|
محاضرات دورة كتاب رأس المال
محمد عادل زكى
الحوار المتمدن-العدد: 4482 - 2014 / 6 / 14 - 14:25
المحور:
الارشيف الماركسي
محاضرات (دورة كتاب رأس المال لكارل ماركس) 14-18 يونيو 2014 حزب التحالف الشعبى الاشتراكى فلنطمح إلى أكثر من الوجود
مدخل تحتوى هذه الأوراق على تلخيص لمجمل الفكر الاقتصادى للكلاسيك، وماركس. أرجو أن يكون نقطة بدء وليس خط نهاية. أرجو أن يعمل كل باحث عن الحقيقة، راغباً فى تحقيق وجوده الاجتماعى، على القراءة الناقدة، بغية التعرف إلى مدى إمكانية الاستفادة من أفكار هؤلاء المفكرين على أرض الواقع. من أجل غد عادل رحيم. مع فريد أزهارى وتمنياتى بنادر البريق،،
أولاً: آدم سميث يمكننا تحديد أهم أفكار سميث التى جاءت فى كتابه ثروة الأمم، والتى تحددت معها معالم الاقتصاد السياسى لديه، على النحو التالى: 1- انشغل ذهن سميث بمجموعة من الأسئلة وحاول الانطلاق ابتداءً من الإجابة عليها فى سبيله لإقامة مذهبه؛ إذ انشغل بتحليل كيف يمكن لمجتمع يسعى جميع أفراده إلى مصلحتهم الفردية أن يستمر ولا ينهار؟ وما الذى يجعل تصرفات أفراد المجتمع، على الرغم من أنانيتها تلك، تأتى متفقة مع المصلحة الجماعية؟ بل كيف ينجح المجتمع فى تأدية المهام اللازمة لبقائه على الرغم من أن الحكومة، كما يفترض سميث، يقتصر دورها على الدفاع وحفظ الأمن الداخلى؟ وإذ يُقدم سميث إجابات عمّا يُثيره من أسئلة، فإنما يتوصل إلى أول صياغة لقوانين السوق التى ترتكز على"اليد الخفية" (سنرى أن ماركس لديه نفس النظرية بشكل مركزى) التى تسير بمقتضاه مصالح الناس الخاصة وأهواؤهم فى الاتجاه الأكثر اتفاقاً مع مصلحة المجتمع بأسره. 2- ولكن، كيف تزيد ثروات الأمم؟ فقد كان سميث منشغلاً أيضاً بحركة المجتمع عبر الزمن، ولذا تكون قوانين السوق لديه ذات بُعد ديناميكى وهى تقوم بعملها على الصعيد الاجتماعى. وستكون هذه الفكرة جوهرية فى مجرى تحليله بصفة خاصة للقيمة التى يخلقها العمال أثناء عملية الإنتاج. 3- وقد لاحظ، وهو فى سبيله إلى تحليل طبيعة السوق وقواعدها، وصياغة قوانينها، أن المصلحة الفردية تقوم بدور مركزى. ولكن، ثمة شىء ما يُعد عاملاً آخر، هو الذى بإمكانه تنظيم السوق والسيطرة على إنفلات الأثمان. هــذا العامل المنظِم هو المنافسة، نفس الأمر عند ماركس كما سنرى، وهو العامل الذى يمنع تحكّم أحد العارضين فى الثمن، والمقصود هنا هو ثمن السوق، اللهم إلا إذ حدث اتفاق بين العارضين لسلعة ما، وهنا أيضاً يتدخل نفس المبدأ، مبدأ المنافسة، إذ سيأتى رأسمالىُ آخر من خارج سوق تلك السلعة ويدخل سوقها بأثمان أقل؛ بما يؤدى إلى توازن الثمن فى السوق مرة أخرى. 4- يلاحِظ سميث فى تحليله أن قوانين السوق لا تفرض أثمان السلع فى السوق فحسب؛ بل تحدد أيضاً كميات السلع المختلفة التى يحتاج إليها المجتمع؛ فالسلعة التى يرغب المجتمع فى زيادة استهلاكه منها ستقود المنتجين إلى الإكثار من إنتاج هذه السلعة، على حساب سلعة أخرى كفّ المجتمع، ولو مؤقتاً عن استهلاكها، بما يؤدى إلى زيادة الإنتاج من السلعة التى قرر المجتمع زيادة استهلاكه منها، ومن ثم يزيد الفائض منها فى مقابل اختفاء الفائض من السلعة التى توقف الإنتاج بشأنها لعدم رغبة المجتمع فيها، بما يؤدى إلى انخفاض المعروض منها عن حاجة المجتمع. هنا، تتدخل قوانين السوق كى تصحح الوضع ولترجعه إلى ما كان عليه من توازن، فتبدأ أثمان السلعة التى انخفض قدر المعروض منها عن حاجة المجتمع فى الارتفاع، نظراً لإختفاء الفائض وإحتياج المجتمع إليها. ويتم ذلك كله، فى تصور سميث، من دون تدخل أية سلطة مركزية، وإنما بفضل التناقض بين المصالح الذاتية، والمنافسة. كتب سميث: "إن الإنسان يحتاج دائماً إلى مساعدة غيره من بنى جنسه، ولا يمكن توقع صدور هذه المساعدة عن طيب خاطر فحسب، إذ يتعين دوماً إقناعهم بأن من مصلحتهم مساعدتنا، فنحن لا نتوقع الحصول على الغذاء من الجزار والخباز بفضل حسن أخلاقهم، ولكننا نتوقع ذلك منهم كنتيجة لاهتمامهم بمصلحتهم الشخصية... إننا لا نخاطب النزعة الإنسانية فى أنفسهم بل نخاطب حبهم لذاتهم، ولا نتحدث إليهم عن ضرورياتنا بل عن منافعهم" 5- ومثلما تنظم قوانين السوق (الأثمان) و(كميات) السلع المنتجة، فهى تنظم كذلك (دخول) الذين يشاركون فى إنتاج تلك السلع؛ فإذا كانت الأرباح فى قطاع ما من الأعمال مشجعة، فسوف يتدفق الرأسماليون على هذا القطاع، فيزداد الإنتاج، ويزداد الطلب على العمال. ومن ثم يزداد الفائض، أى الكمية المعروضة، حتى تنخفض الأثمان... وهكذا تتم الدورة فى السوق وفقاً لقوانين السوق التى تنظم المنافسة الكاملة. والدخول هنا إنما ترتبط، وفقاً لقوانين السوق لدى سميث، بمدى تدفق العمال على قطاع السلعة التى زاد الطلب عليها، فيظل هذا التدفق مستمراً حتى يكثر العمال فى هذا القطاع وتزداد المزاحمة فى ما بينهم، كما سيشرح ريكاردو ومن بعده ماركس، فيبدأ الدخل فى الانخفاض. نظراً لزيادة الكمية المعروضة من العمال، فيأخذ العمال فى الانسحاب من القطاع بحثاً عن أجور أعلى فى قطاع آخر، فيقل المعروض من السلعة، فيرتفع ثمنها،... وهكذا إلى أن يتم التوازن فى السوق. 6- يتعامل سميث حتى الأن مع السلعة فى مرحلة التداول، وليس الإنتاج، وقوانين السوق هى الكفيلة، وفقاً له، بتنظيم المجتمع وضبط إيقاع نشاطه الاقتصادى، ولكن تلك القوانين التى كشف عنها سميث لم تكن انجازه الحقيقى؛ إذ أن مساهمته الفعلية إنما تتركز فى نظره إلى السلعة فى المرحلة السابقة على طرحها فى السوق للتداول. فقد نظر، هو والكلاسيك بوجه عام، إلى العملية الاقتصادية فى المجتمع ككل، ابتداءً من الإنتاج، ومروراً بالتداول، وانتهاءً بالتوزيع، وهو، أى التوزيع، ما كان الانشغال الرئيسى لدى ريكاردو، كما سنرى لاحقاً. 