|
نمط الإنتاج الأنديزي : ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتاجه و لكل حسب حصته / 3 - الأخيرة
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 4 - 18:20
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
سادساً : البنية الإجتماعية للحضارة الأنديزية إنقسم المجتمع الأنديزي إلى طبقتين فقط هما : الطبقة الحاكمة (تسميهم الأدبيات الغربية بالإستدلال الخاطئ : النبلاء) ، و طبقة عامة الشعب ؛ و لكل من هاتين الطبقتين هرميته . و لعدم وجود النقود ، و لسيادة الملكية الجماعية على الأرض و محاصيلها ( و هي المصدر الأساسي للثروة ) ، و لوجوب قيام كل فرد في المجتمع بأداء وظيفة أو عمل ما ، لذا فقد كانت الفروقات الطبقية بين كبار أفراد الطبقة الحاكمة و طبقة عامة الشعب لا تكاد تذكر ، و ليست حادة مثل تلك التي سادت في المجتمعات الأوربية المعاصرة لها بين العائلة الملكية و حاشيتها و النبلاء و رجال الدين المتعطلين و العالة على المجتمع بحكم إمتيازاتهم الإقتصادية-الإجتماعية ، من جهة ، و بين الأقنان و العامة المسحوقين من جهة أخرى ؛ كما لم تعرف الحضارة الأنديزية نظام الرق و العبودية بحكم سيادة ثقافة مبدأ كون الإنسان حراً بالولادة في نمط الإنتاج ألأنديزي، و أن قيمة كل إنسان هو ما يحسن عمله . في أعلى قمة الهرم الإجتماعي للطبقة الحاكمة في إمبراطورية الإنكا ، كان موقع الملك المقدس "ساپا إنكا" (Sapa Inca)- الذي كان يعتبره شعبه الذي يبجله إبناً للشمس - المنحدر من رؤساء قبيلة الإنكا التي أسست مدينة كوزكو (Cuzco) العاصمة ؛ و زوجته ، و تسمى ألـ "كويا" (Coya) ، و أقاربهما . و مثل بقية أفراد شعبه ، فقد كان الملك ينام على الأرض ، و ليس على سرير ملكي فخم ؛ و لم تكن حكومته شمولية . و مثل عامة الناس ، كان الملك يسكن بيتاً بسيطاً ، مداخلة بلا أبواب ، و نوافذه بلا شبابيك . و من بعد العائلة المالكة ، يأتي منصب الكاهن الأعلى لإله الشمس "إنتي" ، و يسمى "فيلاك أومو" (Villac Umu) الذي يتصل مباشرة بالإله المذكور ؛ ثم جماعة "الإنكا" (Inca) ، و هم أحفاد بقية رجال القبيلة المؤسسة لمدينة كوزكو ، و الذين كانوا يتسنمون وظائف حكومية مهمة . كما طبق الإنكا نظاماً فريداً يسمح بموجبه لأفراد الطبقة العامة بالإرتقاء إلى طبقة الإنكا الحاكمة ، حيث يتم اختبار ذكاء كل اليافعين الذكور و الإناث بعمر 13 سنة من العامة ، و في حالة تفوقهم في الإختبار ، يُلحقون بمراكز للتدريب المهني (لم تعرف اهل الحضارة الأنديزية فن الكتابة ، في حين كانوا ضليعين بالحساب) . و بعد إجتيازهم لها ، يُرقَّون كأعضاء في طبقة الإنكا الحاكمة بموجب الموقع الإداري أو الفني و الكفاءة ؛ فالمهندسون و المعماريون و الصاغة و الحدادون - مثلاً - كانوا يعتبرون ضمن أفراد الطبقة الأرستقراطية الحاكمة . علماً بأن مفهوم "الطبقة الحاكمة" عند الإنكا قد ارتبط إرتباطاً وثيقاً بتميز الكفاية الوظيفية للفرد فنياً في أجهزة الدولة و أشغالها بالدرجة الأساس ، و ليس بموقعه الاقتصادي في علاقات الإنتاج . و أخيراً يأتي شيوخ العشائر المنضوية تحت الإمبراطورية ، و يسمون الكوراكاس (Curacas) ، حيث كانت العادة الجارية في إمبراطورية الإنكا هي الإستبقاء على شيوخ عشائر المناطق المحتلة في مواقعهم القيادية إذا ما ارتضوا بحكم الإمبراطور الجديد ، لتصبح صلتهم مباشرة به باعتبارهم حكاماً محليين تابعين له . قسم الملك إمبراطوريته إلى أربعة أقاليم حسب الجهات