أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فواد الكنجي - في الذكرى المئوية لحرب العالمية الاولى وعدم الاكتراث بمصير الوجود















المزيد.....

في الذكرى المئوية لحرب العالمية الاولى وعدم الاكتراث بمصير الوجود


فواد الكنجي

الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 07:15
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


قبل مائة عام قدح أول شرارة لحرب العالمية الأولى وذلك في 28 حزيران 1914م اثر اغتيال الأرشيدوق فرانسيس فرديناند ولي عهد النمسا - المجر في سراييفو وكان للقاتل جافريلو برنسيب ارتباط مع تنظيم إرهابي في الصرب فاعتقدت النمسا ـ المجر، أن حكومة الصرب وراء هذا الاغتيال وانتهزت الفرصة لتعلن الحرب على الصرب ، فإذ بآلاف جنود يتوجهون إلى ساحات القتال مرحبين باندلاع الحرب العالمية الأولى والتي استمرت لغاية 1918 حيث خرجت أوروبا مدمرة وكبدت بسقوط عشرة ملايين قتيل وعشرين مليون جريح في صفوف سبعين مليون جندي الذين تمت تعبئتهم، ومع ما تركته تلك الحرب المدمرة من المعانات النفسية والجسدية العميقة لعدد اكثر من عدد قتلى الحرب ذاتها بأضعاف المرات ، إلا أن المجتمعات نفسها لم تتعظ ولم تأخذ أي درس لتتجنب مخاطر الحروب التالية بل زادت توغلا في العنجهية والتطرف لتفتح من جديد اتون حرب لم تكن نتائجها الا اشد قسوة وبشاعة من الأولى.
فبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى التي بدأت في 1914، لم تتوقف أصداء طبول الحرب التي ظلت في حالة قرع متواصل ، سباق محموم للتسلح، انتهى بصناعة القنبلة النووية والتي تم استخدامها لتحصد مزيدا من الضحايا في أبشع جريمة في تاريخ البشرية على الإطلاق بعد ان فتح العالم حربه الثانية بعد عدة سنوات من الأولى ، اذ لم تمضي عن الحرب فترة كافية لردم الشروخ التي أصابت العلاقات الدولية في مقتل الملايين في الحرب العالمية الأولى، حتى وجد العالم نفسه بين قطبين متضادين، وأخذت الدول تصطف بين هذا وذاك و دون أي مجال للمواربة، فبالرغم من الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الأولى، إلا أن أقطاب الصراع التقليدي سرعان ما لقطوا الأنفاس، وتأهبوا لخوض حربٍا اكثر بشاعة من الأولى وذلك بغية في تغير خارطة النفوذ التقليدية، أي إن حرب الثانية كانت حرب إرادات و شكلت منعطفا خطيرا بضراوتها وقسوتها لا تزال آثارها شاهدة على تاريخ أسود مليء بالعبث والجنون .
فالعالم المقسم خاض حربه الضروس بدخول دول كبرى في صراع حاد جاعلين من بلدانهم، وبلدان غيرها، ساحة لتدمير شامل، حيث استخدمت فيها أسلحة غير تقليدية من السلاح الكيماوي والنووي لأول مرة، فقد ألقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتين ذريتين على اثنين من مدن اليابان هما هيروشيما وناجازاكي وقتلت 120,000 من المدنيين فيهما لتكون النتيجة أكبر خسارة في تاريخ البشرية في موقع معركة واحدة فحسب ، وتسببت الحرب العالمية الثانية في قتل حوالي 55 مليون شخصا حول العالم، و التي بدأت في 7 تموز 1937 في آسيا و 1 ايلول 1939 في أوروبا.
فالحرب التي استمرت مابين ستة وثمانية أعوام انتهت حينما كانت القوات السوفيتية تشق طريقها باتجاه مقر الرايخ، وحينما سمع هتلر بهذا الخبر انتحر في الثلاثين من نيسان عام 1945، وفي السابع من أيار 1945 أعلنت ألمانيا استسلامها غير المشروط إلى قوات الحلفاء في ريمز وفي التاسع من أيار أعلنت استسلامها إلى القوات السوفيتية في برلين، وفي آب انتهت الحرب في المحيط الهادي بعد أن ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على اثنين من مدن اليابان، واستسلمت اليابان رسميا في الثاني من أيلول.
ان الحرب الثانية سعرت بنيران ملتهبة وأسلحة فتاكة في كل جبهات القتال التي كانت تمتد من أقصى الأرض إلى أقصاها، حيث رائحة البارود والدماء و السنوات العجاف و إعلان النفير والتعبئة التي أعلنتها سلطات دول المتصارعة للزج بالملايين في الحرب، وتطول الحرب لتحصد مزيدا من الأبرياء ، ما جعل آثارها تظهر تدريجيا على كل مدن العالم، حيث التقشف بات الخطاب الثابت للحكومات أمام واقع النقص في الخبز والمواد الغذائية والتموينية ، وبسرعة هائلة أخذت معالم المدن في عموم العالم تتبدل بسبب الدمار الحاصل بالقصف الجوي الذي سجل اول استخدامه في هذه الحرب، وباستمرار يوميات الحرب خلق أنماط حياة مختلفة في كل مدن العالم، بئس وخوف وشقاء ومأساة وتتشرد وقتل بلا هوادة مما أدى الى تناقص نسبة الرجال في كل مدن العالم ، ليصبح السكان فيها من الكهول والنساء والأطفال فحسب، وهم بلا حول ولا قوة ، يعانون من غياب أولادهم او أزواجهم او إبائهم في الجبهات، الأب او الزوج او الابن الذي قد يعود - إن كان محظوظا - في إجازة قصيرة بعد شهور من غياب، أو أن تعود جثته إلى أهله - إن وجدت له جثة - (نصف مليون مفقود سجل الحلفاء بعد نهاية الحرب)، ليصبح اللون الأسود هو الزي الأكثر انتشارا في كل مدن العالم ، وقد ينجو الرجل الغائب بحياته بعد أن تسرق الحرب منه يده أو رجله، أو تتركه بوجه ونفسية محطمة ، فالرجال أصبحوا قاب قوسين.... ان ذهبوا الى الحرب تاه في اتونها..! ومن خالف اوامر العسكرية او رفض المشاركة في الحرب كان الإعدام الميداني في انتظارهم لتمردهم..! وأصبح الرجال مخيرين بين أن تَقتل .. أو أن تسجن ثم تعدم بتهمة الخيانة...!

