|
أسطورة غرام سومرية ( حكاية ، يوسف الناصري )
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 4470 - 2014 / 6 / 1 - 15:00
المحور:
الادب والفن
أسطورة غرام سومرية ( حكاية ، يوسف الناصري )
نعيم عبد مهلهل
1 قبل سبعة آلاف عام ، كان الطينُ أثمنَ من ذهب مناجم الهند وأفريقيا وما يصوغه المندائيون في دكاكين جنوب نوح وكوديا وأمي مسماية. كان الخبز بدون تنور الطين يتيم ، والشاعر بفضلهِ تبقى خالدة قصائده ، وأختام الملك محفورة بحلم التاج والفقراء يذهبون إلى أقبية النذر ، ومن دون الطين ليل أور لا يعرف أن يكتب خاطرة واحدة ، وحتى أبواب الجنة دلمون كانت من الطين ، والنخل من دونه لن يهنئ بصحبة ريح وموج وقبلات شفتين تحت ظله الأخضر كما راية أمام علوي مات شهيدا ، فتحنت كل القرى بطين الخاوة* حزنا ، وحزنا كتب بودلير مرثيته الكئيبة : الورد الفرنسي في حدائق عشتار ، مثل العطر بصدر الكاهنة البوذية.......! هناك كتبنا أساطيرنا ، غرام الجنود ، والعصافير ونساء المعدان . هناك رسمنا وجها للشمس ، للثورة ضد الطغيان. هناك ، كان الشوق ملاكا يسكن عاطفة الرهبان فنصلي .. نبكي نغني . وطفولتنا في الحب تصوغ قلادة هذا الرمش ، وهذا النهد الريحان . أنا إنسان . آدم جدي . وحواء كتبت في رمش الوجدان فروض قراءتنا الخلدونية* . ومثل يوسف . جمال الشوق هنا حدائق عشق وفرط الرمان ، حملت قدر القيمر ، وعلى إيقاع الحلم بموسيقى الجاز ، غنت أحلام نبي السحر، من مصر إلى الديوانية* ، قلبي نافذة للصبر، والمراكب كلها قادمة ، لعرس شباب الجبهة. يوسف فسر أحلامهم. في كل عام تحترق بيوت القصب. لأن قلوبكم لا تنطفئ في الليل . آه ..... مثل هيروشيما احترقت معابدنا . الأمريكان آتون.... وليس لأساطير الغرام سوى الاختباء تحت العباءة. وبخنج الآلهة من الماكنتوش. الأعياد القديمة فرحنا الأبدي، نحن الذين بين حروف قصة يوسف نخبئ وجوه الممثلات الإيطاليات. كما خجل الحباري ، الطلقة تأتي في القلب ، اللحم لذيذ. لكننا منذ ألف عام سومري . غير الطبيخ* والحكايات ليس لنا زاد.....!
2 يوسف ، أيها العبراني ، المولود عند مدن الصلبان والقمر. أساطيرنا مثل عثوق النخل ، الريح لا تأكلها ولكنها تغازلها بشهوة الفقراء بلاد السلاطين ، بلاد الرطب البرحي ، بلاد أشرطة الكاسيت . رسم دافنشي مونليزاه . ونساؤنا رسمنَ يوسف في الغرف المظلمة. الشرق السحري ، شرق أبي. أبي الذي يكتب باللغة المسمارية . وحين فاز ماركيز بنوبل . أرسل تهنئته بأجمل العبارات... من أور إلى ماركيز... من قصب الأهوار إلى كولومبيا ... من شهوة دمية طين إلى أجمل فتيات غرناطة الرجل فاز بنوبل . نهديه سمك المسموطة*... وهو يهدينا لقاح الكوليرا. دمعة من العين طفرت. جلجامش مسكين . لأنه لم يكن قائدا لطائرة ميراج...........!
3 الناصرية ، بلد كل تواريخه الطين والسعال والأغاني الروحية ، وصباحاتها تعاويذ حجيج الفاتيكان. على أرضها ولدت الحاجة تسواهن والحاجة تنزيل وأم رزاق وكاظمية زوجة حسن صباح ...... على أرضها ولد جيفارا ، وروسو ، وجبار ونيسه وكهنة معابد بانكوك وقائد أفواج الدافع الوطني في الجيش الأفغاني ، وعلى أرضها ولدت فيروز وسليمة الملاية وجينا لولو بريجيدا. هذا المكان المقدس. مليون يوسف ولد فيها . لكن زليخا واحدة . مزقت شظايا الحرب طرحة عرسها . وبشهوتها صنعت كل هذه البساتين لها . ليوسف. لشهداء حروب العطش والمدافع . خاطرة بحجم مساحة إمارة بروناي . أقول : على شفتيك ستبقى قبلتي تحمل عطر زليخا وليلة زفاف أمي وسلالم زقورة...!
