سعد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 4478 - 2014 / 6 / 10 - 20:09
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تناقلت وكالات الانباء خبر قرار المحكمة العسكرية النايجيرية بالحكم بالسجن على مجموعة من 15 من كبار ضباط الجيش النايجيري بعدما ثبت عليهم تهمة التعاون مع تنظيم بوكو حرام الارهابي وتزويده بالسلاح والمعلومات. وقد تبين لاحقآ الى ان ثمة جنودآ ومراتب عسكرية اخرى تقاتل الى جنب الارهابيين... لتعود بعدها الى ثكناتها العسكرية ! .. حتى ان الرئيس النايجيري الذي كان يشك بولاء افرادآ من جيشه ووزراء من حكومته , قد اقصى في كانون ثاني / يناير الماضي كامل قيادته العسكرية والحقها فيما بعد بوزير دفاعه.
في العراق تتكرر بشكل مستمر الخروقات الامنية الكبيرة التي تقوم بها المنظمات الارهابية والتي تثير استياء وامتعاض شديد لدى الرأي العام. ويتساءل الكثيرون بحق عن اسباب الفشل المتكرر لجيشآ مخضرمآ كالجيش العراقي في القضاء على هذه الظاهرة. فقد لوحظ تكرار الفشل العسكري في عدة حالات جرت خلال السنة الاخيرة لهجمات من تنظيمات إرهابية كداعش والقاعدة شنتها على مدن ومنشآت مدنية حيث ترك الارهابيون يقومون بافعالهم الدنيئة لساعات طوال دون اي تدخل من الجيش او مكافحة الارهاب.
ففي الهجوم الذي جرى على سجن ابو غريب في الصيف الماضي (1) (والآخر الذي جرى على مبنى شرطة مدينة عانة بعده ببضعة شهور(2)) , وطوال ساعات احتدام المعركة بين المجاميع الإرهابية وقوات الشرطة المتواجدة في السجن , لوحظ غياب تام لقوات الجيش التي كانت متواجدة - ويا للدهشة - في معسكراتها على مسافات قريبة من ساحة المعركة ! ولم تباشر هذه القوات لمد يد النجدة لوحدات الشرطة الواقعة تحت الهجوم الارهابي بتاتآ ! بل بقيت مرابطة في ثكناتها لسبب لم نفهمه.
وقد توهمنا في مقالة لنا سابقة حول موضوع سجن ابو غريب الى ان الارهابيين كانوا قد هيأوا الكمائن على الطريق الآتي من العاصمة من الجهة الاخرى للسجن(1). إلا ان تكرار التصرفات المريبة المشابهة خلال خروقات امنية اخرى لاحقة كما ادناه , جعلنا نعيد النظر بما كتبناه ووضع علامات استفهام كبيرة على الجيش والقوات الامنية.
كذلك لوحظ إنقطاع وسائل الاتصال المدنية والعسكرية سواء اكان لاسلكيآ في ابو غريب (جرى التشويش عليه حسب شهادة احد الناجين(3)) , او قطع خدمة الهاتف النقال في حالة عانة(2) ! وهو امر يثير الدهشة والارتياب. ولم نر او نسمع للآن عن فتح اي تحقيق قضائي مع الجيش او قوى الامن او شركات الهاتف المحمول سواء من جهاز الادعاء العام او الوزارات المعنية مثل الدفاع والاتصالات.
وقد تكرر نفس الخرق الامني في بهرز مؤخرآ في آذار الماضي. فقد حصل هجوم إرهابي على المدينة... لازمه فشل عسكري ذريع في القضاء عليه ! وإذ نرى احد الشهود (افلام اللجنة التحقيقية برئاسة المطلك) وهو يلوح بهاتفه المحمول باتجاه القادة العسكريين الجالسين خلفه قائلآ بغضب بانه لم يتمكن من الاتصال بقادة الجيش من خلال محموله هذا ليأتوا لانقاذ المدينة. وهو قد اتهم هؤلاء بكونهم فد اغلقوا هواتفهم(4) !.
