|
اتجاهاتنا ..وإنفعالاتنا وسلوكنا!!
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 4477 - 2014 / 6 / 9 - 00:09
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الإتجاهات لها سيكولوجية خاصة يعرفها المشتغلون في العلوم الإجتماعية والنفسية والتربوية ويقولون بأن أفكارنا تقوم اساساً على إتجاهاتنا، وهي تحرك سلوكنا ،وترى هذه النخبة ممن يشتغل في هذه العلوم "الإجتماعية والنفسية والتربوية والإنثروبولوجية" أن الإنسان ليس عاقلا بالدرجة التي يتصور نفسه عليها، ولا هو نزيه وموضوعي بالدرجة التي يرغب أن يكون عليها، فالإنسان قد يتمسك دوماً بمجموعة الأراء التي تعبر في الواقع عن أراءه وإتجاهاته هو، ثم يستخدم الحجج والبراهين المنطقية "من وجهة نظره بطبيعة الحال"للدفاع عن هذه الآراء، وقد يظل الفرد متمسكاً برأيه حتى على الرغم من اننا قد ندحض كل نقطة من النقاط التي يثيرها دفاعاً عن آراءه هو، وقد تكون حججنا لدحض رأيه حججاً منطقيه من وجهة نظرنا وهي طبيعة ولكن تكوين النفس الانسانية وبنائها لا يقبل رأي الآخر وتعدها هزيمة قد تثأر لنفسها. تعرف الإتجاهات بأنها ميل أو استعداد قبلي يحدد نمط الإستجابه ، ويرى بعض العلماء بأن الإتجاه هو استعداد مكتسب ولكنه يحدد نمط الإستجابه. وعرفه بعض العلماء بأنه السلوك المستقر – نسبياً- للتعبير عن نمط معين من التفكير، وهو ايضا ميل ثابت للاستجابة بطريقة معينة كما عرفته"انستازي" نتفق مع علماء النفس والإجتماع في قولهم أن أي قيمة اجتماعية إنما جاءت نتيجة لتراكم كمي من الإتجاهات وأزاء ذلك يمكننا القول بأن الإتجاهات بناء أو تكوين فرضي أو مفهوم يستدل على معناه من ترابط السلوك الظاهري للفرد ازاء أي موقف يصدر من الإنسان، نحو موضوع أو لحل قضية معينة. إن الاتجاه في حد ذاته العامل الأهم والاساس في تحريك السلوك الإنساني ويوجهه على حسب دوافع الفرد وإنفعالاته ويرى بعض العلماء أنه يؤثر في بعض الآراء عند كل الناس وليس في كل الآراء عند بعض الناس ويرى"ماير"ان الناس معقولون في بعض الموضوعات ومتحيزون في كثير من الموضوعات. إن انفعالاتنا توجه سلوكنا كما يعرف ذلك معظمنا فهناك صلة وثيقة بين الإتجاهات والإنفعالات، وافق الفرد عن ذلك أم رفض، لإن الإتجاهات ترتبط عادة بما يحبه الفرد ويرضاه أو العكس، بما يكرهه ويأنف منه، وأزاء ذلك يمكننا القول أن الإتجاهات تحتوي على بعد إنفعالي ومنها حالاتنا المزاجية وهي تعبير عن استعدادات وقتية للإنفعال بشكل معين، وعلى هذا الاساس فإننا نتوقع أن تؤثر أمزجتنا في اتجاهاتنا، وتؤثر إتجاهاتنا في إمزجتناايضا، والأمثلة كثيرة في حياتنا اليومية . من خلال تخصصنا النفسي – الاجتماعي نرى أن أي برنامج دعائي ناجح يجب ان يأخذ بنظر الإعتبار الحالة المزاجية للجمهور الموجه له البرنامج حتى يكون له تأثير كبير على إتجاهات هذا الجمهور. أما الإنفعال فتتضح ضرورته وأهميته في تقرير الرأي وتحديد الإتجاه باسلوب ميداني – تجريبي. أن الإتجاهات تؤثر في سلوكنا مباشرة أو غير مباشرة فهي دوافع عامة مكتسبة من البيئة التي نعيش فيها ، تكُتسب بعملية تعلم تبدأ متأثرة بعملية التنشئة الإجتماعية في إطار الاسرة اولاً وتمر بعد ذلك بخبرات إجتماعية نتعرض لها نحن جميعاً سواء في إطار الجماعة التي ننتمي لها أو المدرسة أو الجامعة أو اقران المنطقة السكنية ويقول علماء النفس هي عملية إدراكية في نشأتها، وهي سلوك هادف لغرض يسعى إليه الفرد، ومن خلال ذلك يحدد طبيعتها الإدراكية وبالتالي تؤثر في سلوكنا حتماً. يقول علماء النفس أن الإتجاهات تنظم الدوافع والإنفعالات ومختلف العمليات النفسية الاخرى مثل مشاعر الكره والبغض والمحبة والتودد..