أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عبدالحليم حفينة - الدين والتعليم والفن.. ثالوث التحرش الجنسي














المزيد.....

الدين والتعليم والفن.. ثالوث التحرش الجنسي


عبدالحليم حفينة

الحوار المتمدن-العدد: 4478 - 2014 / 6 / 10 - 02:57
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


الدين والتعليم والفن.. ثالوث التحرش الجنسي


الأغرب من حادثة التحرش الأخيرة، كم الإستغراب والإندهاش الذي حلّ على غالبية المصريين، وكأن حوادث التحرش ببشاعتها حالة مستحدثة علينا! وكأننا أيضًا فوجئنا بغياب القيم والأخلاق!! فبعد كل حادثة كتلك تعودنا أن نُخرج المشاعر السلبية تجاهها في شكل شجب وإدانة، وهذه عادة عربية أصيلة متعارف عليها في علاج جُلّ مشاكلنا، أو بالأحرى تسكينها. وأمام ظاهرة التحرش نحتاج إلى فهم أعمق لأصل المشكلة وأسباب تفشيها بهذا الشكل المريع، ومنذ فترة وأنا أريد أفتح نقاش جديد حول تلك القضية، ونفكر فيها بصوتٍ عالٍ بواقعية؛ علًنا نصيب من حلها شيئًا.

أعتقد أن ظاهرة التحرش ترجع إلى خلل في روافد تكوين الشخصية المصرية بالأساس، بمعنى أن المكونات الأساسية للإنسان المصري حدث بها تشوه أخرجت لنا هذه السلوكيات المشينة، وعبر التاريخ الإنساني كانت أهم تلك المكونات الدين والتعليم والفن؛ فالدين الذي يتعلم من خلاله الإنسان القيم والسلوكيات التي من خلالها تضبط إيقاع حياته، والمكون الثاني التعليم الذي يعتبر مقدار ما يتلقاه الإنسان من معارف وعلوم تزيد من تقويمه وإتساع أفقه، أما الفن؛ فهو كل عمل يسمو بالروح ويهذب النفس، وتلك المكونات التي إن صلحت؛ أخرجت لنا إنسان متحضر، وإن فسدت؛ أنتجت لنا مجتمع كالمجتمع المصري.

وأزعم أن في العقود الثلاثة الأخيرة حدث تدمير هائل في المكونات الثلاثة، خاصة أن ثمة إرتباط بينهم، فقد شهدت مصر بداية من نهاية السبعينات موجة مد سلفي غمرت المجتمع المصري بالتزامن مع تراجع دور الأزهر الشريف؛ حيث وصل نفوذ المد السلفي إلى عمق المجتمع، وبدأ يختزل قضايا المرأة في قضايا: الحجاب الشرعي، الإختلاط، سن الزواج وغيرها من القضايا التي صدرت للمجتمع المرأة كإنسان خلق لغاية ممارسة الجنس فقط، وهكذا تراجع دور الدين الوسطي الذي يعترف بالمرأة كإنسان له كل حقوق، لحساب تأويلات متشددة شوهت صورة المرأة في عقول الناس.

ويأتي التعليم بأهميته وثقله كأهم روافد تكوين الإنسان، ولنا أن نرى شعوب وأمم خرجت من غياهب الجهل والفقر والمرض إلى أفاق الحضارة والعلم والتقدم، ولنا في الملايو (العرق الأساسي المكون للشعب الماليزي 60% ويتبقى 40% ما بين هنود وصينيين) المثل الأهم، فقد تحولوا في ثلاثة عقود تقريبا من مجرد مزارعين فقراء إلى متعلمين يحققون لبلادهم معدلات عالية من التنمية والتقدم. ولست بحاجة للتحدث عن معالم إنهيار نظام التعليم المصري، ولكن يعنيني أن أستعرض أهم نتائج هذا التدمير، ألا وهو تدمير قيمة العلم والمعرفة وتحويل العملية التعليمية برمتها إلى مشروع إستثماري يهدف في النهاية للربح فقط!! وإذا غابت الرغبة في تحصيل العلم والمعارف عن أي مجتمع تفشت كل الأمراض التي تفتك به.

وعلى إعتبار أن الفن يسمو بالروح ويهذب النفس، فما بالك إن فسد الفن؟! فقد تحول الفن إلى مشروع إستثماري آخر كبير يبيع الجنس في معظم الأعمال الفنية تقريبا، ونرى تراجع كبير لدور المسرح لحساب سينما الجنس والمخدرات، تراجعت أيضًا الأغنية المصرية التي تعبر عن هويتنا وتراثنا، وظهرت أغاني مشوههة مغلفة بالإيحائات الجنسية الفجة.

فالمجتمع الآن أصبح نتاج الدين بتفسيراته المتشددة والتعليم بفساد نظامه والفن بتشوهه وإنهيار ذوقه، وهذه هي الروافد التي تبني الإنسان في مصر، فماذا تعتقد أن تنتج بتشددها وفسادها وإنهيارها؟! ماذا تتوقع أن تنتج غير مشهد إغتصاب شنيع في قلب ميدان التحرير؟! ولا أرى أبدًا أن القضاء على تلك المشاهد من حياتنا يكون عن طريق حملات شعبية ضد التحرش، الحل الواقعي في رأيي يكمن في بناء منظومة تعليم حديثة، ومراجعة وتصويب الخطاب الديني، ثم تقويم الفن بالفن الهادف الراقي، وحماية كل تلك الإجراءات وتدعيمها بحزمة تشريعات جديدة، هذا إن أردنا أن نقضي على التحرش لا أن نخفف آلامه.



#عبدالحليم_حفينة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن وهم شعبية السيسي الجارفة!
- وفاء بالعهد - قصة قصيرة -
- حرية العقيدة والدستور
- بين الأفكار المعلبة والبحث عن الذات
- الزواج على الطريقة المصرية


المزيد.....




- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عبدالحليم حفينة - الدين والتعليم والفن.. ثالوث التحرش الجنسي