أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - يسوع والمرأة السورية – 4















المزيد.....

يسوع والمرأة السورية – 4


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4478 - 2014 / 6 / 10 - 20:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تطرقت في المقالة السابقة (يسوع والمرأة السورية – 3) [الهامش رقم 1] إلى التساؤل المتعلق بعلاقة يسوع بالمرأة بصفة عامة. وقد بينت هناك، بالدليل النصي من إنجيل لوقا، أن جماعة يسوع، على عكس الصورة النمطية التي ترى في كرازة يسوع أنها رجالية بحتة، كانت (جماعة يهودية مختلطة، نساء ورجال، يرحلون معاً، ويحلّون معاً)، إلا أنه بسبب (التغييب المتعمد) لهذه الحقيقة من الفضاء العقائدي المسيحي، ومن الأناجيل الثلاثة الباقية (مرقس، متّى، يوحنا)، فإننا لا نعرف عن آليات وتفاعلات هذه الجماعة المختلطة أي شيء سوى ما قاله كاتب إنجيل لوقا مِنْ أن (النساء اليهوديات كنّ يتولين الصرف المالي) على هذه الجماعة من الرجال الثلاثة عشر [يسوع وتلاميذه]، أو بعبارة كاتب إنجيل لوقا (كن يخدمنه من أموالهن) [لوقا 8: 3]. فأسفار يسوع في المدن اليهودية كان يصحبه فيها نساء يهوديات، بعضهن متزوجات ولكن من دون أزواجهن، نعرف مِن أسمائهن: مريم المجدلية، يونا زوجة خوزي، سوسنة، هذا بالإضافة إلى ما كتبه كاتب إنجيل لوقا: (وأخر كثيرات) [لوقا 8: 3]. ولهذا (السبب بالذات) ارتبطت (مصلحة يسوع المالية) بهن، بالنساء اليهوديات بالتحديد، وليس بنساء الأمم غير اليهوديات. ولهذا السبب أيضاً (اضطر يسوع إلى أن يَغُضّ النظر تماماً عن المصدر الأول لتلك الأموال التي كانت بيد بعض أتباعه من النساء مثل مريم المجدلية)، المرأة التي (في المدينة كانت خاطئة) [لوقا 7: 37]. ولهذا (السبب أيضاً) يبدو يسوع (متناقضٌ جداً) عند مقارنة قصصه مع النساء اليهوديات بالنسبة إلى غير اليهوديات. إلا أن أغلب التساؤلات التي وردت بخصوص المقالتين المعنونتين (يسوع والمرأة السورية 1 و 2) [لنظر الهامش 2 و 3] تركزت على مريم المجدلية بالتحديد وعن علاقتها بيسوع وعملها قبل أن تلقاه. وعلى غرار المقالة السابقة، فإن هذه المقالة هي (أجوبة محددة) على هذه التساؤلات حتى تكون مرجعاً لِمن يملك تساؤلات مشابهة عن هذا الموضوع. ولكنني يجب أن أنبه القراء الأعزاء بأن هذه المقالة، كالتي سبقتها، ليست إطلاقاً بحثاً شاملاً عن الموضوع، ولا أنوي أن تكون كذلك، ولكن هذه المقالة هي جواباً (محدداً) لتسؤلات فيما يخص مقالتي (يسوع والمرأة السورية 1 و 2) بالتحديد وفقط.


التساؤل الثاني: مريم المجدلية ويسوع.

تركزت التساؤلات حول موضوعين بالتحديد: (الموضوع الأول): السبب الذي دفعني أن لا أتبنى مرادفة مريم المجدلية مع المرأة الزانية التي ورد ذكر قصتها مع يسوع في إنجيل يوحنا [يوحنا 8: 3-11]، و (الموضوع الثاني): حقيقة هوية ومكانة مريم المجدلية ضمن جماعة يسوع، أو بعبارة أخرى: مَنْ هي مريم المجدلية؟ وسوف أتولى الإجابة عن هذين الموضوعين بالترتيب.