يقول شاهد آخر في فلم آخر حول خرق بهرز بان قوات السوات اشتبكت مع الارهابيين لفترة من الزمن في السوق وسط المدينة. إلا انهم - اي السكان - لم يروا جثث القتلى من الجانبين بعدما توقف اطلاق النار(5). قد يكون الامر ان السوات ارادت دفع داعش للانسحاب خارج المدينة. والسؤال هنا مرة اخرى (إن كان هذا هو فعلآ ما جرى) لماذا لم يصر الى ضربهم بالطائرات عندما اصبحوا في العراء خارج المدينة ؟
هذا الخرق الامني والفشل في القضاء عليه زائدآ انقطاع الاتصالات دفع اهالي بهرز الى وضع الجيش موضع الشكوك وربطه بالتنظيمات الارهابية. ولم نعد ندري إن كان الجيش والسوات هما فعلآ من يدير العمليات الارهابية بمعية الارهابيين !
هذه الحالة - اي تجنب او التقاعس عن استخدام الطائرات في ضرب الارهابيين لدى انسحابهم - هي مما لاحظنا تكرارها من سابقاتها في ابو غريب وعانة. ففي ابو غريب وحسب شهادة احد الجرحى الناجين(3) يقول انه كان يسمع صوت الطائرات في عتمة الليل خلال المعركة وهي تحلق فوق السجن ولم يذكر إن كانت تقصف.
فهل ارسلت الطائرات العسكرية للتفرج على المعركة الدائرة يا ترى دون القيام بواجبها خلالها ؟ هل جرى ترك الارهابيين يستمرون بعملهم وبعدها سمح لهم بالانسحاب من المنطقة دون ان يجري اعتراضهم (دارت المعركة حتى صباح اليوم التالي مما لا يدل على استخدام الطائرات) ؟ ما سبب هذا الاحجام عن مهاجمتهم يا ترى ؟ إنها حالة تبعث على الاستغراب والريبة.
في الفلوجة لاحظنا حالة اخرى من التصرف العسكري المريب والذي لا يمكن ان نتصور حدوثه من لدن جيش ذو خبرة كبيرة كجيشنا. هذا التصرف كان الانسحاب من مدن الفلوجة والرمادي عندما كانتا تحت سيطرته ليتركهما تسقطان كلتيهما وبسهولة بيد تنظيم داعش والعشائر الداعمة له. جرى هذا في كانون اول / ديسمبر الماضي بعدما جرى فض ساحات الاعتصام. وقد جرى استعادة جزء من مدينة الرمادي في كانون ثاني الماضي بواسطة عشائر احمد ابو ريشة , وبقيت الفلوجة بقبضة داعش والتي يحاول الجيش استعادتها كليآ مع باقي الرمادي. ولا ندري للآن بعد سبعة شهور من عمليات الكر والفر إن كان الجيش جادآ في مسعاه. إذ تبتدع في كل مرة حججآ لتبرير تأخير الهجوم (بحيث ادى هذا الى استيلاء داعش على سدود قريبة وفتح بواباتها وإغراق المنطقة) ! فلماذا انسحب الجيش من المدينتين حيث لا يمكن تصور جهله بتواجد داعش في الانبار وقريبآ من هذه المدن خصوصآ ؟ فهل ان كلا القيادة العسكرية والجيش مخترقان ؟
نرى في كل هذه الحالات المذكورة تكرار مثل هذه التصرفات المريبة من لدن الجيش نضعها بايجاز...
1- بقاء الجيش دائمآ على مبعدة لدى حصول اي خرق امني او هجوم إرهابي في منطقة قريبة ضمن حدوده تاركآ الشرطة واهل المنطقة لوحدهما لمواجهة عصابات الارهاب. حصل هذا في عنة وابو غريب وبهرز.
2- إحجام الطيران العسكري عن التدخل لضرب العصابات الارهابية لدى انسحابها من ساحات القتال. حصل هذا في ابو غريب وبهرز (علمآ انه في بهرز دارت معركة في البداية استخدم فيها الطيران مع الارهابيين).
3- انقطاع وسائل الاتصال المدنية بقدرة قادر او حصول تشويش عليها (الاتصالات العسكرية) بما لا يترك مجالآ للشك بان الامر كان قد اعد له مقدمآ. حصل هذا في عنة وابو غريب وبهرز !!