7- فحينما أراد سميث التعرف على ثمن السلعة، أو قيمة مبادلتها، كان عليه أولاً أن يحدد موقفه من مشكلة القيمة. ومن أجل تحديد هذا الموقف كان عليه أن ينتقل من دائرة التداول إلى دائرة الإنتاج حيث تُنتج القيمة. وحيث التراكم، ويرى سميث مصدر هذا التراكم فى قيام بعض الناس بإدخار المال، وهم الذين سيتحولون إلى تجار ثم إلى رأسماليين يستخدمون عمالاً بالأجرة. وبغض النظر عن هذه الفرضية، الأوروبية أيضاً، التى سوف يرفضها ماركس لعدم اتفاقها مع التاريخ الدموى للتراكم فى المستعمرات، فلدى سميث الوعى بكون كمية العمل الضرورى اللازم للإنتاج هو مقياس التبادل، ويضرب على ذلك مثلاً بالصيد؛ فإذ ما كان صيد حيوان ما يتكلف إصطياده ساعتين من العمل، وآخر يتكلف ساعة واحدة من العمل؛ فإنه يتعين مبادلة زوج من الحيوان الذى تكلف صيده ساعة عمل واحدة بحيوان واحد من الذى تكلف صيده ساعتين من العمل. كتب سميث: " إذا كان صيد القندس يتطلب عادة ضعف العمل اللازم لصيد الغزالة، يتعين إذاً أن يُبادل القندس بزوجين من الغزالة. ومن الطبيعى أن يستحق ما ينتج عادة فى يومى عمل أو ساعتين عمل ضعف ما ينتج عادة فى يوم عمل أو ساعة عمل" 8- ولكن، حين استكمل سميث تحليله، فى واقع المجتمع المعاصر، وجد مشكلة تكمن فى صعوبة المقارنة بين المجهود المبذول فى سبيل إنتاج السلعة من جهة شدة العمل، ومن جهة البراعة، إذ يصعب للغاية، وفقاً لتحليله النهائى، مقارنة ساعة عمل حداد أو عامل منجم مع ساعة عمل منسق ورود أو حلاق، أو مقارنة ساعة عمل فلاح أو إسكافى مع ساعة عمل صائغ أو صانع ساعات. ولذلك قرر سميث أن العمل هو مقياس القيمة. ولكن حينما يتعلق الأمر بالمبادلة فى السوق تتحدد قيمة السلعة لا بحسب كمية العمل المنفق فى سبيل إنتاجها هى، إنما حسب كمية العمل المبذول فى سبيل إنتاج السلعة الأخرى المتبادل بها. وعلى قدر التشوش الذى كان يملأ ذهن مفكر يعلم أنه يؤسس لعلم جديد، جاءت عباراته مشوشة؛ فسميث وفقاً لمثل القندس والغزالة يقرر أن كمية العمل المبذول فى صيد كل من الحيوانين هى التى تحدد نسبة المبادلة بينهما. معنى ذلك أنه يرى أن كمية العمل المبذول فى سبيل إنتاج السلعة هو مقياس قيمتها، ولكنه لم يستكمل فكرته وانحرف بها حين أراد اختبارها فى واقع المجتمع المعاصر. نظراً لصعوبة المقارنة بين العمل من جهتى الشدة والبراعة. ونتيجة هذا الارتباك؛ فبدلاً من أن يكتب، ووفقاً لما انتهى إليه تحليله:"مع ان العمل هو المقياس الحقيقى للقيمة، لكن حين التبادل لا تقدر القيمة بالعمل المبذول فى إنتاجها هى، إنما بالعمل المبذول فى سبيل إنتاج السلعة الأخرى المتبادل بها". كتب، وبارتباك ملحوظ:"مع ان العمل هو المقياس الحقيقى للقيمة التبادلية للسلع كافة، لكنه ليس الشىء الذى تقدر به قيمة السلع عادة، فمن الصعب فى كثير من الأحيان التأكــــد مــن النسبة بين كميتين مختلفتين من العمل. فالزمن المنفق فى نوعين مختلفتين من العمل لن يحدد بمفرده دائماً هـــذه النسبة. فالاختلاف فى كميـة الجهد المبذول، والبراعة، ينبغى أن يؤخذا فى الحسبان... بالإضافة إلى ذلك، يتم تبادل كل سلعة عادة بالمقارنة مع سلع أخرى لا مع العمل. ولذلك كان من الطبيعى أكثر أن تقدر قيمتها التبادلية بكمية من سلعة أخرى لا بكمية العمل الذى يمكنها ابتياعه والسواد الأعظم من الناس أيضاً يفهمون ما تعنيه كمية معينة من سلعة معينة أحسن مما يفهمون كمية من العمل". 9- والأساتذة. أساتذة الاقتصاد فى الجامعات، ابتداءً من تجزئة كلام سميث، المرتبك بالأساس، وتأويله، دون وعى بهذا التشوش، على نحو يستبعد قانون القيمة الذى يؤرق النظرية الرسمية! يقولون للطلبة، وبمنتهى الثقة، أن سميث كان يرى أن قيمة السلعة تتحدد بالعمل، أى انه كان يؤمن بنظرية القيمة، ثم قام بتغيير رأيه وأعتنق نظرية نفقة الإنتاج، أى انحلال القيمة التبادلية إلى مكونات الثمن الطبيعى (الأجر، والربح، والريع). والواقع ان التحليل الدقيق لمجمل مذهب سميث وتحليل نصوصه بشكل علمى يوضح، كما سنرى أدناه، أن سميث لم يعدل نهائياً إلى نظرية فى نفقة الإنتاج؛ لأنه، فى نهاية المطاف، يرجع عناصر هذه النفقة إلى المجهود الإنسانى الواعى المنتج، أى إلى العمل البشرى. فوفقاً لتصور سميث لانحلال ثمن السلعة، أو قيمة مبادلتها، إلى دخول الطبقات المختلفة، أى إلى: أجر وربح وريع، يسير التحليل على النحو الأتى: يشترى الرأسمالى مواد العمل، وأدوات العمل، والعمل (نلاحظ أن آدم سميث والكلاسيك بوجه عام لا يفرقون بين العمل وقوة العمل، وهو ما سوف ينتبه إليه ماركس، على الرغم من أنه وقع فى نفس الخطأ فى كتاباته المبكرة)ثم يقوم العمال بالإنتاج، وحينما يخرج المنتَج يوجهه الرأسمالى إلى السوق يبيعه. يحصل على أصل ماله بالإضافة إلى الربح. هذا الربح ينحل إلى (الأجر) للعمال، وإلى (الريع) للملاك العقاريين، وإلى (الربح) الذى يستقل به الرأسمالى. أى أن الدخول المختلفة إنما هى ذات مصدر واحد، هو العمل. ونفس التصور، كما سنرى، سيعتنقه ريكاردو، ولكن ماركس سيرفضه، جزئياً، حين يعيد النظر فى انقسام القيمة التى يضيفها العمال إلى الناتج، إذ سيرى ماركس أن هذه القيمة لا تنحل إلا إلى ربح وريع فقط. ولا يحصل العمال على أى نصيب فى القيمة التى يضيفونها إلى الناتج. وسوف نعالج هذه المسألة لاحقاً. 