الأربع ، يحكم كل إقليم منها أحد أقاربه . و كل إقليم ينقسم بدوره إلى أجزاء أصغر فأصغر ، يحكم كلاً منها مسؤول وفقاً للتراتبية التنازلية عشرياً ؛ حيث تتبع كل حاكم إقليمي عشرة مقاطعات ، سكان كل مقاطعة منها حوالي 10000 مزارع ، و لكل منها قائد محلي ؛ و هكذا نزولاً إلى 1000 مزارع ، فمائة مزارع ، فالوحدة الإدارية الأصغر المتمثلة بعشر مزارعين . و هذا يعني أن هناك 1331 مسؤولاً إدارياً عن كل 10000 شخص ، يتولون مسك السجلات بتعداد كل المواطنين و بمساحات الأرض و بالمحاصيل و المشاريع الحكومية و بغيرها من البيانات الإحصائية المهمة . و تتخذ هذه السجلات - و تدعى بالكويبو (Quepu)- هيأة خيوط ملونة تتدلى بعُقَد على نحو متواز مع بعضها من خيط أعلى طويل . و بالتنويع في نمط و لون الخيط ـ و في المسافات و العقد الفاصلة بينها ، فقد أمكن للإنكا تسجيل عدد السكان و أفراد الجيش و المحاصيل و غيرها من الموجودات في بقاع الإمبراطورية كافة . هذه البيانات كانت مهمة جداً للتخطيط الحكومي ، فهي توضح - مثلاً - أماكن وجود الوفرة في المحاصيل الزراعية و المنتجات الحيوانية ، و أماكن وجود النقص الحاد فيها . عندها ، يصبح بالإمكان سد النقض لدى الأماكن المتضررة بنقل المواد الغذائية إليها من المخازن العامة للأغذية . إذن ، فقد كان إنتاج جميع أفراد المجتمع مخصصاً لخدمة كل المجتمع ، و ليس لخدمة المصالح الأنانية لطبقة واحدة بعينها ، مثلما هو حاصل في النظام الرأسمالي . و أذا ما وضعنا جانباً الطبقة الحاكمة لإمبراطورية الإنكا - و هي تطور بيروقراطي متأخر في الحضارة الأنديزية حصراً أملته متطلبات إدارة مختلف شؤون الإمبراطورية المترامية الأطراف و التي هيمنت على أراض مساحتها أكثر من 350000 ميل2 من قارة أمريكا الجنوبية ، و لم يدم هذا التطور - بفضل همَّة السفاحين الإسبان أبطال الإبادة الجماعية و أوبئتهم الفتاكة - سوى أقل من ثلاثمائة عام - فقد شكلت العشيرة (الأيلٌو : Ayllu) مع رئيسها ، الوحدة الإجتماعية الأساس للحضارة الأنديزية ، و هم عامة المجتمع . و تتألف العشيرة ، أو الأيلّو ، من مجموعة كبيرة أو صغيرة من العوائل التي تعمل مع بعضها تعاونياً في منطقتها كما لو كانت عائلة كبيرة واحدة ، حيث كان كل فرد في الحضارة الأنديزية يتبع عشيرة ما بعينها ، مثلما كان كل فرد يزاول عملاً ما في الزراعة أو الرعي أو الصيد أو النسيج أو التعدين أو في صنائع النقش و الفخار و الصياغة و النجارة و الحدادة و البناء و شق قنوات الري و غيرها و ذلك بإشراف حكومي مباشر دؤوب . و يلعب التنظيم أهمية قصوى في الإنتاج هنا ؛ فمثلما كانت الوحدات الإدارية مقسمة تنظيمياً ، كذلك كان العمل . حيث توضع تحت تصرف الأيلو قطعة أرض يراعى فيها أن محاصيلها تكفي لغذاء كل إفرادها . كما كانت كل الأراضي ملكية عامة ، و تنقسم إلى ثلاثة اقسام : قسم تخصص وارداته للحكومة لإعالة و إكساء و تجهيز موظفيها و جنودها ، و قسم للمعابد ، و قسم للأيلَو . و كان على أفراد الطبقة العامة من القادرين على العمل واجب الاشتغال في المشاريع الحكومية ذات النفع العام ، و في استزراع الأراضي المخصصة للعائلة الحاكمة و للمعابد ، و في أداء الخدمة العسكرية ؛ و ذلك على وجبات دورية وفق نظام دقيق لتسديد الضرائب بقوة العمل حصراً يدعى "المتئه" (Mit a) . و يمثل خضوع المواطن أو عدم خضوعه لهذا النظام الحد الفاصل بين مَنْ ينتمي منهم للطبقة الأرستقراطية و من ينتمي لعامة الشعب . و في مقابل