|
غياب المعارضة بالمشهد الفلسطيني الداخلي
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4477 - 2014 / 6 / 9 - 13:12
المحور:
القضية الفلسطينية
لقد تم تشكيل حكومة التوافق الوطني كخطوة هامة على طريق تحقيق المصالحة وانهاء حالة الانقسام ، وهي بحاجة إلى استكمال من خلال تفعيل الاطار القيادي المؤقت ل م.ت.ف والتحضير للانتخابات العامة وفق نصوص اتفاق القاهرة 2011 . وعليه فكيف تبدو اللوحة السياسية في اطار النظام السياسي الفلسطيني بعد تشكيل الحكومة ، وما هي التيارات الرئيسية بها والرؤى التي تحملها والتي بالوقت الذي يجب ان تعكس به التعددية السياسية ، فإنها ستساهم في تحقيق الديمقراطية وتطوير المسار السياسي ليخدم أهدفا شعبنا بالحرية والعودة . واضح أن حماس بالوقت الذي لعبت دوراً رئيسياً بالعارضة وشكلت اطرها وهيئاتها ومؤسساتها لتعلب الدور الموازي ل.م.ت.ف قد اختارت الاندماج عبر اتفاق الشاطئ في بنية النظام السياسي من خلال اصرارها على المشاركة في م.ت.ف رغم انها عملت على اخراج ذاتها من المشهد الحكومي المباشر ، إلا أنها تؤكد باستمرار على الشراكة والتي بالوقت الذي تعني ضمان حصتها في اطار النظام السياسي سواء السلطة أو المنظمة فإنها يجب أن تعنى التوافق على رؤية سياسية مشتركة تخرج النظام اسياسي الفلسطيني من أزمته وتساهم في انتزاع المبادرة في مواجهة الاحتلال لكي تعمل تلك المبادرة على تعديل توازنات القوى لكي يقربنا ذلك من تحقيق هدفنا الوطني . يتضح من خلال المتابعة ان حماس تؤثر الصمت وعدم القيام بانتقاد أداء الرئيس ابو مازن ، فهي رحبت ببيان المجلس المركزي، ولم تنتقد اجتماع الرئيس ابو مازن في لندن مع ليفني التي يطاردها القضاء البريطاني بناءً على دعوة من منظمات حقوق الانسان بسبب الجرائم التي مارستها بحق أبناء غزة في عدوان 2008 – 2009 ، كما لم نلمس انتقاداً تجاه تصريحات الرئيس امام طلبة إسرائيليين والتي أكد بها ان التنسيق الامني مقدس وانه يشجع التطبيع ، كما لم تحاول حماس المساهمة بتشكيل الحكومة أو اختيار اياً من وزرائها و الاصرار عليه ، بالوقت الذي اخفقت في منع إلغاء وزارة الأسرى والتحفظ على وزير الخارجية المالكي ، علماً بان نبرة الانتقاد بدأت تظهر عند حماس على خلفية أزمة البنوك وعدم قيام الحكومة بتزويد موظفيهم البالغ عددهم 40 الف بالرواتب. ممكن تفهم عدم القيام بمواقف انتقادية في فترة انجاز الحكومة من أجل إعطاء فرصة لاتمامها، ولكن هل يعكس ذلك نهجاً عاماً ، الأمر الذي يعنى غياب رؤية المعارضة لدى حماس ، بما يشير إلى تقارب رؤيتها السياسية مع رؤية الرئيس خاصة إذا تذكرنا تصريحات رئيسي مكتبها السياسي السيد خالد مشعل انه لا يعارض المفاوضات من زاوية المبدأ علماً بأنه كان قد اعطى الرئيس ابو مازن تفويضاً باجرائها عام 2011 حين تم التوقيع على اتفاق المصالحة بالقاهرة ام ان حماس وبسبب المحنة التي تعيشها جراء التحولات بالاقليم تريد الاندماج ببنية النظام الرسمي الفلسطيني وتضمن حصتها ولكن دون ربط ذلك برؤيتها النقدية المعارضة التي من الهام أن تستمر ،ولكن في اطار النظام وليس خارجه كما كان قبل توقيع اعلان الشاطئ . وإذا سلمنا جدلاً بأن المعارضة السياسية تراجعت وبصورة كبيرة لدى حماس في هذه المرحلة ، فكيف ستكون تركيبة النظام السياسي، وهل من المناسب ان لا تكون هناك معارضة تساهم في الانتقاد وتطوير المواقف عبر الحوار وآليات العمل الديمقراطي وذلك بهدف البناء؟؟. فالمعارضة حاجة وضرورة موضوعية يحتمها وجود آراء متباينة ولكن من الهام ان يتم صهرها في بوتقة واحدة عنوانها الوحدة في مواجهة الاحتلال . إن غياب المعارضة يعنى لجوء المتذمرين من الاداء ليس فقط السياسي ولكن الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي إلى آليات غير حميدة بمعنى عنفية وليست ديمقراطية او سلمية لتحقيق مطالبهم وهذا يهدد وحدة النظام السياسي والنسيج الاجتماعي وتماسكه الداخلي . فالمعارضة بالوقت التي هي نقيضة للنظام فإنها قوة له في نفس الوقت لأنها تتم من داخله وتساهم في تصويب أية تجاوزات أو اختلالات بصورة ديمقراطية وحضارية. وإذا استعرضنا حالة فصائل م.