|
الجيش العراقي و ازمة الولاء
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 18:10
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ان كان الوطن قائما و له ركائزه الثابتة و المعترفة به من قبل الشعب اولا و قبل غيره من خلال تعاملهم معه، و مؤسساته قائمة على مصلحة الشعب بشكل عام . وقيادته مصانة معنويا و معترف بها داخليا و من قبل كل المكونات على حد سواء، و ان كان الشعب مطمئن على ما ليده من البقعة التي تحتويه و وطن يحميه و يضمن له حقوقه كما عليه من الواجيات، و ان كان الفرد مسالما و مؤمنا بمستقبل وطنه و ضامن لمستقبل اطفاله بنسبة مقنعة له، عندئذ يمكن ان نتاكد بان من واجب اي فرد و مهما كان انتمائه القومي و الديني و المذهبي ان لا يفرق بين منطقة و اخرى من حيث نوع و شكل و تركيبة الشعب من اجل ان يعبر عن حبه و الدفاع عنها بكل ما لديه . و الجيش المنبثقعلى اساس الولاء لمثل هكذا وطن لا يمكن ان نتصور ان ينحدر الى هذا المستوى من المعنويات كما حدث للجيش العراقي بالامس من الموصل و ما تليها من المناطق الاخرى التي كانت ممتلئة بالفرق و الالوية و الافواج و الاسلحة و العدة الكبيرة . اهم قوة لدى اي بلد هي التي تكون نابعة من الانتماء الصحيح اليه من قبل ابناءه، و اهم عامل لبقاء المعنويات عالية لدى الجيش في اية دولة كانت هو احقية القضية التي يدافع عنها و الاحساس بالانتماء الى التربة التي يدافع عنها بروحه و ماله و كيانه . فان كان العراق غارق في الانتماءات المختلفة و كل جزء يعتبر ما ينتمي اليه هو الحق و الصحيح، فكيف بابناءه ان يدافعوا عما لا يعتبرونه صحيحا . هنا لا اريد ان ادخل في حال الجيش العراقي السابق، فان ما سار عليه لم يكن اعتمادا على الانتماء الصحيح واحقية القضية و الانتماء الصحيح،و انما حتى الدفاع كان اجباريا جراء الخوف من فرق الاعدامات و العقوبات التي طالت حتى اهالي المقاتلين، و كم من جندي و ضابط هرب و اعدم في ساحات القتال، بعد ان عثر على ثغرة لفراره من جحيم المعركة . و كم منهم اعدموا من قبل فرق الاعداامات التي كانت وراءهم ،و كم منهم قتلوا و هم مجبرون و هم بين امرين و محصورين من العدو امامهم و فرق الاعدام وراءهم . الا اننا يجب ان لا ننكر ان بعض من الذين انتموا الى الدولة الصدامية بعقليتهم و افكارهم و عقائدهم و دينهم و مذهبهم و تفضيلهم على الاخرين من بعد اختيارهم من كونهم من الدرجة الاولى من حيث المواطنة فدافعوا عن النظام بكل ما لديهم و فدوا بانفسهم من اجله و هم الخاسرون اليوم من سقوط الدكتاتورية، و كان لهم الوية و افواج خاصة و بكل المسميات التي نعرفها . اليوم و بعد ان تحرر العراق من مكالب الدكتاتورية و الحرية النسبية و عودة الانتماءات الى حالتها المخفية جبرا و المغطاة خوفا، لا يمكن ان نعتقد بان الانتماء الى الوطن يكون في ليلة و ضحاها، و اي وطن، كما نراه من القيادة الفاشلة و المحاصصة و المحسبوية و المنسوبية و الفساد المستشري و عدم ايمان الشعب به من العمق . فهل لدينا مشكلة الاجهزة و الاسلحة و العتاد، لا اعتقد، لان الذي سيطر على الموصل و المدن الاخرى لم يكونوا باحسن حال و سيطروا خلال ساعات على ما ارادوا من المناطق . اهل من نقص القيادات الخبيرة، لا اعتقد، لان القيادات التي كانت على راس العمليات و الجيش في هذه المناطق لم يكونوا باقل خبرة من الداعش و منتميها . اذن، النقص الكبير و العامل الحاسم في بقاء قوة الجيش كان في عدم الاحساس بالانتماء الى الوطن و عدم الاهتمام بالقضية بشكل عام و البعد الشاسع بين الفرد و قادته و رؤساءه العسكريين و المدنيين ، و على راسهم قيادة