أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مقهى أبو سعد














المزيد.....

مقهى أبو سعد


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4473 - 2014 / 6 / 5 - 15:52
المحور: الادب والفن
    



عادة ما كنا نعبر كراج ساحة الميدان لمحطة باصات نقل الركاب ونحن نسلك طريق ضيق يؤدي بنا الى مقهى أبو سعد حيث الشناشيل وعبق التأريخ البغدادي والشعبي القديم في تلك الازقة التي تحيط في المقهى
وكانت مجموعة من أصدقائنا تلتقي في هذا المقهى بشكل مستمر أكثر مما كانت لقاءاتنا في مقهى حسن عجمي أو مقهى أم كلثوم الواقعين في شارع الرشيد والذي لم يكن يبعد كثيراً عن مقهى أبو سعد.
كان صاحب المقهى شخصية بغدادية أصيلة هاديء الطباع وقليل الكلام يحب أن يستمع أكثر مما يتكلم وقد اتخذ لنفسه زاوية لجلوسه المعتاد على أريكة خشبية قديمة وهو غالباً ماكان يخفي زجاجة العرق تحت الاريكة مع سطل مليء بقطع الثلج وكأس المدامة . وهو مستغرقاً بسماع الاسطوانات الغنائية من الجراموفون الذي كان يعلو فوق رف خشبي في الزاوية الخلفية للمقهى . وغالباً ماكانت أغاني المطربين الرواد المشاهير من عراقيين وعرب تصدح في أجواء المقهى. والمتعارف عن مكتبة مقهى أبو سعد كانت تضم الكثير من الاسطوانات الغنائية النادرة .. حتى ان اذاعة بغداد سبق وأن استعارت من صاحب المقهى بعض الاسطوانات النادرة.
...
اخترنا في هذا المقهى المنزوي أريكتين متجاورتين يجلس عليهما أصدقائنا الذين يتجمعون في المقهى بشكل يومي بعد الظهر وكانت لقاءتنا مفعمة بنقاشات وحوارات عن الفن والادب والسينما ومواضيع سياسية أيضاً كنا نتهامس بها أحيانأ خشية من الرقباء والجواسيس.
فرغم جحيم االحرب وطغيان السلطة في العراق آنذاك .فلم يغير ذلك من شفافية وجماليات بعض أصدقائنا وسط مجتمع قاسي.
وكان من ضمنهم المثقف الرومانسي مالك الناصري . الذي كنت عادة ماالتقيه في المقهى وقد اعتاد صاحب المقهى والرواد أيضاً وهم يشاهدونه بعادته اليومه فلدى وصوله الى المقهى كان أول شيء يفعله هو تفريش أسنانه الناصعة البياض قبل القراءة.
فدائماً كان معجون الاسنان لن يفارقه ابداً اضافة للعطور الفرنسية الفاخرة ومساحيق ترطيب البشرة .. ودواوين الشعر والروايات التي كان يحملها في حقيبته . وهو يردد في كل مرة " ان الحضور لقراءة الشعر هي لحظات مقدسة تشبه الحضور للقاء امرأة . فعليك أن تعمد جسدك بالعطور وتفرش أسنانك قبل تقبيل حبيبتك.
...
أغلب أصدقائنا ممن يلتقون في المقهى هم كانوا من حليقيّ الشوارب وقد شكلنا آنذاك يجمعية سرية ظريفة تسمى (حليقيّ الشوارب) .. كرد فعل ضد تمجيد الشوارب والسلطة البدوية اثناء الحرب ونكاية بما كان يؤمن به الطاغية.. وكان الشاعر كمال سبتي من ضمن الذين نلتقيهم عادة في المقهى .. لكنه لم يزل يحتفظ بشاربيه الغير مشذبين . وفي احد الايام عاتبه مالك الناصري قائلاً له . "ياكمال ان الشوارب في زمن الحرب هي بداوة وبدائية وتبعدك عن المدنية والشعر".

وفي اليوم الثاني جاء كمال سبتي حليق الشوارب وهو يصيح في المقهى بصوته الجهوري المتعارف عليه والان ماذا تقولون عن شكلي الجديد بعد أن حلقت هل تبدو ملامحي ملامح شاعر متمدن وليس بقرويّ !!!
وذات يوم التقيت مالك وكان قلقاً وقد أخبرني بانه فقد عمله في احدى الجريدة بعد أن كتب موضوع يدين فيه الحروب وطغاة التأريخ وصدر أمر نقله الى الخطوط الامامية في الجبهة . لكن مالك رفض الالتحاق الى محرقة الحرب العراقية الايرانية وبقي فيما بعد يتحايل على مفارز الانضباط العسكري والاستخبارات بهوية مزورة.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزلة الراهب كياتسو
- أعياد ملونة من أقاصي الذاكرة
- رقصة الفراشة في شرنقة النار
- أمنيات النسيان فوق رصيف ذاكرة
- وليمة الظل
- الحرب وزمن السفلة
- الجدة علاّهن
- حكايات الرمل والنمل
- مذكرات الانتفاضة والمنفى
- الفنان سعد محمد موسى وريث الحضارة السومرية
- تجليات في مبخرة العشق
- ابتهالات في ليلة عشق
- تنفيذ عملية إعدام لعاشق ٍ متهم بجريمة حب
- الارنب والقمر
- أمنية متأخرة تطرق الباب
- صهيل الفرس المفجوعة فوق التل
- تعويذة الفيروز
- توني الخياط
- حكايات من الطفولة
- تعويذات الدرويش


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مقهى أبو سعد