10- فوفقاً لنصوص سميث؛ نجد أنه بعد أن حدد موقفه من مشكلة القيمة على هذا النحو، كان عليه أن يحدد لنفسه المنهج الذى سوف يسير بمقتضاه لمعرفة كيف تتكون، ابتداءً من القيمة، الأثمان فى السوق، وكان لديه الوعى بضرورة مناقشة ثلاث أفكار مركزية: أولاً: المعيار الحقيقى للقيمة التبادلية، وكيف ينشأ الثمن الحقيقى لجميع السلع؟ ثانياً: معرفة الأجزاء المختلفة التى يتكون منها هذا الثمن الحقيقى. وأخيراً: معرفة الظروف المختلفة التى ترفع بعض أو كل هذه الأجزاء المختلفة التى يتألف منها الثمن الحقيقى، والتى تنخفض أحياناً إلى ما دون المعدل الطبيعى. وحينئذ رأى سميث أن ثمن السلعة، أو قيمة مبادلتها، إنما يتكون مِن: الأجر، والربح، والريع. إذ كتب:"إن ثمن أية سلعة، فى كل مجتمع، يرجع فى النهاية إلى هذا الجزء أو ذاك من هذه الأجزاء: الأجور، والربح، والريع العقارى، أو ينحل إلى هذه الأجزاء الثلاثة جميعاً" "إن الأجور والربح والريع العقارى هى المنابع الأصلية لكل ايراد ولكل قيمة مبادلة". 11- أى أن الأجر والربح والريع، كدخول للطبقات المشاركة فى الإنتاج السنوى للأمة، مصدرهم جميعاً العمل. ويرد أدم سميث، بهذه الصفة، جميع الأجزاء المكونة لثمن السلعة إلى العمل."فى ثمن القمح مثلاً، قسم يؤدى ريع مالك الأرض، وقسم أجور العمال أو صيانة الدواب العاملة فى إنتاجه، والقسم الثالث ربح المزارع، وتبدو هذه الأقسام الثلاثة بمثابة المكونات المباشرة أو النهائية لكامل ثمن القمح". "إن القيمة التى يضيفها العمال إلى المواد تنحل إلى قسمين، أحدهما يوفى أجور العمال، والآخر أرباح رب العمل على كامل رأسمال المواد والأجور التى قدمها. وما كان لهذا الرأسمالى أن يهتم بتشغيلهم لو لم يكن يتوقع من بيع ثمرة أعمالهم شيئاً أكثر من مجرد تعويض الرأسمال الذى خاطر به، وما كان له أن يستخدم رأسمال كبيراً لا صغيراً، لو لم يكن لأرباحه أن تتقايس نسبياً مع سعة رأسماله". 12- ويضيف بشأن الرأسمال، مع وعيه بأن القيمة التى يضيفها العمال إلى مواد العمل وأدوات العمل هى مصدر الزيادة فى القيمة التى تنحل إلى أجر وربح وريع:"إن الرأسمال يلعب دورين: أولهما: دور الإيراد بالنسبة للعمال، وثانيهما: دور الرأسمال بالنسبة للرأسمالى، وبعبارة أخرى: إن ذلك الجزء مِن الرأسمال الذى دُفع للعمال، ويُمثل لهم كإيراد، صار بهذه المثابة بعد أن لعب فى البداية دور الرأسمال". "إن العمال فى مجال الصناعة يأخذون أجورهم مِن سيدهم، الرأسمالى، وهم فى ذلك لا يجعلونه فى الحقيقة يُنفِق شيئاً؛ حيث أن هذه الأجور، عادة، ما تُدفع من الأرباح" 13- وبشأن اصطلاح الثمن فإن سميث يستخدم أربعة مصطلحات مختلفة، يمعن (الأساتذة). أساتذة الاقتصاد. فى الخلط بينها، تتعلق بالثمن. سواء أكان ثمن السلعة، أو ثمن العمل، وهى: الثمن الحقيقى، والثمن الأسمى، والثمن الطبيعى. وثمن السوق. أما الثمن الحقيقى فهو مقدار العناء والتعب والجهد الذى يبذله الإنسان فى سبيله للحصول على سلعة ما. ويرى سميث أن أول ثمن دُفع فى التاريخ لم يكن الذهب ولا الفضة، إنما كان العمل. أما الثمن الأسمى فيتبدى من خلال شرح سميث حيث يقول ان للعمل ثمناً حقيقياً وثمناً اسمياً، الثمن الحقيقى يتقوم بكمية ضروريات الحياة وكمالياتها التى تبذل بدلاً عنها؛ والثمن الاسمى يتقوم بكمية النقود. أما الثمن الطبيعى، فهو الثمن المطابق لأجور العمل وأرباح الرأسمال وريع الأرض. أى أن الثمن الطبيعى ينحل، كما ذكرنا، إلى الأجر، والربح، والريع. ومن ثم يسمى الأجر والربح والريع مكونات الثمن الطبيعى. أما ثمن السوق، فهو الثمن الفعلى الذى تباع به أية سلعة عادة، وقد يكون أعلى من ثمنها الطبيعى أو أدنى منه، أو مساوياً له. 14- ولم تقتصر الصعوبات التى واجهت سميث على مشكلته مع القيمة، إنما واجهته صعوبة أخرى حينما تدبر قيمة السلعة. ووجد أن لكل سلعة قيمتين: قيمة استعمال، أى صلاحية السلعة لإشباع حاجة معينة. وقيمة مبادلة، أى قدرة السلعة على المبادلة بسلعة أخرى، فلم يتمكن من معرفة كيف تكون أشياء ذات قيمة استعمال عالية جداً ولكن قيمة مبادلتها قليلة أو منعدمة مثل الماء؟ وبالعكس، كيف تكون أشياء ذات قيمة استعمال قليلة أو معدومة ولكن ذات قيمة مبادلة مرتفعة جداً مثل الماس؟ وهو اللغز الذى سوف يحله ريكاردو. حينما يوضح أن المنفعة شرط القيمة وليست مقياساً لها. مُدّخلاً عنصر الندرة فى التحليل، وهو الأمر الذى كان غامضاً أمام آدم سميث الذى كتب: "يتعين أن نوضح أن لكلمة قيمة معنيين، فهى تشير أحياناً إلى منفعة شىء معين، وأحياناً تشير إلى القدرة على شراء سلع أخرى. الأولى تسمى قيمة الاستعمال، والثانية تسمى قيمة المبادلة. ولكن الأشياء التى تكون ذات قيمــــة استعمال كبيرة غالباً ما تكون ذات قيمـة مبادلة قليلة أو معدومة؛ وبالعكس، فالأشياء ذات قيمة المبادلة المرتفعة غالباً ما تكون ذات قيمة استعمال قليلة أو معدومة. فالماء لا شىء أنفع منه ولكن لا يشترى به تقريباً شىء، ولا يكاد يبادل به شىء. على العكس من ذلك الجوهرة لا تكاد تكون ذات قيمة فى الاستعمال، ولكن يمكن فى كثير من الأحيان مبادلتها بكميات كبيرة من السلع". 