أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - صبري يوسف - ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 5 ـ















المزيد.....

ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 5 ـ


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1268 - 2005 / 7 / 27 - 08:30
المحور: مقابلات و حوارات
    


ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 5 ـ
برعاية صحيفة المرصد الإعلامي الحرّ الصادرة عن المركز الإعلامي للدراسات الثقافية وتواصل الثقافات / النمسا

أجرت الحوار د. سعاد جبر

البند الخامس من بنود الحوار

د. سعاد جبر
ـ تناولت الدراسات النفسية الدبية ثنائية العبقرية ، الجنون في الإبداعية الأدبية ، ودارت حولها تساؤلات حول اثر الانحراف النفسي والأخلاقي في تشكيل المبدع وعبقريته الأدبية كما هو في ظاهرة الشاعر المصري عبد الحميد الكاتب ، واثر الإبداع وتجلياته في إيصال الأديب إلى الجنون والعزلة النفسية كما هي في ظاهرة إبداع الأديبة مي زيادة ، وما آلت إليه من نهاية مأساوية لمبدعة نادرة من نوعها ، والسؤال المطروح هنا أين تقف رؤاكم التحليلية النقدية في ظل ثنائية العبقرية ـ الجنون في الإبداعية الأدبية ؟

صبري يوسف
ج 5 ـ للأجابة عن هذا السؤال لابدّ من الوقوف جليّاً عند خصوصية المبدع وماهية الإبداع، فالمبدع بحدّ ذاته إنسان شديد الحساسية ومرهف جدّاً جدّاً، ولو لم يكُن متميّزاً بهذه الخصوصية لما أصبح مبدعاً أصلاً، وليس سرّاً أن نقول أن كلّ مبدع فيه شطحات خارقة في لحظات إبداعية أشبه ما تكون على حافات الجنون، وقيل أن ما بين العبقرية والجنون شعرة! لكن هذا المثل ليس دقيقاً لكنه يصب في رحاب ثنائة العبقرية، الجنون في الحالة الإبداعية الأدبية، وهنا لا بدّ أن نشير إلى أنَّ للإنحراف النفسي والأخلاقي دوراً في تشكيل المبدع وعبقريته الأدبية ليس دقيقاً في كلِّ الأحوال، فما حصل مع الشاعر المصري عبد الحميد الكاتب، ما هو إلا حالة فرديّة لا يمكن تعميمها كحالة نموذجية يماثلها شخصيات أخرى لو تمرُّ بنفس الحالة ، لأنّ الإبداع بحدِّ ذاته حالة خارقة غير طبيعيّة، والعبقرية نتاج تراكمات ثقافية وطاقات فكرية كبيرة ومزاجية أحياناً أخرى، فما حصل مع الشاعر عبد الحميد الكاتب لا يمكن ان ينسحب على غيره فيما إذا طبّقوا طريقته وأسلوب نهجه في الإبداع فالمبدع ممكن أن يبدع في ظروف عبدالحميد الكاتب أو في ظروف وحالات مناقضة لحالاته ولكل مبدع خصوصيته وظروفه وحيثيات إبداعه، ولو درسنا ظروف العباقرة المبدعين لوجدناها تختلف من حالة إلى أخرى لكن تصب الحالة الإبداعيّة في واحة رحبة أن الشخصية المبدعة، شخصية فريدة من نوعها، تحبّ العزلة والتأمّل ومتمرّدة على الإعوجاجات التي تصادفها في مراحل عمرها وهي أي الشخصية المبدعة مرهفة جدّاً ومعرّضة في أية مرحلة من مراحل العمر إلى إنتكاسات نفسية سواء كانت الشخصية في أرقى تجليات الإبداع في فترة ما ثم تتحوّل إلى شخصية إنعزالية مأساوية تصب في واحات الجنون، أو كانت شخصية طبيعية خالصة ثمّ تتحوّل إلى