عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 00:43
المحور:
الادب والفن
من لا يحب أو يجعل من روحه وعاء له أو لا يمنح الحب فسحة كي يتطهر القلب من سواد النفس وفضلاتها لا يمكنه أن يعشق الحرية أو يتنفس هوائها بسلام .
الذين يصفون الحب بالعيب وأنه يناقض الرجولة أو الشرف لا يفرقون بين الملائكة والشياطين يعرفون فقط أن الطين كي لا يصاب باليبوسة علينا أن نسقيه ماء , هكذا يعللون الوجود بالحاجة وينسون أن للروح سلطان من سلطان الله.
فلسفة الحب مثل فلسفة الموت كلاهما يبنى على أساس العلة والغاية.
في الحب دوما ينتصر النقاء وحين لا يجد الحب ما ينتصر به ليؤسس مملكته الجميلة ينتحر مخلفا وراءه دموع وتهمة كاذبة أن الحب عذاب .
يتساءل صديق .. لا أحد يتكلم عن الحب العراقي ؟ ... أثارني هذا السؤال بما يحمل من شجن خاص ,فقد عرف الحب في العراق زوايا كثيرة ملئها بالجمال بالوفاء بالإخلاص كما ملئها بالدموع بالألم بكل ما يمت لوجدان الإنسان الحي من مشاعر , الحب العراقي أنتحاريا كان متطرفا جدا في حدوده حتى يصل للعظم فيكسره ,الحب العراقي يولد عشقا بلا أمل لذا كان سلاحه الشعر سلاحه الغناء المبكي سلاحه أطوار من الحنين لم يعرف الناس خارج العراق شكلا مماثلا له ,لذا صارت الذات العراقية حنينة لأنها لا تتعلم الحب أكتسابا إنما تتوارثه عبر الجينات ,الحب العراقي وراثيا لا ينفصل عن الشخصية المتقدة دوما مشاعر تكتنز من ألم سالف لأمل قادم , الحب العراقي أسطورة حنين الطين البشري بالعودة إلى الأم إلى الطين الذي في عمق النهر , الحب العراقي مولود طاهر يغتسل كل يوم بدمعة , لكننا نفقد الآن شيئا فشيئا ذلك التأريخ العشقي للروح ,للأرض للسماء نحب عليا من المهد , نحب الحسين لأنه شخص الحب بفعل , نحب الغناء بألم لأنها الطريقة الوحيدة التي تمنحنا الدغدغة الحسية بجلال الحب , أن الحب ولد عراقيا وتم توزيعه على الأرض شرقها وغربها وما زال في العراق ينبع الحب مع كل قطرة ماء تسير في دجلة والفرات.
العتاب المر بين الأهل والأخوة ما لم يتجاوز روح العتاب والحرص على التصافي هو الطريق الذي يخرج السواد المتراكم بالقلوب نتيجة السوء المتبادل في الفهم والتقدير , كلما أستطعنا أن نخرج المتراكم منه في سويداء القلب قربنا أكثر من بعضنا فيتحول العتاب إلى طلب سماح إلى طلب التجاوز إلى العناق إلى التألف , لذا تعاتبوا ولكن بروح الحرص لأن ينتهي العتاب بعناق حار كعناق دجلة والفرات مهما طال المسير والتباعد بينهما لا بد أن يكونا شطا واحدا أكبر من كليهما إنه شط العرب شط العراق الجامع.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