15- وحيث يبنى آدم سميث مذهبه ابتداءً من تحليل عملية الإنتاج، فهو يرى أن الإنتاج إنما يتطلب توافر حد أدنى من الرأسمال الذى يلج حقل الإنتاج فى أشكال مختلفة، منها ما هو فى صورة مواد أولية أو مواد مساعدة، ومنه ما هو فى صورة آلات ومبان، ومنها ما هو فى صورة عمل ينفق فى سبيل تفعيل المواد من خلال الأدوات وتحويلها إلى سلع، هنا يقرر سميث أن الرأسمال ينقسم إلى قسمين: أحدهما يُستخدم فى سبيل الحصول على الأراض والآلات، أى أدوات الإنتاج، ويسمى هذا القسم"الرأسمال الأساسى"، والآخر يستخـدم فى سبيل شراء مواد العمل والعمل، ويسمى هذا القسـم "الرأسمال الدائر". ووجه الاختلاف بين الرأسمال الأساسى والرأسمال الدائر، كما يرى سميث، يتجلى فى شرط بقاء الملكيــــة وهو الشرط الذى سيعدله ريكاردو فيما بعد؛ فسميث يجعل معيار التفرقة بين قسمى الرأسمال هو مدى احتمالية تغير مالك ذلك الجزء من الرأسمال الذى تجسد فى السلعة عقب إنتاجها وطرحها فى التداول، بمعنى أن كل سلعة من السلع المنتَجة طبقاً لنمط الإنتاج الرأسمالى والمعدّة للطرح فى السوق، إنما تحتوى على"أدوات عمل، ومواد عمل، وعمل"، والذى يمضى فى التداول هو "مواد العمل والعمل"، وتظل الأدوات، والمبانى، ضمن ملْك صاحبها، وإنما تتجسد فى الناتج بمقدار الاستهلاك فقط، وبنسبة محدّدة، فى حين أن المواد إنما تُستهلك كليةً فى أثناء عملية الإنتاج، وكذلك العمل الذى هو كالمواد عرضة للتبدل والتغير فى أى لحظة يراها الرأسمالى، وتبقى الآلات والمبانى كى تمثل الرأسمال الأساسى، فى حين تُعد مواد العمل والعمل رأسمالاً دائراً. ثانياً: ديفيد ريكاردو 1- يتقدم ريكاردو بالاقتصاد السياسى خطوات إلى الأمام، على الأقل على مستوى نظرية القيمة، فلم يعتبر ريكاردو أن المشكلة المركزية فى الاقتصاد السياسى هى الإنتاج ونمو قوى الإنتاج وتنمية الثروة بوجه عام، كما كان يرى آدم سميث، وانما اعتبر أن الإشكالية الأساسية فى الاقتصاد السياسى إنما تتعلق بمسألة تحديد القوانين التى تنظم عملية توزيع القيمة التى تخلقها العمال، أى الكشف عن القوانين الموضوعية التى تحكم توزيع الثروة بين الطبقات الاجتماعية المشاركة فى عملية الإنتاج، وهى طبقة الرأسماليين وطبقة الملاك العقاريين وطبقة العمال. وإذ يُرجع ريكاردو جميع دخول السكان إلى مصدر واحد هو العمل؛ فإنه يصل إلى الاستنتاج: بأن مصالح الطبقات تتقارب مــع بعضها وتتناقض، ولكـن هذا التناقض ليس فى حقـل الإنتاج، وإنما فى حقـل التوزيع؛ حيث يجرى الصراع بين الطبقات على اقتسام الناتج الإجمالى. وعلى الرغم من وجه الاختلاف بين سميث وريكاردو على هذا النحو، فإن كلاً منهما يصدر فى تحليله لدائرة انشغاله عن نظرية فى القيمة. 2- والواقع أن الاختلاف بين ريكاردو وسميث بشأن موضوع الإشكالية الأكثر أهمية فى الاقتصاد السياسى إنما هو إنعكاس مباشر لحركة الواقع؛ فسميث حين فكر فى إنتاج ثروة الأمم، إنما كان يعيش عصر الثورة الصناعية والرأسمالية الناشئة أى المرحلة الصاعدة للرأسمالية، وكانت المشكلة الأساسية حينئذ هى مشكلة تنظيم الإنتاج ونموه، بينما جاء ريكاردو كى يُعايش مرحلة تالية أخذت فيها مشكلة توزيع الدخل حيزاً كبيراً على صعيد الاقتصاد القومى، بين: طبقة الرأسماليين، وطبقة الملاك العقاريين، فالتعارض كان واضحاً وشرساً بينهما. حيث تبلور الصراع بين رجال الصناعة الذين يريدون خفض أثمان المنتجات الزراعية كى لا يضطروا لدفع أجور مرتفعة تتناسب مع ارتفاع أثمان الغذاء، ورجال الزراعة الذين يرغبون فى رفع أثمان هذه المنتجات لتحقيق أقصى ربح. 3- وعلى صعيد المنهج، نظر ريكاردو إلى المجتمع، كما نظر إليه آدم سميث، باعتباره عدداً معيناً من الأفراد الذين وهبوا ملامح "طبيعية خالدة". والتجريد، أو العلو بالظاهرة محل الدراسة عن كل ما هو ثانوى، هو طريقة التفكير التى تلقاها ريكاردو عن آدم سميث، وغيره من الأسلاف الكلاسيك بوجه عام، والذين توصلوا إلى نتائج علمية هامة مستخدمين فى ذلك هذا المنهج. ويمكن القول أن سميث استخدم، فى الواقع، منهجين: فإلى جانب المنهج التجريدى، استخدم المنهج الوصفى فى شرحه للظواهر محل تحليله. أما ريكاردو فهو يتجاوز هذه الازدواجية ويرفض بشكل حـــاسم المنهـج الوصفى. ويلتزم بأعلى درجات التجريد. كان ريكاردو منشغلاً بهدف أساسى هو صياغة القوانين الاقتصادية التى توجه المجتمع وبصفة خاصة فى حقل توزيع الناتج الاجتماعى؛ وتمكن باستخدام التجريد من التغلغل فى بنية المجتمع بشكل أعمق مما أستطاع سميث، والكلاسيك بوجه عام. 4- أعاد ريكاردو النظر فى تصور سميث للقيمة. إذ رأى أن قيمة السلعة تعتمد على كمية العمل النسبية الضرورية فى سبيل إنتاج السلعة، وليس بوقت العمل اللازم فى سبيل إنتاج السلعة الأخرى المتبادل بها، كما كان يرى سميث. ولكى يحل المشكلة التى واجهت سميث توصل إلى أن السلع تتبادل وفقاً لكمية العمل النسبية الضرورية فى سبيل إنتاجها دون الوقوف كثيراً أمام اعتبارات شدة العمل وبراعته؛ حيث رأى أنه يمكن المقارنة بين كميات العمل المختلفة على أساس العمل البسيط والعمل المركب، فكمية "س" من العمل المركب يمكن مقارنتها بالكمية "ص" من العمل البسيط. وبذلك حل ريكاردو المشكلة، ولم تعد المقارنة بين عمل شاق وعمل سهل أو بسيط، تمثل أزمة؛ إذ يمكن المقارنة، وفقاً لحل ريكاردو، بين العملين على أساس أن ساعات العمل الشاق يمكن أن تنحل إلى عدد معين من ساعات العمل البسيط، وليكن ساعة عمل شاق تساوى ثلاث ساعات عمل بسيط. مع مراعاة أن ريكاردو يستخدم، فى بعض الأحيان، تعبير"الكمية النسبية للعمل" بنفس معنى "الكمية المقارنة من السلع". والواقع أن ريكاردو يعتنق نفس نظرية سميث التى ترى أن السلع، فى المجتمعات البدائية، تتبادل على أساس كمية العمل المبذول فى إنتاجها. ولكنه لم يرتبك كما ارتبك سميث؛ وقرر أن نفس المبدأ واحد ولم يحدث تغير، ومن أجل المقارنة بين قيمة سلعتين يمكن أن نقارن بين وحدات من العمل البسيط والعمل المركب، والعمل الشديد والعمل السهل، والعمل البارع والعمل العادى. 