الخ. وهي تُحدث حالة من الإتزان النفسي والتكيف مع الحياة الواقعية فضلا عن أنها عامل مهم في التَكيف الإجتماعي للفرد وذلك من خلال قبوله أو رفضه لاتجاهات الجماعة بالقدر الذي يساير حاجاته الإجتماعية. إن تحيزنا في شتى صوره وأنواعه إنما يمثل في واقع الأمر الصورة المثاليه للإتجاهات كمحدد لمعنى الأشياء مثل التحيز لشخص ما، أو لفكرة ما، أو لقضية ما ثم نقوم بتبرير هذا التحيز بالإسلوب الذي أطلقنا عليه تسمية التبرير، وهذا التبرير يقوم بمثابة درع واقي للإتجاه يدافع عنه ويحميه من التغير بمعنى أدق "ليست هناك حقائق موضوعية خالصة" وإنما الأمر أمر موضعة بسؤالنا موضوعية ماذا؟ وموضوعية لمن؟ لأن كل منا يخلق عالمه الخاص به ولشخصه ولذاتيته على حسب موضوعاته التي يعيش فيها ويدافع عنها دفاعه عن ذاته ووجوده، صحيح قد يتفق بعضنا في إتجاه ما ولكننا لانتفق جميعاً حول جميع الإتجاهات أو حول إتجاه واحد إلا اذا كان هذا الإتجاه يمس خصائصنا القيمية التي تنبع من ثقافتنا ومع ذلك لا نتفق عليها بنسب واحدة من الاتفاق. وخلاصة القول يمكننا أن نستنتج بأن الاتجاهات ذات معنى متناقض رغم إنها تنظم الحقائق وتعمل ايضاً على انتقائها وهي تعمل أشبه بمصفاة تسمح لبعض الحقائق أن تمر من خلالها بينما لا تسمح للبعض الآخر أن يمر، اذن دورها انتقاء الحقائق وتنظيمها في كل متسق متماشي مع إتجاهاته لدى الافراد أو لدى الفرد.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع وقبول الآخر..مبادرة السيد عمار الحكيم
-
للمواطن حقوق
-
شخصية الإنسان .. والارادة
-
سلوك الإنسان..بين الربيع والخريف!!
-
دولة المواطن..متى تبدأ؟
-
نحنُ والمواطن..إلى أين؟
-
من أجل المواطن..إشكالات وطنية!!
-
عمل وأداء ومناسبة عظيمة في كلية الفنون الجميلة بجامعة واسط
-
الرضا النفسي ..حجر الزاوية في الصحة والإضطراب النفسي
-
التكيف النفسي ..الشعور بالقدرة!!
-
دراسة عن تربوية إمتحان الدور الثالث لطلبة السادس الاعدادي
-
الدولة والبناء النفسي للإنسان!!
-
الدين ..وتربية الذات
-
القلق .. وقلق المستقبل ..مدخل نفسي
-
الانتماء والولاء وافكار أخرى
-
عن النفس واللاعنف
-
إصدارات علمية جديدة في علم النفس
-
الجماعة وبناء الشخصية
-
الواقع العربي اليوم ..الكل يتكلم ولا احد ينصت!!
-
البناء النفسي في الانسان .. المعنى والمبنى
المزيد.....
-
-ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف
...
-
ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم
...
-
الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
-
مخاطر الارتجاع الحمضي
-
Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
-
تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق
...
-
الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو
...
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|