مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4484 - 2014 / 6 / 16 - 03:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صدام حسين وخرافة القرآن: وما قتلوه وما شنقوه ولكن شبّه لهم
تقول الخرافة القرآنية: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم" (النساء، 157).
تعود نفس الخرافة اليوم لا لتتحدّث عن المسيح ولكن عن صدّام حسين: فخلاصة التسجيل الصوتي المنسوب لصدّام والذي تتداوله بعض مواقع الأنترنات وهو مقطع من برنامج "للنشر" لـ"طوني خليفة" ويزعم صاحب التسجيل الصوتي أن صدام حسين مازال حيّا: "وما قتلوه وما شنقوه ولكن شبّه لهم". حين علمت بالخبر وشاهدت مقاطع الفيديو، تبادرت إلى ذهني الآية المذكورة وقلت في نفسي ساخرا (فحال "أمّة ما أنا بقارئ" لا يبعث إلا على السخرية والضّحك): ألا يمكن أن يكون صدام حسين قد "رفعه الله" إليه مثلما يقول القرآن عن المسيح؟ وهل رفعه على بساط طائر أم على بغل مجنّح أم بتكنولوجيا جديدة؟... وهل صدام حسين نبيّ ورسول جديد؟ أم أن نبوءته ظهرت عند إختفائه؟ (مشاكل الإختفاء الفجئي وموعد الرجوع غير المعروف حكاية كبيرة في الإسلام قد لا يتّسع ألف كتاب للإحاطة بها، من المسيح الدجال إلى عودة محمد بن آمنة إلى المهدي المنتظر... إلى صدّام حسين - عجّل الله فرجه -...)
الإشكاليّة الكبرى تكمن في أنّ هناك من العرب من يصدّقون هذه الخرافة الجديدة بل ويؤمنون بها وبأنّ "تحرير العراق" قادم قادم... لكن ممّن سيتمّ "تحرير العراق"؟ الفيديوهات تستدل على صحة "الأكذوبة" بسقوط الموصل في يد "داعش" وبإعلان رئيس وزراء العراق نوري المالكي حالة الطوارئ بسبب إجتياح سرطان الإرهاب الإسلامي لبلاده... ألا يعني هذا أنّ "داعش" تابعة لصدام حسين؟ أم أنّ "داعش" (و"القاعدة" وأخواتها) من صنع "الغرب الكافر الصهيوني الصليبي المتآمر على العرب"، كما يقول بعض المغيّبين لإبعاد "شبهة" الإرهاب عن الإسلام، متناسين أنّ فعل "أرهب" ورد في سورة "التّوبة" في قرآنهم الذي لا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه...؟
في الحقيقة، لا أجد جوابا على هذا السؤال من وجهة نظر المسلمين، فبين المؤمنين الجدد بهذه الأكذوبة الأخيرة وبين المؤمنين القدامى بفقه النّفي والإنكار الذين يقولون دائما "الإسلام من هؤلاء براء"، لا أجد جوابا يمكن أن يقنع المسلمين المغيّبين الغارقين في طين خرافاتهم حتّى آذانهم.
شعوب تعيش على الأوهام والخرافات لا تجد لأنفسها قيمة إلا بالغرق في التفاهات والثرثرة والإدعاءات. شعوب حين لا تجد من يكذب عليها تختلق الأكاذيب بنفسها وتُؤمن بها وتُقدّسها... هل يمكن أن ننتظر من هذه الشعوب شيئا له قيمة؟ كلّا وألف كلّا...
-------------------
الهوامش:
1.. رابط أحد المقاطع المنشورة حول الموضوع: "صدام حسين حي يرزق يعلن انطلاق عمليات تحرير العراق":
http://youtu.be/sZ9ez_eq8bw
2.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته:
http://utopia-666.over-blog.com
3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