5- فإذ ما توصل ريكاردو إلى قيمة السلعة وأن مقياسها العمل، رأى أن القيمة لا تتوقف فقط على العمل المنفَق مباشرة فى إنتاجها، بل أيضاً على العمل المنفَق فى سبيل إنتاج الأدوات والعدد والمبانى الضرورية لتحقيق العمل. أى العمل المختَزن وبناءً عليه؛ وباستخدام التجريد، كما ذكرنا، يصيغ ريكاردو جميع أفكاره الأخرى، وكان فى كل مرة يطرح على نفسه السؤال: هل تُطابق المقولة التى يدرسها أو تناقض تحديد القيمة بوقت العمل؟ كما كان غالباً ما يذكر رأى آدم سميث ثم يعقبه برأيه المتفق معه أو المخالف له سارداً لحججه وبراهينه. 6- وحينما انتقل ريكاردو لمناقشة قيمة المبادلة وجد أن السلع تعتمد فى قيمتها التبادلية على أمرين: النــدرة، وكمية العمــل التى تحتويها. فحينما تصدى ريكاردو لتفسير لغز القيمة الذى لم يتمكن سميث من تفسيره؛ فكيف تكون أشياء ذات قيمة استعمال عالية مثل الماء ولكن قيمة مبادلتها منعدمة تقريباً؟ وبالعكس، كيف تكون أشياء ذات قيمة استعمال قليلة ولكن ذات قيمة مبادلة مرتفعة مثل الماس؟ رأى ريكاردو أن حل هذا اللغز إنما يبدأ من فكرتى الندرة والمنفعة؛ فالماء ليس نادراً بل متوافر فى الطبيعة؛ ولذلك تكون قيمة مبادلته قليلة، على العكـس من ذلك الماس الذى يتميز بالنـدرة، ولذلك تكون تكون قيمة مبادلته كبيرة. ولا يتوقف ريكاردو عند هذا الحد من التفسير بل يتقدم خطوة أكثر أهمية حين يقرر أن المنفعة شرط القيمة وليست مقياساً لها، كما ظن سميث الذى تصور أن المنفعة تؤخذ فى الاعتبار حين قياس القيمة. ولكن ريكاردو يوضح أن الأشياء كى تكون ذات قيمة يشترط أن تكون ذات منفعة، مهما كانت ندرة السلعة ومهما كانت كمية العمل الضرورية المبذولة فى إنتاجها. ولكن هذه المنفعة يقتصر دورها على ذلك ولا يتعداه إلى أن تكون مقياساً للقيمة. 7- وفى سياق انشغال ريكاردو بمشكلة القيمة يصل إلى منظم القيمة، موضحاً أنه لو كانت كمية العمل الموجودة فى السلعة تنظم قيمة مبادلتها؛ فإن أى تغير فى كمية العمل التى تحتويها السلعة تستصحب تغير فى قيمة السلعة ذاتها. 8- وعلى الرغم من أن ريكاردو قد حدد، على نحو صائب إلى حد كبير، مفهوم القيمة ومقياسها ومنظمها؛ إلا أنه لم يستطع تفسير عملية التبادل بين العمل والرأسمال ابتداء من نظريته فى القيمة. فلماذا يكون للعمل الحى الذى يقدمه العامل قيمة أقل من قيمة العمل المجسد التى يحصل عليها مقابل عمله، أى: لماذا يكون الأجر أقل من القيمة التى يخلقها العمل؟ يتعين هنا أن ننتظر تدخل ماركس كى يحل هذه المشكلة ويقدم إجابة تعتمد على التفرقة بين العمل وقوة العمل. 9- يفرق ريكاردو، كما سميث، بين الثمن الطبيعى وبين ثمن السوق، وهو يعمم تلك التفرقة على جميع ما يُباع ويُشترى فى السوق من سلع، وطالما العمل سلعة تُباع فى سوق العمل لمن يشتريها فى مقابل الأجرة، فإن ريكاردو يرى أن الثمن الطبيعى للعمل هو الذى يكون ضرورياً لتمكين العمال من العيش وإدامة عرقهم، دون زيادة أو نقصان، إنما يعنى حد الكفاف، وحينما تطرح سلعة العمل فى السوق نكون أمام ثمن السوق للعمل، وهو يراه هنا، كما أدم سميث، خاضعاً لقوى السوق ولكنه يتأرجح ارتفاعاً وانخفاضاً حول الثمن الطبيعى. والحد الضرورى من وسائل المعيشة بالنسبة لريكاردو ليس ثابتاً وإنما يتأثر بشروط تاريخية وجغرافية تحدد مكوناته. وسوف يشير ماركس إلى دخول عنصر تاريخى ومعنوى فى تحديد قيمة قوة العمل بخلاف جميع السلع الأخرى. 10- ويقرر ريكاردو أن العمل المباشر يحصل على أجر مقابل مساهمته فى الإنتاج، والعمل المختَزن يحصل على ربح، وهذا هو مقابل تكوين الرأسمال أو اختزان العمل، ولكن ريكاردو يرى إمكانية زيادة الأرباح عن ذلك المستوى الذى يعوض أصحاب الرأسمال على مجهوداتهم التى بذلوها فى سبيل إنتاج السلعة. وهذه الزيادة فى الأرباح تشبه الريع الذى يحصل عليه ملاك الأراضى من حيث كانت فى رأى ريكاردو نتيجة لندرة الرأسمال وليست نتيجة للمجهود الذى بذل فى تكوينها. 11- ويفرق ريكاردو بين الأجور الأسمية والأجور الحقيقية: فالأجور الأسمية هى فى نظره، كما سميث، كمية معينة من النقود تُدفع للعامل لقاء عمله خلال فترة معينة من الزمن، أما الأجور الحقيقية فهى زمن العمل الضرورى لإنتاج وسائل معيشة العامل الضرورية خلال الفترة التى يتقاضى عنها أجره الأسمى. 12- يستكمل ديفيد ريكاردو، ابتداءً من قانون القيمة، الخط المنهجى الذى وضعه أدم سميث بشأن التفرقة ما بين الرأسمال الأساسى والرأسمال الدائر، بيد أن استكماله لهذا الخط المنهجى إنما هو فى الواقع إعادة نظر ليس فى التقسيم أو فى محتواه، وإنما فى معياره؛ ففى حين يرى سميث أن معيار التفرقة بين الرأسمال الأساسى والرأسمال الدائر يعتمد على شرط مدى بقاء ملكية ذلك الجزء من الرأسمال الذى يتجسد فى السلعة، على نحو ما رأينا أعلاه، يعتمد ريكاردو معياراً جديداً، يرتكز على معدل الاستهلاك، أو الديمومة؛ فإذا كان ذلك الجزء من الرأسمال مما يستهلك فى وقت قصير، أو يستهلك كلية فى فترة وجيزة، مثل الجزء من الرأسمال المدفوع كأجرة، فإن ذلك من قبيل الرأسمال الدائر. أما إذا كان مما يطول بقاؤه ويدوم استخدامه فى الوظيفة التى تم إعداده لأجلها، كالآلات والمبانى، فإننا نكون أمام رأسمال أساسى. كما يقول ريكاردو، مع ملاحظة أنه لا يُحدثنا عن المواد الأولية أو عن المواد المساعدة. ثالثاً: كارل ماركس 1- انشغل