أداء واجب المتئة ، يحصل الفرد من الحكومة على الغذاء و الملبس و الأدوية و أدوات الإنتاج . كما وجد هناك نظامان إجتماعيان رديفان للمتئة ضمن إطار التنظيم العمل الجماعي : "الأيني" (ayni) ، و "المنكا" (minka) . النظام الأول يشتمل على بذل عمل جماعي لمنفعة عائلة متضررة ما (بسبب مرض رب البيت ، مثلاً ) ؛ و الثاني تتكرس فيه قوة العمل الجماعي التطوعي لمنفعة أفراد الآيلو كلهم ، مثل كري قنوات الري ، أو بناء المدرجات الزراعية على سفوح الجبال . كل أشكال العمل الجماعي هذه هي تراث إجتماعي متأصل منذ أقدم الأزمان في الحضارة الأنديزية ، بلغ تأثيرة الذروة في إمبراطورية الإنكا . و جرت عادة الأيلو على تزويج البنات و هنّ بعمر 16 سنة ، و الرجال عندما يبلغون العشرين . و كان الزواج إلزامياً ، إما بالتفاهم بين الحبيبين ، أو ، بعكسه ، تتدخل العشيرة لفرض الزواج على العزاب ممن تجاوزوا العشرين من العمر . و عندما تتكون عائلة جديدة من الزوج و الزوجة ، يضع رئيس الأيلو - في يوم عقد قرانهما - تحت تصرفهما قطعة من الأرض الزراعية - تسمى "توپو" (Tupu) - سبق و أن تم تجهيزها بالعمل الجماعي لهذا الغرض ، و إنتاجها يكفي لإعالتهما . و كلما إزداد عدد أفراد هذه العائلة ، كلما خصصت قطعة أرض إضافية لها للإستزراع . و باستثناء المقتنيات الشخصية البسيطة ، فلم تكن توجد الملكية الخاصة لدى عوائل الأيلو . عاش أفراد العشيرة معاً في مجتمع ديمقراطي تتخذ القرارات المهمة فيه جماعياً . و كانوا يحفظون أجداث أجدادهم المحنطة في قبور فوق الأرض تتحول إلى مزارات ، للصلاة عليهم و إقامة الاحتفالات الدينية على ذكراهم . و كان كل شيء على وجه البسيطة مقدساً عندهم : الإنسان و الحيوان و النبات و الأنهار و الجبال و السهول و البحار ، و ليس مثل الرأسمالين ، مصدراً للإستغلال و للإغتناء على حساب هضم حقوق الغير ، و التمييز العنصري و الطبقي ضد الأخر ، و تدمير الطبيعة و الأجواء . كما كان العمل إلزامياً على كل مواطن حسب عمره و جنسه و موقعه الإجتماعي و بما يؤمن عدم إبقاء أرض بدون زراعة و لا وجود لبضاعة حيوية بدون إنتاج . فالأطفال فوق عمر الخمس سنوات كانوا يتولون مهمة المساعدة في رفع المياه بالجرادل الى الحقول حيث ينهمك الكبار باستنبات محاصيلهم الزراعية . و النساء فوق الخمسين من العمر ينسجن الأقمشة و يخيطن الملابس . حتى الأفراد المعاقين كانوا يُكلفون بأعمال يومية تلائم طاقاتهم ، مثل مضغ حبوب الذرة و بصقها في إناء ضخم لكي تتخمر لصناعة البيرة . و يتم تسجيل كل المهمات الفردية من قبل الموظفين بواسطة نظام التسجيل الخاص "الكويبو" المشار إليه آنفاً . كان المبدأ الأهم في نمط الإنتاج الأنديزي هو توفير الحاجات الأساسية لكل أفراد الشعب في الوقت المناسب و بالكميات الكافية و ذلك بالتحسب لحماية البشر من المجاعة بسبب التقلبات الطبيعية و المناخية . نجح الأنديزيون في هذا بفضل جدهم و اجتهادهم و إيمانهم بضرورة التعاون الاشتراكي و التنظيم الحكومي المستنير لضمان البقاء و التطور ؛ و لهذا فقد أنتجوا إحدى أمجد الحضارات في تاريخ البشرية و التي خلقت الثروة بدون نقود . لقد عرفوا كيفية إنتاج المعادن النفيسة و صياغتها على نحو متفرد ، كما عرفوا كيفية نقل الرسائل الشفوية عبر 250 ميل يومياً ، و كيفية إقامة أعقد الطرق ( 16000 ميل من الطرق النيسمية المبلطة بالحصى ) و الجسور الجبلية المعلقة المصنوعة من الحبال الجبارة و الألواح الخشبية ( بقي بعضها