شخصية منتكسة وبالتالي تتعرّض إلى حالات من العزلة والجنون، ففي كلتا الحالتين، حالة عبدالحميد الكاتب، ومي زيادة، لا يمكن تعميم حالتيهما فهما حالتان فرديتان لا يمكن تعميمهما إطلاقاً، لكن من الضروري أن نشير إلى أنّ المبدع معرّض ربّما أكثر من غيره إلى مرافئ الجنون، لأنّه شديد الحساسية ومفرط في تأثُّره بالحياة التي يعيشها فهو يصطدم صدمات أقوى وأبلغ مما يصطدمه الإنسان العادي لهذا فهو يحتاج إلى حالات إبداعية كي يفرّغ هذه الصدمات وإلا ستبقى هذه الصدمات التي يتلقّاها في أعماقه إلى أن تخلخل بواطنه الشفيفة، لهذا أرى أن أفضل دواء للمبدعين للتخلّص من هاوية الجنون هو هذا التفريغ الإبداعي عبر نصوصهم الفسيحة التي كانت تتلاطم في أعماقهم فخرجت من أعماق اللاشعور كي تحقِّق لهم التوازن الروحي والنفسي، وكلّما ظل الكاتب حبيساً لأفكاره ومكبوتاً لما يعتريه، كان معرّضاً لهزات نفسية إلى أن يصل إلى دهاليز ومنعرجات الجنون، وليس من الضروري أن يتعرّض كل مبدع لا يفرّغ ما في بواطنه اللاشعورية العميقة عبر نصِّ ما إلى حالات نفسية وإنتكاسية، لا طبعاً، لأنّ هذا الأمر يتعلّق بمدى الطاقات النفسية والصحّة النفسية التي يتمتّع بها المبدع نفسه فهناك من لديه طاقة صحّية نفسية عالية وراقية والمكبوتات وضغوطات الحياة وتراكمات الآهات والخ من منغّصات الحياة لا تؤثّر عليه كل هذا التأثير السلبي لأنه يعالجها عبر طرق أخرى سواء ظهرت كحالات إبداعية أو عبر صياغة فكرية ما فإن المبدع يعرف كيف يتفادى هكذا جراح قابعة في بواطنه الخفيّة، لهذا فالقضية هنا نسبية وما ينسحب عن المبدع وثنائة العبقرية والجنون ممكن أن ينسحب على الكثير من بني البشر، حتّى ولو لم يكُنْ مبدعاً! لإن الإنسان كأنسان به طاقات إبداعية سواء أبدعها أو لم يبدعها وكل كائن حي لديه طاقات إبداعية، فبعض المبدعين تظهر إبداعاتهم وبعضهم الآخر تضمر ولا تظهر ، وفي كل الأحوال تظلّ مسألة ثنائية العبقرية والجنون مسألة نسبية، لكن أعود مؤكِّداً على أنَّ المبدع أكثر تعرّضاً من غيره في هذه الثنائية لأنّه إنسان شديد الحساسية ومفرط في تواصله مع الحياة، لهذا أدعو إلى ضرورة أن يفرّغ المبدع طاقاته الكامنة بحرّية مفتوحة كي يرتاح من هذا الحمل الطويل الذي يحمله عبر محطات الحياة، ويشعر المبدع بنشوة عميقة عندما تولد نصوصه متجلّية في حالات وهّاجة ويشعر بمتعة عميقة لأنه يحقِّق توازناً نفسياً راقياً مع مكبوتاته الدفينة التي خرجت إلى النُّور بطريقة متوهّجة وكما يتمنّاها هو لا كما كانت مكبوتة في أعماقه اللاشعورية وعندما تظهر إلى النوّر ، يشعر وكأنَّ سموماً سميكة انجرفت وانقشعتْ من بين واحات الروح والقلب وتطهّرَ من تلكَ السموم من خلال ولادات النصوص، وعندما تظلّ تلكَ التراكمات المكبوتة طويلا فربما مع مرورِ الأيام تفجّر فيه حالات إنعزالية مريرة ومريضة وتقوده إلى حالات الجنون وربما تظل جاهزة لإندلاع حالة إبداعية في مرحلة من مراحل العمر، وهكذا نرى أنَّ الأمر يتوقّف على طبيعة الشخصية الإبداعية ومدى قدرة هذه الشخصية على تجاوز هذه الحالة أو