4 أسطورة غرام بحجم ديوان شعر. بحجم قدح الشاي في حيرة سجين سياسي. حجم خارطة الدمعة في عين الهدهد. كم سليمان نحتاج لبلقيس واحدة. كم يوسف. كم رغيف خبز لجياع مدينة الصفيح.؟ سيبتسم المحافظ. والكاهن. ومدير التربية غدا سيسافر الوفد إلى سيئول...!
5 الناصرية . وجه يوسف فيها هوية أحوال مدنية. كل سرها الجمال. وكل عطرها نظرة في الخيال. وكل مسافة الضوء في خصرها خنجر الغجرية في طيش حلم الشباب ذكرياتها . زوارق الصيادين وعاطفتها مقطوعة موسيقية ومعابدها . صلاة الفراشات في أرحام الورد من طنجة حتى مضيق الغراف سفن الشوق تودعها من نوح إلى ليل البوح أنبياؤها مصنوعون من جبن الكرافت والخبز الأسمر وانتظار القطار... المدينة ، عشيقة الأساطير أبدا تحمل وجه يوسف السومري. وأنا أحمل وجه أراجيح جذوع النخيل....!
هوامش : ـــــــــــــــــــــــــــــ * طين خاوة : هذه الكلمة شائعة الاستعمال في العراق وبلدان الخليج العربي.يطلق هذا الاسم على مادة متكتلة على شكل أحجار بألوان مختلفة ولكن اللون الغالب عليها هو الأخضر الشاحب المائل إلى الزرقة وهنالك ألوان أخرى كاللون الداكن والأبيض والبني والرمادي.يتوفر الطين خاوة لدى العطارين وعند الباعة المتجولين الذين يفترشون الشوارع المؤدية إلى العتبات المقدسة المنتشرة في العراق فيبيعونه على شكل أكوام كل كومة بسعر معين.تستخدم النسوة في معظم بلداننا العربية هذه المادة بعد إضافة الماء لها وعمل عجينة منها في إعطاء الشعر نعومة ولمعاناً عند طلائه بهذه العجينة, كما يستخدمنه كقناع للوجه للتخلص من البثور . *القراءة الخلدونية : وهي كتاب تعلم اللغة العربية في الصف الأول الابتدائي في العراق ألفه في ثلاثينيات القرن الماضي العلامة ساطع الحصري ( أبو خلدون ). *الديوانية : محافظة عراقية تسمى اليوم محافظة القادسية . *الطبيخ : الرز المطبوخ في العامية العراقية . *المسموطة : بالعامية العراقية السمك اليابس والمجفف وعندما يتم طبخه يسمى ( مسموطة) ويعود تاريخ هذه الأكلة إلى أيام سومر.
دوسلدورف في 29 آبار 2014
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الناصرية سطور ، وعطور ، وخبز التنور .........!
-
السفرُ إلى الفضاء البعيد ............!
-
فضاء العبادة ، ومساحة القلب..!
-
المدينة وما تبقى من ذكرياتها.............!
-
أحمر شفاه ..وألف آه .................!
-
رؤيا معاصرة للحظة الأغراء بين يوسف وزليخا
-
طفولة وأنوثة وممثلة فرنسية
-
فقراء الانتخابات القادمة
-
المندائي الأول ...والشيوعي الأول
-
الشيوعيون العراقيون و ( اللاين ناشونال )
-
رأس العباس ( ع ) وتفجيرات الأعظمية....!
-
شعراء العالم في سوق سيد سعد*
-
مجموعة قصصية
-
وقائع معركة أم الطنافس ........!
-
يولسيس المندائي ...!
-
موسيقى الأم
-
دي موتر شبراغه *...( صوت أمي وشموع زكريا )..!
-
سيمفونيات عيد الخليقة المندائية
-
عصفور في قلادة واحدة من معدان الله..........!
-
لاتخف ياكافافيس ..الآلهة والمانجو معك..........!
المزيد.....
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|