سيف الدين عفانة
الحوار المتمدن-العدد: 4475 - 2014 / 6 / 7 - 07:12
المحور:
كتابات ساخرة
لا تعاشر نفسا شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل .. و عاشر نفسا جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل..
بهذا المثل الرائع أبدأ كلماتي القليلة المقتضبة جدا لأروي ماجرى لي اليوم. فبعد أن أتممت حصّة الغطس في البحر تمشّيت على ضفاف البحر المتوسّط لألاحظ كيف تكون بلادي في موسم سياحيّ جيّد وأغطس في المجتمع أكثر. وشدّتني الكثير من المواقف والصّور من الدّعارة المفضوحة وسوء أخلاق الكثير من الأجانب الذين يعتبرون أنهم آتون لسيرك وليس لدولة مستقلّة لها تاريخ عريق وشعب واع ومثقّف.. كما لاحظت العكس أيضا بوجود سيّاح أجانب أتوا للتزوّد بطقسنا المشرق وبثقافتنا الفريدة وبشخصيّتنا المتألّقة من بين الشعوب العربية الأخرى.
وخلال " رحلتي الإستكشافية" رأيت شخصا من بعيد بدا لي كأنّه صديق قديم. فتذكّرت أيّام الدّراسة وأيّام المراهقة وكلّما كان يربطني بما نسمّيه "الشّلّة القديمة" وهي رفقة التجارب الأولى من الشّباب. وفي طريقي إليه بدأت أجهّز نفسي لعبارات الإشتياق والمودّة وإعادة ربط تلك العلاقة القديمة وتوطيدها.. كنت قد فكرت في أكثر من نصف ساعة من أحاديث الصّداقة. ولكني نسيت أنّ عليّ بن أبي طالب نصحنا بدرّته التي صدّرت بها حديثي هذا.
فما إن رآني حتّى انقلب عالما متفكّرا رافعا رأسه إلى السّماء وكأنّه عازم على عدّ النّجوم. وأنا أعرف كم كان غير ذكيّ بمقياس الدراسات الثانوية آنذاك. لم يدر وجهه، فالصّديق لا يفعل ذلك. بل رفعها حين رآني عاليا كأنّما ينتظر أن يوحى إليه.
فهمت الرّسالة.. وطأطأت رأسي خجلا منه فلم أرد أن أحرجه خصوصا وأنّ الجميلة الأجنبية الجالسة أمامه كانت ستسأله عن ذاك المتشرّد الحامل لصحيفة الشّرق الأوسط مكمّشة كأنّما يمسكها مذ وُلد. كانت ستأنّبه كيف يصاحب طويلا نحيلا كأنّ به سلّ.. مجعّد الشّعر كأّنه لم يعرف الحلاّق قطّ..
خفت أن أجرح مشاعره. فضحكت بصمت وأسرعت خطاي.. فالشّمس هناك تنتظرني لتزيد وجهي قبحا من شدّتها عليه.
#سيف_الدين_عفانة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