اين هي التحقيقات الحكومية والبرلمانية مع الوزارات الامنية ؟ يلاحظ في هذا المجال الخمول الاستثنائي الصارخ للجنة الامن والدفاع النيابية التي لم تبادر يومآ لاستضافة ايآ من القادة العسكريين في معالجة تكرار الخروقات الخطيرة مع ما تسببه من خسائر بالارواح والممتلكات واسباب الفشل المستمر في القضاء على التنظيمات الارهابية.
يلاحظ ايضآ غياب كل تحقيق مع شركات الهاتف النقال الموكول اليها تأمين خدمات الاتصالات المدنية في عموم العراق. وهي ثلاث شركات فقط تحتكر كامل خدمة الاتصالات المدنية في البلد. ومع العلم بان شركات الاتصالات الاهلية هذه هي شركات تجارية يفترض بها النأي بنفسها عن الارهاب وان اي انحراف يعرضها للمساءلة القانونية , لم نر في اي مكان تفسيرهم "للصدفة" الغريبة المتمثلة في تكرار انقطاع الاتصال في الاماكن التي تتعرض الى هجوم إرهابي. فهل ان هذه الشركات مخترقة ايضآ وهل تعمل لصالح جهات معادية للشعب العراقي ؟
ولا ندري كذلك إن كانت ثمة صدفة في إحجام الدولة وادعاؤها العام عن البدء بالتحقيق مع هذه الشركات في قضية خطيرة مثل هذه. ام انهما يفضلان النوم والتكاسل على البحث في اسباب هذه الخروقات ؟
هل ان دولة نايجيريا الافريقية التي تتقاذفها الحروب الاهلية والفساد ويتناهبها الجهل والامراض التي اتينا بخبرها في بداية المقالة , تتمتع بنظام قضائي ارفع (او اقل فسادآ) مما لدينا , او قوات مسلحة مخترقة اقل من جيشنا... لتتمكن من إقامة محكمة عسكرية لعدد من كبار ضباطها بتهمة التخابر مع منظمات إرهابية (ولم ينته الامر بعد) ولتحكم عليهم بسنوات غير قليلة في الحبس ؟
*****************
ملاحظة :
وصلتنا للتو اخبار سقوط مدينة الموصل بيد الارهابيين في اللحظة التي كنا على وشك إرسال المقالة للنشر. وهي تؤكد ما ذهبنا اليه فيها. إذ نرى في هذه الاحداث تكرارآ حرفيآ لما جرى في ابو غريب وبهرز من فشل عسكري في رصد تحركات الارهابيين قبل هجومهم مع الفارق هو انه حسب الاخبار فقد قامت جميع القيادات العسكرية التي اوكل اليها الدفاع عن المدينة... بترك مواقعها وايلاء الادبار بعد فشلها الفاضح في عملها.
(لا تغطي غرف العمليات المدن الرئيسية فقط بل وايضآ المناطق المحيطة بها. انظر الرابط (6) ادناه خارطة توضح توزيع القوات العسكرية والاهم مواقع غرف العمليات المختلفة وحدود صلاحياتها).
متى سنرى إحالة المتسببين بهذا الخروق الامنية الى المحاكم وحل غرف العمليات التي اثبتت فشلها المتكرر , اسوة... بنايجيريا ؟
الروابط
1- حول عملية اقتحام سجن ابو غريب بضعة اسئلة محيرة
http://al-nnas.com/ARTICLE/is/2t0.htm
2- مدينة عنه تشتبك مع القاعدة لمدة ساعتين ونصف
http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/25p5.htm
آخر ما ورد من أخبار الهجوم على عنه
http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/27p5.htm
3- القصة الكاملة لهروب السجناء من سجن ابو غريب
http://www.algardenia.com/alachbar/qosqsah/5587-2013-07-26-22-36-06.html
4- استاذ عامر يتحدث بحرقة عن مجزرة بهرز وضحاياها
http://www.youtube.com/watch?v=ler1Wn7YlVQ
5- يعني هسه منو قتل اولادنا
http://www.youtube.com/watch?v=dppIN48u-lY
خارطة توزيع القوات ومواقعها في العراق -6
http://home.comcast.net/~djyae/site/?/page/Iraq_Order_of_Battle/
#سعد_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