لقد امتدت أرض المعركة إلى كل جزء من العالم وعلى كل الجبهات، ولا غير وقع أزيز الرصاص وأصوات المدافع و الصراخ ، تسمع من هنا ومن هناك ..!
لقد حاربت القوات العسكرية في أدغال الموحلة في جنوب شرق آسيا وفي صحارى شمال إفريقيا، وفي جزر المحيط الهادي، وأديرت معارك في مناطق متجمدة من الاتحاد السوفييتي، وعلى سطح الماء وتحته في المحيط الأطلسي و في شوارع كثيرة من المدن الأوروبية


فالجميع مشاركا، أو متورطا، او مفجوع في حرب طاحنة .. قتال .. وموت ... ولا غير جنود، جنود يتقاتلون هنا و هناك ، جرحى ..و قتلى لا يعد ولا يحصى، و جثث مكومة بلا وجوه ولا معالم، جنود جرحى، وجنود عائدون بذاكرة سوداء من المكان الذي يطحن فيه البشر كأنهم كائنات بلا قيمة...!
فهل تترك الحرب قيمة للإنسان .. ؟
فاي هدف للحرب ..؟
وهل لها معنى سوى معنى هذا الجنون الصارخ بالدماء، دون ان تكترث بالثمن الدماء التي زهقت دون جدوى ..؟ ...!
وهل للحرب معنى سوى كونها محشوة بالموت و المآسي....؟....!
فالقصف الجوي المكثف والعشوائي على أهداف مدنية وعسكرية على السواء و دون تميز، ترك كثيرا من المدن مدمرة تماما وبالأخص في ألمانيا واليابان، فقد دمرت القنابل المنازل والمصانع ومعدات النقل ووسائل المواصلات، ونشرت، المعارك البرية، الخراب فوق مناطق شاسعة، وبعد الحرب تشرد ملايين من الجياع والذين لا مأوى لهم في المناطق المخربة.
فالحرب الثانية التي حذفت دولا عن الخارطة، وأسست دولا جديدة، وأنهكت العالم بأسره، ورغم ما أصاب العالم من فواجع وألام ، الا ان ما يلاحظ اليوم بان شعوب العالم لم تتعظ ولم تأخذ من دروس الحرب والحروب السابقة ، بكل ما أفرزته من نتائج سلبية مدمرة على كل الأصعدة الحياة، ان لم تهدد وجودة بعد انتشار السلاح النووي وإمكانية استخدامه مجددا ... فالذي استخدمه مرة سيستخدمه ثانية و ثالثة ...! لقد أصبحت الحروب كابوسا مزعجا لكل شعوب العالم التي انزلق فيها ، ليس بسبب الفاتورة الباهظة والمكلفة على المستويات البشرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، بل بسبب أن الشعوب هي دوما الضحية في محصلته الأخيرة ...؟ ومن هنا تأتي أهمية مراجعة التاريخ مراجعة متمعنة لان كل المؤشرات المرحلة السابقة ومن خلال مائة عام الماضية من انتهاء ابشع حرب عرفتها البشرية ألا أننا نستشف من خلال مجريات الأمور بعدم وعض الدول المتعنجهة بما خلفته الصراعات من مأساة في التاريخ الماضي القريب، فالتوترات والتشنجات وسباق التسلح الدائرة اليوم على الساحة الدولية مؤشرات خطيرة بالتصعيد واللامبالاة .
فما نتمناه من البشرية جمعاء ان لا تتحول ذاكرته الى ذاكره انتقائية تختار من التاريخ ما يحلو لها و تتغافل ملايين من البشر ممن طحنتهم الحرب العالمية الأولى والثانية والحروب الدائرة في منطقتنا الشرقية الى مجرد رقما من الارقام الكتابة ليس له أي مدلول في حسابات القيم والأخلاق والمسؤولية التاريخية أمام الإنسان كانسان ، بينما يأخذه الطرف الأخر من المعادلة باعتباره رقما سجله انتصاره ينتشي بذكره هنا وهناك ويكون الرقم ذاته للأخر المهزوم اهانة لا بد من رد الاعتبار حتى وان كان على حساب وأنقاض الأبرياء ..!