تلك، وأحياناً ممكن أن يصاب المبدع في أية مرحلة من مراحل العمر ، بحالة مرضية في الدماغ مثله مثل أي كائن حي ويصاب بأمراض الإنفصام أو الأكتئاب أو أي مرض عقلي وربّما يكون ناجماً عن خللٍ ما في الطاقة الذهنية أو في الدماغ او لأسباب عديدة أخرى مثله مثل أي مريض ممكن أن يتعرّض لمثل هذه الأمراض، فنحن البشر بالنتيجة بشر نتعرّض للكثير مما لا نتوقعه، لكن يبقى السؤال مفتوحاً، كيف قدّم العبقري الفلاني كل هذه العبقريات ثم تعرّض للجنون، وكيف المنعزل الفلاني المنحرف قدّم كل هذه العبقرية وهو في حالة إنعزال وإنحراف؟!
هنا أودّ أن أسلّط الضَّوء على أنَّ الإنعزالي والمفرط حتّى في إنعزاله لا يعني انّه غير سوي، وغير طبيعي أو هو منحرف، فهو غير قادر على الكيّف مع المحيط الذي حوله لأنه يجد نفسه غريباً عن محيطه ولديه الكثير مما يريد أن يقوله فلا يجد أفضل من الإنعزال والتواصل مع أفكاره وتجلّياته ورؤاه وينسج أفكاره بعيداً عن ضجيج المحيط الذي يغلفه فارشاً آفاقه الرحبة فوق جدار الزمن، وعندما نقرأ ما أبدعه نندهش ونتساءل قائلين ما هذه العبقرية التي تفتّقت من كل تلكَ الشخصية الإنعزالية والمنحرفة؟ هنا لو نراجع أنفسنا نجد أنَّنا ما كنّا قادرين على تفهّم خصوصيّة هذه الشخصية وما كان يعتري في صدرها الفسيح، وإلا كيف تفتّقت عبقريته ما لم تكن في أعلى تجلياته وهو بعيد عن ضجيج هذا العالم!
ختاماً بقي أن أشير أن من أهم شروط الإبداع توفّر بيئة وهدوء وانعزال وتجلّي كي يتوحّدَ وينصهر المبدع مع عوالمه وكي يتمكن من ترجمة مشاعره في أية لحظة وإلا فإن البيئة الضجيجية ستكون عائقا في طريق المبدع والإبداع! علماً أنّه من الممكن أن تولد أفكار المبدع وهو يتمشّى في أزقّةِ الحيّ أو في محطة القطار أو في الطائرة أو في موقف من مواقف الحياة، لكن عندما يسترخي كي يدخل في تفاصيل بهجة الإبداع لا بدَّ له من جوّ منعزل بعيد عن ضجيج هذا العالم متوحّداً بهدوءٍ عميق مع عوالمه الشفيفة كي يحلّق عالياً ويهطل رذاذات إبداعه مثل المطر، متعانقاً بتجلياته مع نجيماتِ الصباح بعيداً عن منغصّات ورجرجات الحياة!



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 4 ـ
- ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 3 ـ
- ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 2 ـ
- حوار مع صبري يوسف، أجرته د. سعاد جبر
- تاهَ النَّسيمُ بعيداً عن حريقِ المدائن
- الكتابةُ شهقةُ عشقٍ مندلقة من خيوطِ الشَّمس
- صعودٌ مخيفٌ في رحابِ الانحطاط
- تهتُ عابراً أعماقَ البراري
- ضبابٌ كثيفُ الرُّعونة
- شهقةُ الوداعِ الأخيرة
- فجأةً يتوارى وهجُ الإخضرار
- فوقَ خمائلِ الحنان
- أينَ المفرّ من دهاليزِ الرَّحيلِ؟
- صديقةُ البحر
- طيشٌ على امتدادِ الصَّحارى
- عظامٌ مكسوَّة بأشواكٍ زرقاء
- عيونٌ تلهجُ خلفَ السَّراب
- ترشرشُ بركاتَها عبرَ زخَّاتِ المطر
- ندى الحياة
- رحيلٌ في عتمِ اللَّيل


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - صبري يوسف - ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 5 ـ