البلد من المركز . انهم احسوا بان دفاعهم يذهب هباءا و دمهم يسيل هدرا و يفكرون في داخلهم ليل نهار في الحفاظ على انفسهم و انهم انتموا الى الجيش لتامين مصدر رزقهم ليس الا . و عليه يجب ان يفكر القيادة العراقية السياسية بان لو عادوا و حرروا الموصل و المدن الاخرى من هؤلاء الارهابيين و اللاانسانيين، و يحصل حتما في القريب العاجل، يجب ان يتوقعوا ان تعاد الكرة مرة اخرى و في اي لحظة و في اية منطقة ، لو لم يحلوا القضية و المسالة من جذورها. اي انبثاق و تاسيس جيش وطني منتمي وفق الايمان بالوطن و عدالة القيادة، و هذا كيف؟ اعتقد بان نتكلم بصراحة هنا و بوضوح، اننا لن نتمكن من بناء جيش من كافة المكونات و نريد منهم الدفاع عن العراق بكامله، لاسباب و اوله الانتماء الديني المذهبي و العرقي، فهل تتوقع ان يدافع السني عن المناطق الشيعية و الشيعي عن المناطق السنية و الكردي عن المناطق العربية بقدر دفاعهم عن مناطق التي ينتمون .لا، لم يصل الانتماء الى الوطن الواحد الموحد لهذا الحد و عليه لا يمكن ان نتوقع جيشا عراقيا موحدا و منتميا الى العراق و مدافعا عنه بشكل كامل طالما كنا على هذه الثقافة و الانتماء من الداخل لا المظهريات و اللسانيات التي لا تعبر الباب . و عليه القوة العسكرية كامنة في القوة السياسية الاجتماعية، فان العملية السياسية التي يجب ان تاخذ مجراها الصحيح المقنع و المعترف بها من جميع الفئات، يمكن ان تبني جيشا موحدا قويا و منتميا الى البلد، و ان سارت الفدرالية بمسارها الصحيح و كانت قريبة الى القناعة الذاتية للمكونات لمناطقهم يمكن ان يبنى جيش منتمي اليهم و كل في منطقته و يكون موحدا و مدافعا قويا عند اي خطر خارجي . الم يكن من الواجب الاعتبار من البيشمركة او الجيش الكوردستاني و قوته المستمدة من ايمان الشعب الكوردي و حتى من الاطفال و الجنود الذين لم يروا فترة الدكتااتورية، انتمائهم العفوي الى ترابهم و الدفاع عنها امام اعتى قوة، و كما حصل امام داعش في هذه الايام . و هذا دليل على الانتماء الى التراب و الوطن الحقيقي ان احس به المقاتل، و سيكون اقوى من اية قوة مضادة مهما كانت صاحبة العقائد . فلنعترف بعظمة لساننا ان ازمة الجيش العراقي هي ازمة الولاء الحقيقي للبلد من قبل المكونات و ليس ازمة الجيش و اسلحته و قيادته و عدته . و ان لم تفكر الساسة بهذا الاتجاه يجب ان ينتظروا المزيد من المفاجئات في اي وقت .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احداث الموصل و ما بعدها اسقطت الاقنعة كافة
-
المالكي يشكر الجميع الا اقليم كوردستان
-
تنظيم داعش و هذا التوقيت لمفاجئاته
-
هل يستفيد المالكي من تحركات الداعش
-
ماذا وراء تحركات داعش الاخيرة
-
الولايات المتحدة و خطوات اقليم كوردستان السياسية
-
لماذا اشتدت نار الحرب الداخلية اوارها الان
-
موقف روسيا على ما ينويه اقليم كوردستان
-
الدم اغلى من وحدة العراق
-
الاعلام العراقي و الخطوات الى الوراء
-
الاجيال و السمات المختلفة
-
التغيير في العقلية للتاثير على تفسير النظرية ام العكس ؟
-
من نلوم في الحوادث الاجتماعية الكارثية
-
نحتاج لمعارضة فعالة جديدة في اقليم كوردستان
-
ضرورة تنسيق القوى المتقاربة مع بعضها في كوردستان
-
لو كنت رئيسا لاقليم كوردستان ؟
-
مجرد عتاب لبعض الكتٌاب
-
اقليم كوردستان بحاجة الى اعادة التنظيم
-
العراق امام تحديات الحاضر و المستقبل
-
اين اليسار العراقي في هذه المرحلة بالذات
المزيد.....
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
-
ترامب -يعلن الحرب- على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|