع إلكتروني ذائع الصيت ,وتُرك المجال لرواد الدعاره الإعلاميه يبولون في عقول الناس حتي صاروا يكرهون الثوره كراهية التحريم.
الثوره لم تمتلك المال الذي يُمكّن صُنّاعها من الفوز بالانتخابات البرلمانيه الماضيه لضَعف وانعدام التمويل اللازم لأي حمله انتخابيه ناجحه, الأمر الذي سيتكرر في الغالب في الانتخابات البرلمانيه المقبله.
الثوره والمظاهرات لن تستمر أبد الآبدين , ولو لم يتبوأ الثوار مقاعد الحكم في وقت قريب ,فلن يجنوا منها سوي الموت والاعتقال والنبذ المجتمعي.
من يملك المال يملك السلطه والثوره لن تحكم مادامت لا تملك المال ...
من المؤكد أن هناك عوامل أخري كثيره متداخله أدت للوضع الذي وصلنا إليه الآن, لكن بلا شك كان المال عاملا رئيسيا ومؤثرا فيه ,فماذا أنتم فاعلون ؟!!!
محمد علي الزيات
[email protected]
فيسبوك: Mohammad Ali El Zayaat
تويتر: @Elzayaat
#محمد_علي_الزيات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