ت.ف المؤمنة بالخيار الديمقراطي والمنادية بحقوق المهمشين والفقراء فإننا نجد معظمها وبتفاوت نسبي بين فصيل وآخر مندمجة في بنية النظام وأن الانتقاد له سقف محدود ومضبوط بحيث لا يتم الاخلال بمعادلة الاستمرار في اطار النظام السياسي . إن ضعف المعارضة الديمقراطية أو " اليسارية " قد شجع الرئيس ابو مازن لاتخاذ قرارات صعبة بحق بعض من تلك الفصائل ، وليس أدل على ذلك من قراره الذي عدل عنه لاحقاً بوقف تمويل الجبهة الشعبية وعدم دعوة ممثليها للمشاركة بالاجتماعات، وذلك بهدف إعطاء إشارة حمراء وراء اية محاولة للانتقاد الجاد الذي من الهام أن يكون مفيداً للرئيس نفسه في سبيل ابراز أمام الرأي العام العالمي أن هناك معارضة ممكن توظيفها لتحسين شروطه التفاوضية أمام القوى الدولية كما يقوم نتنياهو باستخدام المعارضة الداخلية مثل ليبرمان ونفتالي بينت لابراز عدم تمكنه من التنازل عن مواقفه وخاصة تجاه الاستيطان. وأمام ضعف وتراجع المعارضة الاسلامية ، وكذلك اليسارية، والخطوات التي يقوم بها الرئيس في بنية حركة فتح تحضيراً للمؤتمر السابع ، فإن النظام السياسي الفلسطيني سيصبح مكوناً من الرئيس الذي يقف على راس الهرم وما دونه قوي مستوعبة في اطار النظام السياسي ، صادرت دورها النقدي ليس فقط بالموضوعات السياسية ولكن التي لها علاقة بحقوق المواطنين ايضاً . إن غياب المعارضة داخل النظام يعطى المجال للمعارضة من خارجه حيث المجموعات الأصولية والتكفيرية والتي لا تؤمن مبدئياً بضرورة وجود نظام وقوانين وتريد تطبيق مفاهيمها على الأرض عبر أدواتها المباشرة والخاصة ، باستثناء حركة الجهاد التي تعتبر مهمتها الرئيسية مواجهة الاحتلال علماً بأنها لعبت دوراً بارزاً لتحقيق المصالحة وانهاء حالة الانقسام، ولكن القوى الاصولية الاخرى فهي لا تعطي شرعية اساساً للنظام السياسي مما يدفعها لمحاولات تنفيذ منطلقاتها الفكرية عبر أدواتها الخاصة البعيدة عن منظومة القوانين السائدة . إننا بحاجة ماسة إلى بلورة تيار ديمقراطي يلعب دور المعارضة ولكن البناءة و التي تعمل على لفت النظر وإثارة المخاطر وتقديم المقترحات باتجاه الأفضل .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا بعد تشكيل الحكومة ؟؟
-
أية انتخابات نريد
-
المصالحة والمجتمع المدني
-
المصالحة - رزمة واحدة ام انتخابات
-
ماذا بعد لقاء واشطن
-
قطاع غزة والوضع الفلسطيني وسبل الخروج من المأزق
-
بعد فشل الرهانات الخارجية هل من فرصة للمصالحة الوطنية
-
اين الاحزاب السياسية من المفاوضات
-
الشراكة من منظور المجتمع المدني
-
د. إياد السراج الطبيب والحقوقي والانسان
-
المساعدات المالية والابتزاز السياسي
-
تجربة المفاوضات الايرانية والدرس الفلسطيني
-
في اسباب تعثر المصالحة الوطنية من جديد
-
اتفاق أوسلو وأهمية تغيير المسار
-
انعكاسات الاحداث المصرية على حالة الحريات في فلسطين
-
في تأصيل مفهوم الحصار على قطاع غزة
-
المجتمع الدولي يعزز الانقسام بالمجتمع المصري
-
ماذا بعد قرار العودة للمفاوضات؟
-
بعد فشل الرهانات الكبرى هل من فرصة حقيقية للمصالحة ؟؟
-
التوافق الوطني هو المخرج الوحيد للازمة المصرية
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|