(الموضوع الأول): لماذا لم أتبنى مرادفة مريم المجدلية مع المرأة الزانية التي ورد ذكر قصتها مع يسوع في إنجيل يوحنا [يوحنا 8: 3-11]؟


تُعتبر قصة المرأة الزانية في إنجيل يوحنا، مع يسوع، في التراث الديني والأدبي المسيحي من القصص ذائعة الصيت وذات الأهمية. إذ قلما تجد مَنْ لا يعرفها حتى مِن بين غير المسيحيين، على الرغم من حقيقة أن إنجيل يوحنا هو (الوحيد مِن بين الأناجيل الأربعة المتعرف بها) الذي يذكر القصة. فلا إنجيل مرقس ولا متّى ولا لوقا قد ذكروا القصة ولا يبدو أنهم قد عرفوها. بل الحقيقة هي (أنه حتى بين الأناجيل غير المعترف بها، والتي كُتبت في القرون الثلاثة الأولى، لا نجد أثراً لهذه القصة إطلاقاً). وقد وردت تلك القصة في إنجيل يوحنا هكذا:

(ثم حضر أيضاً [أي يسوع] إلى الهيكل في الصبح، وجاء إليه جميع الشعب [أي اليهود] فجلس يعلمهم، وقدّم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنا. ولما أقاموها في الوسط قالوا له: يا معلم، هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم، فماذا تقول أنت؟ قالوا هذا ليجربوه، لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه. وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض، ولما استمروا يسألونه، انتصب وقال لهم : من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر. ثم انحنى أيضاً إلى أسفل وكان يكتب على الأرض. وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم، خرجوا واحداً فواحداً، مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين. وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحداً سوى المرأة، قال لها: يا امرأة، أين هم أولئك المشتكون عليك؟ أما دانك أحد؟ فقالت: لا أحد، يا سيد. فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك، اذهبي ولا تخطئي أيضاً) [يوحنا 8: 2-11]

بالطبع، عندما يقرأ (يهودي) هذه القصة، حتى اليوم، سوف يعلم مباشرة أن (السيناريو والحوار مزوران) من دون أدنى شك، ولا علاقة لهذه القصة بالتاريخ أو الحقيقة، ولأسباب متعددة ضمن العقيدة والفقه اليهوديان. ولكن رفضي مرادفة مريم المجدلية مع تلك المرأة الزانية هو لأسباب أخرى ليس بينها ذلك السبب بالذات. أهم هذه الأسباب هي أن قصة المرأة الزانية في إنجيل يوحنا (هي كلها تزوير محض، ولم توجد في أي مخطوطة للعهد الجديد أو لإنجيل يوحنا قبل القرن العاشر الميلادي)، هذا مما لا شك فيه الآن. (وإذا اعترض أي معترض بهذا الخصوص فليضع الدليل، وليبرز لنا مخطوطة قبل القرن العاشر الميلادي بها هذه القصة)، وأنا أؤكد للقارئ الكريم من الآن بأنه سيفشل في ذلك فشلاً ذريعاً. بل إن الأب اليوناني إيثيمياس (Euthymius Zigabenus)، في القرن الثاني عشر الميلادي، يعلن صراحة بأنه لم يجد هذه القصة في كل المخطوطات التي اطلع عليها آنذاك، ولا يعرف من أين أتت القصة. وكل مَن يعترض على هذا فإنه، وبتعسف واضح، يعتمد على أدلة ظرفية وتفسير على تفاسير، ولكنه (يقر ويعترف ابتداءً) بأنه لا يوجد مخطوط واحد قبل القرن العاشر، (أي بعد ألف سنة من صلب يسوع وموته) يؤيد رأيه هذا. بل إن (Codex Vaticanus)، مخطوط القرن الرابع في الفاتيكان، و (Codex Sinaiticus) مخطوط (دير القدّيسة كاترينا) من القرن الرابع، وهما على أهميتهما القصوى في النص المسيحي المقدس، لا يحتويان هذه القصة إطلاقاً. فتزوير القصة (ثابت أكاديمياً) بما لا يدع مجال للشك، والقصة نتاج لمرحلة ما بعد القرن العاشر الميلادي بكل تأكيد، وبالتالي تلك المرأة في إنجيل يوحنا ليست هي المجدلية.