صالحاً للإستعمال لخمسمائة سنة متواصلة ) ، و كيفية تشييد أعظم البنايات من أضخم الصخور المهندمة و المثبتة زاويّاً بدون أية تماليط أو مشدّات بينية ( العديد من هذه البنايات ما تزال قائمة بثبات حتى يومنا هذا ، و هي أية في فن الريازة بالأحجار الضخمة - زنة عدد منها تصل إلى 200 طن - و التي لا يمكن دس حتى الموسى بين حد صخرة و أخرى منها ) ، و بنوا أكبر شبكة لقنوات الري ، و صنعوا أجمل المنسوجات الصوفية في تاريخ البشرية ( و بضمنها الملابس الفائقة الرقة و الدقة و المصنوعة من شعر الخفافيش العملاقة حيث يمكن ضم رداء كامل منها وسط راحة اليد الواحدة ! ) . كل ذلك ، لأن مجتمعهم كان بحاجة للآلات و للأدوات المعدنية و للتواصل و للعمران و للغذاء و للأردية و الأغطية و للحبال . و لم يعرفوا العبودية و لا القنانة و لا النقود و لا الأسواق و لا البارود و البنادق و المدافع و القنابل - التي أبادت حضارتهم - لأنهم أدركوا أن مجتمعاتهم ليست بحاجة إليها ، البتة . فما حاجة الإنسان باستغلال أخيه الإنسان ؛ و ما حاجته بمعادل عام لثروة المجتمع ؛ و ما حاجته بالمبيدات البشرية ؟ سابعاً / موجز تاريخي بنمط الإنتاح الأنديزي مرحلة ما قبل الإنكا 2500 ق م . بدأ الإنسان الأنديزي الزراعة في المنطقة بإنتاج محاصيل البطاطا و الذرة و القطن و غيرها و تأسيس القرى . 900 ق م . بدء تكون الحضارة "الـچـافينية" (Chavin) في مرتفعات الأنديز الشمالية . 850 ق م . الـچـافينيين يبنون مدينة و معبد "چـافين دي وانتار" (Chavin de Huantar) ، 160 ميلاً شمال ليما ، العاصمة الحالية للپيرو . 700 ق م . بدء حضارة الپاراكاس (Paracas) . 200 ق م . سقوط الحضارة الـچـافينية . 100 م . بدء نمو حضارة "النازكا" (Nazca) شمال البيرو المشهورة برسم الخطوط على أديم الصحراء و التي تعطي أشكال حيوانات ضخمة جداً عند النظر إليها من الجو ، و بمنسوجاتها الصوفية الخلابة (توجد قطعة نموذجية منها في متحف بروكلين) . و كذلك حضارة "الموتشة" (Moche) في الپيرو الشهيرة ببناء المعابد و الأهرامات و قنوات الري و بفنون النحت على الفخار المزجج و المصوغات الذهبية . 200 م سقوط حضارة "الپاراكاس" . 600 م . بدء الحضارة "الوارية" (Wari, Huari) على القسم الساحلي من الپيرو . 800 م . إنقراض حضارتي "النازكا" و "الموتشة" . 1000 م . نشوء العديد من الحضارات الجديدة في المنطقة ، بضمنها حضارة "الـچيمو" (Chimu) الشهيرة بتطوير زراعات المدرجات الجبلية (يصل عددها إلى 500 مدرج على سفح جبل عال واحد) ، و بإنشاء شبكة معقدة من طرق النقل . و ستعتمد حضارة الإنكا على هذين التطويرين المهمين . 1200 م . الـچيمو يبنون عاصمتهم "چـان چـان" (Chan Chan) المتطورة التخطيط العمراني في الپيرو ، 5 كم غرب مدينة تروجيلو الحالية . إمبراطورية الإنكا 1200 م . قبيلة الإنكا ، بقيادة "مانكو كاپاك" ، تؤسس عاصمتها مدينة " كوزكو " (Cuzco) الواقعة على إرتفاع 3600 م فوق مستوى سطح البحر ، جنوب شرق الپيرو ، بتطوير مستوطنة قديمة تعود لحضارة الكلكة (Killke)(900- 1200 م) المشهورة ببناء الجدران الصخرية من الصخور العملاقة المجلوَّة و المتفردة التعشيق بدون ملاط . تخطيط المدينة الجديدة يأخذ شكل نمرة الپيوما (Puma) المقدسة عند الإنكا . 1200-1400 م . تتوسع حضارة الإنكا ضمن وادي كوزكو دون التمدد خارجياً . 