فهل أصبح الإنسان لعبة لحصد الأرقام ليس الا ...؟....! كل من يحصد رقما اكبر لصالحه ....!
وحينما تجري الأمور بهذا القياس فأننا حتما سنقود (الوجود) الى الكوارث المدمرة والى الفناء طالما قد امتلكنا سلاح قادر على فناء الوجود..... وقد يحدث ذلك في اية لحظة ونتوقعها، اذ ما أخطئنا في حساباتنا وما أكثر ما نخطأ الحساب..! لندفع لاحقا ثمنا أخطائنا باهظا ....! فلولا خطأ في الحساب وتقدير المواقف بعد الحرب العالمية الاولى لما شاهدنا مأساة الحرب الثانية ..! ان ما أفرزته الحروب في العالم وما أحدثته في تغير خارطة كثير من الدول العالم ، وكان ملايين ممن قتلوا في الحرب الأولى و الثانية لم تشفي خليل المنتقم ولم يتعظ بقدر ما جنح الى الغريزة العمياء والى روح الانتقام ، لان شهوة لرؤية الدم، لمن قادوها، لم تكن كافية تكفيهم من الحرب الأولى، فاتوا بالحرب الثانية ، واليوم ما نشهده في الساحة الدولي من توتر في العلاقات ومن تصاعد حدة التشنجات بين الدول العالم وسباق التسلح مؤشرات خطيرة باتجاه حرب شاملة اخرى،ولكن في هذه المرة اذ ما فتحت شرارتها ستحصد القتلى بمئات الملايين ان لم تهدد الوجود من على الأرض وتفنيه ...!
اذا علينا اليوم مهمة في مراجعة الذات مراجعة متمعنة وصادقة وان نستخلص دروس وعبر مما خلفناه خلال مائة عام الماضية من خسائر وتدمير هائل بحروب الطاحنة مجنونة .... و لنتأمل بعين فاحصة وبعقل مدرك ما أفرزته غطرسة الدول وتهورها لتنزلق لحصد فواجع مريرة وقاسية ليس في تاريخها فحسب بل في تاريخ البشرية.



#فواد_الكنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاملات في مائة عام من العزلة
- فواد الكنجي ، دراسات ومختارات شعرية
- الجحيم هو الاخرون.. سارتر و الفلسفة الوجودي
- اللامنتمي وقيمة الوجود الانساني عند كولن ولسن
- الوجود العبثي والتمرد عند البير كامو
- بواكير الفلسفة الوجودية
- الهروب ... تكتيك ام فشل ....؟
- فلسفة الفن .. بين الجمال والابداع الفني
- المواطنة و الوحدة الوطنية
- الانتخابات فرصة العراقي لتغير
- الهرولة نحو البرلمان
- اليساريون و الديمقراطية الاشتراكية
- الاخلاق و ثقافة العنف في العراق
- ديوان الشعر الحر دراسة جماليات في الشعر الحديث
- الفن التشكيلي في العراق وتحديات العصر
- واقع العمل الصحفي في العراق ما بعد 2003 بين حرية الصحافة وال ...
- المرأة بين النص الديني والقانون المدني
- قضية المرأة ، حريتها
- الصحافة العراقية في المواجهة


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فواد الكنجي - في الذكرى المئوية لحرب العالمية الاولى وعدم الاكتراث بمصير الوجود