أما إذا كان المقصود من التساؤل هو أن التراث المسيحي مع الكثير من التفاسير ومعهما الفنون والرسوم المسيحية كلها قد تعاملت مع المجدلية على أنها (المرأة الزانية)، فهذا جوابه في نقطتين:

أولاً:

هناك بعض الكتابات المسيحية القليلة، حسب علمي المتواضع، التي تعاملت مع المجدلية على أنها هي المقصودة بالمرأة الزانية في [يوحنا 8: 3-11]، إلا أن موقف تلك الكتابات لم يُدلل عليه بصورة مقنعة. ولذلك، وأيضاً حسب علمي، ليست هناك أية كتابات مسيحية رصينة ترادف بين المجدلية وتلك القصة في إنجيل يوحنا.

ثانياً:

نعم، التراث المسيحي في أغلبيته يتعامل مع مريم المجدلية على أنها كانت (امرأة زانية)، ولكن ليس بسبب القصة التي وردت في إنجيل يوحنا [يوحنا 8: 2-11]، ولكن بسبب عبارة (امرأة في المدينة كانت خاطئة) الواردة في إنجيل لوقا [لوقا 7: 37]، وجملة (فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك، تكلم في نفسه قائلاً: لو كان هذا نبياً [يقصد يسوع]، لعلم من هذه الامرأة التي تلمسه وما هي إنها خاطئة) [لوقا 7: 39] (انظر الهامش رقم 4). إذ عبارة (الخاطئة) ضمن هذا السياق تدل على الزنى، على حسب المفهوم المسيحي والكنيسة المسيحية منذ حوالي القرن الثالث، ولا زالت كذلك في العاميات الشرق أوسطية. وأغلب التراث المسيحي، وكل الكاثوليكي، يتعامل مع المجدلية على أنها امرأة زانية لهذا السبب الوارد في إنجيل لوقا. بل إن البابوية المسيحية تعاملت مع هذا المفهوم كحقيقة منذ عهد مبكر مما انعكس بدوره على التفاسير والآداب والفنون والرسومات المسيحية. بل يكفيك الآن أن تذهب إلى موقع (يو تيوب) وابحث عن الأفلام التي تعرض حياة يسوع، وسترى أن أغلبها إن لم يكن كلها يعرض المجدلية هكذا.

أما موقفي أنا، ففي الحقيقة لا يهمني من قريب أو من بعيد ماذا كانت تعمل، أو إذا كانت كذلك أو لا، ولكن ما يهمني فقط هو أنها (كانت خاطئة)، بغض النظر تماماً عن خطيئتها، ونقود تلك (الخطيئة) كانت تذهب ليصرف منها يسوع (إله المسيحية) على نفسه على حسب عبارة إنجيل لوقا (مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين. ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس، وسوسنة، وأخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن). [لوقا 8: 1-3]. وهذا يكفي لإثبات النقطة التي كنت أريدها من مقالة (يسوع والمرأة السورية – 2).


...يتبع (الإجابة على الموضوع الثاني: من هي المجدلية؟)


هـــــــــــــــــــــــوامـــــــــــش:


1- يسوع والمرأة السورية – 3

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=418532


2- يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=417730

3- يسوع والمرأة السورية – 2

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=418168


4- البابا غريغوري (Pope Gregory) في حوالي سنة 600 مـ في عهده تبنت الكنيسة رسمياً مرادفة المرأة الخاطئة مع المجدلية، انظر: Doyle, Ken. "Apostle to the apostles: The story of Mary Magdalene". Catholic times, 11 September 2011.



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسوع والمرأة السورية – 3
- يسوع والمرأة السورية – 2
- يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي
- السلفية المسيحية
- مقدمة في مفهوم السلفية
- لم يكن سعيداً، ولكنني فخور به - تعقيب على الدكتور القمني
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 9
- في جريمة اختطاف الفتيات النيجيريات
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 8
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 7
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 6
- لماذا سلسلة مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 5
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 4
- ماذا يستطيع التطرف المسيحي أن يفعل
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 3
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 2
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي
- كتابي في نقد النص المسيحي المقدس
- تزوير مسيحية يسوع – 28


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - يسوع والمرأة السورية – 4