1438 م . يصبح " پاچـاكوتي إنكا يوپانكوي " قائداً للإنكا ، فيبدأ بالهيمنة على القبائل المجاورة ، و بتوسيع نقاط السيطرة لإمبراطورية الإنكا ، و إعادة تنظيم الدولة لتصبح تاوانتينسويو (Tawantinsuyu) و تعني (الجهات الأربع معاً) ، و يبني مدينة ماتشو پكتشو (Machu Picchu) في مكان مقدس و محصن طبيعياً على قوس سحيق لوادي نهر أوروبامبا ، 80 كم شمال غرب كوزكو ، على إرتفاع 2430 م فوق مستوى البحر (فشل السفاحون الأسبان في الإهتداء إلى موقعها ، فبقيت دون نهب و تخريب ، لتصبح الآن إحدى عجائب العالم الحديث ، و لتقدم أعظم شاهد على عظمة حضارة الإنكا). 1471 م . يصبح "توپاك إنكا يوپانكوي" - و هو نجل پاچـاكوتي - إمبراطوراً ، فيوسع إمبراطوريته كثيراً . 1476 م . يدحر الإمبراطور "توپاك" إمبراطورية "تشوما" ، و يُلحق أراضيها بإمبراطوريته . 1493 م . يصبح هواينا كاباك - نجل توباك - إمبراطوراً ، لتصل إمبراطورية الإنكا إلى ذروتها . سقوط إمبراطورية الإنكا 1525 م . يموت الإمبراطور هواينا كاباك - و معه الجزء الأكبر من السكان - في وباء الجدري الذي جلبه المحتلون الإسبان للقارة ، كما يستمر إنتشار الأوبئة الأوربية الفتاكة عدة سنين ، فيما يتناحر إبنا الإمبراطور المتوفي - "أتاهوالبا" و "هواسكار" على العرش في حرب أهلية إستمرت خمسة أعوام . 1532 م . يدحر "أتاهوالبا" شقيقه ، فيصبح هو الإمبراطور . في نفس العام ، تدخل القوات الإسبانية بيرو بقيادة السفاح فرانسسكو بيزارو الذي يأسر الإمبراطور "أتاهوالبا" في كمين ، فيسجنه كرهينة و يطالب شعبه بفدية فلكية (ملء غرفة كاملة من الذهب و ملء غرفتين من الفضة ) يتسلمها كاملة لقاء إطلاق سراحه . 1533 م . يعدم الإسبان الإمبراطور "أتاهوالبا" حتى بعد تسلمهم لفديته كاملة ، و يعينون "مانكو إنكا" بديلاً له . 1537 م . يهرب الإنكا "مانكو إنكا" من ليما عاصمة الإسبان في بيرو إلى فيلكابامبا ليؤسس هناك حكومة مستقلة عن المحتل الإسباني تتولى قيادة المقاومة الشعبية ضد المحتلين الإسبان . 1541 م . مقتل السفاح الإسباني : فرانسسكو بيزارو . 1572 م . يعدم الغزاة الإسبان آخر إمبراطور للإنكا ، "توباك أمارو" ، ليسدل الستار على إمبراطورية الإنكا . ثامناً / الإستنتاجات يقدم هذا النمط الفريد من الإنتاج الدليل التاريخي القاطع على صحة النظرية الماركسية بكون الرأسمالية و ما يسمى باقتصاد السوق و تفرعاته و النقود و تفرعاتها ما هي إلا نظم مصطنعة لتكريس خرافة أبدية أسوأ نظام للاستغلال عرفه تاريخ البشرية ؛ و أن لا خلاص من هذا النظام - الذي لا يقوم و لا يعتاش إلا على استغلال الإنسان للإنسان - إلا عبر إلغاء هذا الاستغلال مرة و إلى الأبد بتشريك وسائل الإنتاج . في نمط الإنتاج الأنديزي - الموصوف بعجالة في هذه السلسلة - لدينا الدليل العملي على صحة الحل الماركسي للمشكلة المستعصية تاريخياً و المتمثلة باستغلال الإنسان للإنسان ، و التي يندى لها جبين البشرية و تاريخها الأسود منذ خمسة آلاف سنة و تزيد . كل هذا ، رغم أن ماركس - الذي عرف نظام المشاعة البدائية و المشاعة الزراعية و نمط الإنتاج الآسيوي - لم تتهيأ له الفرصة للتعرف عن كثب على خصائص هذا النمط الاشتراكي الفريد من الإنتاج و ذلك بسبب التعتيم الإمبريالي طوال أربعة قرون على دقائق هذه التجربة الإنسانية الفريدة التي نمت و ترعرعت في العالم الجديد على الجانب الآخر من الكرة الأرضية. مع ذلك ، فقد استطاع هذا المفكر العملاق أن يصيغ لنا المفتاح الذهبي المؤدي لانعتاق كل البشر من قيودهم و لفتح أبواب الجنة لهم على هذه الأرض : تشريك وسائل الإنتاج أولاً و إتاحة و تقسيم العمل للجميع و التخطيط الاقتصادي ثانياً في ظل حكومة عمالية شعبية مستنيرة و قوية هدفها الأول و الأخير هو تحرير و خدمة الإنسان ، كل إنسان . بدون حكومة شعبية قوية لا يمكن بناء الإشتراكية . و من يدري ؟ فلعل شعوب قارة أمريكا الجنوبية - التي أتحفتنا بأنجح نمط إنتاج عرفته البشرية دام على الأقل لثلاثة آلاف سنة - ستقدم مجدداً للبشرية مركز الإشعاع الماركسي الذهبي القادم لانعتاق شعوب الأرض كافة من النير الإمبريالي .. كيف لا ، و قد تكفلت الشعوب الحرة الشجاعة في هذه القارة بإنجاب مجموعة من أعظم الثوار الذين عرفهم التاريخ الحديث ؟ تاسعاً / مراجع مختارة Adams, Richard E.W. Ancient Civilizations of the New World. Boulder, CO: Westview Press, 1997. Davies, Nigel. The Ancient Kingdoms of Peru. London and New York: Penguin Books, 1997. Fagan, Brian M. Kingdoms of Gold, Kingdoms of Jade: The Americas before Columbus. London and New York: Thames and Hudson, 1991. Katz, Friedrich. The Ancient American Civilizations. London: Phoenix Press, 1972. Malpass, Michael A. Daily Life in the Inca Empire. Westport, CT: Greenwood Press, 1996. Moseley, Michael E. The Incas and Their Ancestors: The Archaeology of Peru, revised ed. New York: Thames and Hudson, 2001. Time-Life Books. Incas: Lords of Gold and Glory. Alexandria, VA: Time-Life Books, 1992.
تمت .
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفقيد عالم سبيط النيلي و اللغة الموحدة : المنهج و النتائج
-
قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 3 - الأخيرة
-
أم آسيا
-
قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 2
-
كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 5
-
كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 4
-
حكاية الكلب المثقف :- سربوت -
-
قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 1
-
كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 3
-
كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 2
-
كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 1
-
هيجل و رَسْل : الأسد يُعرف من فكيه
-
عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك / 2 و
...
-
حكاية الطَّبْر و الهَبْر
-
الفتى صالح و السبحة الكهرب
-
عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك /1
-
الحمار و عبد الكريم
-
قوانين الديالكتيك و ظواهر فيزياء علم الكم / 7 - الأخيرة
-
قوانين الديالكتيك و ظواهر فيزياء علم الكم / 6
-
قوانين الديالكتيك و تخريفات أبراهامي بصدد عدم وجود الصراع دا
...
المزيد.....
-
مظاهرة في برلين تندد بالتقارب بين المعارضة المحافظة واليمين
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرارات الاضراب العام الوحد
...
-
ألمانيا: آلاف المتظاهرين في برلين احتجاجا على -التقارب- بين
...
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE تدعو للمشاركة في الإضراب العام
...
-
قبل 3 أسابيع من التشريعيات.. مظاهرة حاشدة في ألمانيا ضد التق
...
-
ما قصة أشهر نصب تذكاري بدمشق؟ وما علاقته بجمال عبد الناصر؟
-
الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع
...
-
تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|