ماركس، مثل جميع مفكرى الاقتصاد السياسى الكلاسيكى، بمشكلة القيمة... الأمر الذى جعله يبدأ من تحليل السلعة؛ لأنها التى تتجسد فيها القيمة. وفى أثناء تحليله يفرق، كما سميث وريكاردو، بين نوعين من القيمة: الأول: قيمة استعمال السلعة، أى صلاحية السلعة لاشباع حاجة إنسانية معينة، وهذا النوع من القيمة هو الذى يشكّل المضمون المادى للثروة فى المجتمع. أما النوع الثانى فهو قيمة المبادلة، أى صلاحية السلعة للتبادل بسلعة أخرى، وهى تتبدى كعلاقة كَمية، أى كنسبة يجرى بموجبها تبادل قيم استعمالية مِن نوع ما بقيم استعمالية مِن نوع آخر؛ فسلعة معينّة، كيلـو جرام واحد مِن القمح مثلاً تجرى مبادلته بمقدار(س) مِن الأرز، و(ص) مِن الحرير، و(ع) مِن الفضة، وغير ذلك، وباختصار، بسلع أخرى بأكثر النسب تبايناً. وبالتالى، ليس للقمح، كسلعة، قيمة تبادلية واحدة، بل الكثير جداً مِنها، ولكن بما أن (س) مِن الأرز، و(ص) مِن الحرير، و(ع) مِن الفضة، تُشكل القيمة التبادلية للكيلو مِن القمح، فإن (س) من الأرز، و (ص) من الحرير، و(ع) مِن الفضة، وما إليها، يجب أن تَكون قيماً تبادلية قادرة على أن تحل محل بعضها البعض، أى أن تكون متساوية فيما بينها. ومِن هنا ينجم أن القيم التبادلية المختلفة للسلعة تعبر عن شىء واحد. فمهما تكن العلاقة التبادلية بين الحرير والفضة، يُمكن على الدوام التعبير عن هذه العلاقة بمعادلة تَتَعادل فيها كَمية معيّنة مِن الحرير مع كَمية معينة مِن الفضة. مثلاً: مبادلة 10 أمتار مِن الحرير بـ 5 جرامات مِن الفضة، فعلام تَدُل هذه المعادلة؟ إنها تدل على وجود أمر مشترك مقداره واحد. إن كلاً مِن هذين الشيئين، الحرير والفضة، مساو لشىء ما ثالث، لا هو الأول ولا هو الثانى، وبالتالى لابد وأن يكون كل منهما، باعتباره قيمة تبادلية، قابلاً للإرجاع إلى هذا الشىء الثالث. الذى لا يكون متمثلاً فى خصائص هندسية أو فيزيائية أو أية خصائص طبيعية أخرى للسلع؛ إذ إن خصائص السلع الجسدية لا تُؤخذ فى الاعتبار على وجه العموم إلا بقدر ما تتوقف عليها منفعة السلع، أى بقدر ما تجعل مِن السلع قيماً استعمالية، وفى هذا الشأن يَنقل ماركس، عن باربون (1640- 1698) قوله: "إن نوعاً من السلع هو صالح تماماً كأى نوع آخر إذا كانت قيمتهما التبادليتان متساوييتين، ولا فرق أو اختلاف بين الأشياء التى لها قيم تبادلية متساوية؛ فكَمية مِن الحديد أو الرصاص بمائة جنيه لها نفس القيمة التبادلية كما لكمية مِن الفضة أو الذهب بمائة جنيه" إن الأمر الثالث المشترك بين"قيمة السلعتين التبادلية" هو العمل، فكلاهما نتاج قوة العمل. هنا يجد ماركس نفسه منشغلاً، بشكل رئيسى، بقيمة قوة العمل. متسالاً: ما هى قيمة قوة العمل؟ ومن أجل الإجابة يسير التحليل على النحو التالى: ان قيمة كل سلعة تقاس بكمية العمل اللازم لإنتاجها وقوة العمل توجد فى شكل العامل الحى الذى يحتاج إلى كمية محددة من وسائل المعيشة لنفسه ولعائلته، مما يضمن استمرار قوة العمل حتى بعد موته. ومن هنا، فإن وقت العمل اللازم لإنتاج وسائل المعيشة هذه يُمثل قيمة قوة العمل. 2- وعلى ذلك، يدفع الرأسمالى للعامل أجره، أسبوعياً مثلاً، شارياً بذلك استخدام عمله لهذا الأسبوع. بعد ذلك فان الرأسمالى يجعل عامله يبدأ فى العمل. وفى وقت محدد سيقدم العامل كمية من العمل توازى أجره الأسبوعى، فإذ افترضنا أن أجر العامل الأسبوعى يمثل ثلاثة أيام عمل، فإذا بدأ العامل عمله يوم السبت؛ فإنه يكون فى مساء يوم الإثنين قد "عوض" الرأسمالى عن"القيمة الكاملة للأجر المدفوع". ولكن هل يتوقف العامل عندئذ عن العمل؟ إطلاقاً. لقد اشترى الرأسمالى "قوة عمل" العامل لمدة أسبوع، وعلى العامل أن يستمر فى العمل خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من الأسبوع كذلك، وهذا العمل الفائض الذى يقدمه العامل فوق الوقت اللازم لتعويض أجره وزيادة عليه هو"القيمة الزائدة"، ومصدر الربح، والتراكم المتزايد للرأسمال على نحو مستمر. يمكن هنا اعتبار ما وصل إليه ماركس، على هذا النحو، بمثابة استكمال للبناء النظرى الريكاردى وحل للمشكلة التى سبق أن واجهت ريكاردو بصدد: لماذا يكون الأجر أقل من القيمة التى يخلقها العمل؟ فالرأسمالى لم يشتر العمل، كما ظن ريكاردو، إنما اشترى قوة العمل، كما توصل ماركس. 3- وعقب أن أتم ماركس تحليله للقيمة، على نهج ريكاردو، وجد ضرورة مراجعة تصورات الكلاسيك بصدد أنواع الرأسمال. فقد كان آدم سميث وديفيد ريكاردو، والكلاسيك بوجه عام، يرون، كما ذكرنا، أن الرأسمال اللازم من أجل عملية إنتاجية ما، ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: الرأسمال الأساسى: ويحتوى على المبانى والآلات والمعدات. وكل ما لا يُستهلك فى عملية إنتاجية واحدة. والقسم الثانى: الرأسمال المتداول: وهو الذى يُستخدم فى عملية إنتاجية واحدة مثل المواد الأولية والمواد الوسيطة والعمل الإنسانى. ولكن هذا التقسيم لم يكن يتناغم مع نظرية ماركس فى القيمة. الأمر الذى جعله يعيد النظر فى التقسيم إنما ابتداء من معيار مختلف هو معيار القيمة نفسها، متسائلاً ما هى الأجزاء من الرأسمال التى تغير من قيمتها أثناء الإنتاج أى الذى يمكن أن تخلق قيمة أزيد من قيمتها، وما الأجزاء التى لا تغير من قيمتها أى تظل قيمتها ثابتة عبر العملية الإنتاجية؟ حينئذ رأى ماركس ان تقسيم الكلاسيك ليس خطأ كلية إنما يحتاج إلى تعديل؛ فالرأسمالى، من أجل الإنتاج، يستخدم قسمين من الرأسمال: القسم الأول: الرأسمال ذو القيمة الثابتة، ويتكون ذلك القسم من: جزء أساسى مثل الأدوات والمعدات والمبانى. وجزء دائر مثل المواد الوسيطة والمواد الأولية، وهذا القسم من الرأسمال لا يغير من قيمته أثناء العملية الإنتاجية، لأنه يدخل العملية الإنتاجية ويخرج منها بنفس القيمة. فالآلة مثلاً، بما تحتويه من عمل مختزن، يحسب معدل استهلاكها على أساس قيمتها وطاقتها الإنتاجية، وهى تدخل فى حساب تكلفة الإنتاج بهذه القيمة دون زيادة أو نقصان. القسم الثانى: الرأسمال ذو القيمة المتغيرة، ويتكون من: قوة العمل. وهذا القسم من الرأسمال يحقق أربعة أمور: 1- ينقل قيمته إلى الناتج. 2- يزيد قيمة الناتج. 3- يسمح بنقل قيمة الرأسمال الثابت إلى الناتج. 4- يخلق قيمة جديدة غير مدفوعة الأجر. ويتم ذلك بأن يدفع الرأسمالى للعامل 2 جنيه ويأخذ منه عملاً يساوى 3، أو 4، أو 5، أو... إلخ. ولذلك سمى هذا القسم من الرأسمال بالرأسمال المتغير. بعبارة أدق (الرأسمال ذو القيمة المتغيرة) كتب ماركس:"... إن ذلك القسم من الرأسمال الذى يتحول إلى وسائل إنتاج أي مادة خام ومواد مساعدة ووسائل عمل، لا يغير مقدار قيمته فى عملية الإنتاج. لذلك أسمّيه بالقسم الثابت للرأسمال، أو بإيجاز: الرأسمال الثابت، وعلى العكس، فذلك القسم من الرأسمال الذى تحول إلى قوة عمل، يُغيّر قيمته أثناء عملية الإنتاج، فهو يُجدّد إنتاج معادله الذاتي ويشكل بالإضافة إلى ذلك قيمة زائدة يمكنها أن تتغيّر بدورها وأن تكون أكبر أو أقل، وهذا القسم للرأسمال يتحول بصورة متواصلة من مقدار ثابت إلى متغيّر، ولذلك أسمّيه بالقسم المتغيّر للرأسمال، أو بإيجاز: الرأسمال المتغير" 4- ان هذا العمل غير مدفوع الأجر يمثل قيمة زائدة يستحوذ عليها الرأسمالى. والرأسمالى يجدد إنتاجه من خلال تحويل هذه القيمة الزائدة إلى رأسمال مجدداً، على نطاق متسع؛ ونمط الإنتاج الرأسمالى لا يقتصر على إعادة إنتاج الرأسمال بصورة مستمرة، ولكنه يعيد إنتاج فقر العمال بصورة مستمرة فى ذات الوقت، بحيث أنه يضمن على الدوام، تركز الرأسمال من جهة، ويضمن أيضاً وجود جماهير غفيرة من العمال المضطرين لبيع قوة عملهم إلى هؤلاء الرأسماليين لقاء كمية من وسائل العيش التى تكفى بالكاد لبقائهم قادرين على العمل، وعلى إنجاب جيل جديد من العمال من جهة أخرى. إلا أن الرأسمال لا يُعاد إنتاجه فحسب بل يزداد ويتضاعف على الدوام بقدر ما تتضاعف سطوته على طبقة العمال المفتقرين لوسائل الإنتاج وكما أن الرأسمال يُعاد إنتاجه بمعدلات تتزايد بأطراد فإن نمط الإنتاج الرأسمالى المعاصر يعيد إنتاج طبقة العمال المعدومى الملكية بمعدلات متزايدة أيضاً وبأعداد هائلة. 5- وعلى مستوى الأداء اليومى للمشروع الرأسمالى، ينتهى ماركس، ابتداءً من نظريته فى القيمة والقيمة الزائدة المستندة إلى تصورات ريكاردو، إلى: - ان جميع السلع هى نتاج العمل البشرى، وهذه الخاصية يُمكن قياسها؛ فالعمل يُقاس بكمية الزمن المنفَق على إنتاج السلعة، فكمية العمل الضرورى المبذول فى إنتاج السلعة، إذاً، هى التى تُحدد النسب التى تَتَبادل بها بعض السلع بالبعض الآخر. - إن جميع ظواهر الكون سواء أكانت بفعل الإنسان أو ناتجة عن قوانين الطبيعة، لا تقدم سوى فكرة تبدل الأشكال المادية للسلع، إن الضم والفصل هما العنصران الوحيدان اللذان يكشف عنهما الذهن البشرى بتحليله لعملية الإنتاج، إذ أن العملية الإنتاجية ما هى سوى عملية فصل وضم أشياء موجودة سلفاً فى الطبيعة. - إن نفقة إنتاج قوة العمل هى النفقات الضرورية، لجعل العامل عاملاً، ولإبقائه عاملاً. وإن إستهلاك العُمال يؤخذ فى الحسبان المحاسبى، شأنه شأن إستهلاك الألة. - ان الاستثمارات فى فروع القطاعات المشاركة فى الإنتاج على الصعيد الاجتماعى تحكمها معدلات الربح؛ ومن هنا انشغل ماركس بتحديد شروط التوازن بين فروع الإنتاج، فأى رأسمالى يرغب فى استثمار أمواله سوف ينظر أولاً لربحه المحتمل. وهو لن يقدم على الاستثمار فى فرع إنتاجى معين، وليكن الحديد والصلب، إلا إذ ما كان هذا الفرع الذى يريد استثمار أمواله فيه يحقق أعلى معدلات ربح. فكيف تتحدد معدلات الأرباح التى تحكم قرارات المستثمر؟ يتعين، قبل الإجابة، أن نوضح أن تحليل ماركس بوجه عام فى رأس المال هو تحليل استاتيكى يفترض: - ثبات كل من: كمية النقود، والكمية المطلوبة من السلع، وكمية الربح الممكن توزيعه على الرأسماليين؛ فلو إفترضنا أن: مجموع الرساميل الموظفة فى الإنتاج 500 وحدة، وان عدد المشروعات 5 مشروعات، وأن كمية النقود التى توزع كأرباح على المشروعات الخمسة 110 وحدة، فإن نصيب كل مشروع من الربح سيكون 22 وحدة. ومعنى ذلك أن أى مشروع جديد سوف يدخل السوق سوف يشارك المشروعات الخمسة القائمة فى كمية الربح المحددة وهى 110، فإذ ما أفترضنا أن 5 مشروعات جديدة دخلت السوق فسوف يكون نصيب كل مشروع من المشروعات الـ 10 مقداره 11 وحدة فقط. وذلك مرتبط بشرط واحد هو أن كمية الطلب الكلى محددة؛ فمهما زادت الكمية المعروضة بدخول مشروعات جديدة، فلن يزيد المجتمع من استهلاكه من هذه السلعة. وبالتالى سوف تتنافس المشروعات على تلبية كمية محددة سلفاً من السلع من جهة، وعلى اقتسام كمية الأرباح المحددة أيضاً سلفاً، من جهة أخرى. وسوف ينشغل ماركس بتحديد معدلات هذه الأرباح. - كما يفترض التحليل أن السلع تُباع بقيمتها، وأن المجتمع مُغلق، أى لا يدخل فى علاقات مع بقية أجزاء الاقتصاد العالمى، - وأخيراً، وهو الأهم، يفترض تحليل ماركس سيادة المنافسة الكاملة فى مجتمع يسعى فيه الرأسماليون إلى تحقيق أقصى ربح. وبناءً عليه تتحدد معدلات الأرباح، ابتداء من قانون القيمة؛ وفقاً للجدول أدناه على النحو التالى، مع مراعاة افتراض: قطاعاً إنتاجياً معيناً يضم خمسة مصانع تستخدم تراكيب مختلفة من الرأسمال الثابت والرأسمال المتغير، وأن معدل القيمة الزائدة 100 بالمئة:
الرأسمال الثابت الجزء المستهلك من الرأسمال الثابت الرأسمال المتغير معدل القيمة الزائدة (100%) قيمة السلعة ثمن التكلفة معدل الربح الوسطى ثمن الإنتاج إنحراف الثمن /القيمة 80 50 20 20 90 70 22 92 + 2 70 51 30 30 111 81 22 103 - 8 60 51 40 40 131 91 22 113 - 18 85 40 15 15 70 55 22 77 + 7 95 10 5 5 20 15 22 37 + 17 78 38 22 22 82 60 22 82 تطابق - مجموع القيمة الزائدة المنتجة فى كل المصانع =20+30+40+15+5= 110. - مجموع الرساميل الموظفة فى كل المصانع = 100+100+100+100+100= 500. - التركيب المتوسط للرأسمال = مجموع الرأسمال الثابت إلى مجموع الرأسمال المتغير ÷ الرأسمال الكلى. - التركيب المتوسط للرأسمال، وفقاً لمجموع الرساميل: ( 78ث + 22م). - معدل الربح الوسطى= مجموع القيمة الزائدة ÷ مجموع الرساميل، أى: 110÷500= 22%. - سوف تقوم المشروعات المختلفة (وفقاً لقوى السوق. اليد الخفية عند آدم سميث) بإدخال تعديلات فى التركيب العضوى للرساميل؛ حتى تتلائم مع التركيب المتوسط للرأسمال على الصعيد الاجتماعى، وكذلك مع الربح الوسطى. - ثمن التكلفة يتكون من: الجزء المستهلك أثناء العملية الإنتاجية من الرأسمال الثابت + الرأسمال المتغير. - قيمة السلعة تتكون: من الجزء المستهلك من الرأسمال الثابت + الرأسمال المتغير + القيمة الزائدة. - أما ثمن الإنتاج فيتكون من ثمن التكلفة + معدل الربح الوسطى. - على الرغم من أن كل رأسمالى، وفقاً للجدول أعلاه، بمفرده يحصل على قيمة زائدة مقدارها 100% إلا ان حساب الربح، ومن ثم تجديد الإنتاج، لا يعتمد على القيمة الزائدة التى تتحقق فى مصنعه هو فحسب، إنما يعتمد فى المقام الأول والأخير على الربح الكلى الذى أنتجه الرأسمال الاجتماعى الكلى. 6- ولكن، ماركس يحذر. فالرأسماليون الذين يكثرون من استخدام القسم الثابت من الرأسمال على حساب القسم المتغير،سوف يتعرضون للإفلاس والخراب! لأن القيمة الزائدة التى يتحصلون عليها إنما يحصلون عليها بالاعتصار من الرأسمال المتغير وليس من الرأسمال الثابت. فالأدوات والمواد تخرج من العملية الإنتاجية بنفس القيمة التى دخلتها بها. ولكن المسألة كما يعلن ماركس ليس اختيارية إنما إجبارية. فمع تطور التقنية واحلال الآلة محل العمل يحدث تدهور مستمر فى معدلات الربح وتتجه بوجه عام هذه المعدلات إلى الإنخفاض لأن الرأسمالى لا يستطيع أن يستخرج قيمة زائدة من الألة. فليس بالضرورة إذاً أن تؤدى الزيادة فى الرساميل إلى الزيادة فى معدلات الربح؛ بل على العكس قد تؤدى هذه الزيادة إلى الانخفاض فى هذه المعدلات. فالرأسمال ليس مبلغاً مِن النقود، إنما هو علاقة إجتماعية. وإن الرأسمال يَفترض العمل المأجور، والعمل المأجور يَفترض الرأسمال. فكُل منهما شرط الآخر. وبقدر ما ينمو الرأسمال المنتِج، وبقدر ما يتسع تقسيم العمل وإستخدام الألات، بقدر ما تَنتشر المزاحمة بين العمال، وبقدر ما ترتفع مؤشرات البطالة، وبقدر ما تنخفض مقادير القيمة الزائدة. وبقدر ما تأخذ الرأسمالية فى طريقها الهابط لجفاف منابع سر نشأتها وحياتها وتطورها. القيمة. والقيمة الزائدة. فمع ادخال الماكينات يبدأ العامل فى الصراع ضد وسيلة العمل ذاتها، والتى هى الشكل المادى لوجود الرأسمال؛ فما أن ظهرت وسيلة العمل بشكل الماكينة حتى أصبحت مزاحِمة للعامل نفسه؛ فان عدد العمال الضروريين لإنتاج نفس الكمية من السلع يتناقض أكثر فاكثر بفضل التقدم الآلى وتحسن الزراعة وميكنتها... إلخ. وهذا يؤدى إلى نمو عدد العمال الزائدين عن الحاجة بسرعة أكبر من نمو الرأسمال نفسه. وحينئذ يتسائل ماركس: ماهو مصير هذا العدد المتنامى من العمال؟ ويرى انهم يشكلون جيش الصناعة الاحتياطى الذى يتقاضى، فى فترات الأزمات الدورية التى تمر بها الرأسمالية، أجراً أدنى من قيمة عمله، كما أنه يستخدم بصورة غير دائمة. وبناء عليه يضع ماركس القانون العام المطلق للتراكم الرأسمالى على أساس أنه كلما كانت الثروة الاجتماعية أكبر تعاظم جيش الصناعة الاحتياطى، وكلما كانت نسبة الجيش الاحتياطى أكبر من الجيش الفعلى (العمال الدائمين) كلما تضخمت جماهير السكان الفائضين التى يتناسب بؤسها بصورة طردية مع مشقة عملها. وأخيراً كلما اتسعت فئات المعدمين من الطبقة العاملة وجيش الصناعة الاحتياطى، كلما تزايد الفقر على الصعيد الاجتماعى.
#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موضوع الاقتصاد السياسى
-
مسخ الاقتصاد السياسى
-
نظرية القيمة عند الكلاسيك وماركس
-
من ماركس إلى قانون فى القيمة
-
الاقتصاد المصرى
-
التبعية مقياس التخلف
-
مبادىء الاقتصاد السياسى
-
للحق، لا للقضاء، للمحامى المصرى رامى الحدينى
-
ما قبل هيمنة ظاهرة الرأسمال
-
ما قبل هيمنة الرأسمال
-
نقد قانون القيمة عند ماركس
-
تاريخ الرأسمال
-
كل شىء متوقف على كل شىء
-
السلفيون ووهم تطبيق الشريعة
-
المنهج والتجريد والعلم والاقتصاد السياسى
-
بعد أن تحول العالم والكاهن إلى شغيلة فى عداد المأجورين
-
اقتصاد سياسى بلا ماركس. هكذا يعدمون عقولنا
-
المختصر فى تاريخ بلاد فارس - الجزء الثانى
-
المختصر فى تاريخ بلاد فارس
-
لينين: الرأسمال المالي والطغمة المالية
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|