|
التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 4 - 21:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون شوقية عروق منصور
" التنسيق الأمني " عبارة تتردد كثيراً على السنة الناس في مدن وقرى الضفة الغربية ، وقد حضرت احدى المواجهات مرة في مدينة قلقيلية ، رأيت اختفاء الشرطة الفلسطينية من المكان بسرعة البرق وحلول جنود من الجيش الاسرائيلي مكانهم ، حيث انتشروا وأخذوا يلاحقون أحد الشباب ، الغريب أن المتواجدين أخذوا ينظرون الى هذا المشهد بصورة عادية ، ثم رجعوا الى الدكاكين والمحلات التجارية والطلبة الذين كانوا قد خرجوا من المدارس استمروا في ذهابهم الى البيوت ، والنساء رجعن الى بسطات الخضار يشترين ويفتشن عن الخضار الطازجة الصالحة للطبخ ، ذهلت من هذا الموقف البارد الذي يشير الى احتلال مبطن بعلم وسلطة ومقر رئاسة ووزراء فلسطينيين ، وعندما سألت صاحب احد المحلات عن وجود الجيش الاسرائيلي قال وهو يبتسم ابتسامة ساخرة " عادي " هذا جزء من التنسيق الأمني . نعرف أن عبارة " التنسيق الأمني " خرجت من رحم اتفاقية اوسلو على شكل مولود لا نعرف حقيقة شكله ، لكن الذين عرفوه وقابلوه وجهاً لوجه قالوا أن هذا المولود هو لعنة شيطانية ، هو ذل وخيانة وخزي للحركة الوطنية الفلسطينية ، هو العنوان الجهنمي لحالة فلسطينية وصلت الى أرذل التفاوض والانحناء . ( التنسيق الأمني بمعاييره السياسية هو سلسلة اجتماعات ثابتة واجراءات تبادل الرسائل بين الضبط الاسرائيليين والفلسطينيين بشأن احتجاز مشتبهين بالإرهاب ، وبشأن عمليات البحث عن مطلوبين والمطاردات ، ويقوم بهذا النشاط جنود وافراد الشرطة الاسرائيلية والفلسطينية ، عادة تتم على نحو منفصل ولكن وسط توفير المعلومات المتبادلة ) . لكن عندما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحرارة الوعد وصدق الالتزام السياسي واحترام الاتفاقيات وترهل المقاوم أن التنسيق الأمني مع اسرائيل أمر ( مقدس ) وسيستمر في التنسيق الأمني مع اسرائيل سواء اتفقوا مع اسرائيل أو اختلفوا ..؟؟ كانت الصفعة المدوية على الخد ، خد الطفل والشيخ والشاب والمرأة والعجوز والأسير والشجر والحجر ، صفعة على خد كل حلم وأمل وانتظار ، صفعة على خدود الأسرى الذين لم يضعوا اليأس على جدول أعمالهم واجسادهم المتيبسة في الزنازين . جاء كلام الرئيس أبو مازن امام عدد من الشخصيات الاكاديمية وبعض نشطاء السلام الاسرائيليين عند زيارتهم لمقر الرئاسة في المقاطعة في رام الله ، ومن المهازل أن اثناء حديثه التقطت الكاميرا صورة لشاب وشابة من نشطاء السلام وهم يقبلون بعضهم البعض قبلات ملتهبة مثيرة ، وقد اطلق شباب موقع التواصل الاجتماعي عنوان ( قبلة المقاطعة ) . عندما قال الرئيس ابو مازن أن " التنسيق الأمني مقدس" بين السلطة الفلسطينية واسرائيل لم تقف الدهشة على رؤوس أصابعها ، لأن جميع الفلسطينيين يعرفون ان التنسيق الأمني مع اسرائيل موجود وملموس ومعروف للصغار والكبار، الا انهم كانوا يأملون أن يقف الرئيس أبو مازن ، ويؤكد أن مقابل اضراب الأسرى والسباق المحموم اللاهث لبناء المستوطنات وانتهاك المسجد الأقصى وقطع اشجار الزيتون وهمجية المستوطنين اليومية التي تضيق الحياة والخناق على المواطن الفلسطيني البسيط الذي يقاوم بصراخه ودموعه وحجارته ويتمتم (الشكوى لغير الله مذلة ) ، المواطن البسيط الذي لا يملك بطاقات – vip – اسوة بالوزراء والمسؤولين الفلسطينيين الذين يتمسكون بهذه البطاقات ولا يقومون برميها في وجوه الذين يراهنون على مصداقية شعاراتهم ومبادئهم . عبارة ( التنسيق الأمني مقدس ) فتحت أمام المواطن الفلسطيني حفرة عميقة و كبيرة ، عندما يطل فيها لا يرى الا العتمة والظلام المخيف ولا يعرف أين قرارها . ويتساءل بينه وبين نفسه الى اين تصل خيوط التنسيق وربط الشباك ومدى الاصطياد ..؟ واذا كان القادة الاسرائيليون يتفاخرون بين الحين والآخر أن التعاون الأمني مع السلطة ما زال قوياً ومتيناً رغم كل الذي يجري من اعتقالات والقتل - آخرها مقتل الطالب محمد أبو ظاهر والشاب ونديم ابو نواره بدم بارد ومصادرة اراضي واقامة مستوطنات ..!! فكيف يستطيع الفلسطيني بناء جسور الثقة والعطاء والمقاومة مع قيادته ..!؟ مع انتهاء الانقسام بين فتح وحماس – انقسام العار - وتشكيل حكومة الوفاق الوطني تنهدت فلسطين بترابها وجبالها وشتاتها ولجوئها وعذاب مشرديها ، ورغم أننا لا نعرف حقيقة السراديب والانفاق والارشيفات المكتوبة بالحبر السري التي يلتصق بأصابع الذين سعوا ورافقوا عملية اغلاق هذا الملف المؤلم ، وما دام الأمر هكذا ممكن ان ينتهي لماذا استمر الانقسام هذه السنوات التي أججت النيران وزرعت البغضاء والعناوين التي تنضح بالتفرقة ، نحن نحمل القاعدة التي تقول " من يخطأ فهو انسان ومن يصر على الخطأ فهو شيطان " لكن الخطأ الفلسطيني كان أكبر واضخم من حجم الشياطين ، لأنه حول الشعب الفلسطيني الى لقمة سائغة للفك المفترس ، اسرائيل وامريكا وباقي الدول العربية والغربية التي ترتدي أمامنا ملابس مدارس الفضيلة لكن في ساحاتها وصفوفها تجرنا الى دروس الرذيلة ، بالطبع الرذيلة بمفهومها السياسي والتنازلي. السؤال الذي يضيء بالوان الحذر وينشر غاز الخوف ، كيف سيكون شكل التنسيق الأمني في ظل حكومة الوفاق الوطني ؟؟ وكيف سيكون رد حماس على هذا الموضوع المؤرق ..؟! اثناء الاحتفالات بوأد الانقسام في شوارع رام الله مر احد الشباب مرتدياً بنطلون " الفيزون " الخاص بالنساء ، لكن الرجال في الشارع جن جنونهم لأن الشاب يتمايل ويتخايل مثل الصبايا ، فدبت الحمية في رؤوسهم وهجموا على الشاب واخذوا يضربونه بقسوة بحجة انه اهان رجولتهم وعيب أن يرتدي هذا البنطلون الأنثوي . اعجب من بنطلون يثير رجولة الذكور ويعتبرونه عار على الرجال ، وتنسيق امني يمر بسهولة تحت الثياب كاشفاً على كل الاعضاء ولا يثير خوف الاجيال .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابو مازن في غرفة مغلقة والستائر سوداء مسدلة
-
الجريمة والعقاب
-
يهوشوع بن نون يجلس في حضن المهندس الفلسطيني..!
-
امريكا الأمير ونحن حذاء السندريلا
-
تعالوا نسافر بلا عودة..!!
-
-غندرة مشي الفدائي غندرة-..!!
-
حملة -اخبر ابنك- امام حملة -أنجب ابنك- رغم القضبان
-
سلوى + سعاد = الرجاء اصمتا..!
-
أنا ارتعب وأخاف اذن أنا موجود..!!
-
رمضان بأي حال عدت يا رمضان..؟
-
سعود وفضل نجوم -أمريكا أيدل-..!!
-
بلدياتنا ومجالسنا المحلية العربية سلاحف انقلبت على ظهورها
-
يارا واطوار يرفضن نكاح الجهاد
-
ابن صفنا -جوجل- يتضامن مع العربي المتهم...!!
-
القدس الشمالية لنا..!
-
بكرا اعتقلوني..!!
-
ثقافة الفهلوي في الزمن التراللي..!
-
أصبح عندي الآن بندقية ... الى المقاطعة في رام الله خذوني معك
...
-
نتنياهو يلحس البوظة وليفني تطالب بالدبس .. !
-
اغتصاب بقرار شرعي..!
المزيد.....
-
عزلة وخبز مهلوس.. صور لجزيرة في إيطاليا لا يعيش فيها سوى 100
...
-
زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب بحيرة البايكال الروسية
-
فولودين: محاولة اغتيال بوتين جريمة خطيرة والتفكير بها سبب لح
...
-
الزعيم الكوري الشمالي يدعو لتعزيز ترسانة بلاده النووية
-
الجيش الروسي يدمر أكثر من مئة مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية
...
-
بدأوا بتحضير الشعب الأوكراني للهزيمة
-
مذبحة أثناء صلاة العشاء..
-
بعد إزالة صورته من البنتاغون.. تحرك جديد ضد الجنرال ميلي
-
مفتاح النجاح الدراسي والصحة النفسية للأطفال
-
حيل الولايات المتحدة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|